الدولة والمواطن‏..‏ وعقد اجتماعي جديد
بقلم: د. أحمد يوسف القرعى


ثمة عقد اجتماعي ما بين المجتمع والمواطن‏,‏ والعقد الاجتماعي في الأدبيات السياسية مؤداه الاتفاق بين الحكومة والمواطنين سواء علي شكل تعاقد مكتوب أو علي شكل عقد افتراضي ضمني غير مكتوب‏,‏ لكن لا يمكن تجاهله أو إنكاره‏,‏ ويكتسب صفة العرف أو الأعراف السائدة علي مستوي المجتمع ككل‏.

 

, وتشكل الوثيقة أو الأعراف مرجعية لضبط التعامل أو العلاقة بين المجتمع والمواطن في اطار الحقوق والواجبات المكتوبة أو المتعارف عليها بالنسبة لكل طرف.
والعقد الاجتماعي سواء كان مكتوبا أو عرفيا هو في حقيقته دستور الدساتير أو أم الدساتير, لأنه انعكاس أمين وحي وصادق للإرادة السياسية للمواطن ومشاركته المجتمعية علي أرض الواقع. واذا كانت مواد الدستور تبدو في صياغتها نصوصا قانونية جافة, فإن العقد الاجتماعي في صياغته منظومة فكرية أخلاقية ارتضاها المواطن ميثاق عهد متبادل مع المجتمع ومن هنا يكتسب العقد الاجتماعي أهميته ومرجعيته الشعبية.
وبدأت الخطوة الأولي علي أرض الواقع مع بدء الجلسات التشاورية بالأمس للحوار الوطني بإشراف د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وبرئاسة د.يحيي الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء. ومشاركة أكثر من160 شخصية من مختلف الاتجاهات والانتماءات ويمثل هذا مشروع عقد اجتماعي جديد يكون بمثابة ميثاق وطني جديد يلازم الدستور ويدعمه من ناحية ويدشن مرحلة جديدة للحوار الوطني, تتناول العديد من قضايا العمل الوطني وفي مقدمتها المصالحة الوطنية وأطرافها وشروطها, والمناخ الملائم لإنجاحها, كماتتناول سبل تحقيق العدالة الاجتماعية وسياسات مكافحة الفقر وتحسين الأجور والتوزيع العادل للثروة... الخ, وتشكل مثل تلك القضايا الأبجديات الأولي لصياغة مشروع العقد الاجتماعي الجديد الذي يحدد الإطار العام لدعم الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي أفرزته ثورة25 يناير. ومن المأمول أن يعمل الحوار الوطني علي دفع وتوجيه الحراك السياسي في المجتمع نظرا لتوفير ضمانات الديمقراطية في المناقشة والممارسة السياسية. وتشكل تلك الخطوة مبادرة ديمقراطية وعقد اعلي اعتاب انتخابات برلمانية ثم يتبعها انتخابات رئاسية مع تشكيل لجنة المائة لصياغة مشروع دستوري جديد خلال6 أشهر من اعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية المقلة ثم يجري استفتاء الشعب عليه.
{{{
ويبدو واضحا أن مصر ـ حكومة وشعبا ـ مقبلة علي عصر جديد ـ بمعني الكلمة ـ ومن ثم فإن العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن يكتسب أهمية مضاعفة, فالعقد الاجتماعي هنا بمثابة وثيقة ديمقراطية للفكر السياسي المصري ومقدمة ضرورية للحراك الاجتماعي علي مستوي المجتمع ككل بهدف تحريك الشق الآخر للديمقراطية السياسية وأعني بها الديمقراطية الصناعية التي تشمل مشاركة النقابات المهنية والعمالية وكذا الاتحاد العام لكل من الغرف الصناعية والغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال ويشكلون أطرافا في المفاوضة الجماعية التي تعقد تحت مظلة الديمقراطية الصناعية. وهي شريحة حية من الديمقراطية السياسية.
ومما يعزز دور مصر( حكومة وشعبا) في صياغة ميثاق العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنة دعوة مصر المبكرة منذ عام1992 أمام الأمم المتحدة لصياغة عقد اجتماعي عالمي وهي الدعوة التي تتسق تماما مع الإعلان الذي أقرته قمة العالم في الأمم المتحدة في مستهل القرن الـ21 وكانت مصر في كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة آنذاك(1992) قد أكدت حاجة عالمنا المعاصر الي عقد اجتماعي عالمي جديد تكون أطرافه مختلف مجتمعات العالم وثقافاته وحضاراته من أجل سد الهوة الاجتماعية الواسعة بين شعوب الشمال والجنوب ويمثل صمام الأمان للمجتمع الدولي المعاصر والقادم ويقدر عليه الجميع ويتعاقدون علي تطبيقه, ولا تزال دبلوماسية مصر تحمل تلك الرسالة الاجتماعية من دورة الي دورة موضحة مصادر ومسببات هذا الخلل الاجتماعي الذي يسود عالم اليوم, وتدعو مصر للقضاء علي الفقر وأهمية تضامن المجتمع الدولي في هذا المجال من منطلق أن القضاء علي الفقر قضية حيوية تتصل بالاستقرار العالمي ومدي مصداقية النظام الدولي في توفير فرص الحياة الأفضل للجميع.
{{{
وأخيرا فإن الوحدة الوطنية هي بحق المكون الرئيسي للشخصية المصرية ورغم التحديات التي تعرضت لها تلك الوحدة فإنها ظلت صامدة قوية متماسكة بفضل وعي كل جيل من أجيال مصر علي مر العصور. والجيل المعاصر أحوج ما يكون الي مزيد من الإدراك والوعي بأهمية وضرورة الحفاظ علي تلك الوحدة التي تعد من مقدساتنا المشتركة مسلمين ومسيحيين.
ولقد أدركت ثورة25 يناير أهمية الحفاظ علي منظومة الحقوق والواجبات التي تشكل العقد الاجتماعي في سياق صياغة القوانين الجديدة, وعلي سبيل المثال قانون الأحزاب السياسية الجديد الذي صدر أخيرا وجاء في سياق المادة الرابعة علي سبيل المثال: ستة شروط لتأسيس أو استمرار حزب سياسي ومنها: عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو في اختيار قياداته واعضائه علي أساس ديني, أو طبقي, أو طائفي, أو فئوي أو جغرافي أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

 

المزيد من مقالات د. أحمد يوسف القرعى
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 31 مارس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,609,377