بقلم: رجائى عطية
كتبت في ديسمبر2009 أني رأيت فيما يري النائم الحالم, انه قد صارت بيدي الامور في مصر المحروسة, فماذا تراني فاعلا لاصلاح الاحوال؟! رأيتني احلم بتشكيل هيئة تأسيسية من فقهاء القانون والدستور, وخبراء السياسة والاقتصاد والاجتماع والتعليم و الثقافة.
, لتضع المباديء العامة ثم تصوغ د ستورا للبلاد يتفاعل تفاعلا حقيقيا مع الواقع وعناصره ويستشرف المستقبل ومايستلزمه, ويضع الاسس لجمهورية توازن فيها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, ويكفل حرية الرأي والفكر والتعبير, وحرية الصحافة واصدار الصحف, وحرية تكوين الاحزاب بلا وصاية تحت اي شكل, ويوفر الرقابة القضائية للانتخابات الرئاسية والتشريعية, ويرسي مبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة له, والمساواة الحقيقية بين المواطنين, وحقوق المواطنة ومايكفلها, واستقلال القضاء استقلالا حقيقيا لايعطي هوامش ـ اي هوامش ـ لتدخل السلطة التنفيذية او المساس بأي صورة باستقلال القاضي, وتحديد رئاسة الجمهورية بمدتين لاثالث لهما الا بعد انقطاع يشغله رئيس آخر في ولاية اخري, وحماية هذه الحدود من التعديل بنص في الدستور يحظر ـ ان حدث تعديل ـ سريانه علي من يكون بالمنصب عند اجرائه, ويقرر عدم جواز الترشح لمن كان قريبا للرئيس حتي الدرجة الثانية الا بعد ولاية لرئيس آخر, ورأيت فيما يري النائم الحالم ان هذا الدستور قد كفل حقيقة لاشعارا! سيادة الشعب وانه بالفعل مصدر السلطات لايفتأت منهاعليه, ويكفل المقومات الاجتماعية والخلقية والاقتصادية ويوازن موازنة دقيقة بين الحريات والحقوق والواجبات العامة, فيجعل الكل امام القانون سواء ويكفل الحرية الشخصية ويصونها من اي مساس, ويحظر الاعتقال بدون امر قضائي يعاد عرضه تلقائيا علي القضاء كل ستة اشهر علي الاكثر, ويقيد مدته بحد اقصي لاتتعداه وإلا وجب الافراج, ويقرر جدارا حقيقيا لحماية حرمة الحياة الخاصة, ويقوم نظامه البرلماني علي مجلسين لهما سلطة تشريعية اولي وثانية كمجلسي النواب والشيوخ, واسس ونظام للمحكمة الدستورية العليا يحقق لها الاستقلال الكامل ويحميها من الاختراق!
ورأيت فيما يري النائم الحالم, ان الهيئة التأسيسية قد عرضت المباديء العامة علي الشعب في استفتاء عام بتفصيل يسمح بتفريد الاختيارات, ثم عرضت بذات النظام صياغة المباديء علي الشعب بما يتيح له التعبير عن ارادته تعبيرا حرا خاليا من اي التباس!
ورأيت فيما يري النائم الحالم انه قد قامت في مصر احزاب حقيقية متفاعلة مع الشعب تعبر عن تياراته وتوجهاته, تعبيرا يصادف الواقع, وتقوم فيها ابنية بكوادر حقيقية يجري فيها تداول السلطة باختيارات حرة, وان هذه الاحزاب قد طفقت تتنافس بالديمقراطية علي ولاية الحكم في ظل الدستور الذي ارتضاه الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات, ورأيت فيما يري النائم ان الانتخابات صارت تجري بشفافية تحت اشراف القضاء بلا تدخلات ولاتزوير, ويأتي تشكيل مجلسي البرلمان وفق ارادة الناخبين, معبرا تعبيرا حقيقيا عن الشعب, ينتخب كل مجلس من بين اعضائه الرئيس والوكيلين ورؤساء ومقرري اللجان, وان تداول المواقع بالمجلسين صار هو السنة الجارية وفق اختيارات الاعضاء, وانه لم يعد ممكنا وفق هذه الآلية الديمقراطية ان يعمر احد في موقعه, وكذلك الوزراء, صار كل منهم تعبيرا عن مكانة تفرض نفسها في الحزب الذي فاز بأغلبية حقيقية فشكل الوزارة باختيارات تعبر عن كوادره التي يعرف كل منها قيمته ووزنه وامكاناته, ويملأ مكانه كوزير سياسي فعلا يصدر فيما يراه عن رؤية نابعة منه غير مملاة عليه.
ورأيت فيما يري النائم الحالم ان الصحافة قد تحررت من كل القيود, وصارت بالفعل مملوكة للشعب من خلال شركات مساهمة تحدد فيها حصص لمساهمات علي نحو لايسمح باستحواذ ويكفل للقاعدة العريضة حرية الاختيار الاصلح للادارة ورئاسة التحرير, وان هذه الصحف قد جعلت تتقدم الي الصحافة وتؤدي رسالتها بحرية تامة وفي استقلال حقيقي لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والاسهام علي نحو صحي في تكوينه وتوجيهه في اطار الاسس والمقومات التي ارتضاها الشعب في الدستور الجديد.
ورأيت فيما يري النائم الحالم تواصلا حيا بين الاجيال, تمتزج فيه خبرة الشيوخ مع حماس وقوة الشباب في تداول للمواقع لاتتضافر فيه الاختيارات اوتنحي القامات المخلصة القادرة علي العطاء بعلمها وخبراتها وصدق توجهها للوطن ومصالحه لاللسلطان ومايريده, ورأيت فيما يري النائم ان صلاح وعدالة الادارة, قد انتشل الفقراء من الفقر المدقع, ودفع بهم للاسهام الكريم في صناعة الحياة, وانتهي تحالف المال مع السلطة, وصار المال في خدمة المجتمع, ورأيت فيما يري النائم الحالم ان قيمة الفرد قد صارت فيه, لا بحسبه و لابنسبه ولابماله, انما بقدراته وعطائه وبذله في خدمة المجتمع, وان التعليم قد صلح حاله وطفق يفرز ويقدم للوطن متعلمين حقيقيين يمتزج علمهم بعملهم في شتي المواقع, فدارت بهم عجلة الحياة, وتراجعت الامية, واشرقت الصحة علي الوجوه التي كانت ضامرة للفقراء والمعوزين, ورأيت فيما يري النائم الحالم اننا قد ازلنا العشوائيات في اطار خطط تسكين تدريجي, واننا قد اعدنا هيبة القانون وجففنا منابع واوكار الفساد, فاستقام اداء الادارة, واصبح كل مواطن شاعرا بالمساواة والامان.
ورأيت فيما يري النائم الحالم, ان مباديء الدستور قد كفلت حقوق المواطنة للجميع, وانه بكفالتها قد زالت الحساسيات والاحتقانات مع اتساع الوعي باتساع التعليم وانتشار الثقافة وسيادة الاعتقاد بأن الدين لله والوطن للجميع, وتحققت الفرص المتكافئة في التعليم والعمل وفي رعاية صحية مكفولة للفقراء والاغنياء, وان العملية التعليمية بأضلاعها الثلاثة قد طفقت تقوم برسالتها في بناء الاجيال, وان حرية الفكر والتعبير قد دفعت بالحكماء والمثقفين الي الاسهام بدور فاعل في بناء المجتمع وتوجيه الرأي العام, وان الرياضة قد صارت اسلوب حياة وصلحت احوالها واستخلصت نفسها من بئر التعصب وسطوة الممارسات الضريرة, وطفقت تفرز صحة في الابدان والعقول, وتفيض بروحها الرياضية علي العلاقات والتعاملات بين الناس, وان السياسة الاجتماعية قد طفقت تدفع السياسة الضريبية الي اتجاه تصاعدي يكفل تحقيق العدالة الاجتماعية, وتوالي تقديم الرعاية للطفولة والشيخوخة اعدادا للمستقبل ووفاء بحق من ادوا ادوارهم وآن لهم ان يخلدوا الي راحة كريمة, وأن ذلك كله قد اخذ يثمر في تحقيق تكافل اجتماعي حقيقي يصير به الكل في واحد و الواحد للكل!.
رأيت فيما يري النائم احلاما كثيرة تتحقق بها وفيها عناصر المدينة الفاضلة لمصر المحروسة, واصابني الذعر حين استيقظت وادركت ان مارأيته كان اضغاث احلام, ثم ردني إلي بعض الطمأنينة اننا سوف نكون بخير حين نقدر علي الحلم, وان الخطر كل الخطر يكمن في فقدان هذه القدرة التي هي بدايةالطريق لتحويل الاماني الي واقع تعود به الحياة الي بر مصر.
المزيد من مقالات رجائى عطية<!-- AddThis Button BEGIN <a class="addthis_button" href="http://www.addthis.com/bookmark.php?v=250&pub=xa-4af2888604cdb915"> <img src="images/sharethis999.gif" width="125" height="16" alt="Bookmark and Share" style="border: 0" /></a> <script type="text/javascript" src="http://s7.addthis.com/js/250/addthis_widget.js#pub=xa-4af2888604cdb915"></script> AddThis Button END -->
ساحة النقاش