جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قرآن وسنة د. سالم عبدالجليل @gmail.com30Salemr حقيقة التوبة "1"
|
التوبة أول منزلة من منازل السالكين. وأول مقام من مقامات الطالبين. وهي في لغة العرب: الرجوع. فالتوبة: الرجوع عما كان مذموما في الشرع إلي ماهو محمود فيه. وأجمع العلماء علي أن التوبة واجبة من كل ذنب. فإن كانت معصية بين العبد وبين الله تعالي. فلا تتعلق بحق آدمي. فلها شروط ثلاثة: أحدها: أن يقلع عن المعصية. الثاني: أن يندم علي فعلها. الثالث: أن يندم فلا يعود إليها أبدا. فإن كانت معصية تتعلق بحق آدمي فشروطها أربعة هذه الثلاثة المتقدمة. والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها. فإن كان مالا. أو نحوه رده إليه. وإن كان غيبة استحله منها. وإن كان حدًا مكنه من القصاص أو طلب عفوه. والتوبة واجبة علي الفور من جميع الذنوب. فإن تاب من بعضها صحت توبته مما تاب منه. وبقي عليه مالم يتب منه. وإن كان استحلال صاحب الحق يترتب عليه فتنة أو ضرر شديد كالاستحلال من الزنا. فيكفي الاستحلال العام. كأن يقول لصاحب الحق: سامحني فيما أخطأت في حقك. قال القشيري: التوبة صفة المؤمنين. قال تعالي: "وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون". والانابة صفة الأولياء والمقربين قال تعالي: "وجاء بقلب منيب" والأوبة صفة الأنبياء والمرسلين. قال تعالي: "نعم العبد إنه أواب". قال الجنيد: التوبة: أن تقبل علي الله بالكلية كما أعرضت عنه بالكلية. ويؤيده قوله تعالي: "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا". وقال سهل بن عبدالله: التوبة هي: الندم والاقلاع والتحول عن الحركات المذمومة إلي الحركات المحمودة. وهو معني حديث ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم: "الندم توبة" مسند الإمام أحمد. والله تعالي يسعف العبد بالعون والتوفيق إلي التوبة التي تحركت نفسه إلي تحقيقها. وتشوقت إليها. وضاقت بما هي عليه من ذنب. وقد بين القرآن الكريم ذلك في قوله تعالي: "وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا". والتوبة النصوح لا يبقي علي صاحبها أثر من المعصية لا سرا ولا جهرا. ويقول ابن عطاء: من كانت توبته نصوحا لا يبالي كيف أمسي واصبح. يعني: لا يبالي كان منه قبل التوبة. فقد محاه الله من صحيفة عمله. والتوبة يجب أن تعم الجوارح كلها. فتوبة القلب: أن ينوي ترك المحظورات. وتوبة العينين: الغض عن المحارم. وتوبة اليدين: ترك تناول مالا يحل. وتوبة الرجلين: ترك السعي الي الحرام. وتوبة السمع: ترك الاصغاء إلي الباطل. وتوبة الفرج ترك الفواحش. التوبة التي أمر الله بها عباده توبتان: توبة تغير السير. وتوبة تصحح السير. توبة يسلم بها العبد. وتوبة يجدد بها اسلامه فالأولي توبة اسلام والثانية: توبة احسان. لقد دعا الله عز وجل الناس كافة إلي التوبة. فقال تعالي: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدي" سورة طه: .82 وخاطب بها المؤمنين خاصة. فقال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلي الله توبة نصوحا" سورة التحريم: 8. وقال عز وجل: "وتوبوا الي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون" سورة النور: 31. وأمر المؤمنين بالتوبة يعني أن كل انسان مهما بلغ ايمانه. وتدينه واستقامته لا يستغني عنها أبدا فهي بداية السير ونهايته. وهذا الأمر يجعل من التوبة ثوبا لا ينزعه العبد ما عاش. وان نزعه لبعض الوقت عاد اليه من قريب.
|
مع أطيب الأمنيات بالتوفيق
الدكتورة/سلوى عزازي
ساحة النقاش