بدأت فكرة التخطيط الاستراتيجي في منظمات الأعمال مطلع العقد السادس من القرن العشرين، في الولايات المتحدة الأميركية، ثم انتشرت بعد ذلك في أوروبا ودول العالم الأخرى. وفي التسعينيات من ذات القرن، دخلت هذه الفكرة إلى الجامعات.

التخطيط الاستراتيجي "هو عملية تحديد الأهداف وتحديد الموارد والخطط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف على المدى الطويل". وهو عملية مستمرة يتم خلالها تحليل البيئة المحيطة بالمنظمة وتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي يمكن أن تؤثر على أدائها.

التخطيط الاستراتيجي عملية نظامية، تهدف إلى دعم القادة ليكونوا على وعي بأهدافهم ووسائلهم. وبذلك، فهو أداة إداريّة تساعد المؤسسة في أداء عملية أفضل، وتركيز نظريّتها وأولوياتها في الاستجابة للتغيرات الحادثة في البيئة من حولها، وهو أداة لضمان أن يعمل أفراد باتجاه تحقيق الأهداف نفسها. ومن ثم، يمكن تعريف التخطيط الاستراتيجي بأنه عملية تحديد مستقبل المنظمة، بناءً على نتائج التفكير الاستراتيجي.

وانطلاقاً من هذا التعريف، فالتخطيط الاستراتيجي ليس وليد الحضارة الحديثة كما يدعي بعضهم. فالتخطيط من أبرز معالم الحضارة الإسلامية، وتجلى ذلك في سيرة النبي محمد . ﷺ .، وما أرشدت إليه آيات القرآن الكريم، فقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ ﴾، [الأنفال : 65]. وفي هذه الآية دعوة للقيادة الحكيمة بالعمل والتخطيط والاستعداد لمواجهة أمر مستقبلي. ومن الآيات التي أبرزت أهمية التخطيط المستقبلي، قوله سبحانه وتعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْناَ مِنْكُمْ شِرعَةً ومِنْهَاجاً ﴾، [المائدة : 48]، أي سبيلاً وسُنّة وطريقاً واضحة سهلة لبلوغ الغايات.

وبنظرة فاحصة لمفهوم التخطيط الاستراتيجي وأبعاده وغاياته، نلمس هذا واضحاً في أحاديث سيد المرسلين محمد . ﷺ .، فعن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم إذ قال: قال رسول الله . ﷺ .: "والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطة يُعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، فإن هذا قد عرض لكم خُطة رشد، اقبلوها ودعوني آتيه". [رواه البخاري]. وقال . ﷺ . لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -: "ولئن تدع أبناءك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس". [رواه مسلم]. ولنا في حادثة هجرة النبي . ﷺ . مثال واضح في التخطيط الاستراتيجي. ومن خلال تحليل سيرته وإرشاداته لأصحابه، نجد أن الرسول الكريم يركز على التخطيط وضمان نجاحه وإتقانه، وتجلى ذلك في خطته الاستراتيجية التي وضعها لفتح مكة.

لذا يمكن القول، إن التخطيط الاستراتيجي قبل أن يُعرف في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا قد عُرف في سيرة النبي محمد . ﷺ .، وأنه مشروع في الإسلام، بل وتباركه شريعتنا السمحة وتحث على تطويره باستمرار.

ثالث عشر: التخطيط الاستراتيجي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب

لقد قدم الإسلام العديد من القادة الذين وضعوا بصماتهم الخالدة في جيدِ الزمان شهد لهم بها العدو قبل الصديق، ولعل من أبرزهم الخليفة الراشد، فاروق الأمة، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، هذا الأسد الهصور الذي أرسى قواعد العدل، والمساواة، والمحبة والمهابة والقوة، وتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي للجميع، فلم يبق فقير معدم في العالم الإسلامي المترامي الأطراف.

فقد ذكر المؤرخون أن الولاة في عصره أرسلوا إليه بالفائض من الزكاة بعد تحقق الغناء لأهل كل بلد، فهذا معاذ بن جبل، رضي الله عنه، كان والياً على اليمن منذ عصر الرسول. ﷺ .، وأبي بكر، رضي الله عنه، ثم جدد له عمر، فبعث إليه بعد عام بثلث صدقة الناس، فأنكر ذلك عمر، وقال: لم أبعثك جابياً، ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحداً يأخذه مني.

<!-- نبذة عنه

عمر بن الخطاب هو واحد من الصحابة الكبار للرسول محمد . ﷺ .، وهو الخليفة الثاني للدولة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق. ولد عمر بن الخطاب في مكة في العام 583 م، وكان ينتمي إلى عشيرة بن عدى من قبيلة قريش العربية.

وقال فيه رسول الله . ﷺ .: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فجك".

وقد كان عمر بن الخطاب شخصية قوية وشجاعة، وكان يتمتع بالحكمة والعدل والنزاهة. وقد كان لعمر بن الخطاب دور كبير في نشر الإسلام في مكة، ولقد أسلم في العام السابع للبعثة النبوية. وكان لعمر بن الخطاب دور كبير في الانتصارات الإسلامية في العديد من المعارك، وكذلك في توسيع حدود الدولة الإسلامية.

وبعد وفاة أبي بكر الصديق، تم اختيار عمر بن الخطاب كخليفة للدولة الإسلامية، وقد تولى هذا المنصب في العام 634 م، وحكم لمدة عشر سنوات. وقد كان عهده مليئًا بالانتصارات والنجاحات، وقد تميز حكمه بالعدل والاعتدال، وكذلك بالاهتمام بشؤون المسلمين وتوفير الرعاية الكافية لهم. توفي عمر بن الخطاب في العام 644 ميلادي، وقد تم اغتياله في المسجد النبوي في المدينة المنورة على يد أبو لؤلؤة المجوسي للعنة الله عليه، وقد قام أبو لؤلؤة بطعن عمر بن الخطاب عدة طعنات في الظهر والبطن، وأصيب عمر بجروح خطيرة منها وتوفي بعد عدة أيام.

<!-- بعضاً من ملامح إدارته للدولة الإسلامية

يُعتبر عمر بن الخطاب أحد عباقرة السياسة والإدارة في التاريخ الإسلامي خصوصًا والعالمي عمومًا. فقد اتسعت حدود الدولة الإسلامية خلال عهده اتساعًا عظيمًا جعله يُقدم على إنشاء تنظيم إداري فعّال لإبقائها متماسكة وموحدة، وقد استتبع هذا الأمر تنظيم وإنشاء عدّة مرافق مهمة لم تعرفها العرب من قبل، أو عرفتها ولكن على نحو ضيّق بسبب طبيعة حياة الناس داخل شبه الجزيرة قبل الفتوح الإسلامية. ومن مآثر عمر بن الخطاب الأخرى توسيعه وترميمه للمسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج بعد أن اعتنق الكثير من رعايا الشام والعراق ومصر وغيرها الإسلام.

عندما تولى عمر بن الخطاب الحكم، كانت الدولة الإسلامية تمتد على أراض واسعة، وقد كان من الصعب إدارتها في ذلك الوقت. ومع ذلك، كان عمر بن الخطاب قائدًا فذًا وحكيمًا، وتميز بإدارته الحكيمة والعادلة للدولة، وقد تم فتح بلاد فارس والروم في عهده.

أسس عمر بن الخطاب العديد من المؤسسات الحكومية المهمة التي ساهمت في تعزيز الدولة الإسلامية، مثل بيت المال وديوان الجيش وديوان الرسائل. وأيضًا، قام بتعيين العديد من الوزراء والمسؤولين المؤهلين لإدارة الدولة بكفاءة.

كما أنه كان ملتزمًا بتطبيق العدل في جميع جوانب الحياة العامة، وقد وضع الكثير من اللوائح والتشريعات التي تضمن حقوق الناس وتحميهم من الظلم والاضطهاد. وكان يتحرى بشكل دائم عن أحوال الناس ويتفقد أحوالهم بنفسه، وكان يعالج أي مشاكل تنشأ بينهم بحكمة وعدل. وكان عمر بن الخطاب يحرص على الاستماع لآراء الناس وتلبية مطالبهم، وكان يدعو إلى الشورى والتشاور في جميع الأمور الهامة التي تخص الدولة وشعبها. وكان يتبع الاستراتيجيات الحكيمة في التعامل مع المشاكل الداخلية والخارجية، وكان يحرص على التواصل مع الدول والحضارات الأخرى لتوثيق العلاقات وتحقيق المصالح المشتركة.

ولما كان خليفة رسول الله . ﷺ .، الفاروق عمر، أحد أعظم أئمة الأمة، الذي جيش الجيوش، وأعلن المواجهة الشاملة على أعداء الدين والأمة من المشركين والمنافقين، والصليبيين والفرس. وواجه كل ذلك الركام الهائل من الجهل، والظلم والإفك والغدر والمكر، والعداوة، فأظهر فهماً وعلماً وفقهاً لحركة الواقع المحيط بأمة الإسلام في عصره، فقد أثمرت الانتصارات والنجاحات حتى أزهرت شجرة استراتيجيته بثبات الدين، وسحق الكفرة والمجرمين، فأزال دولة الفرس الظالمين وطرد وقهر الروم الطغاة الصليبيين من كل المواقع المحيطة ببلاد المسلمين، وكوّن دولة سادت العالمين قوة وشجاعة وإدارة شملت جميع مناحي الحياة.

ولهذا أصبحت معرفة المعالم الأساسية للمناحي الاستراتيجية التي سلكها فاروق الأمة في بناء الدولة الإسلامية من الأمور الواجب الاطلاع عليها على كل السائرين على منهج سيد المرسلين، ووسيلة أولى في علاج جراح الأمة، وسد ثغرات الغدر التي أوجدها أعداء الأمة في جدارها الحصين وأصبحت البلسم الشافي، والشهد الصافي لجموع الضامئين، المتجرعين مرارة ثمار الهزيمة والانبطاح وموالاة أعداء الله تعالى، إنها استراتيجيات فاروق الأمة، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المخزومي،

في الحقيقة، كان حكم عمر بن الخطاب مبني على النظرة المستقبلية للأمور في كل قرار يتم العمل به كعزله لخالد بن الوليد حتى لا يفتتن الناس به، و قطعه لشجرة البيعة المباركة، وإنشاء الديوان أو حتى استرجاع الأرض التي  أعطاها رسول الله . ﷺ . لبلال بن الحارث والتي ذكرناها آنفا.

ومن أبرز الأمور الاستراتيجية في عهد عمر بن الخطاب ما يلي:

<!--توسعة المسجد النبوي

في عام 17 هـ وبسبب كثرة عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية واتساع رقعة الدولة الإسلامية، قام الخليفة عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد النبوي، وكانت أول توسعة للمسجد النبوي منذ بنائه وتوسعته في عهد النبي محمد، حيث أن أبا بكر الصديق لم يضف على مساحة المسجد شيئاً، فقد انشغل أبو بكر بالأحداث التي نتجت عن وفاة الرسول، غير أنه جدد الأعمدة النخلية التي نخرت. فلمّا تولّى عمر أمر الخلافة قال: «إني أريد أن أزيد في المسجد، ولولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ينبغي أن يُزاد المسجد" ما زدتُ فيه شيئاً».

بدأ عمر بشراء البيوت حول المسجد لتوسعته، إلا حجرات أمهات المؤمنين، وبيت كان للعباس بن عبد المطلب في جهة القبلة من المسجد، فَتَبَرُّع العباس به، وبدأ عمر بتوسعته فبنى أساس المسجد بالحجارة إلى أن بلغ حوالي متران، فزاد من جهة القبلة إلى الرواق المتوسط بين المصلى النبوي والمصلى العثماني، وذلك نحو 5 أمتار، وزاد من جهة الشمال 15 متراً، ومن الجهة الغربية 10 أمتار، ولم يزد من الجهة الشرقية شيئاً. فصار طول المسجد من الشمال إلى الجنوب 70 متراً، وعرضه 60 متراً، وارتفاع سقفه 5.5 متراً تقريباً. وجعل له ستة أبواب: الثلاثة القديمة، وفتح «باب السلام» في أول الحائط الغربي، و«باب النساء» في الحائط الشرقي، وباب في الحائط الشمالي. وأمر بالحصباء [حجارة صغيرة] فجيء به من العقيق وبسطها بالمسجد. واقتضت توسعة عمر إدخال بيت أبي بكر في المسجد والذي كان ملاصقاً للمسجد في الجهة الغربية.

وكان عمر قد بنى رحبة خارج المسجد سُميت بـ «البطيحاء»، وقال: «من أراد أن يغلط أو يرفع صوتاً أو ينشد شعراً فليخرج إليه»، وكان قد بناه في الجهة الشرقية مما يلي المؤخرة، وقد دخلَت في المسجد أثناء التوسعة بعد عمر".

<!-- أرض سواد العراق

تميز الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - بالنظرة الاستراتيجية البعيدة الأفق فكان يحكم لعهده ويفكر في من سيأتي من بعده من أمير للمؤمنين ومن شعوب إسلامية وقد تجلى هذا البعد لدى عمر بن الخطاب في عدة مواقف، منها اختلاف الصحابة على أرض سواد العراق التي فتحت حرباً في زمن الخليفة عمر.

كانت رؤيا عمر بن الخطاب أن هذه الأرض الشاسعة والكبيرة المساحة إن قسمت على الجند ومن حظر في العراق لم يكن لمن جاء من بعدهم شيء وخاصة أبناء الفلاحين والعمال القائمين على الأرض، فقد عد الخليفة هذه الأرض حقاً لكل المسلمين إلى يوم يبعثون وليس فقط لمن عاش في عهد عمر، وقد تبين ذلك في رسالته إلى سعد بن أبي وقاص: "أما بعد، فقد بلغني كتابك، تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم، وما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي هذا فأنظر، ما أجلبَ الناس عليك من كراع أو مال، فأقسمه بين من حضر من المسلمين، وأترك الأرضين والأنهار لعمالها، ليكون ذلك أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها فيمن حضر لم يكن لم يجيء بعدهم شيء".

<!--بيت المال

أراد عمر بن الخطاب أن يجعل للمسلمين دخلاً يسد احتياجاتهم ويمنع فقرهم ويكفي قوت يومهم فقام بإنشاء بيت مال المسلمين، ويقصد ببيت مال المسلمين المكان الذي تُحفظ فيه الأموال العامّة للدّولة الإسلامية، إلى أن تُصرف في وجوهها المستحقّة، مثل أموال الغنائم والفيء وغيرها، وحديثاً أصبح بيت مال المسلمين يطلق على الجهة التي تقوم بحفظ هذه الأموال والتصرف بها وإدارتها.

 وانقسمت آراء المؤرّخين حول اعتبار أوّل من قام بتأسيس ما يسمّى ببيت مال للمسلمين إلى رأيين، وهما:

الرأي الأوّل: أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - اتّخذه في منطقة تدعى السنح، ولم يوكّل حارساً يحرسه، ومن ثمّ نقل بيت المال إلى بيته، فكان يجعل المال فيه، ومن ثمّ يقسّمها على فقراء المسلمين ومحتاجيهم، ويشتري من غلّته خيولاً وأسلحة للقتال، وكان يشتري ملابس للفقراء والمساكين، ونحوه، ولمّا توفي أبو بكر الصديق جاء عمر بن الخطاب ومعه جماعة من الصحابة إلى بيت مال أبي بكر، فوجدوه فارغاً لا مال فيه.

الرأي الثاني: عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - هو أوّل من أسّس بيت مال المسلمين، ولم يكن بيت المال لا في زمن النبي . ﷺ .، ولا في زمن أبي بكر - رضي الله عنه -، وهذا قول العسكري، لكنه لا يصحّ، بل كان أبو بكر هو أول من أسس بيت مال المسلمين وولّى عليه أبو عبيدة بن الجراح – رضي الله عنه -.

والموارد التي تدخل إلى بيت المال هي متعددّة كما يأتي:

<!--الزكاة، سواء كانت زكاة أموال، أو زكاة زروع وثمار، أو زكاة عروض تجارة، ويأخذها إمام المسلمين إلى بيت المال، ليصرفها في وجوهها الشرعية.

<!--خُمس الغنائم التي يكسبها المسلمون من أعدائهم في الحروب والغزوات، فيخصّص خمسها فقط لبيت مال المسلمين.

<!--خمس الخارج من الأرض، أي من استخرج شيئاً من معادن الأرض كالذهب أو الفضة أو البحر كاللؤلؤ، يتوجّب عليه دفع خمسها لبيت المال.

<!--خمس الركاز، وهو من وجد كنزاً دفن في الأرض من زمن، فيدفع خمسه لبيت مال المسلمين.

<!--الفيء، والمراد به الأموال التي تؤخذ من الكفار دون قتال.

وتُصرف هذه الأموال في وجوه ومصارف محدّدة هي:

- بيت الزكاة: وتصرف أموال الزكاة في المصارف الثمانية التي ذكرها الله -تعالى- في الآية: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ﴾. [التوبة : 58].

- بيت الأخماس: ويصرف قسم منه لله ورسوله، ولذوي القربى، ولليتامى والمساكين، وابن السبيل.

- بيت الضوائع: أي الأموال التي لا يعرف أصحابها، ويصرف للفقراء والمساكين.

- بيت الفيء: وتصرف أمواله في ما يخدم مصلحة المسلمين عامة، حسبما يراه إمام المسلمين.

<!--قطع الشجرة

كما قطع عمر بن الخطاب الشجرة التي تجمع الناس حولها ظناً منهم أنها الشجرة التي تمت تحتها بيعة الرضوان التي بايع الناس تحتها، يقول ابن تيمية رحمه الله: أمر عمر رضي الله عنه بقطع الشّجرة الّتي توهّموا أنّها الشّجرة الّتي بايع الصّحابة النبيّ . ﷺ . تحتها بيعة الرّضوان لمّا رأى النّاس ينتابونها ويصلّون عندها كأنها المسجد الحرام أو مسجد المدينة.

لو رجعنا إلى أصل عبادة الأصنام وقوم سيدنا نوح عليه السلام لرأينا أن الأمر بدأ بصنع تمثال ثم اعتباره شيء عظيم ثم تقديسه ومع مرور الزمان قاموا بعبادة هذه الأصنام.

عمر بن الخطاب كان يعي تماماً أن تركهم على هذه الحال وتقديسهم لشجرة سيجعل الأمر يتطور مع مرور الزمان ويعود الناس إلى أمور الشرك والاستغاثة بغير الله واعتبار الشجرة وسيط بينهم وبين الله سبحانه وتعالى، غير أن الخليفة كان ذو فهم واسع ونظر ثاقب فقطع عليهم باباً من أبواب الشيطان حتى لا تسول لهم نفوسهم بالتمادي واعتبار الشجرة أعظم من مجرد شجرة.

<!-- ديوان الجند

قال ابن مسكويه: «وكان عمر أول من دوّن الدواوين من العرب». ونقل الفسوي عن الشعبي قوله: «إن شئت حدثتك بكل ما سمعت من صعصعة، أرسل إليه المغيرة بن شعبة فسأله عن عثمان، فذكر صعصعة رسول الله . ﷺ . فعزره وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ذكر أبا بكر فقال: هو أول من جمع المصحف وورث الكلالة. ثم ذكر عمر فقال: هو أول من دون الدواوين ومصر الأمصار وخلط الشدة باللين».

ديوان الجند هو ديوان تأسس في عهد عمر بن الخطاب، ويهدف إلى إحصاء الجنود وتسجيل مقدار أعطياتهم، واستمر في العهد الراشدي والأموي والعباسي.

كانت مستحقات الجند في العهد النبوي تؤخذ من غنائم الحرب التي يغنمها المسلمون من أعدائهم، وكذلك الجزية التي كانت تفرض على من أراد البقاء على دينه والدخول في حماية المسلمين، وفي خلافة الخليفة أبي بكر استمر الحال على ما هو عليه، وحين تولى عمر بن الخطاب الخلافة أسس عددًا من الدواوين ومنها ديوان الجند.

وقد تعددت اختصاصات الديوان، فمنها:

<!--تسجيل أسماء الجنود، ومعرفة أنسابهم.

<!--منع الأعداء من التسلسل للجيش.

<!--ضمان حقوق ومستحقات الجند.

<!--منع استمرار صرف العطاء بعد وفاة الجندي، بتوثيق تاريخ وفاته.

<!--نهيه عن الزواج من الكتابيات

نهى ابن الخطاب في زمانه التزوج من كتابية وليس تحريماً منه لأمر أحله الله فالإجماع قائمٌ بين العلماء على جواز نكاح الكتابية، غير أن عمر أراد قطع دابر الفتنة وظن أن زيادة الأمر عن حده قد يفتن نساء المسلمين وشباب الإسلام، فمنع ذلك. روي عن حذيفة - رضي الله عنه - أنه حين أراد أن يتزوج بيهودية كتب إليه عمر أن خلِ سبيلها، فكتب إليه أحرام يا أمير المؤمنين؟ فكتب إليه عمر: "أعزم عليك ألا تضع كتابي هذا حتى تخلي سبيلها، فإني أخاف أن يقتدي بك المسلمون فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين". وكانت آخر مواقف بن الخطاب قبل وفاته وهو في فراشه حاملاً هم المسلمين من بعده وخوفه من أن يسأله الله عن من ولى عليهم من بعد وفاته، فأختار نهجاً هو الأفضل في تاريخ البشر ولم يفعل مثله أحد من قبل ولا من بعد بن الخطاب رضي الله عنه وجعل ذلك على النحو التالي:

<!--تحديد الخليفة على المسلمين وحصر الأمر في أفضل الصحابة رضوان الله عليهم ومن بقي من 10 المبشرين في الجنة، فقد اختار من هو الأولى والأحق من غيره، وجعل الأمر شورى بينهم. توفي أبو بكر وعمر بن الخطاب ثانيهم وتوفي أبو عبيدة بن الجراح في زمن خلافة عمر واستثنى الخليفة عمر، الصحابي سعيد بن زيد لقرابته منه، فبقي "عثمان بن عفان – عبد الرحمن بن عوف – علي بن أبي طالب – الزبير بن العوام – سعد بن أبي وقاص- طلحة بن عبيد الله" وعند قول أحدهم للخليفة: استخلف ابنك عبدالله، نهاه عن قول مثل هذا وأغلظ عليه.

<!--تحديد الرأي الغالب في حال تساوي الأصوات بين اثنين، وهو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف، جاعلاً رأيه كرأي شخصين، فمن فيهم عبد الرحمن بن عوف، هم الأرجح، وقال فيه: ونعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف، مسدد رشيد، له من الله حافظ، فأسمعوا منه.

<!--أمر صهيب بن سنان أن يصلي بالمسلمين مدة ثلاث أيام حتى تنقضي الشورى. إنما أمر صهيب وهو غير أهل الشورى، لأنه لو تقدم أحدهم وأم بالناس في الصلاة، لظنوا أنه الإمام وانقضى الأمر إليه، فمن المعلوم أن رسول الله . ﷺ . أمر أبو بكر الصديق أن يصلي بالناس عند مرضه، وأستدل المسلمون على هذا بأنه الخليفة بعد رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

<!--تحديد زمن لمدة الشورى، وهو 3 أيام لا أكثر، كي لا يبقى المسلمون دون إمام أكثر من ذلك ويختلفوا مع طول المدة وتضطرب أحوالهم.

<!-- وصاياه لولاته والخلفاء من بعده

ومن أبرز وصاياه لولاته حين قال: "آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك [ساوي بين الناس] حتى لا يطمع شريف في حيفك [أي ميلك معه لشرفه] ولا ييأس ضعيف في عدلك. لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك، أن ترجع إلى الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل".

وأوصى الفاروق عمر رضي الله عنه الخليفة الذي سيخلفه في قيادة الأمة بوصيّة مهمّة، قال فيها:

أوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له، وأوصيك بالمهاجرين الأوّلين خيرًا، أن تعرف لهم سابقتهم، وأوصيك بالأنصار خيرًا، فاقبل من محسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، وأوصيك بأهل الأمصار خيرًا، فإنهم ردء العدوّ، وجباة الفيء، لا تحمل منهم إلا عن فضلٍ منهم، وأوصيك بأهل البادية خيرًا، فإنهم أصل العرب، ومادّة الإسلام، وأن يؤخذ من حواشي أموالهم فَيُردَّ على فقرائهم، وأوصيك بأهل الذمّة خيرًا، أن تقاتل مَنْ وراءهم ولا تكلِّفهم فوق طاقتهم إذا أدّوا ما عليهم للمؤمنين طوعًا، أو عن يدٍ وهم صاغرون، وأوصيك بتقوى الله، والحذر منه، ومخافة مقته أن يطَّلع منك على ريبة، وأوصيك أن تخشى الله في الناس، ولا تخشى الناس في الله، وأوصيك بالعدل في الرعية، والتفرّغ لحوائجهم وثغورك، ولا تؤثر غنيهم على فقيرهم، فإن في ذلك بإذن الله سلامة قلبك، وحطًّا لوزرك، وخيرًا في عاقبة أمرك حتى تفضي في ذلك إلى من يعرف سريرتك، ويحول بينك وبين قلبك، وآمرك أن تشتدّ في أمر الله، وفي حدوده ومعاصيه على قريب الناس، وبعيدهم، ثم لا تأخذك في أحدٍ الرأفة، حتى تنتهك منه مثل جرمه، واجعل الناس عندك سواء، لا تبال على من وجب الحقُّ، ولا تأخذك في الله لومة لائم.

وإياك والمحاباة فيما ولّاك الله ممَّا أفاء على المؤمنين، فتجور، وتظلم، وتحرك نفسك من ذلك ما قد وسعه الله عليك، وقد أصبحت بمنزلة من منازل الدنيا والآخرة، فإن اقترفت لدنياك عدلًا، وعفّة عمَّا بسط لك، اقترفت به إيمانًا، ورضوانًا، وإن غلبك الهوى، اقترفت به غضب الله، وأوصيك ألا ترخِّص لنفسك، ولا لغيرك في ظلم أهل الذمّة وقد أوصيتك، وخصصتك، ونصحتك فابتغِ بذلك وجه الله، والدار الآخرة، واخترت من دلالتك ما كنت دالًّا عليه نفسي، وولدي، فإن عملت بالذي وعظتك، وانتهيت إلى الذي أمرتك، أخذت منه نصيبًا وافرًا، وحظًّا وافيًا، وإن لم تقبل ذلك، ولم يهمّك، ولم تترك معاظم الأمور عند الذي يرضى به الله عنك، يكن ذلك انتقاصًا، ورأيك فيه مدخولًا لأن الأهواء مشتركة، ورأس الخطيئة إبليس داع إلى كل مهلكة، وقد أضلَّ القرون السالفة قبلك، فأوردهم النار، وبئس الورد المورود! وبئس الثمن أن يكون حظّ امرئ موالاة لعدوّ الله، الداعي إلى معاصيه.

ثمَّ اركب الحق، وخُضْ إليه الغمرات، وكن واعظًا لنفسك، وأناشدك الله إلا ترحَّمت على جماعة المسلمين، وأجللت كبيرهم، ورحمت صغيرهم، ووقَّرت عالمهم، ولا تضربهم، فيذلُّوا، ولا تستأثر عليهم بالفيء، فتغضبهم، ولا تحرمهم عطاياهم عند محلّها، فتفقرهم، ولا تجمِّرهم في البعوث، فينقطع نسلهم، ولا تجعل المال دولة بين الأغنياء منهم، ولا تغلق بابك دونهم، فيأكل قويُّهم ضعيفهم، هذه وصيَّتي إِليك، وأشهد الله عليك، وأقرأ عليك السلام.

هذه الوصيَّة تدلّ على بعد نظر عمر في مسائل الحكم والإدارة، وتفصح عن نهج ونظام حكم وإدارة متكامل، فقد تضمَّنت الوصيَّة أمورًا غاية في الأهمّية في قيادة الدولة، فحقّ أن تكون وثيقة نفيسة لما احتوته من قواعد، ومبادئ أساسية للحكم متكاملة الجوانب الدينية، والسياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، يأتي في مقدِّمتها:

<!--الناحية الدينية وتضمّنت:

  • الوصيَّة بالحرص الشديد على تقوى الله، وخشيته في السرّ والعلن، في القول والعمل لأن من اتقى الله وقاه، ومن خشيه صانه وحماه [أوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له] [وأوصيك بتقوى الله والحذر منه.. وأوصيك أن تخشى الله].
  • إِقامة حدود الله على القريب والبعيد [لا تبال على من وجب الحقُّ] [ولا تأخذك في الله لومة لائم] لأن حدود الله نصَّت عليها الشريعة فهي من الدين، ولأن الشريعة حجَّة على الناس، وأعمالهم وأفعالهم تقاس بمقتضاها، ولأن التغافل عنها إفساد للدين، والمجتمع.
  • الاستقامة ﴿وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ [الشُّورى: 42] وهي من الضرورات الدينية، والدنيوية التي يجب على الحاكم التحلي بها قولًا، وعملًا أولًا، ثم الرعية [كن واعظًا لنفسك] [وابتغِ بذلك وجه الله والدار الآخرة[.

<!-- الناحية السياسية وتضمّنت:

  • التزام العدل لأنه أساس الحكم، وإن إقامته بين الرعية تُحقّق للحكم قوة، وهيبة، ومتانة سياسية، واجتماعية، وتزيد هيبة واحترام الحاكم في نفوس الناس [وأوصيك بالعدل] [واجعل الناس عندك سواء].
  • العناية بالمسلمين الأوائل من المهاجرين والأنصار لسابقتهم في الإسلام، ولأن العقيدة وما أفرزته من نظام سياسي قام على أكتافهم، فهم أهله، وحملته، وحماته [وأوصيك بالمهاجرين الأولين خيرًا، أن تعرف لهم سابقتهم، وأوصيك بالأنصار خيرًا، فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم].

<!--الناحية العسكرية وتضمّنت:

  • الاهتمام بالجيش، وإعداده إعدادًا يتناسب وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه لضمان أمن الدولة، وسلامتها، والعناية بسدّ حاجات المقاتلين [التفرُّغ لحوائجهم، وثغورهم].
  • تجنُّب إِبقاء المقاتلين مدّة طويلة في الثغور بعيدًا عن أسرهم، تلافيًا لما قد يسبّب ذلك من ملل، وقلق، وهبوط في المعنويّات، فمن الضروري منحهم إجازات معلومة في أوقات معلومة، يستريحون فيها، ويجدّدون نشاطهم خلالها من جهة، ويعودون إلى أهلهم لكي لا ينقطع نسلهم من جهة ثانية [ولا تجمِّرهم في الثغور، فينقطع نسلهم] [وأوصيك بأهل الأمصار خيرًا، فإنهم درء العدوّ].
  • إعطاء كلّ مقاتل ما يستحقّه من فيء، وعطاء، وذلك لضمان مورد ثابت له، ولأسرته يدفعه إلى الجهاد، ويصرف عنه التفكير في شؤونه المالية [ولا تستأثر عليهم بالفيء، فتغضبهم، ولا تحرمهم عطاياهم عند محلّها، فتفقرهم].

<!--الناحية الاقتصادية والمالية وتضمّنت:

  • العناية بتوزيع الأموال بين الناس بالعدل، والقسطاس المستقيم، وتلافي كل ما من شأنه تجميع الأموال عند طبقة منهم دون أخرى [ولا تجعل الأموال دُولة بين الأغنياء منهم].
  • عدم تكليف أهل الذمّة فوق طاقتهم، إن هم أدّوا ما عليهم من التزامات مالية للدولة [ولا تكلّفهم فوق طاقتهم إذا أدّوا ما عليهم للمؤمنين].
  • ضمان الحقوق المالية للناس، وعدم التفريط بها، وتجنُّب فرض ما لا طاقة لهم به [ولا تحمل منهم إلا عن فضل منهم] [أن يؤخذ من حواشي أموالهم فيُردَّ على فقرائهم. 

<!-- الناحية الاجتماعية وتضمّنت:

  • الاهتمام بالرعية، والعمل على تفقّد أمورهم، وسدّ احتياجاتهم، وإعطائهم حقوقهم من فيء وعطاء [ولا تحرمهم عطاياهم عند محلّها].
  • اجتناب الأثرة، والمحاباة، واتّباع الهوى، لما فيها من مخاطر تقود إلى انحراف الراعي، وتؤدّي إِلى فساد المجتمع، واضطراب علاقاته الإنسانية [وإيَّاك والأثرة، والمحاباة فيما ولاَّك الله] [ولا تؤثر غنيَّهم على فقيرهم].
  • احترام الرعية، وتوقيرها، والتواضع لها، صغيرها، وكبيرها، لما في ذلك من سموّ في العلاقات الاجتماعية، يؤدي إلى زيادة تلاحم الرعية بقائدها، وحبّها له [وأناشدك الله إلا ترحَّمت على جماعة المسلمين، وأجللت كبيرهم، ورحمت صغيرهم، ووقَّرت عالمهم].
  • الانفتاح على الرعية، وذلك بسماع شكواهم، وإنصاف بعضهم من بعض، وبعكسه تضطرب العلاقات بينهم، ويعمّ الارتباك في المجتمع [ولا تغلق بابك دونهم، فيأكل قويُّهم ضعيفهم.
  • اتّباع الحقّ، والحرص على تحقيقه في المجتمع، وفي كلّ الظروف والأحوال، لكونه ضرورة اجتماعية لا بدّ من تحقيقها بين الناس، [ثمَّ اركب الحقَّ، وخُضْ إليه الغمرات] [واجعل الناس عندك سواء، لا تبال على من وجب الحقُّ].
  • اجتناب الظلم بكلّ صوره وأشكاله بخاصة مع أهل الذمّة لأن العدل مطلوبٌ إقامته بين جميع رعايا الدولة مسلمين، وذمِّيِّين، لينعم الجميع بعدل الإسلام [وأوصيك ألا ترخِّص لنفسك، ولا لغيرك في ظلم أهل الذمّة].
  • الاهتمام بأهل البادية، ورعايتهم والعناية بهم [وأوصيك بأهل البادية خيرًا فإنهم أصل العرب، ومادّة الإسلام].
  • وكان من ضمن وصيَّة عمر لمن بعده: ألا يقرَّ لعاملٌ أكثر من سنة، وأقرُّوا الأشعريَّ 4 سنين.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 84 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,756,488

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters