في سياق إدارة المخاطر، تعتبر استراتيجيات التعامل مع المخاطر خطوات أساسية للحد من تأثيرات المخاطر المحتملة على المشروع أو العمليات، وتعتمد الاستراتيجية المناسبة على نوع المخاطر وتقديراتها، وتهدف إلى تحقيق التوازن بين تقليل المخاطر وتكلفة تنفيذ الإجراءات، وتتضمن استراتيجيات التعامل مع المخاطر الأربعة التالية: التجنب، والتقليل، والتحمل، ونقل المخاطر، ويتم تحديد الاستراتيجية المناسبة بناءً على تقييم مخاطرة محددة والعواقب المتوقعة لها.

1- التجنب (Avoidance)

هو استراتيجية تعامل مع المخاطر تتضمن اتخاذ إجراءات للتخلص من المخاطر تمامًا من خلال تجنب الموقف أو النشاط المحتمل الذي يمكن أن يؤدي إلى وقوع المخاطر، وفي هذه الاستراتيجية، تقوم المؤسسة بتغيير خططها أو سلوكياتها لضمان عدم التعرض للمخاطر بشكل نهائي، ويعني أنه لن يكون هناك أي تأثير محتمل نتيجة لهذه المخاطر.

فلنأخذ مثالًا حيث تواجه شركة تصنيع مشكلة في تأمين الإمدادات اللازمة لإنتاج منتجها من منطقة تتعرض لنشاطات جيولوجية غير مستقرة، مثل الزلازل والانهيارات الأرضية، ولتجنب من هذه المخاطر، قررت الشركة نقل موقع الإنتاج إلى منطقة أكثر استقرارًا جغرافيًا، وذلك للحد من المخاطرة المحتملة لتوقف الإنتاج بسبب الظروف الجيولوجية السيئة في المنطقة السابقة.

2- التقليل (Mitigation):  

تستخدم استراتيجية التقليل للتقليل من تأثيرات المخاطر من خلال اتخاذ إجراءات وتدابير للحد من احتمالية حدوث المخاطر أو تقليل تأثيراتها إذا حدثت، وهدف هذه الاستراتيجية هو تقليل مدى التهديد الناجم عن المخاطر بحيث يكون التأثير أقل كبيرًا والاحتمالية أقل لحدوثه.

مثال: لنفترض أن شركة ما تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، وتواجه مخاطرة تتعلق بانقطاع التيار الكهربائي المفاجئ وتعطل أنظمتها، في هذه الحالة، يمكن للشركة اتخاذ إجراءات للتقليل من هذه المخاطرة على النحو التالي:

<!--تركيب مولدات الكهرباء الاحتياطية: تقوم الشركة بتركيب مولدات الكهرباء الاحتياطية لضمان توفر مصدر كهربائي في حال انقطع التيار الرئيسي مما يساهم في الحفاظ على استمرارية الأنظمة والعمليات.

<!--استخدام أنظمة احتياطية لتخزين البيانات: يمكن للشركة تقليل المخاطرة من فقدان البيانات بواسطة استخدام أنظمة احتياطية (Backup Systems) لتخزين البيانات بشكل دوري، مما يساهم في تقليل تأثير انقطاع التيار.

في هذا المثال، سيتم تخفيض تأثير المخاطرة المحتملة عن طريق تطبيق تدابير التقليل، مثل تركيب مولدات الكهرباء الاحتياطية واستخدام أنظمة احتياطية لتخزين البيانات. 

3- التحمل (Acceptance):  

تعبر استراتيجية التحمل عن القرار بقبول وجود المخاطر وعدم اتخاذ إجراءات نشطة للتعامل معها، وتتمثل هذه الاستراتيجية في الوصول إلى استنتاج بأن التكاليف والجهد المطلوب للتعامل مع المخاطر قد تكون أعلى من الفوائد المتوقعة من التدابير التي يمكن اتخاذها لتقليلها.

مثال: لنفترض أن شركة تعمل في مجال تصنيع المنتجات تواجه مخاطرة منخفضة التأثير ومنخفضة الاحتمالية، وتكلفة اتخاذ إجراءات للتخفيف من هذه المخاطرة تكون مرتفعة مقارنةً بالأضرار المتوقعة، وفي هذه الحالة، قد تقرر الشركة قبول المخاطرة وعدم اتخاذ تدابير إضافية للتعامل معها. هذا قد يكون لأن الأضرار المتوقعة من وقوع المخاطرة ضئيلة جدًا، وبالتالي لا يمكن تبرير الكلفة والجهد الإضافي لاتخاذ إجراءات تخفيف.

4- نقل المخاطر (Transfer):  

في هذه استراتيجية تتخذ الشركة قرارًا بنقل المسؤولية عن التعامل مع المخاطر إلى جهة أخرى، مثل شركات التأمين أو الشركاء التجاريين، الذين يمكنهم تحمل هذه المخاطر بدلاً من الشركة نفسها، وتعتمد هذه الاستراتيجية على استفادة من خبرة وقدرات الجهة المستهدفة في إدارة المخاطر.

مثال: لنفترض أن شركة ما تعمل في مجال الصناعة تواجه مخاطرة مالية كبيرة نتيجة لتقلبات في أسعار السلع الخام التي تستخدمها في عمليات الإنتاج، ففي هذه الحالة، يمكن للشركة أن تقرر نقل هذه المخاطرة إلى شركة تأمين مختصة، وبدلاً من أن تتحمل الشركة تبعات الزيادات في أسعار السلع الخام، يمكنها دفع أقساط تأمين للشركة المتخصصة لتغطية هذه المخاطرة.

في هذا المثال، تُظهر الاستراتيجية نقل المخاطر من الشركة إلى شركة التأمين من خلال شراء سياسة تأمين لتغطية المخاطر المالية المتعلقة بتقلبات أسعار السلع الخام.

يعتمد اختيار الاستراتيجية المناسبة على تقديرات تأثير المخاطر واحتماليتها وتكلفة تنفيذ الإجراءات، وقد تستخدم الشركات أيضًا مزيجًا من هذه الاستراتيجيات وفقًا للسياق والظروف المحيطة بالمخاطر المحددة.