الاخبار والسياسة في مصر والعالم العربي والعالمي

edit

 

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" مساء اليوم الجمعة, عن مخالفة السلطات البريطانية الاتفاق الأوروبي بشأن تجميد أصول تسعة عشر شخصا من كبار رجال الأعمال المحسوبين على نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

وأعلنت "بي بي سي" مساء الجمعة انفرادها ببث "تحقيق حصري" أجرته حول أموال مصرية مهربة إلى الخارج.. موضحة أن التحقيق يكشف وجود أصول "غير مجمدة" وعقارات تقدر بملايين الجنيهات الاسترلينية في أرقى الأحياء اللندنية مملوكة لشخصيات تضمنتهم قائمة الاتفاق الأوروبي.
وكشف التحقيق أيضا أن مخالفات الحكومة البريطانية تضمنت شركات مسجلة تخص المشار إليهم سلفا في بريطانيا, لم يتم تجميد أصولها المالية وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أنها ستبث هذا التحقيق على شاشتها في خدمتها باللغة العربية, وذلك يوم "الاثنين" المقبل في التاسعة وخمس دقائق مساء بتوقيت القاهرة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 427 مشاهدة

 

 

                                                                                                                  لم ينتبه كثيرون إلى أصداء الانتخابات الرئاسية المصرية فى إسرائيل، أو فى العالم العربى، وقد أشرت قبلا إلى بعض هذه الأصداء الأخيرة، فى حين لاحظت أن صحفنا عنيت بإبراز ما نشرته الصحافة العالمية حول الحدث الكبير. إلا أن أغلب الظن أن المصريين الذين سهروا يتابعون النتائج حتى فجر أمس الأول (الاثنين 18/6) لم يخطر على بالهم أن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لم يغمض له جفن فى تلك الليلة، وإنما ظل ساهرا يتابع النتائج حتى أدرك مع طلوع شمس الاثنين أن الفوز كان من نصيب الدكتور محمد مرسى، وأن الفريق أحمد شفيق، خياره الذى تمناه، لم يحالفه التوفيق فى المعركة. 

ليس ذلك استنتاجا من عندى، ولكنه خبر بثه التليفزيون الإسرائيلى فى نشرة أخبار الساعة السابعة صباح الإثنين، إذ ذكر أن نتنياهو ظل إلى ساعة الفجر الأولى يتابع نتائج الانتخابات المصرية، وأنه أجرى مشاورات عاجلة مع مستشاريه بعد إعلان فوز الدكتور مرسى.
 
لم يكن ذلك هو الصدى الوحيد، لأن وسائل الإعلام الإسرائيلية أبرزت الحدث فى اليوم ذاته (الإثنين) على صدر صفحاتها الأولى وفى مقدمة عناوينها. ومما قالته قناة التلفزة الثانية فى نشرة أخبار السابعة صباحا أن نتنياهو كان قد حث الرئيس الأمريكى أوباما على قيادة حملة دولية تشارك فيها بعض الدول العربية لمساندة الفريق شفيق وإنجاحه فى مهمته إذا فاز فى الانتخابات. وكان مراسل التليفزيون الإسرائيلى فى واشنطن قد ذكر أن العديد من الدول بذلت جهودا هائلة من وراء الكواليس لإنجاح الفريق شفيق فى الانتخابات. (هل يستدعى ذلك العديد من الأسئلة المثارة حول حملته الانتخابية الباذخة، والتفاف عدد من شخصيات النظام السابق حوله).
 
فى نشرة الساعة السابعة صباحا من ذات اليوم (الإثنين) ذكرت الإذاعة العبرية أن الأوساط السياسية الإسرائيلية أصيبت بصدمة كبيرة، بعدما توالت الأنباء التى رجحت فوز الدكتور مرسى، خصوصا أن التقييمات المسبقة التى نقلتها واشنطن إلى تل أبيب كانت تؤكد أن فوز الفريق شفيق حتمى، وأنه سيصبح رئيس مصر المنتخب.
 
معلق الإذاعة العبرية ذكر صبيحة اليوم ذاته (18/6) أنه يجب رفع القبعة تقديرا للشعب المصرى، لإصراره على التحول الديمقراطى، «رغم شعورنا بالمرارة لاختياره مرسى تحديدا». إلا أن إذاعة الجيش الإسرائيلى نقلت فى نشرة الثانية عشرة ظهرا تصريحا لوزير الخارجية أفيجدور ليبرمان قال فيه إن: «مصر أصبحت أخطر مئات المرات من إيران، ويجب على إسرائيل أن تستعد لمواجهة الواقع الجديد».
 
الوزير الإسرائيلى الأسبق بنيامين بن أليعازر (مهندس العلاقات مع مبارك) قال للإذاعة العبرية، فى تصريح بثته فى الساعة الحادية عشرة صباحا إن: مصالح إسرائيل والغرب باتت متعلقة بمدى قدرة المجلس العسكرى فى مصر على الحفاظ على صلاحياته، لذلك فإن احتفاظ المجلس بمعظم الصلاحيات يمثل مصلحة قومية لنا، وإضعافهم يضر بنا. وأضاف قوله إن فوز الدكتور مرسى يعنى تغيير البيئة الاستراتيجية بشكل كارثى لإسرائيل، وعليها الاستعداد لمواجهة أسوأ السيناريوهات.
 
رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى السابق جيورا ايلاند صرح للإذاعة العبرية فى نشرة الساعة الثانية بعد ظهر الإثنين بأن فوز مرسى سيفاقم المخاطر الاستراتيجية على إسرائيل، خصوصا فى حال سقوط نظام الأسد فى المستقبل.
 
وسط هذه الأجواء التى خيمت على إسرائيل، تناقلت وكالات الأنباء فى نفس اليوم (18/6) أن مواطنا إسرائيليا قتل جراء إطلاق النار عليه فى منطقة نيتسانا فى النقب الغربى، على امتداد الحدود الإسرائيلية المصرية، وعلى الفور خرج وزير الدفاع إيهود باراك ليصرح من خلال راديو «صوت إسرائيل» بأن الحادث «مؤشر على تصعيد خطير وتدهور فى السيطرة المصرية على الأوضاع الأمنية فى سيناء» ثم استطرد موجها حديثه إلى الرئيس المصرى الذى أسفرت نتائج الانتخابات عن نجاحه قائلا إنه يتعين «العمل على استعادة السيطرة الأمنية على شبه جزيرة سيناء لوضع حد للهجمات الموجهة ضد إسرائيل. «وفى الوقت ذاته دعاه إلى الالتزام بجميع التعهدات الدولية بما فيها اتفاقية السلام المبرمة بين البلدين والترتيبات الأمنية المترتبة عليها».
 
الرسالة واضحة. فإسرائيل التى صدمت بإسقاط مبارك كانت مطمئنة إلى فوز الفريق شفيق وثقتها كبيرة فى أنه سيعود بمصر إلى سياسة حليفها وكنزها الاستراتيجى السابق. وحين خاب أملها فإنها لجأت إلى الابتزاز وبدأت التلويح بضعف السيطرة الأمنية على سيناء، بما يهدد أمن إسرائيل، ولوحت بالضغط على الرئيس المصرى الجديد لكى يقوم بدور الحارس لأمنها والمدافع عنها، بصرف النظر عما تفعله هى، من جرائم يومية ترتكب بحق الفلسطينيين تستهدف تصفية القضية وتهدد الأمن القومى المصرى.
 
لقد كنت ومازلت أدعو إلى ترحيل ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية فى الوقت الراهن. والتركيز على استعادة عافية الوضع الداخلى أولا، لكننا أحيانا نصادف موقفا نصبر فيه على الهم لكنه يصر على أن يلاحقنا ويفرض نفسه علينا. ولست أدعو فى هذه الحالة إلى الاستسلام إلى هذه الملاحقة الخبيثة، لكننى أدعو فقط إلى فهم ما يجرى والانشغال باستعادة العافية المصرية، وليس بالأمن الإسرائيلى. وفى الوقت نفسه، أرجو أن ينتبه الذين أيدوا الفريق شفيق إلى حقيقة المعسكر الذى انضموا إليه والصف الذى التحقوا به.

 

 

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 456 مشاهدة

سعوديون يبنون مسجداً تحت سطح البحر      
سعوديون يبنون مسجداً تحت سطح البحر أقاموا فيه صلاة العصر جماعة لأول مرة في التاريخ

الأحد 15 جمادى الثانية 1433هـ - 06 مايو 2012م الرياض - العربية.نت
تمكّن غواصون سعوديون في منطقة تبوك (شمال السعودية) من بناء مسجد تحت الماء في شواطئ موقع يسمى "مقناء" تابع لمنطقة لبدع وسمّوه "التوحيد".

ووفقاً للغواص حمدان بن سالم الجنك المسعودي فبداية الفكرة كانت في الصيف الماضي بناءً على اقتراح من زميل لهم وبالتعاون مع مدربين وغواصين متمكنين.

ووفقاً للمسعودي الذي قال لصحيفة "المدينة" السعودية إن الفكرة اعتمدت على تمرير مواسير بلاستيكية 4 بوصة في المياه، ثم عمل فتحات من الأعلى كي يتم ملئها بالرمل من أجل ضمان الاتزان داخل البحر وبعد تثبيتها والانتهاء من البناء الذي وافق دخول صلاة العصر تمّت الصلاة جماعة في أول مسجد في التاريخ يقام تحت سطح البحر

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 265 مشاهدة

أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا الخميس، القائمة النهائية للمرشحين الرسميين الذين سيخوضون الانتخابات الرئاسية.   

وتضمنت القائمة النهائية 13 مرشحا رسميا هم  :               أبو العز الحريرى ورمزه الانتخابي الهرم ،

محمد فوزى عيسي ورمزه الانتخابي كاميرا الفيديو ،

أحمد حسام خير الله ورمزه الانتخابي السيارة ،

عمرو موسى ورمزه الانتخابي الشمس ،

عبد المنعم أبو الفتوح و رمزه الانتخابي الحصان ،

هشام البسطويسى ورمزه الانتخابي ساعة اليد ،

محمود حسام جلال و رمزه الانتخابي النجمة ،

محمد سليم العوا ورمزه الانتخابي المظلة ،

حمدين صباحى ورمزه الانتخابي النسر ،

عبد الله الأشعل ورمزه الانتخابي البلطة ،

محمد مرسى ورمزه الانتخابي الميزان ،

خالد على ورمزه الانتخابي الشجرة ،

وأحمد شفيق ورمزه الانتخابي  السلم                                                       والذى تمت إعادته بعد استبعاده بقرار من لجنة الانتخابات الرئاسية الصادر في الـ 25 من ابريل بعد قبول تظلمه.

وأوضح سلطان -خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته اللجنة فى مقر الهيئة العامة للاستعلامات- أن اللجنة واجهت أساليب التشكيك فى عملها، والاتهام بعدم التزامها بالحيدة والقانون، وذلك بهدف اثارة البلبلة وتشويه الحقيقة، وآثرت اللجنة عدم الرد عليها.

وأضاف ان اللجنة ستبلغ النيابة بالوقائع التى تكشفت لها خلال فحص ملفات المستبعدين لافتا الى أن اللجنة ليست على خلاف مع أى من المستبعدين من السباق الرئاسى، وإنها ترفض التهديد والتشكيك.

وردا على سؤال حول جواز التبرع من افراد اعتباريين للمرشح للصرف على الدعاية الإنتخابية, قال المستشار فاروق سلطان رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية ورئيس المحكمة الدستورية العليا إن القانون حدد مبالغ الدعاية الانتخابية للمرشح في الجولة الاولى بحد اقصى 10 مليون جنيه, وفي الاعادة بمبلغ 2 مليون جنيه وبالنسبة للتبرعات تقبل من الاشخاص العاديين وليس من شخصيات اعتبارية اجنبية حسب التحديد الذى نص عليه القانون .

وأضاف أن اللجنة الإنتخابية اصدرت قرارا بتشكيل لجان من الجهات المختصة لمراقبة الصرف من الجهاز المركزي للمحاسبات ومن الهيئة العامة للاستثمار وكافة الجهات التى لها صلة بهذا وهذه اللجان هى التى ستتابع عملية الصرف على الدعاية الانتخابية .

وفيما يتعلق بالمنظمات المشاركة في متابعة سير العملية الإنتخابية, قال سلطان ان المنظمات الأجنبية التى لها الحق في متابعة سير العملية الإنتخابية هى الجهات الحاصلة على ترخيص قانونى بالعمل داخل مصر في مجال الانتخابات, موضحا أن كل الهيئات المصرية الحاصلة على التراخيص يسمح لها بمتابعة العملية الانتخابية .

وردا على سؤال حول تحويل قانون العزل السياسي للمحكمة الدستورية العليا عقب تظلم الفريق أحمد شفيق للجنة العليا للانتخابات الرئاسية رغم ارساله المجلس العسكري القانون للمحكمة وقرارها بعدم الاختصاص, قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات "إن المحكمة الدستورية لها رقابة سابقة فقط على قانون تنظيم الإنتخابات الرئاسية بنص القانون, ولا تراقب أى قانون يصدر من السلطة التشريعية حسب نص الدستور إلا في قانون الإنتخابات الرئاسية فقط التى بدورها مراجعة ومراقبة القانون قبل صدوره أما جميع القوانين الاخرى فمراقبتها لاحقا".

ولفت سلطان- خلال المؤتمر الصحفى- إلى أن المجلس العسكرى ارسل قانون العزل للمحكمة الدستورية على أساس ما قيل أنه يتضمن بنودا قد تتصل بقانون تنظيم الإنتخابات الرئاسية للبت فيه, ولكن المحكمة رأت أنها غير مختصة بالنظر في هذا القانون لان اختصاصها النظر في قانون انتخابات الرئاسة فقط.

وتابع يقول "انه بالنسبة بالدفع بعدم دستورية قانون العزل التى دفع به محامي شفيق فاللجنة الرئاسية ذات صفة قضائية, والدستور ينص على "انها لجنة قضائية عليا عندما دفع محامى شفيق أمامها بعدم دستورية قانون 17 لسنة 2012 رأت أنه من الجدية إحالة القانون للجنة الدستورية العليا للبت في دستوريته من عدمه.

وأضاف القول ..رغم الإحالة أصدرت اللجنة قرارا باستمرار العملية الانتخابية حتى لا تعطل الإجراءات الخاصة بالإنتخابات وتتوقف على الحكم بعدم الدستورية ويعرض منصب رئيس الجمهورية للتذبذب لعدم الاستقرار.

وشدد المستشار فاروق سلطان على أن الإدعاء بأن هناك اتصالات من اللجنة الإنتخابية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلام "غير صحيح على الإطلاق, ان من لديه دليل على هذا فليتقدم به".

كما اعلنت اللجنة خلال المؤتمر موقف المرشحين المستبعدين من الانتخابات واسباب استبعاد كل منهم .

جدير بالذكر أنه بالرغم من إعلان الكشوف النهائية الخميس إلا أنه يجوز لأى مرشح التنازل عن خوض الانتخابات الرئاسية حتى تاريخ 8 مايو المقبل، وبعد هذا التاريخ لا يحق له نهائيا التنازل بأى شكل من الأشكال.

ومن المقرر أن يكون هذا الكشف نهائيا ولا يجوز الطعن عليه، حيث يكتسب قرار اللجنة الحصانة طبقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى.

وفى سياق متصل أرسلت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية خطابات إلى المرشحين الرسميين تعلمهم فيها بأنهم أصبحوا مرشحين مستقلين ويجوز لهم فتح حسابات بـ3 بنوك مصرية، وذلك لتلقى التبرعات من المواطنين لدعمهم فى الدعاية الانتخابية والحملات الخاصة بهم، ومن المقرر أن يقوم كل مرشح من المرشحين الـ13 بفتح حساب بالبنك الأهلى وبنك مصر وبنك القاهرة لتلقى التبرعات.

و ستكون بداية الحملة الانتخابية في الـ30 من ابريل و لمدة 21 يوما و حتى نهاية 20/5/2012#

                                                                              من الصعب الآن التكهن بمن سوف يصبح رائيس لمصر لان الضرب تحت الحزام قد بداء بين كل جهة تريد تحديد وجهة الرائيس القادم اسلامي ام علماني ام عميل لامريكا واسرائيل والحكم سوف يكون لوعي الشعب المصري عند الاختيار يوم الانتخاب لكن المؤاكد ان الشعب المصري قد تعلم الدرس من تجربة 30 عام مضت من خلال حكم مبارك وكل من يحذو حذوة في السياسة الخارجية والداخلية للدولة المصرية في ظلم المواطن المصري البسيط وعدم الاهتمام بة في الداخل والخارج لصالح الآخرين من أعداء الوطن - وعلي الجميع أن يحذر الوقوع في فخ الاعلام العميل الذي يضلل الشعب من خلال تلميع بعض الاسماء للمضي قدمآ للخلف أيام نظام مبارك وأعوانة -  وعلي الشعب أن يختار المستقبل بكل حرية وكرامة لكل ما هو مصري من القلب والعقل معآ
طه GIBBA

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 377 مشاهدة

 

السبت 10 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة --- الشروق / بقلم : سلامة احمد سلامة -------بعد عام كامل من ثورة الشعب السورى، تحولت خلاله انتفاضة بعض المدن إلى ثورة عارمة، لم تتوقف خلالها قوات بشار الأسد عن قصف المدنيين ومعاقل الثوار، لتنزل خسائر فادحة فى الأرواح والبيوت والمنشآت.. أسفرت حتى الآن عن مصرع قرابة عشرة آلاف سورى. وكان آخرها سقوط حمص بين يدى قوات الأسد.

وطوال هذه المدة لم تنقطع المحاولات من جانب المجتمع الدولى، تارة بإيعاز من مجلس التعاون الخليجى وتارة عن طريق الجامعة العربية ثم عن طريق مجلس الأمن.. الذى لم يكف عن إصدار قرارات لا تنفذ، ووساطات لا يأبه لها النظام السورى الحاكم، تستهدف الاتفاق على تنحى الأسد وتغيير النظام. وهى تصطدم فى كل مرة بفيتو من روسيا والصين. وكانت آخر المحاولات التى حملت بعض الأمل حين وافقت الحكومة السورية ــ قبل أسبوع ــ على السماح بدخول أطعمة وأدوية إلى منطقة بابا عمر التى يتكدس فيها ضحايا القصف من المدنيين دون عون. ودون أدنى قدر من المساعدات الإنسانية.. ولكن ما إن وصلت قوافل الإغاثة التى تقودها الأمم المتحدة حتى أغلقت السلطات السورية أمامها الطريق، وشرعت فى عملية اقتحام وتفتيش للمدينة من بيت إلى بيت.
 
لا توجد حتى هذه اللحظة أية بادرة تدل على استعداد النظام السورى لقبول أى من الحلول المطروحة التى تقدمت بها جامعة الدول العربية، أو التوقف عن دكّ المدن بالدبابات والقنابل. وكان انعقاد «مؤتمر أصدقاء سوريا» فى تونس بعد فشل مجلس الأمن فى إقناع الأسد بالتنحى وتجاهل وساطات الجامعة العربية، ما يؤكد فى المقابل فشل قوى المعارضة فى انتهاج موقف موحد لمواجهة إصرار النظام على تدمير معنويات الشعب!
 
ولو نظرنا إلى ما حققته الثورات الأخرى فى تونس ومصر وليبيا من نجاح، لعرفنا أن اعتماد المعارضة على القوى الداخلية وما حققته من وحدة الصف والهدف، هو الذى أدى إلى انتصار الثورة.. وليس اعتمادا على قوى خارجية كما تظن بعض فصائل المعارضة السورية.
 
هذه الحقيقة هى آفة الثورة فى سوريا.. إذ يؤدى انقسام صفوف المعارضة ما بين المجلس الوطنى وتنسيقيات الثورة وجيش سوريا الحر.. كل يعمل بمفرده، إلى غياب معارضة موحدة تخضع لقيادة واحدة يمكن الاعتراف بها والتعامل معها ونقل السلطة إليها حين تنضج الظروف. وقد كانت هذه هى الحجة التى استخدمتها روسيا والصين فى عدم الاعتراف بالمعارضة. وهو ما أضر ضررا بالغا بالشعب السورى، وشل أيدى الجامعة العربية عن إيجاد البديل الذى يمكن التعامل معه.
 
أما الدعوات التى انطلقت لتسليح المعارضة السورية، فقد وجدت معارضة من بعض أطراف سورية وعربية، مخافة أن يؤدى ذلك إلى نشوب حرب أهلية. ولكنها أصبحت الآن دعوة مقبولة ولا بديل عنها ولها أنصارها حتى فى الدول العربية شريطة أن تتم فى إطار جهد موحد.
 
وإذا كانت بعض الدول الكبرى فى الغرب قد غيرت موقفها من قضية تسليح المعارضة، فقد تطورت إلى الدعوة لشن ضربات عسكرية بقيادة أمريكية ضد قوات بشار الأسد، لمنعها من العمل ضد الثوار وتوفير ملاجئ آمنة لتتمكن المعارضة من تنظيم أنشطتها ضد الأسد.
 
من العبث أن يتوهم العرب أن قوات من السعودية وقطر أو من مجلس التعاون الخليجى تستطيع إرغام النظام السورى على تغيير مواقفه. فما كان ممكنا فى اليمن ليس كذلك فى سوريا. وسوف تظل الأزمة فى سوريا تتفاعل فى إطار ظروف استراتيجية أوسع تلعب فيها إيران وحزب الله وأمريكا وفرنسا وتركيا دورا مؤثرا.
 
ولذلك لم يكن غريبا أن تصعد إسرائيل ضغوطها بكل قوة لجرجرة أمريكا إلى توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية. وذلك على أساس أنها ضربة لا تنال من إيران فحسب بل تنال أيضا من سوريا وحزب الله والقاعدة!
 
وفى دراسة «لمعهد الشرق الأوسط لسياسات الشرق الأدنى» الذى أسسته «ايباك» فى واشنطن، يجرى التخطيط لإقناع الإدارة الأمريكية بالتدخل غير المباشر فى سوريا، بالاعتماد على المقاومة السورية المسلحة للاضطلاع بأعمال التخريب والمقاومة المدنية التى تتكفل بالعصيان المدنى لكى تتصاعد تدريجيا إلى حرب للعصابات.
 
هذه الخطط يؤيدها الجمهوريون. وهو ما دعا السناتور ماكين أخيرا إلى مطالبة الإدارة الأمريكية بالعمل على عزل النظام الحاكم فى سوريا، وانتهاج خطة لحماية المراكز السكانية عن طريق شن هجمات على القوات الحكومية بما يسمح بإقامة مناطق عازلة فى الشمال لقوات المعارضة.
 
ما الذى بوسع الدول العربية أن تفعله، لو بدأ تنفيذ الخطط الأمريكية على غرار ما حدث فى ليبيا، بالإغارة على مواقع عسكرية فى سوريا؟ هل تقف موقف المتفرج أم تشارك بقواتها كما فعلت قطر بالاشتراك مع حلف الأطلنطى فى ضرب أهداف ليبية؟
 
فهل نحن على أبواب سقوط جزء آخر من العالم العربى؟!

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 436 مشاهدة

 

السبت 10 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة --- الشروق / بقلم : فهمي هويدي ---  ---
منذ متى كانت واشنطن تغضب وتثور دفاعا عن المنظمات الأهلية فى بلد أجنبى؟.. إن الناطقين (الأمريكيين) باسم تلك المنظمات يتعاملون مع الإجراءات التى اتخذت بحقها فى مصر باعتبارها تدخلا فى أنشطة منظمات حكومية خيّرة وغير مسيسة، منخرطة فى مساعدة المصريين فى تحقيق التحول الديمقراطى، وهذا التعميم إذا صح فى جوهره، إلا أنه يعكس أيضا حالة بائسة من الجهل، وربما انطوى على خداع متعمد، ذلك أن وصف بعض تلك المنظمات بأنها غير حكومية، أو أنها تعبر عن المجتمع المدنى هو تزييف للواقع، لأن الوصف الأكثر تطابقا مع طبيعتها هو أنها منظمات حكومية غير رسمية.
لست صاحب السؤال، ولا علاقة لى بالجواب، إنما الذى سأل وأجاب هو ريتشارد فولك القانونى الأمريكى المخضرم، الذى عمل أستاذا للقانون الدولى بجامعة برنستون طوال 40 عاما، كما عمل ممثلا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى فلسطين. وقد كتب الرجل مقالة فى الموضوع نشرتها «الجزيرة نت» ومواقع أخرى فى 15 فبراير بمناسبة الضجة التى حدثت عقب الإجراءات التى اتخذتها السلطات المصرية إزاء بعض المنظمات الحقوقية العاملة فى البلاد، وبمقتضاها اتهمت 47 أجنبيا بينهم 19 أمريكيا بممارسة أنشطة غير قانونية، وأحالت الجميع إلى محكمة الجنايات، وهو ما آثار أزمة فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن، هدأت بصورة نسبية بعد إلغاء قرار المحكمة بمنع الأمريكيين من السفر، ثم مغادرتهم البلاد فعلا على النحو الذى فجر أزمة أخرى فى مصر لا تزال تداعايتها مستمرة إلى الآن.
خص فولك بالذكر ثلاث منظمات أمريكية شملت الإجراءات المصرية ممثليها هى: المعهد الجمهورى الدولى والمعهد الوطنى الديمقراطى وبيت الحرية، وقال: إن المنظمتين الأوليين تحصلان على كل تموليهما من الحكومة، وقد تأسستا فى الأصل عام 1983 عقب الخطاب الذى ألقاه (الرئيس الأمريكى الأسبق) رونالد ريجان أمام البرلمان البريطانى، ودعا فيه إلى تقديم العون للبلدان غير الغربية المستقلة حديثا من أجل مساعدتها على إقامة البنى الديمقراطية، ومنذ لحظة إنشائهما وهما يحصلان على تمويل سخى بملايين الدولارات من خلال منح سنوية يقدمها الكونجرس، إما مباشرة وإما عن طريق كيانات حكومية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والوقف الوطنى للديمقراطية، ورغم أنهما يدعيان انهما غير حزبيين، فإن كلا منهما تابع صراحة لأحد الحزبين السياسيين المسيطرين فى الولايات المتحدة، وله مجلس إدارة ولديه موظفون وكذلك مستشارون أغلبيتهم العظمى مسئولون وموظفون حكوميون سابقون مرتبطون بهذين الحزبين السياسيين الأمريكيين، والطابع الأيديولوجى والحكومى لهاتين المنظمتين تلخصه طبيعة قيادتيهما، إذ إن مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية فى عهد بيل كلينتون هى رئيسة مجلس إدارة المعهد الوطنى الديمقراطى، فى حين أن المرشح الجمهورى السابق للرئاسة والسيناتور البارز حاليا جون ماكين يتولى المنصب ذاته فى المعهد الجمهورى الدولى.
أضاف: أما بيت الحرية وهو المنظمة الثالثة التى استهدفها الإجراء القضائى المصرى فإنه يعتمد بنسبة تزيد على 80٪ من تمويله على الوقف الوطنى للديمقراطية، كما انه مرتبط بدوره بالسياسات الحزبية الأمريكية، وقد أنشئ عام 1941 كبادرة مشتركة من الحزبين خلال الحرب الباردة.
اعتبر الكاتب أن نشاط المنظمات الثلاث فى مصر كان تدخلا مقنعا فى السياسة الداخلية للبلاد يمثل تهديدا محتملا لاستقلالها السياسى، ومن الحكمة أن تصر مصر على أن تلك المنظمات المرتبطة بالحكومة الأمريكية يجب أن تسجل لتحصل على ترخيص بالعمل بها. وقال إن السويد لو عرضت أن تقدم مساعدة للولايات المتحدة فى مجال الديمقراطية لقوبل الطلب بالرفض بلهجة خشنة باعتباره مهينا لسيادة الولايات المتحدة.
 فى هذا السياق أشار فولك إلى أن التحقيقات الموثقة أثبتت أن المعهد الجمهورى الدولى والمعهد الوطنى الديمقراطى لعبا أدوارا فى زعزعة استقرار حكومات أجنبية معادية للسياسة الأمريكية. والأول اسهم فى تمويل الانقلاب فى هاييتى للتخلص من حكومة الرئيس جان برتران ارستيد واستبداله بسلطة أخرى رجعية. كما كان له دور فى تقوية أحزاب الوسط ويمين الوسط ببولندا، الأمر الذى يعد تدخلا فى شأنها الداخلى.
رغم تفهمه للموقف المصرى فإن الباحث الأمريكى اعتبر أن الأمر أكثر تعقيدا مما يبدو، لأن السلطة العسكرية فى مصر ربما تكون قد تعمدت إثارة الزوبعة، فتذرعت بحكاية التراخيص والأنشطة غير القانونية لمنظمات المجتمع المدنى لقمع وترهيب مختلف الجمعيات الأهلية التى أدانت الانتهاكات التى ارتكبتها بحق المتظاهرين. كما أن واشنطن ربما لم تسترح من جانبها لاحتمالات تفاهم الإخوان والسلفيين مع المجلس العسكرى فى التخطيط لمستقبل مصر، فسعت إلى تأييد المعارضة الديمقراطية لتعزيز إمكانية إقامة حكم علمانى فى البلاد يكون أقل تهديدا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية. وختم كلامه قائلا: إن الحكومتين الأمريكية والمصرية تناوران وتخفيان نواياهما الحقيقية فى حين تعرضان حججا وحججا مضادة تعتم على دوافعهما الخفية بدلا من كشفها، وهو كلام إذا صح فهو يعنى أن الجزء الغاطس فى المسألة أكبر بكثير مما ظهر على السطح.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 279 مشاهدة

 

الخميس 8 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة -- الشروق / بقلم : فهمي هويدي ---  ---  حين ناقشت فكرة «الوفاق» فى الأسبوع الماضى، قلت إننا لا ينبغى أن نرحب بأى وفاق قبل أن نعرف مع من وحول ماذا. لذلك تحفظت على بعض الأخبار التى تحدثت عن لقاء نائب مرشد الإخوان مع السناتور جون ماكين وعن الاتفاق بين أبومازن وأبوالوليد، لكن ما أقدمت عليه وصفه البعض بأنه «مأزق»! ــ إذ قرأت تعليقا بهذا المعنى نشرته صحفية المصرى اليوم (عدد 4/3) فى زاوية تحمل توقيع «نيوتن»، قال فيه كاتبه إننى انتقد من دافعت عنهم من قبل. وذكر أن مقالتى تعبر «عن الأعضاء حبيسى سجن الأيديولوجية والماضى». وإن ما قلته صدر عن «كاتب ناضل سنوات ضد حكم مبارك معترضا على سياساته الإقليمية. (كما) ناصر أفكار الإخوان وحلفائهم فى المنطقة مثل إيران وحزب الله وحماس». والمأزق الذى ارتآه يتمثل فى أننى صرت أناقض ما انتقدته طيلة ثلاثين عاما، فأصبحت أطبق على الإخوان ما سبق أن طبقته من معايير على حكم مبارك وحكم بن على وسياسة محمود عباس. 

استوقفنى فى التعليق أمران، أحدهما شكلى والثانى موضوعى. من حيث الشكل فإن الكاتب ــ الذى قيل لى إنه الأستاذ صلاح دياب مؤسس الجريدة وصاحبها ــ تحدث من موقع فكرى يضع مخالفيه فى موضع الاتهام، إذ يعتبرهم «حبيسى سجن الأيديولوجية والماضى»، وهذا اختيار يفهم. لكن ما استلفت نظرى فى تعليقه أنه تحدث بأدب غير معهود فى الحوارات الصحفية، التى يشكل «الردح» إحدى سماتها، الأمر الذى شجعنى على أن أراجع الفكرة التى طرحها. لذلك فإننى ما إن وقعت على لغة التعليق حتى قلت: أخيرا  هذا واحد مهذب ينتقد ويستحق أن يناقش رأيه.
 
أما من حيث الموضوع فأزعم أن الكاتب وقع فى مطب التصنيف الذى يعد أحد أمراض الحياة الثقافية المصرية. أقصد بالتصنيف عملية توزيع أصحاب الرأى على مربعات ومعسكرات فكرية بذاتها تحاصرهم وتلاحقهم طوال حياتهم المهنية. تماما كما يحدث فى كرة القدم، حين يفترض فى المشجع المصرى أن يكون واحدا من اثنين أهلاويا أو زملكاويا، الأمر الذى يستغرب معه البعض ألا يكون المرء كذلك، كأن يغدو مشجعا للعبة الجيدة، سواء جاءت من فريق الأهلى أو الزمالك أو الأوليمبى أو حتى من فريق المصرى البورسعيدى.
 
يحدث ذلك فى الحياة الثقافية، حيث يفرض على الشخص إما أن يكون «مع» وإما «ضد».. إسلاميا أو ليبراليا.. دينيا أو مدنيا.. حتى أصبح البعض يستغربون ــ وأحيانا يرفضون ــ أن يكون المرء إسلاميا وليبراليا ومتدينا ومدنيا فى نفس الوقت.
 
وكما أن هناك ــ فى الأندية ــ مشجعين متعصبين يسمونهم «الألتراس»، فإخواننا هؤلاء ــ والكاتب المذكور بينهم ــ افترض أنه هناك «ألتراس» فى عالم الأفكار. وربما كان ذلك صحيحا بالنسبة للبعض، لكن تعميم الفكرة يهدر حق من يريد أن يمارس حريته فى التعامل مع ما يراه إيجابيا من أفكار ومواقف، بصرف النظر عن مصدرها أو الوعاء الذى خرجت منه.
 
ثمة فرق بين من ينتصر لتنظيم أو جماعة أو حتى دولة، وبين من ينتصر لقيمة أو موقف يمثله هذا الطرف أو ذاك. إذ الأول مع التنظيم أو الجماعة على طول الخط. وهو أقرب إلى «الألتراس» فى هذه الحالة، أما الثانى فنصرته مرتبطة وجودا وعدما بمدى الالتزام بالقيمة.
 
ذكر الكاتب اننى ناصرت خلال الثلاثين الماضية الإخوان وحماس وحزب الله وإيران، وهذا صحيح. ولكن عقلية التصنيف لم تتح له أن يدرك أنها كانت نصرة لمواقف وقيم عبر عنها حينذاك كل واحد من تلك الأطراف، ولم تكن نصرة لجماعة أو دولة أو حزب. ولأنها عندى كانت كذلك فقد اتسعت العلاقة للاختلاف كما تخللها الاتفاق. ولم يكن فى الأمر تناقض أو مأزق من أى نوع. لقد انتقدت حركة حماس مثلا حين ظهرت فى عام 1987، وذكرت فى ميثاقها أن فلسطين وقف إسلامى. وكتبت حينذاك مقالة أثارت لغطا وجدلا فى الأردن كان عنوانها «فلسطين المحررة قبل فلسطين الإسلامية». ثم وقفت مع حركة حماس بعد ذلك باعتبارها تجسيدا لقيمة المقاومة، وحين اهتزت الصورة نسبيا بما قيل عن «اتفاق غير مسبوق» مع أبومازن، سجلت تحفظى على ذلك الوفاق الذى اعتبرته «مذموما». بنفس المنطق تعاملت مع الإخوان وحزب الله وإيران. ولولا ضيق المساحة لعرضت تفصيلا أين كانت مواضع الاتفاق ومواضع الخلاف. ولم يعد خافيا اختلافى مع الإخوان فى مسألة تشكيلهم للحكومة فى مصر، واختلافى مع إيران وحزب الله فى موقفهما الداعم لنظام الأسد فى سوريا.
 
إن الأزمة الحقيقية تكمن فى شيوع الانطباع بأن الصحفى أو الكاتب لابد أن يكون تابعا لجهة ما ومجندا فى معسكر ما. وأن مواقفه خصوصا إذا كانت مغايرة للرياح السائدة ناطقة باسم تلك الجهة، وليست تعبيرا عن ضميره ورؤيته أصاب فى ذلك أم أخطأ. ولست أنفى أن ذلك الصنف موجود بيننا، لكننى أذكر بأن هناك آخرين ليسوا كذلك. ومواقف الجميع منشورة على الملأ، وبوسع أى أحد إذا خلع نظارة التحيز والتصنيف أن يميز بين هذا وذاك. أما إذا أصر على ألا يرى التمايز الذى أعنيه، فتلك إذن تصبح أزمته ومأزقه هو.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 270 مشاهدة
نشرت فى 11 مارس 2012 بواسطة TAHAGIBBA

 

الأربعاء 7 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الشروق / بقلم : فهمي هويدي         الخبر أن ثمة مبادرة مصرية لحل الأزمة السورية. صحيح أنه لم ينشر إلا فى جريدة «الأهرام» أمس (الثلاثاء 6 مارس)، ولم تشر إليه الصحف الأخرى. ولا أستبعد أن يكون السبب فى ذلك أن الصحف المصرية الأخرى أهملته واعتبرته شائعة غير قابلة للتصديق. وربما كانت معذورة فى ذلك لأننا كدنا ننسى أن مصر يمكن أن تطلق مبادرات. وفى بعض الأحيان فإنها تركت غيرها يقوم بهذه المهمة، أو آثرت أن تنتظر مبادرات الآخرين وخاصة المملكة العربية السعودية. وهذا ليس تخمينا أو افتراضا، لأن ذلك ما حدث بخصوص الشأن السورى تحديدا. إذ إن معلوماتى أن وزارة الخارجية وجهت رسالة إلى المجلس العسكرى بهذا الخصوص قبل عدة أشهر، ولكن المجلس لم يرد، إلى أن جاء وزير الخارجية السعودى إلى القاهرة مشاركا فى اجتماع مجلس الجامعة العربية، وكان التوجيه الذى أبلغ به وزير الخارجية المصرى قبل أن يتوجه إلى قاعة الاجتماع أن وجهة نظر البلدين واحدة فى الموضوع. 

صحيح أن الانكفاء المصرى والانسحاب من المحيط العربى له تاريخ يمتد إلى المرحلة الساداتية، التى أعلن فيها صاحبنا أن 99٪ من الأوراق فى أيدى أمريكا، وقام بزيارة القدس وعقد معاهدة السلام مع إسرائيل، التى أخرجت مصر من الصف العربى وقزمتها حتى حولتها إلى مجرد متفرجة على المشهد العربى. وهو المنهج الذى سار عليه خلفه الذى حول مصر من دولة إلى «ولاية» ضمن ولايات ما سمى بالاعتدال العربى المشمولة بالرعاية الأمريكية.
 
منذ ذلك الحين لم نسمع عن مبادرات مصرية. سمعنا عن تنامى الدور السعودى فى إطار الجامعة العربية، وتعاظم الدور القطرى فى الساحة العربية من اليمن إلى السودان ولبنان وفلسطين. أما الدور التركى فرأيناه يشمل الشرق الأوسط كله من باكستان وأفغانستان إلى العراق وسوريا وليبيا. أعنى أننا لم نعد نسمع عن دور لمصر رغم أن محيطها حافل بالأحداث الساخنة، باستثناء الجهد الذى بذلته فى المصالحة الفلسطينية، والذى كانت مصر فيه تقليديا ضاغطة على الطرف الفلسطينى المقاوم لحساب الطرف المتصالح مع إسرائيل. وكانت ومازالت مخاصمة للأول ومحتضنة الثانى، لحسابات ليست بعيدة عن سياسة ولايات «الاعتدال» سابقة الذكر.
 
بعد ثورة 25 يناير لم يعد هناك محل لمصر المنكسرة، لكن مصر المنكفئة استمرت كما هى، حتى قلت ذات مرة إن الرئيس السابق حسنى مبارك لايزال يدير السياسة الخارجية المصرية. ذلك أننا لم نشهد تغيرا يذكر فى خطوط تلك السياسة إلا لفترة وجيزة للغاية لم تتجاوز شهرين. حين تولى الدكتور نبيل العربى منصب وزير الخارجية، وقال كلاما دعا فيه إلى فتح معبر رفح وإلزام إسرائىل بتعهداتها فى اتفاقية السلام وتحدث عن تطبيع العلاقات مع إيران. لكنه بدا مغردا خارج السرب ومعبرا عن رأيه الخاص وليس عن سياسة حكومة المجلس العسكرى، فأبعد الرجل عن الخارجية وعين فى منصب أمين الجامعة العربية، ثم عادت «ريمة» إلى عادتها القديمة.
 
ما فهمته ــ وأرجو أن أكون مخطئا ــ أن المجلس العسكرى الذى يتلقى ضغوطا قوية يومية من الخارج (لا تسألنى من أين؟) آثر السلامة واختار أن يجمد علاقات مصر الخارجية حتى ينتخب رئيس جديد للبلاد وتسلم السلطة للمدنيين، بحيث تتحمل السلطة الجديدة هذه المسئولية. وفى حدود علمى فإن المجلس العسكرى وزع أنشطة السلطة التنفيذية على أعضائه، وأن وزير الخارجية الذى أتذكر اسمه بصعوبة، يتحرك فى ضوء التوجيه الذى يصدر إليه من عضو المجلس العسكرى المسئول، رغم ما قيل من تفويض رئيس الوزراء فى سلطات رئيس الجمهورية.
 
ربما لاحظت أننى لم أذكر شيئا عن مضمون المبادرة المصرية، أغلب الظن لأننى اعتبرت أن عودة المصطلح إلى لغة الخطاب السياسى فى مصر تعد خبرا بحد ذاته، بعدما نسينا أن مصر دولة يمكن أن تطلق مبادرات. ولذلك اعتبرت أن مجرد إدخال الكلمة فى جملة مفيدة واستخدامها فى الإعلام المصرى يعد حدثا مهما، بصرف النظر عن تفاصيله. حتى إذا ورد فى تصريح صحفى أو بيان سياسى يلقى فى أى مناسبة، أو حتى فى خطبة جمعة! ويخطر على بالى أنه ربما كان مناسبا أن نخفف من وطأة المفاجأة على القارئ. بحيث لا نخبره بوجود مبادرة ثم بمضمون المبادرة فى وقت واحد. الأمر الذى قد يستعصى عليه هضمه واستيعابه! ــ لكنى قلت إنه بعد هذا التمهيد ربما صار بعض القراء فى حالة نفسية مواتية تسمح لى بأن أشير إلى مضمون المبادرة التى أهم ما فيها ما يلى: الوقف الفورى للعنف والدعوة إلى تجنيب سوريا خطر التقسيم أو التدخل الخارجى، وفتح حوار مع الدول الداعمة للنظام السورى (روسيا وإيران) لإيجاد حل سياسى للأزمة.
 
حين قرأت الخبر المنشور مرة ثانية اكتشفت مفاجأة أخرى أصابتنى ببعض الإحباط، لأننى وجدت المبادرة برلمانية وليست حكومية، وأن الذى أعلنها كان الدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب فى كلمته أمام جلسة الاتحاد البرلمانى العربى فى الكويت. حينذاك قلت: حتى وان كانت برلمانية ولا تعبر عن رأى الحكومة المصرية فلا بأس، إذ المهم فى الوقت الراهن أن تعود الحياة إلى المصطلح ويتذكر الناس أن لدى مصر مبادرة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 213 مشاهدة

 

الثلاثاء 6 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الشروق / بقلم : فهمي هويدي                        صحيح أننا خسرنا معركتنا فى مواجهة الإدارة الأمريكية، إلا أنه بوسعنا أن نحول الهزيمة إلى فرصة ونقطة لصالحنا، إذا تحلينا ببعض الرصانة وتحرينا أسبابها، ولم نقف عند نتائجها وأحداثها. 

(1)
 
أتحدث عن قصة الأمريكيين الذين أمرت المحكمة بمنعهم من السفر فى قضية تمويل المنظمات الأهلية، ولكن الضغوط الأمريكية «أمرت» بإلغاء القرار وتسفيرهم. وكان لها ما أرادت. إذ حملتهم طائرة عسكرية أمريكية إلى بلادهم مساء يوم الأربعاء الماضى 29/2. وهى الخطوة التى أحدثت صدمة فى أوساط النخبة المصرية، فانهال الجميع على المجلس العسكرى والحكومة توبيخا وتقريعا، وتنافس المتحدثون فى الدفاع عن كرامة مصر وسيادتها وعن القضاء الذى ضرب بقراراته عرض الحائط. وتحول الأمر إلى فضيحة سياسية أسكتت المتحدثين باسم المجلس العسكرى، وأعجزت رئيس الحكومة عن التعليق على ما جرى، حتى رفض الإجابة على الأسئلة التى وجهت إليه بخصوص الموضوع، كما نشرت صحف السبت الماضى (3/3).
 
ليس لدى اعتراض على التوبيخ والتقريع الذى وجه إلى القائمين على الأمر الذين سمحوا بكل ذلك. فنحن حقا بصدد فضيحة ولطمة للسياسة المصرية كشفت عن عورتين أساسيتين هما: سوء التقدير فى إدارة الأزمة وضعف المناعة المصرية فى مواجهة الضغوط الأمريكية. ذلك أن الذين فتحوا ملف المنظمات الأهلية الذى يشوبه قدر غير قليل من عدم البراءة. لم يتحسبوا لاحتمال الاشتباك مع الإدارة الأمريكية. وربما لم يدركوا أن الرئيس الأمريكى الذى يخوض معركة تجديد رئاسته أحوج ما يكون لتأييد الرأى العام قبل إجراء الانتخابات فى شهر نوفمبر القادم، ولم ينتبهوا إلى أن منع 16 أمريكيا من السفر وعرض أمرهم على القضاء المصرى يمكن أن يهيج الدوائر الأمريكية ضد الرئيس أوباما، كما يمكن أن يصبح حجة بيد أعوان إسرائيل فى مجلس الشيوخ المتربصين بمصر وثورتها لكى يطالبوا بوقف المعونة السنوية التى تقدم إلى مصر (حوالى 1.5 مليار دولار).
 
هذه التداعيات لم تحسب جيدا، الأمر الذى أثار الغضب فى واشنطون. وقد تناقلت وكالات الأنباء أصداءه، حتى وجدنا وزيرة الخارجية السيدة هيلارى كلينتون تتحدث عن مصر بذات اللغة التى استخدمها فى القرن الماضى اللورد كرومر، المندوب السامى البريطانى.
 
المحزن فى الأمر، أن السلطة القائمة فى مصر لم تستطع أن تصمد أمام الضغوط الأمريكية، واضطرت إلى الاستجابة لها والانحناء أمام العاصفة على النحو الذى رأيناه متمثلا فى إلغاء السلطة لقرار محكمة الجنايات بمنع الأمريكيين من السفر ثم تسفيرهم فعلا، وهو ما أطلق فى الفضاء المصرى ما شهدناه من حملة هجاء السياسة الأمريكية والتنديد بالمجلس العسكرى. ورغم أن كل طرف نال ما يستحقه، إلا أننى أزعم أننا حين استسلمنا للانفعال، فإن الضجيج فوَّت علينا فرصة التفكير والتدبير، فتعالت أصوات حناجرنا وتوارى دور عقولنا ومداركنا.
 
(2)
 
الجميع، بمن فيهم الذين وجدوها فرصة للمزايدة والغيرة على السيادة الوطنية، سألوا كيف حدث ذلك؟ ــ لكننى لم أجد أحدا يسأل: لماذا حدث؟ ذلك أنه فى الظروف العادية، وفى أى دولة محترمة، فإن القضاء حين يقرر أمرا كذلك الذى صدر بمنع الأمريكيين المتهمين من السفر، فإن واشنطون لا تستطيع وليس لها أن تطلب إلغاء القرار وتسفيرهم. وإذا تجرأت على ذلك، فإن الرد الطبيعى يكون بالاعتذار عن الاستجابة للطلب. ودعوة الإدارة الأمريكية إلى احترام قوانين وسيادة البلد، لكن ذلك لم يحدث فى مصر، الأمر الذى يستدعى بقوة السؤال: لماذا؟
 
ردى السريع أن مصر التى قزَّمها النظام السابق وبدد عناصر قوتها وقلص دورها فى العالم العربى  ناهيك عن الساحة الدولية ــ لم تعد قادرة على أن تقول لا لواشنطن، وهذا اعتراف مفجع يتعين الإقرار به. وإذا ما قررت يوما أن تتحدى وقالت لا. فينبغى أن تكون مستعدة لدفع ثمن ذلك الموقف، والعسكريون بوجه أخص هم أكثر الناس إدراكا لهذه الحقيقة ووعيا بتداعياتها. وهذه مسألة تحتاج إلى بعض الشرح.
 
قبل الشرح أنوه إلى أنه ليس لدىّ أى دفاع عن مسلك السلطة القائمة فى مصر، واعتبر أن التراجع الذى حدث يشكل وصمة فى جبين البلد يجب الخلاص منها. ولكنى أزعم أن الاعتراف بالحقيقة التى أشرت إليها مهم لسبر أغوار المشكلة وتتبع جذورها وفهم ملابساتها. وشأن أى مرض فإن الاعتراف بوجوده والتعرف على طبيعته أولى مراحل العلاج والتعافى.
 
لماذا أقول إن العسكريين هم أدرى الناس بما أشرت إليه واعترفت به؟ ببساطة لأن 1.3 مليار دولار من المعونة الأمريكية التى جرى التلويح بإيقافها يعتمد عليها فى تسليح الجيش المصرى. والاعتماد على التسليح الأمريكى لا يعنى فقط تزويد مصر بصفقات السلاح التى تشمل رشاشات وصواريخ ومدرعات وطائرات وغير ذلك. لكنه يعنى أيضا إحداث انفلات فى الخطط العسكرية والهياكل التنظيمية والتدريب والعقيدة القتالية والتكتيكات الخاصة والعامة وعناوين أخرى كثيرة تتطلب سنوات عدة لتبديلها من منظومة إلى منظومة أخرى مغايرة. وحوار ليس مستحيلا، لكنه يحتاج إلى وقت ليس قصيرا. وقد حثنى خبير عسكرى مخضرم عن أن مصر حين عقدت صفقة الأسلحة التشيكية فى عام 1955، وتحولت إلى السلاح الروسى، فإنها حتى هزيمة 1967 لم تكن قد استوعبت السلاح الجديد. ولم يتحقق ذلك إلا فى عام 73. بعد بذل جهد مكثف استمر طوال السنوات الست السابقة. وللعلم فإن التحول من السلاح الأمريكى إلى غيره، خصوصا إذا تم فى ظل صدام أو تعارض للمصالح لا يحتاج إلى وقت فحسب، ولكنه يتطلب إرادة سياسية مستقلة تضع فى الحسبان ردود الأفعال الإسرائيلية. والصمود فى مواجهة من ذلك القبيل يستلزم توفر قدر كبير من العافية السياسية والاقتصادية، يمكن صاحب القرار من أن يقول للأمريكيين لا وهو مطمئن إلى أنه يقف على أرض صلبة فى الداخل.
 
هذه الخلفية تدعونا إلى طرح السؤال التالى: هل يستطيع المجلس العسكرى فى ظروف مصر الراهنة أن يقول لا للأمريكيين، وهل هو مستعد لدفع «فاتورة» مثل هذه الممانعة المسكونة بالتمرد والتحدى؟
 
لن أجيب من عندى، ولكن واقعة استجابة المجلس العسكرى السريعة للضغط الأمريكى تقول لنا بما لا يدع مجالا للشك إن المجلس لم يستطع أن يقول لا، ووجد نفسه مدفوعا إلى تجاوز بعض الخطوط الحمراء المتعلقة باحترام قرار القضاء واستحقاقات السيادة الوطنية. وهذا اعتراف مر، يتعين الإشارة إليه لاستخلاص العبرة مما جرى.
 
(3)
 
أحفظ عبارات حماسية كثيرة تناسب المقام وهتافات مجلجلة تهز الفضاء وأبياتا من الشعر تستنفر الحجر يمكن أن تطلق لإلهاب المشاعر وتعزيز روح التحدى فى مواجهة كل المستكبرين، لكننى أعرف أن النِّزال فى السياسة له شروط، أولها وضوح الهدف، وثانيها توفر الإرادة، وثالثها الأخذ بأسباب القوة التى يستلزمها تحقيق ذلك الهدف. بكلام آخر فإن الرغبة لا تكفى بحد ذاتها، ولكنها إذا لم تقترن بالقدرة فإنها تظل حلما يحلق فى الآفاق ويداعب الخيال، فى حين يتعذر تنزيله على الأرض.
 
مرة أخرى: لست فى مقام الدفاع عن المجلس العسكرى، الذى تورط فى عدة أخطاء طوال السنة الماضية أشرت إليها فى حينها، كما أخذت عليه سوء إدارته لأزمة المنظمات الأهلية. لكننى أزعم أن خياراته كانت محدودة للغاية فى تعامله مع الضغط الأمريكى، الأمر الذى أدى إلى هزيمتنا فى تلك الموقعة. وأزعم أن استثمار تلك الهزيمة فى سحب الثقة من الحكومة الراهنة لا يخلو من تسرع وسوء تقدير. بل أذهب فى ذلك إلى أن أية حكومة أخرى إخوانية أو ائتلافية إذا واجهت ذات الموقف فإنها لن تفعل أكثر مما فعله المجلس العسكرى، حتى إذا اختلفت طريقة الإخراج، أعنى أنها ستكون مخيرة بين الاستجابة للضغوط أو تحديها والدخول فى مواجهة معقدة وغير مأمونة العاقبة ضد الإدارة الأمريكية.
 
أدرى أن الضرورة إلى الاستجابة للضغوط الأمريكية أشبه بتجرع السم، لذلك لا أجد مناصا من الإلحاح على إعداد العدة لتثبيت الصمود وتعزيز الممانعة تحسبا لما هو قادم، لأن الإصرار على الاستقلال الوطنى يستصحب مواجهة حتمية يوما ما، سياسية أو غير سياسية مع كل الضغوط الخارجية، ولئن كانت الاستجابة التى حدثت بمثابة خسارة جولة، فإن الإعداد وتقوية العود لاستعادة العافية تعد ضمانا للفوز فى المواجهة فى نهاية المطاف.
 
(4)
 
إذا أيقظتنا الصدمة ونبهتنا إلى أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط فى أن جهة القرار فى الأزمة التى مررنا بها انحازت إلى جانب الموقف الغلط، ولكن الأخطر من ذلك أنها لم يكن بمقدورها حتى إذا رغبت أن تتبنى القرار الصحيح، فستكون تلك نقطة إيجابية لا ريب. وإذا ما حدث ذلك فإننا نكون قد حولنا الأزمة إلى فرصة، تفتح أعيننا على أن مصر يجب أن تعطى الأولوية لتحقيق استقلال إرادتها، وأنها لن تستطيع أن تحقق ذلك إلا إذا استعادت عافيتها السياسية والاقتصادية عند الحد الأدنى.
 
صحيح أننا لا نعرف شيئا عن الالتزامات والتعهدات التى قدمها النظام السابق للدول المهتمة بالشأن المصرى، بالتالى فإننا لا نعرف شيئا عن القيود التى يمكن أن تحد من حرية حركة النظام المصرى. إلا أننا نعرف أيضا أن الإجماع الوطنى إذا تحقق وأن الإرادة السياسية إذا توفرت، فما من قوة على الأرض تستطيع أن تقهرها.
 
إن جهدنا فى الوقت الراهن ينبغى أن ينصب على إعادة ترتيب الأولويات، بما يحقق أوسع نطاق ممكن من الإجماع والاحتشاد للقوى الوطنية، من أجل أن تسترد مصر عافيتها السياسية والاقتصادية. لكى تمارس الاستقلال الحقيقى الذى يمكنها من أن تقول لا لكل من يريد أن يلوى ذراعها ويخضعها لسياسته.
 
إن إدانة الذين ارتكبوا الخطأ مهمة سياسيا وأخلاقيا، لكن الأهم من ذلك هو تحصين الإرادة المصرية بمقومات العافية التى تحول دون تكرار الخطأ مرة أخرى، وهى الخطوة الأهم استراتيجيا وتاريخيا. ولا أعرف متى تفيق القوى السياسية إلى هذه الحقيقة، متخلية فى ذلك عن حساباتها الخاصة وطموحاتها المتعجلة. أما مسألة استعادة العافية فهى تحتاج إلى بعض التفصيل الذى أرجئوه إلى حديث آخر.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 261 مشاهدة

 

 الإثنين 5 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الشروق / بقلم : فهمي هويدي                     ما أن يلتقى المواطن المصرى بالشيخ سلطان القاسمى حاكم إمارة الشارقة فإنه لا يسأله فقط عما يجرى فى مصر. من ميدان التحرير إلى «هويس» إسنا، مرورا بميدانى الأربعين فى السويس والقائد إبراهيم فى الإسكندرية، وإنما يستعيد معه شريط ذكريات الستينيات التى قضاها فى البلد أثناء التحاقه بكلية الزراعة. من مقاهى شبرا إلى مطاعم الدقى وتجربته مع حارس العمارة التى سكنها الذى أقرضه يوما ما وأستاذه فى كلية الزراعة الذى احتضنه حتى أنساه أهله، على حد تعبيره. 

ذلك كله كامن فى خلفية الرجل الذى عرف مصر على حقيقتها، ولم يتخل عن وفائه لها حتى أصبح أحد «الناشطين» فى الحياة الثقافية المصرية، بإسهاماته العديدة، فى مساندة اتحاد الكتاب وإقامة مقر جديد لكل من دار الكتب والوثائق والجمعية التاريخية إضافة إلى تكفله بنفقات بناء وتجديد مكتبة كلية الزراعة ومعاملها. وتمثل أحدث إسهام له على ذلك الصعيد فى تعهده بإعادة بناء مقر المجمع العلمى المصرى الذى احترق، وإهدائه نسخة لديه من كتاب «وصف مصر» الذى كتبه مؤرخو الحملة الفرنسية فى القرن التاسع عشر. ولا ينسى أحد كلماته التى بثها التليفزيون حين أعلن عن إسهامه فى إعادة بناء المجمع العلمى وقال فيها إنه لا يمكن أن ينسى جمائل مصر التى احتضنت الجميع ورعتهم وعلمتهم. وكان مدرسوها هم من أوائل الذى حملوا شعلة المعرفة والتنوير فى منطقة الخليج. ولا تسأل عن تكلفة إسهاماته تلك، لأنها تجاوزت عشرات الملايين من الجنيهات.
 
حين استمعت إليه فى زيارتى الأخيرة للشارقة وقارنت خطابه ومواقفه بآخرين من النخب سواء فى دولة الإمارات العربية أو فى بقية إمارات الخليج، وجدت أن ثمة فرقا كبيرا فى الخطاب والإدراك، بين مسئول عرف حقيقة مصر وعاش بين أهلها ورآها فى أحد أزمنة حيويتها وعافيتها، وبين آخرين لم يعيشوا فى مصر وإنما ألحقوا بمدارس ومعاهد أوروبا وأمريكا. وأغلب الظن أنهم سمعوا بها فقط وربما شاهدوا بعضا من أفلامها ومسلسلاتها. ولم يصادفوا إلا ممثلين عن مصر المنكسرة والمهزومة. الأولون رأوا مصر التى تقود، والآخرون رأوا مصر التى سلمت قيادها لغيرها. لذلك لم يكن مفاجئا ولا غريبا ان تختلف مواقف الأولين عن الآخرين. وربما كان ذلك أحد أسباب الأزمة التى يعانى منها المصريون الآن فى بعض الدول الخليجية.
 
لست من أنصار توجيه الاتهام إلى الآخرين وإلقاء اللوم عليهم. كما أننى أحسب أنه من غير المروءة أو الشهامة أن يعير الآخرون بما قدمته إليهم مصر يوما ما، ناهيك عن أن ذلك ليس من شيم الكبار الذين ينهضون بمسئولياتهم تجاه غيرهم لأنهم يعتبرون أن مقامهم وريادتهم يقتضيان ذلك. وأزعم أن المشكلة تكمن فى مصر بالدرجة الأولى، إذ بوسعها أن تفرض احترامها على الآخرين باحترامها لشعبها وتقديمها للنموذج الذى يستحق الاحترام. وهو ما لم يحدث خلال العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل، التى تراجع فيها دور مصر بعدما تحولت إلى «سلطنة» تحكم فيها الرئيس السابق وحاشيته وأسرته. وصارت فى نهاية المطاف كنزا لإسرائيل، بعدما كانت رمزا لكبرياء العرب وتجسيدا لضميرهم وحلمهم.
 
إن بعض المسئولين المصريين يستحضرون التاريخ ويعتبرونه مسوغا كافيا لتبؤ مقعد القيادة والريادة. وكان الرئيس الأسبق أنور السادات دائم الإشارة إلى حكاية السبعة آلاف سنة التى هى عمر الحضارة المصرية، غير منتبه إلى أن حضور التاريخ فى النظر الراهن يقاس بمقدار تواصله واستمراره، أما إذا انقطع وانفصل الحاضر عن الماضى، فإن التاريخ يتحول إلى نصوص وروايات يتناقلها الدارسون ولا تبرح خزائن الكتب.
 
وإذ نقدر النخب من أمثال الدكتور سلطان، إلا أننا نعذر الآخرين الذين عرفوا مصر التليفزيونية أو السياسية ولم يعايشوا مصر الحقيقية. وأزعم أن الكرة لاتزال فى «ملعبنا» ــ كما يقال ــ وأكرر أن بوسعنا أن نجعل هؤلاء الآخرين يستعيدون احترامهم للبلد وأهله، وبوسعنا أن نجعلهم يتعاملون مع مصر من منطلق العطف أو الرثاء. وللأسف فإن وسائل الإعلام المصرية تروج لأسوأ ما فى مصر ما بعد الثورة، حين تبالغ فى تصوير ما يجرى، بدافع الإثارة حينا أو لتصفية الحسابات فى أحيان أخرى كثيرة، لذلك فإنها باتت تشكل عنصرا للطرد والتشاؤم، بأكثر من دورها فى الجذب والتفاؤل.
 
لقد قلت ذات مرة إن مصر «إذا مالت هانت» (كان ذلك عنوانا لإحدى مقالاتى قبل الثورة). ولأننا تجاوزنا سنوات الانكسار والهوان فبوسعنا أن نذكر بأنها إذا قامت فسيكون لا شأن آخر، لا أريد أن أتحدث عنه الآن، لأن مصر انتفضت فقط بعد الثورة، ولم يحن أوان قيامتها بعد

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 360 مشاهدة

 

الأحد 4 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة  الشروق / بقلم : فهمي هويدي                                              أحمل رسالة لا تسر الخاطر من المصريين الذين لقيتهم أثناء زيارة سريعة لدولة الإمارات العربية. ذهبت مدعوا من مؤسسة الشارقة للإعلام لحضور منتدى الاتصال الحكومى، لكنى وجدت بانتظارى أعدادا من المصريين الذين أرادوا أن يبلغوا كل من يهمه الأمر فى مصر بأنهم يعيشون الآن «أسوأ أيامهم فى الغربة»، على حد تعبيرهم. ولاحظت أن مضمون الرسالة تكرر على مسامعى فى الشارقة وفى دبى وفى أبوظبى. ومن التفاصيل التى ذكرت أمامى أدركت أن الأغلبية تستشعر حالة من القلق العميق. قلق على الرزق وقلق على الأهل وقلق على الوطن.

قالوا: إذا كنت مصريا فأنت واحد من اثنين إما غير مرغوب فيك أو مشتبه. والأول يحتمل على مضض حتى يتوفر بديل عنه. والثانى يضيق عليه ويتم التخلص منه فى أول فرصة سانحة.
 
طلبت إيضاحا فقيل لى إن تعيين المصريين بالإمارات موقوف فى الوظائف العامة وتأشيرات الزيارة محظورة ونقل الكفالات ممنوع وتجديد العقود أو الإقامات لا يتم إلا بعد المرور على مصفاة الأمن. ولأن الأجهزة الأمنية فى أقطارنا تعتبر أن المواطن متهم إلى أن تثبت العكس. فإن دولة الإمارات ليست استثناء.
 
لذلك فإن عملية التجديد تستغرق وقتا طويلا للتحرى والتثبت. وعادة ما تتم بعد فوات الأوان. وكانت نتيجة هذه الإجراءات أنه تم خلال العام الماضى ترحيل وإنهاء عقود نحو 35 ألف مواطن مصرى مع أسرهم بطبيعة الحال، عما بأنه ليس لأى واحد منهم نشاط سياسى. وقيل لى إن ثمة اتجاها للتصريح بإقامة الازواج دون الزوجات. وهى صيغة مبتكرة «لتطفيش» الأزواج وإجبارهم على ترك البلد والعودة إلى وطنهم، بحيث يتم تقليص وجود المصريين (عددهم الآن حوالى 300 ألف) إلى الحد الأدنى الممكن.
 
هذا الوضع جديد تماما على دولة الإمارات، إذ لم تظهر ملامحه إلا بعد ثورة 25 يناير. ورغم أنه بات معلوما للجميع أن أغلب دول الخليج استقبلت حدث الثورة المصرية بدرجات متفاوتة من الامتعاض والاستياء، إلا أن هذا الموقف انعكس بصورة حادة على بلدين فيما أعلم. هما دولة الإمارات العربية والمملكة السعودية. ولست على إحاطة بحجم الضغوط التى يواجهها المصريون فى السعودية، وإن كان الضغط الاقتصادى واضحا من جانبها. إلا أن الوضع يبدو أكثر حدة فى دولة الإمارات، التى مارست ضغوطها فى أكثر من اتجاه، وبعضها تحول إلى عقاب جماعى بحق المصريين هناك على النحو الذى سبقت الإشارة إليه.
 
لا تزال ذاكرة المخضرمين من المصريين الذين عملوا بدولة الإمارات حافلة بالانطباعات الإيجابية عن الفترة التى سبقت قيام الثورة، خصوصا طوال الفترة التى تولى فيها الشيخ زايد بن سلطان رئاسة الدولة، إلا أنه ليست معروفة على وجه الدقة الظروف التى أدت إلى ذلك التحول الذى أشاع حالة من القلق بين المصريين هناك خصوصا بعد مضاعفة الإجراءات الأمنية بشكل ملحوظ. ولم يكن ذلك وحده المحيزّ فى الأمر، لأن الملاحظ أن الموقف الرسمى المصرى لم يول الأمر حقه من الاهتمام، فهو إما ملتزم بالصمت ومتجاهل لما يجرى، وإما أنه ساع إلى التهدئة التى تصل إلى حد نفى انزال العقاب الجماعى بالمصريين واعتبار أن الإجراءات التى اتخذت وقعت بحق أعداد محدودة ولا تشكل ظاهرة عامة. وهو ما أرجو أن يكون صحيحا. لذلك فإننى أدعو فقط فى الوقت الراهن إلى تحرى الحقيقة والتعرف على حجم الظاهرة ودوافعها. وهو أمر أمنى أن يدرج ضمن أهداف الجولة الخليجية التى يفترض أن يقوم بها ممثلون فى الخارجية المصرية ولجنة الشئون العربية بمجلس اشعب خلال شهر مارس الحالى.
 
إذا كان القلق على الرزق يحتل الأولوية بالنسبة للمصريين فى الإمارات، إلا أن الذين التقيتهم تحدثوا أيضا عن قلقهم على أهليهم فى مصر، خصوصا فى ظل التقارير والبرامج التليفزيونية التى أسهبت وبالغت كثيرا فى تصوير الانفلات الأمنى، وكأن فى مصر «بلطجى» لكل مواطن وعصابة ولخطف أبناء الأثرياء فى كل محافظة. فى هذا الصدد حدثنى كثيرون عن حلقة فى برنامج تليفزيونى للزميل وائل الإبراشى أثارت الموضوع وملأت المصريين هناك بالخوف والجزع. وبسبب هذه الانطباعات فإن أكثر الذين لقيتهم قرروا قضاء عطلة الصيف حيث هم، معتبرين أن فى النزول إلى القاهرة مغامرة ومجازفة ليسوا مضطرين إليها. الأمر الذى دعانى إلى القول إننا أصبحنا بحاجة إلى تشجيع المصريين لقضاء عطلاتهم فى بلدهم، وأن هذه المهمة ينبغى أن تحتل أولوية على الجهد الذى يبذل لجذب السياح الأجانب.
 
أما قلق الجميع على الوطن فهو على كل لسان، حتى إن السؤال إلى أين مصر ذاهبة بات يسبق المصافحة وإلقاء السلام. وكان ردى على من سألنى أن مصر تتقدم ببطء، وأن «جراحة» إسقاط النظام كان لابد لها من فترة نقاهة قبل أن يتم التعافى. ونحن الآن نمر بتلك الفترة التى نرجو ألا تطول.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 242 مشاهدة

 

الأربعاء 7 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الشروق / بقلم : سلامة احمد سلامة                          ما إن فتح الباب لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور حتى اشتعلت المعارك بين الأحزاب، بمجرد انعقاد الجلسة المشتركة لمجلسى الشعب والشورى، واشتد التنافس بينها على تحديد النسب التى يطمع كل حزب أن يكون له الحق فى تمثيلها بلجنة المائة. وتصاعدت المخاوف بين السياسيين والحزبيين وممثلى المجتمع المدنى من سيطرة الأغلبيات البرلمانية على تشكيل الجمعية التأسيسية واستئثارها بنسب كبيرة من أعضائها داخل اللجنة. 

وقد بدا من المناقشات الأولية التى دارت وكأنها معركة بين الوحوش لتقسيم الغنائم.. وكأن الجمعية التأسيسية سوف تذهب فى تشكيلها إلى فصيل واحد هو ممثلو التيار الدينى. وهو ما دفع الأحزاب السياسية الأخرى إلى المسارعة بتقديم مقترحات تعطى لنفسها فيها نسبا عالية من التمثيل. حيث اقترح حزب الحرية والعدالة تشكيل التأسيسية من 40٪ داخل البرلمان و60٪ من خارجه، بينما أصر حزب النور السلفى على 60٪ من داخل البرلمان وأقسم ألا يغير مبادئه من أجل السياسة!
 
ولكن معركة المائة ــ كما أطلق عليها البعض ــ أغرت العديدين من الشخصيات السياسية الذين استبدت بهم النعرة إلى طرح أسماء لشخصيات عامة من وحى اختياراتهم ومزاجهم الخاص، فأعلن أحد قيادات الحرية والعدالة طرح أسماء بعينها لعضوية لجنة صياغة الدستور، ضمت خليطا من الكتاب والصحفيين ونجوم التليفزيون ومحررى الرياضة والفنانين وبعض القضاة ورؤساء الكتل البرلمانية والأحزاب.
 
لا أحد يدرى على وجه التحديد من الذى خول لهذه القيادات أو الشخصيات حق اختيار العناصر الصالحة لكتابة الدستور. ولم يفكر كل الذين سارعوا إلى اقتراح الأسماء بنسب المشاركة فى الجمعية التأسيسية فى تحديد ماهية المعايير التى يجب تطبيقها على الأعضاء المختارين للجنة المائة؟.. ما هى مواصفاتهم ومؤهلاتهم والشروط التى يجب توافرها فيهم للمشاركة فى كتابة الدستور؟ خصوصا أن الدستور يظل وثيقة شبه مقدسة تتسم بالديمومة وتعبر عن احتياجات الشعب دون تهميش لأى فئة. والمفروض ألا يرتبط بأغلبية معينة تحسم كل شىء على هواها.
 
والمؤكد أنه ليس كل الأعضاء المنتخبين أو غير المعينين يصلحون لعضوية لجنة المائة. ويكفى ما نشرته الصحف أخيرا عن النائب البلكيمى عضو الشعب عن حزب النور، الذى ادعى أنه تعرض لاعتداء أدى إلى كسر أنفه وإصابته بارتجاج فى المخ ترتب عليه إجراء عملية تجميل. وكذبته المستشفى التى ادعى أنه أجرى العملية فيها لمعرفة الحقيقة. وقد سمعنا فى برلمانات سابقة عن  نواب الكيف وغيرهم ممن يسيئون استخدام الحصانة لتحقيق مكاسب مادية.. أى أنه ليس كل نائب يصلح للانضمام إلى لجنة المائة.
 
ونحن لا نقول إن هذا المجلس كالذى سبقه. ولكننا نعتقد كما طالب بذلك متخصصون كثيرون بأن تكون أغلبية «تأسيسية الدستور» من خارج البرلمان. وأن تكون مهمة التأسيسية هى وضع الضوابط والمعايير الملائمة لعضوية لجنة المائة.
 
وفى هذا نحن نؤيد الرأى الذى أبداه الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بأن الفهم الصحيح للمادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس الماضى تشير بوضوح إلى أن مهمة أعضاء مجلسى الشعب والشورى غير المعينين هى انتخابات الجمعية التأسيسية للدستور لا الترشيح لعضويتها. حيث تنص المادة الدستورية على أن يجتمع أعضاء الشورى والشعب فى اجتماع مشترك لانتخاب جمعية تأسيسية من 100 عضو تضع مشروع الدستور الجديد. ويعرض المشروع خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء.
 
فلسفة وضع الدستور إذن، تقوم على أن يكون واضعوه بعيدين عن أى سلطة من سلطات الدولة الثلاث. وان يعبر عن جميع أطياف الشعب وليس الأغلبية البرلمانية، لأن الأغلبية بطبيعتها مؤقتة. وقد تتغير بعد أربع سنوات.
 
ولابد للذين يضعون الدستور أن تكون لهم خلفية قانونية.. مهنية أو شعبية أو نقابية أو دينية. وعلى درجة كافية من التعليم.
 
هذه الضوابط والمعايير يضعها الأعضاء المنتخبون من الشعب والشورى، ولا تترك كتابة الدستور سداحا مداحا لآراء واختيارات فردية من هنا وهناك. أو من حزب بعينه يملك الأغلبية. وإلا وجدنا أنفسنا أمام دستور مهلهل غير صالح على المدى الطويل!

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 249 مشاهدة

 

 السبت 3 مارس 2012 - 8:10 ص بتوقيت القاهرة  ---- الشروق / بقلم : فهمي هويدي ---- ---- يستحق التحية والإكبار رئيس محكمة جنايات القاهرة ــ المستشار محمود شكرى ــ لأنه أعلن تنحى المحكمة عن نظر قضية التمويل الأجنبى المتهم فيها بعض الأمريكيين الذين منعتهم المحكمة من السفر. وبشجاعة قال فى قرار التنحى إن ما دفعه إلى ذلك أنه تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس محكمة الاستئناف دعاه إلى إلغاء القرار الخاص بالأمريكيين. وهو ما اعتبره تدخلا فى صلاحياته ومساسا باستقلاله، رفضه من جانبه. 

الخبر الذى نشرته «الشروق» يوم الخميس الماضى (الأول من مارس) يمكن أن يقرأ من أكثر من زاوية. فهو من ناحية يستدعى ملف المنظمات الأهلية والتمويل الأجنبى لها. ومن ناحية ثانية فإنه يسلط الضوء على حجم الضغوط والتدخلات الأمريكية الفجّة فى الشأن المصرى إلى الحد الذى دفع الإدارة الأمريكية إلى إرسال طائرة حربية إلى القاهرة تولت نقل الأمريكيين الممنوعين من السفر، اطمئنانا إلى أن قرار المنع سيلغى بعد الاتفاق مع السلطات المعنية فى مصر. من ناحية ثالثة فإن الواقعة جاءت كاشفة عن أن الإدارة الأمريكية تعتبر أن الذى تغير فى مصر بعد الثورة هو الحاكم فقط وليس الحكم. فالمبعوثون الأمريكيون الذين جاءوا إلى مصر مؤخرا ونصحوها بالسماح للأمريكيين المتهمين بمغادرة البلاد اعتبروا أن نصائحهم «ملزمة»، ولم يخيب المجلس العسكرى ظنهم للأسف الشديد. من ناحية رابعة فإننا يمكن أن نقرأ الحدث باعتباره كاشفا أيضا عن أن أسلوب العمل داخل الجهاز الحكومى وداخل وزارة العدل ذاتها لم يختلف كثيرا عما كان عليه الحال قبل الثورة. إذ لا شك أن رئس محكمة الاستئناف المستشار عبدالمعز إبراهيم لم يتطوع بالاتصال الهاتفى مع رئيس محكمة الجنايات المستشار محمود شكرى، ولكن الأول تلقى «توجيها» بذلك من سلطات أعلى. وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن خلفية مثل هذه الاتصالات وما إذا كانت حدثت فى قضايا أخرى أم لا.
 
ثمة كلام كثير يمكن أن يقال فى كل واحدة من تلك الزوايا، لكننى أفضل التركيز هذه المرة على موقف المستشار محمود شكرى وأمثاله من القضاة الشرفاء الذين يدافعون عن استقلالهم ونزاهتهم فى صمت. فى حين لم يسمع بهم أحد، لم تجذبهم أضواء الفضائيات ولم يركضوا وراء النشر الصحفى، ولم تفتنهم الألقاب المجانية التى حولت كل من انضم إلى أحد الدكاكين السياسية أو أجاد الثرثرة إلى «فقيه دستورى» يفتى فى كل أمور الدنيا.
 
إن موقف المستشار شكرى الذى لا أشك فى أنه أحرج كل الذين يتربعون على مقاعد السلطة فى الحكومة والمجلس العسكرى، يسلط الضوء على أولئك القضاة الشجعان الذين يؤمنون برسالتهم ويعتزون بمهنتهم ويرفضون أى مساس باستقلالهم هم قماشة أخرى مختلفة عن أولئك الذين تحولوا إلى خدم للسلطان وترزية للقوانين ومزورين للانتخابات، وغيرهم ممن نالوا من الحظوة والثراء ما نالوا، فكسبوا الكثير وخسروا أنفسهم. ولست أشك فى أن أولئك الشرفاء كانوا موجودين طوال الوقت، لكن الرياح كانت تميل لصالح غيرهم. إلا أن ريح الثورة حين هبت فإنها أتاحت لنا أن نرى تلك النماذج التى قبعت طويلا فى الظل.
 
النموذج الذى قدمه لنا المستشار محمود شكرى، يستدعى إلى الذاكرة نموذجا آخر لنفر من الدبلوماسيين الشرفاء المجهولين (حوالى 300)، الذين أصدروا لأول مرة بيانا شجاعا لم ينل حقه من الاهتمام الإعلامى فى شهر نوفمبر من العام الماضى، وفيه عبروا عن إدانتهم واستهوالهم للعنف الذى مارسه المجلس العسكرى بحق المتظاهرين.
 
حدث إصدار البيان كان قنبلة سياسية قوبلت بصمت مدو. ولكن ما جرى بعد إصداره لم يكن أقل إثارة. لأن ممثلا لإحدى الجهات الأمنية اتصل بمسئول فى الخارجية وطلب أرقام هواتف الأشخاص الذين أعدوا البيان، فرفض الأخير أن يستجيب له وطلب منه أن يوجه خطابا رسميا بذلك إلى الوزارة. ولم يكتف بذلك. وإنما روى ما وقع على موقعه فى شبكة التواصل الاجتماعى، وكان رد الفعل مدهشا، إذ انهالت عليه رسائل زملائه الذين أعلنوا عن أسمائهم وأرقام هواتفهم فى تحد شجاع للجهاز الأمنى الذى أراد أن يخيفهم.
 
إن بعض أهل السلطة لا يريدون أن يقتنعوا بأن ثورة حدثت فى مصر، وأن زمن الخوف قد ولى، أما الذين يصرون على أن الثورة انتهت أو سرقت، فإننى أدعوهم إلى خلع النظارة السوداء من على أعينهم. ولست أشك فى أنهم سيغيرون رأيهم إذا طالعوا قرار المستشار محمود شكرى وبيان الدبلوماسيين الشجعان لكى يطمئنوا إلى أن جذوة الثورة لم تنطفئ.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 380 مشاهدة

الخميس 1 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة ---- 
الشروق / بقلم : فهمي هويدي ----------  المعلومة التى تلقاها الجهاز الأمنى تحدثت عن وجود سلاح فى إحدى خيام ميدان التحرير. فى اليوم التالى دخل إلى الخيمة اثنان من «الأطباء»، وبعد أن عرَّفا نفسيهما تحدثا مع الجالسين وفحصا بأعينهما المكان جيدا، لم يلاحظا وجودا لأى سلاح، لكن أحدهما وقعت عيناه على لفافة «بانجو» فى ركن جانبى. وتبادل النظرات مع واحد من الجالسين غمز بإحدى عينيه ورسم ابتسامة عريضة على وجهه. وبعد خروجهما أبلغا الجهاز الأمنى بأن المعلومة غير صحيحة. ويوم السبت الماضى نشرت جريدة الأهرام أن اشتباكا وقع بين مجموعة من البلطجية الذين اتخذوا من الميدان سكنا لهم وبين عدد من أصحاب المحال التجارية الذين انقطع رزقهم طوال العام الماضى. وهو خبر تكرر أكثر من مرة فى الآونة الأخيرة. وكنت قد قمت بجولة فى الميدان بمناسبة مرور عام على الثورة فهالنى ما رأيت. فقلت لمن كان معى أن هذه أنفس نهاية لأنبل مكان فى الذاكرة المصرية المعاصرة. لم أصدق عيناى حين شاهدت الفوضى والقذارة وازدحام الباعة الجائلين. ولم تحتمل أذناى أصوات مكبرات الصوت التى تبث الأغانى الهابطة. وأحزننى أننى لمحت طفلين نائمين بجوار أحد الجدران، وقد انكمشا والتصق جسدهما فى محاولة للاحتماء من البرد. وقفت مذهولا أمام أحد الباعة وقد انتحى جانبا وأقام «نصبة» لبيع الشاى وسط نصف دائرة من الكراسى المصنوعة من البلاستيك، وحول الركن إلى مقهى. وحين لمحنا الرجل دعانا إلى الجلوس، وحاول إغراءنا قائلا إن لديه «نارجيلة» للزبائن «المحترمين». ثم أضاف مازحا وغامزا أنه يضمن لنا أن نقضى وقتا ونحن فى أعلى درجات «الانبساط». وحينذاك همس صاحبى فى أذنى قائلا إن الرجل يتاجر أيضا فى المخدرات!
ما استغربت له أيضا أن ذلك كله يحدث فى الميدان الذى جرى تشويه جدران المبانى المطلة عليه، فى حين لم أر أثرا للدولة فيه، لا شرطة ولا عمال للبلدية، حتى بدا وأن الميدان لم يعد جزءا من جمهورية مصر العربية، وأن أيام مجده التى عشناها أصبحت جزءا من  تاريخ غابر لزمن ولَّى وأُمَّة خَلَت.
قيل لى إن بعض أهالى ضحايا الثورة لايزالون معتصمين بالميدان، لكننى لم أستطع أن أستدل عليهم، أغلب الظن لأن مظاهر الفوضى العارمة استأثرت بالانتباه.
غادرت المكان مغتما وسيل من الأسئلة الحائرة يرن فى أذنى. لماذا أهين الميدان وابتذل إلى هذه الدرجة؟ وهل تركه بهذه الصورة البشعة وغياب الشرطة والبلدية عنه مجرد إهمال أم أنه مقصود لتنفير الناس واستفزازهم؟ وهل للثورة المضادة يد فى الإبقاء عليه بحالته تلك؟ وأين الثوار «وائتلافاتهم» ولماذا لا يحاولون الدفاع عن كرامة الميدان وصورته المشرقة التى أضاءت وجدان الشعب المصرى. بل الشعوب العربية كلها؟ وأين من هذا المنظر غيرة المحبين لهذا البلد والمدافعين عن قيمه الإيجابية ورموزه النبيلة؟
قبل أسابيع قررت الحكومة اليونانية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية التى أوصلتها إلى شفا الإفلاس، أن تسمح باستخدام الآثار القديمة فى النشاط الخاص، أملا فى أن يوفر ذلك للدولة موارد تمكنها من التخفيف من وطأة الأزمة الخانقة، إلا أن المثقفين شنوا حملة ضد قرار الحكومة، واتهموها بالتفريط فى شرف بلادهم و«مقدساتها» التاريخية. واعتبروا تلك الآثار من «الثوابت» الوطنية التى لا ينبغى المساس بها أو ابتذالها تحت أى ظرف. كأنما رفعوا شعار تجوع الحرة ولا تهين تاريخها الذى هو جزء من عِرْضها.
تمثلت هذه الخلفية وقلت: ألم يعد ميدان التحرير بعد الثورة رمزاً لحيوية الشعب المصرى وعزته؟ وألم يعد علامة فارقة فى تاريخ هذا البلد. يستحق أن نجلَّه ونحوله إلى أيقونة محاطة بمشاعر التقدير والاحترام، بدلا من أن يصبح رمزا للعبث والفوضى والقذارة؟
لا أستطيع أن أحسن الظن بترك الميدان وغياب الدولة عنه. وأزعم أن سكوت أجهزة السلطة أيا كانت دوافعها فى ذلك، لا ينبغى أن يقابل بسكوت مماثل من جانب الثوار وكل القوى الوطنية فى مصر. على الأقل فمطلوب من الآخرين أن يقوموا بفرز المنتسبين للثورة أو ضحايا حوادثها، عن البلطجية والعاطلين وتجار المخدرات.
إننا نريد أن نحتفظ برمزية الميدان اعتزازا بثورة المصريين واحتراما للذاكرة الوطنية، ولا نتمنى أن يصبح مصير ميدان التحرير مماثلا لما انتهت إليه قناة التحرير!

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 252 مشاهدة

 

الأربعاء 29 فبراير 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة ---- الشروق / بقلم : فهمي هويدي ----  ليس كل توافق مفرحا بالضرورة، لكنه قد يكون مفزعا أو مفجعا. فحين نعرف أن السناتور جون ماكين زار نائب المرشد العام للإخوان المسلمين المهندس خيرت الشاطر، وأن الأول خرج منشرحا من اللقاء بعد التوافق فى وجهات النظر بين الرجلين، فذلك ــ إذا صح ــ ينبغى أن يحيرنا ويزعجنا، لأننا نفترض أن الرجلين على طرفى نقيض، وحين ينتهيان من الجلوس سويا فنتوقع أن يخرج أحدهما مكفهر  الوجه والثانى مقطب الجبين، أما إذا خرج أحدهما مبتسما والآخر ليس فى قسمات وجهه ما يدل على الانشراح، فسنفهم أن الأول حقق ما أراده والثانى خرج مكسور الجناح. (أرجو ألا يخطر على بالك أن ماكين هو الذى خرج مكسور الجناح). 

إننا نفهم مثلا أن الموضوع الرئيسى الذى تعنى به الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط هو تأييد إسرائيل. ولا يحتاج الأمر إلى رجل صهيونى الهوى مثل السناتور ماكين لكى يعبر عن ذلك الموقف الذى يعد من «الأصول» فى السياسة الأمريكية، ولكن حين يكون ماكين هو الزائر أو المتحدث فإنه بتطرفه المعهود لن يكون صهيونيا عاديا، ولكنه صهيونى «أصولى» أقرب إلى المستوطنين. وحين يجتمع هذا الرجل مع قيادى فى جماعة الإخوان المسلمين، التى اشترك أعضاؤها فى حرب فلسطين واستشهد مئات منهم فى معركتهم ضد العصابات الصهيونية فى الأربعينيات. وهى ذاتها الجماعة التى يفترض أن تعد حركة حماس فى غزة فرعا عنها، حين يلتقى هذان الرجلان فالمتوقع أن يشتبكا مع بعضهما البعض إن لم يتضاربا ثم ينتقل الاثنان إلى أقرب مستشفى لتضميد جراحهما. أما أن يخرجا مبتهجين ومبتسمين فذلك أمر يبدو غريبا لأول وهلة. وإذا أحسنا الظن فسنقول إن كلا منهما كذب على الآخر، علما بأن السناتور ماكين ليس مضطرا إلى الكذب. أما إذا اسأنا الظن فسنقول إن نائب مرشد الإخوان سلم للرجل بما يريد وطمأنه إلى أن «حكومة الإخوان» لن تسبب أى أزعاج لا للأمريكان ولا للإسرائيليين. وهو ما أتمنى ألا يكون صحيحا.
 
بعض ما جرى فى مصر  تكرر فى تونس التى زارها السناتور ماكين يوم الخميس الماضى (23/2) واستقبله رئيس الحكومة السيد حمادى الجبالى واحتضنه بحرارة، وحين ظهرت الصورة على شاشات التليفزيون فإن صحف المعارضة انتقدت الجبالى الذى كان أمينا عاما لحزب النهضة، إذ استغربت واستنكرت حرارة اللقاء بين القيادى الإسلامى وبين السناتور الأمريكى المعروف بانحيازه الشديد لإسرائيل وعدائه المشهود للعرب.
 
مثل هذا التوافق المذموم أجده فى العلاقة بين السيدين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وخالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، ولا أخفى أن الحيرة ذاتها انتابتنى حين قرأت تصريحا على لسان السيد عزام الأحمد، أحد مساعدى أبومازن قال فيه إن الرجلين أصبحا أقرب إلى بعضهما البعض أكثر من أى وقت مضى. ولا أخفى أننى حين وقعت على العنوان كان تعليقى السريع هو: ما الذى جرى لخالد مشعل، وهل يمكن أن تتطابق وجهات نظره مع أبومازن بعد كل الذى جرى وصار؟ ــ ذلك اننى أتصور الرجلين يمثلان مشروعين متعارضين. وقد اختزل ذلك التعارض فى أن التنسيق الأمنى القائم بين أجهزة السلطة فى رام الله وبين الإسرائيليين موجه بالأساس ضد عناصر حركة حماس التى يقودها أبوالوليد وضد نظيرتها حركة الجهاد الإسلامى. وإذا صح ذلك فكيف بالله عليكم تتفق وجهات النظر بين الرجلين بحيث تصل إلى درجة التطابق غير المسبوق؟
 
لا أستبعد أن يكون الكلام المنشور معبرا عما تتمناه الجريدة وليس عما حدث بالفعل. وأفهم أنه فى السياسة لا يكون الأمر عادة خيارا بين الأبيض والأسود، ولكن مقدار الكفاءة السياسية يقاس بالقدرة على التحرك فى المساحة الرمادية، بما لا يؤدى إلى التنازل عن الأصول والأساسيات فى نهاية المطاف، كما  أننى أفهم أن التعاون مع الأطراف المختلفة لا يقتضى بالضرورة اتفاقا فى كل شىء، ولكن ذلك التعاون قد يفرض على الجميع حسن إدارة الخلاف فيما بينهم. بحيث يمكن الاتفاق فيما هو جزئى ومرحلى والاختلاف حول ما هو كلى واستراتيجى.
 
إننا لا نستطيع أن نرحب بأى وفاق قبل أن نعرف مع من بالضبط وفى أى موضوع، ذلك أنه فى بعض الأحوال قد يكون الفراق والشقاق أشرف وأسلم ــ لذا لزم التنويه.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 270 مشاهدة

الثلاثاء 28 فبراير 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة ---- الشروق / بقلم : فهمي هويدي ------- 
أما من نهاية لمسلسل عارنا فى غزة؟.. إذ بعدما اشتركت مصر فى حصارها وغضت الطرف عن اجتياحها، ها هى تشارك الآن فى إظلامها!
(1)
الخبر أن محطة الكهرباء فى غزة توقفت عن العمل فى منتصف شهر فبراير الحالى، الأمر الذى أغرق القطاع فى بحر من الظلام، وغاية ما حققته جهود الإنقاذ التى بذلت أنها بالكاد وفرت التيار الكهربائى لست ساعات فقط فى اليوم. الأمر الذى أعاد بعض الحياة للقطاع، وضاعف من عذابات مليون ونصف المليون فلسطينى أنهكهم الحصار المستمر منذ ست سنوات. ذلك أن انقطاع التيار الكهربائى لفترة تتراوح بين ١٤ و١٦ ساعة يوميا يعنى تعطيل شبكة المياه ومن ثم انقطاعها عن آلاف البيوت، وتعطيل شبكات الصرف الصحى والمجارى والمخابز وتهديد حياة مئات المرضى الذين يعتمد علاجهم على استمرار الكهرباء (100 طفل فى الحضانات و404 من مرضى الفشل الكلوى ونحو سبعين مريضا فى العناية المركزة) ــ فى هذا السياق، أعلن رؤساء بلديات القطاع أن انقطاع التيار الكهربائى يوقف استخدام 200 بئر للمياه و40 مضخة صرف صحى وأربع محطات معالجة مياه الصرف الصحى و10 من محطات التحلية المركزية والمئات من آليات جمع وترحيل النفايات وخدمات المستشفيات.
لا يقف الأمر عند ذلك الحد، لأن الناس بدأوا فى تغيير أوقات نومهم بحيث تتزامن مع ساعات انقطاع التيار الكهربائى، لا سيما طلاب الثانوية العامة والجامعات. حتى عاداتهم الغذائية ونوعية أطعمتهم تم تغييرها بحيث لا تعتمد على الحفظ فى الثلاجات. على صعيد آخر حذر بيان لوزارة الزراعة من احتمالات وقوع كارثة غذائية جراء استمرار انقطاع التيار الكهربائى. لأن السلة الغذائية لسكان القطاع متمثلة فى الزراعة والصيد البحرى والثروة الحيوانية باتت مهددة بالخطر والتوقف العام، خاصة الآبار الزراعية والآلات التشغيلية ومصانع التعليب والفرز، إضافة إلى مزارع الدواجن المختصة بالتفريخ والإنتاج. هذا إلى جانب أن مئات المراكب والسفن البحرية أصبحت تصطف بلا حراك فى ميناء غزة جراء نقص الوقود.
ذلك يحدث فى شتاء قطبى شديد القسوة لم تعرفه غزة منذ ثلاثين سنة، لم تنخفض فيه درجة الحرارة بصورة غير محتملة فحسب، وإنما هطلت فيه الأمطار بغزارة شديدة، الأمر الذى ضاعف من معاناة سكان القطاع، خصوصا أولئك الذين يعيشون فى الخيام ممن دمرت بيوتهم بسبب الاجتياح الإسرائيلى (خمسة آلاف بيت دمرت كليا و20 ألف دمرت بصورة جزئية).
ذلك كله مترتب على توقف أو شح السولار (الديزل). أما المعاناة المترتبة على عدم توفر بنزين السيارات فلها صور أخرى أهمها إصابة حركة النقل فى القطاع بالشلل، وتكدس آلاف السيارات أمام محطات البنزين طول الوقت، انتظارا للمدد والفرج.
(2)
الكهرباء مشكلة فى غزة، لأن الاعتماد فيها على الخارج بصورة رئيسية، خصوصا بعدما تكفل الإسرائيليون بتدمير محطة التوليد الخاصة بالقطاع أثناء الاجتياح الذى تم فى عام 2006. إذ منذ ذلك الحين أصبح للطاقة مصدران من حيويان هما إسرائيل من ناحية ومصر من ناحية ثانية. وحسب تقديرات سلطة الطاقة والموارد الطبيعية فى القطاع فإن تسيير الحياة الطبيعية يتطلب توفير 320 ميجاواط يوميا (الميجا وحدة قياس تعادل مليون واط). وهذه موزعة كالتالى: 120 ميجا من إسرائيل ــ مصر كانت تزود مدينة رفح جزئيا بطاقة إجمالية قدرها 17 ميجا ــ أما محطة التوليد الخاصة بالقطاع فقد كان مقدرا لها ــ قبل تدميرها ــ أن تزود القطاع بما يعادل 140 ميجا، ولكنها لم تعمل بطاقتها. وبالكاد كانت تنتج ما يعادل 70 أو 80 ميجا. وخلال السنوات الخمس الأخيرة تطور الأمر على النحو التالى، كما يقول المهندس كنعان عبيد رئيس سلطة الطاقة فى غزة:
● فى الفترة بين عامى 2007 و2009 كانت محطة التوليد تعمل بصورة جزئية بعد توريد الوقود الصناعى لها من معبر أبوسالم بطاقة لم تتجاوز 60 ميجاواط، وكان الاتحاد الأوروبى هو الذى يدفع لإسرائىل قيمة الوقود.
● فى نهاية عام 2009 قرر الاتحاد الأوروبى تحويل المبلغ المخصص لتمويل وقود المحطة إلى خزينة وزارة المالية فى رام الله، ولا يعرف بالضبط ملابسات ذلك التحول وان كان المرجح أنه تم بضغوط من جانب السلطة هناك. وبسبب العلاقات المتوترة بين رام الله وحكومة غزة، فقد تراجعت بصورة تدريجية الكميات التى باتت ترسل إلى القطاع، بحيث أصبحت بالكاد تغطى تشغيل مولدين من أربعة بمحطة الكهرباء، ثم أصبحت تشغل مولدا واحدا. وفى بعض الأحيان لم يكن يتم توريد أى وقود للقطاع، الأمر الذى أدى إلى إطفاء المحطة ووقف تشغيلها عدة مرات فى عام 2010 بحجة أنه لا توجد مبالغ لشراء الوقود.
استخدمت رام الله موضوع السولار سلاحا للى ذراع حكومة القطاع، وفشلت محاولات التفاهم حول الموضوع مع حكومة الدكتور فياض، الأمر الذى أدى إلى استمرار الأزمة، بحيث وصل العجز إلى 50٪ بمعنى أن الكهرباء المتوفرة غطت فقط نصف احتياجات الناس.
● فى بداية العام الماضى (2011) أصبح القطاع يعتمد على الوقود المصرى الذى يتم توصيله عبر الانفاق. الأمر الذى أدى إلى تخفيض نسبة العجز بحيث وصلت إلى 32٪. إلا أنه فى نهاية شهر ديسمبر فى العام الماضى بدأ التضييق على توصيل الوقود عبر الانفاق، الأمر الذى أدى إلى إطفاء محطة الكهرباء بالكامل يوم 14 فبراير الحالى، ووصلت نسبة العجز إلى 70٪.
● قبل إطفاء المحطة كان التيار الكهربائى يقطع 8 ساعات فى نهار يوم و8 ساعات مسائية فى اليوم التالى أما اليوم الثالث فقد كان يمضى بلا قطع. بما يعنى أن التيار كان يقطع لمدة 16 ساعة كل ثلاثة أيام. وهو ما اختلف الآن، لأن قطع التيار اليومى أصبح يتراوح بين 14 و16 ساعة حسب الأحوال الجوية فى القطاع.
(3)
الموضوع كله سياسى، وتفوح منه رائحة عدم البراءة من أوله إلى آخره. ذلك أن المحرك الأساسى لكل ما جرى هو أن فى غزة حكومة مغضوب عليها، من رام الله ومن الإسرائيليين ومعهم الأمريكان ومن أنظمة «الاعتدال العربى» ومصر من بينها. ولأن الأمر كذلك فالهدف النهائى هو كيف يمكن إسقاط تلك الحكومة. والأمر لا يقف عند ذلك الحد حيث يفترض أن ينتهى الأمر بإسقاط مشروع المقاومة، حتى إذا كان المظهر الذى بقى منها هو رفض الانصياع لإسرائيل والامتناع عن التنسيق الأمنى معها.
لقد كانت هذه الفكرة وراء توقف الاتحاد الأوروبى عن تغطية قيمة السولار الذى يتم شراؤه من إسرائيل وتحويل تلك المبالغ إلى رام الله، التى استخدمت بدورها للضغط على حكومة القطاع وابتزازها. ولم يعد سرا أن مصر مازالت على موقفها الرافض للتعامل سياسيا مع حكومة حماس، ومازالت تعتبر وجود حماس فى غزة قضية أمنية، لا يتعامل معها سوى رجال المخابرات العامة. وقد رأينا أن رئيس الحكومة السيد إسماعيل هنية قام بجولتين خلال الشهر الأخير زار خلالهما سبع دول واستقبل رسميا على أعلى مستوى فيها جميعا، وفى الرحلتين مر بمصر ولم يستقبله أحد من الرسميين، ولم يتمكن إلا من مقابلة الأمين العام للجامعة العربية وشيخ الأزهر ورئيس مجلس الشعب!
ثمة أسئلة عدة يثيرها المشهد من بينها مثلا: لماذا تم تقليص كميات الوقود التى كانت تصل عبر الانفاق من مليون لتر يوميا إلى ربع مليون؟ وما دلالة حدوث ذلك التراجع مع قدوم الشتاء القارس وماذا وراء التأجيل المستمر للوفاء بالوعود التى قطعها على أنفسهم رجال المخابرات العامة، بتزويد القطاع بما يعادل 30 ميجا بدلا من 17؟ ثم لماذا تتمسك مصر بأن يتم تزويد القطاع بكميات الوقود عبر معبر «كرم أبوسالم» الذى يتحكم فيه الإسرائيليون بحيث يسلم بعد ذلك إلى ممثلى السلطة فى رام الله، فى حين أن الأمر يمكن أن يكون أيسر كثيرا لو تم ذلك عبر رفح؟ علما بأن تحرير الوقود عبر معبر كرم أبوسالم سوف يخضعه للضرائب الإسرائيلية، ثم ضرائب سلطة رام الله، الأمر الذى يعنى رفع أسعاره وزيادة كلفته، بما يحمل المستهلك فى غزة بمزيد من الأعباء بلا مبرر. وليت الأمر وقف عند ذلك الحد، لأن الدلالة السياسية له أخطر. ذلك أن الفلسطينيين فى غزة يريدون أن يتعاملوا مباشرة مع المصريين، لكن الموقف المصرى بحرصه على توصيل الوقود من خلال معبر كرم أبوسالم يقحم إسرائيل فى العلاقة ويحولها إلى وسيط بين المصريين وبين حكومة قطاع غزة. وهو أمر مدهش، حيث لا أظن أن تلك مجرد مصادفة.

تتضاعف الدهشة إذا علمنا بأن ثمة دولا عرضت دفع ثمن الوقود الذى تحتاجه غزة شريطة أن يتم التوصيل من خلال معبر رفح وليس من المعبر الذى تتحكم فيه إسرائيل، علما بأنه معرض للإغلاق فى أى وقت. ومعلوماتى أن هذه الدول أربع هى: الجزائر وليبيا وتركيا وإيران.
(4)
يوم 16 فبراير عقد المجلس التشريعى الفلسطينى اجتماعا على أضواء الشموع، تحدث فيه النائب الأول لرئيس المجلس أحمد بحر مناشدا الدول العربية وعلى رأسها مصر لكى تتدخل بصورة فورية وعاجلة لإنقاذ القطاع من الكارثة التى تتهدده. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية على لسان أحد مسئولى سلطة الطاقة فى قطاع غزة أنه تم تشغيل مولد كهربائى واحد فى محطة توليد الكهرباء بالقطاع بعد تزويدها بكمية محدودة من الوقود الصناعى عبر الأنفاق، وإن الاتصالات مستمرة مع المسئولين المصريين «الذين وعدونا بحل الأشكال، لكننا لا نعرف المشكلة التى تحول دون تزويدها بما نحتاجه من وقود».
لقد قيل لى إن ثمة مشروعا لزيادة الطاقة التشغيلية لمحطة كهرباء سيناء لكى تزود القطاع بحوالى 40 ميجا. وقدرت تكلفة هذه العملية بمليون دولار سيوفرها بنك التنمية الإسلامى فى جدة، إلا أن التنفيذ مرهون بموافقة السلطات المصرية. وثمة مشروع آخر يتكلف 32 مليون دولار لربط فلسطين بشبكة الربط الثمانى التى تضم إلى جانب فلسطين كلا من مصر والأردن والعراق ولبنان وليبيا وتركيا وسوريا. وسيتولى بنك التنمية الإسلامى تغطية هذه التكاليف أيضا. ورغم أن المبلغ معتمد لهذا الغرض منذ عام 2007، إلا أن سلطة رام الله اعترضت عليه حتى لا تستفيد منه حكومة حماس.
المسئولون الفلسطينيون الذين تحدثت إليهم فى الموضوع وآثروا ألا تذكر أسماؤهم حتى لا يثير كلامهم حساسية السلطات المصرية قالوا «إن توقف حكومة رام الله مفهوم، لكن موقف حكومة ما بعد الثورة المصرية مما يجرى فى غزة ليس مفهوما، ذلك أننا أصبحنا نطالب الآن بالموافقة على ما رفضناه فى ظل النظام السابق. فقد رفضنا أن يسافر حجاج غزة من معبر كرم أبوسالم الذى يسيطر عليه الإسرائيليون، ونجحنا فى تسفيرهم من معبر رفح، لكننا نفاجأ الآن بأن علينا أن نتزود بالوقود من مصر من خلال ذلك المعبر، ولا نجد أذنا صاغية حين تقول إننا لا نريد أن نتعامل مع مصر عبر وسيط إسرائيلى».
المحزن فى الأمر أنه فى حين تتعثر محادثات تزويد غزة بالطاقة من مصر، وتخضع لحسابات سياسية معقدة، فإن الغاز المصرى يتم «إهداؤه» إلى إسرائيل بسعر رمزى، لكى ينعم الإسرائيليون بالضوء وبالدفء، بينما أهل غزة يعيشون فى الظلام ويرتجفون من البرد. وتلك لقطة مخزية فى مسلسل العار.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 219 مشاهدة

الإثنين 27 فبراير 2012 - 8:40 ص بتوقيت القاهرة ----الشروق / بقلم   : فهمي هويدي              ماذا يعنى أن يتدخل صاحب قناة فضائية لقطع برنامج تليفزيونى لم يعجبه أثناء بثه على الهواء، ويقرر إلغاء البرنامج وتسريح العاملين فيه وإغلاق المحطة كلها بالضَّبة والمفتاح؟ ردى أنه يعنى عند الحد الأدنى أمرين، أولهما أنه لم يعد هناك فرق كبير بين القناة الفضائية وبين أى محل بقالة أو جزارة أو سباكة. حيث بمقدور «صاحب المحل» إذا تعكر مزاجه لأى سبب أن يفعل ما فعله صاحب القناة. الأمر الثانى أن رأس المال أصبح يتمتع بجرأة غير عادية جعلته يقدم على كل ذلك دون اعتبار لأصول أو أعراف أو قانون.
لا أتحدث عن حالة افتراضية، لكنى أعنى حالات تواترت فى محيط القنوات الخاصة المصرية. حتى كادت تصبح ظاهرة تستحق الوقوف أمامها. فقد تابعنا خلال الأشهر الأخيرة قصصا اختلفت تفاصيلها ونهاياتها، لكن القاسم المشترك الأعظم بينها تمثل فى أن أصحاب رءوس الأموال أصبحوا يتدخلون فى أعمال مقدمى البرامج. ويطلبون منهم الحذف والإضافة، ويعاقبون الرافضين للانصياع بالإيقاف المؤقت أو الإقصاء الدائم، فى الوقت ذاته فإن أولئك الإعلاميين لا يجدون حماية من أى جهة.
 
أحدث واقعة من ذلك القبيل شهدتها قناة «مودرن حرية»، التى كان أحد العاملين فيها يقدم برنامجه «محطة مصر». وطبقا لما نشرته الصحف فإن صاحب القناة لم يسترح إلى المادة التى جرى بثها فى إحدى الحلقات، فتدخل لإيقاف البث أثناء الإرسال على الهواء، وحدث بعد ذلك ما سبقت الإشارة إليه. ولم يكن أمام مقدم البرنامج وفريق العمل معه سوى اللجوء إلى الاعتصام احتجاجا على ما جرى وانتهى بإغلاق المحطة. ونشرت صحف الجمعة الماضية (22/2) صورهم أثناء الاعتصام، الذى قرأنا أن آخرين تضامنوا معهم فيه، منهم ممثلون عن جبهة الإبداع المصرى والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
 
تعدد تدخلات أصحاب القنوات يثير قضيتين رئيستين هما:
 
< حالة الفوضى الإعلامية التى سمحت لكل من حصِّل مالا لا نعرف مصدره أن يؤسس قناة فضائية وأحيانا عدة قنوات، لكى يسهم فى تشكيل أو تشويه الرأى العام. وبحيث يكون الشرط الوحيد لاستمراره هو مجاملة المجلس العسكرى والحكومة، الأمر الذى أعادنا إلى أجواء الخطوط الحمراء والأبقار المقدسة، التى لا يجوز الاقتراب منها أو الاشتباك معها. ولأن الباب ينفتح على مصراعيه إذا ما تم تجنب ذلك المحظور، فإننا شهدنا زحفا مقلقا من جانب بعض الأثرياء لتأسيس الفضائيات. ولأن هؤلاء أصحاب مصالح بالدرجة الأولى، فإنهم اعتبروا الفضائيات مصدرا جديدا للقوة يخدم مصالحهم أو يؤمنها. من ثم فإن الاستمرار أصبح مطلبا أساسيا وهدفا فى حد ذاته. ولأن مجاملة السلطة وعدم انتقادها هو الضامن الحقيقى للاستمرار، فقد باتت مفهومة الأسباب التى تدعو أصحاب القنوات إلى إقصاء أى مذيع أو مقدم برامج «يجرؤ» على انتقاد السلطة. ومن شأن ذلك المناخ أن يؤدى إلى توحش أصحاب القنوات وإطلاق أيديهم فى الحظر والتأديب، كما أن من شأنه تضييق مساحة حرية التعبير، والعودة بنا إلى تقاليد وأساليب النظام السابق.
 
هذه الفوضى تحتاج إلى ضبط، يوقف التغول من جانب أصحاب رءوس الأموال ويضع شروطا لتأسيس القنوات وحدودا لنفوذ رأس المال المساهم فيها. إذ ليس مفهوما مثلا أن يشترط فى إصدار الصحف ألا يملك الفرد أكثر من 10٪ من قيمة رأس المال فى حين يتم إسقاط هذا الشرط فيما يتعلق بالتليفزيون والإذاعة. فى هذا الصدد قرأت اقتراحا جيدا يستحق الدراسة للخبير الإعلامى الأستاذ السيد الغضبان فى جريدة الوفد (23/2) دعا فيه إلى إنشاء مجلس وطنى للإعلام يتولى تنظيم العملية ووضع حد للفوضى ضارية الإطناب فيها.
 
< القضية الأخرى المهمة هى أنه لا يوجد أى تنظيم نقابى يحمى العاملين فى الإذاعة والتليفزيون فيدافع عنهم ويتظلم من القرارات المجحفة بحقوقهم. ذلك أنه فى غياب ذلك التشكيل النقابى فإن أصحاب القنوات أصبحوا لا يترددون فى الإطاحة بالعاملين فيها، وهم مطمئنون أنهم بلا ظهر يحميهم. لذلك فقد أصبح ضروريا تمكينهم من تأسيس تنظيم نقابى شأنهم فى ذلك شأن أى مهنة محترمة أخرى.
 
لا أشك فى أن أهل الاختصاص فى ذلك المجال لديهم أفكار أخرى ربما كانت أفضل مما سبق، ولذلك ينبغى أن يستمع إليهم، لأننا لا نريد انفلاتا إعلاميا يضارع الانفلات الأمنى.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 196 مشاهدة
نشرت فى 2 مارس 2012 بواسطة TAHAGIBBA

الأحد 26 فبراير 2012 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة ----الشروق / بقلم : فهمي هويدي ----  حين وصفت الصحفيين الغربيين الذين قتلهم النظام السورى فى حمص فيما كتبته أمس بأنهم «شهداء الحقيقة»، فإن ذلك أثار استياء البعض الذين تساءلوا غاضبين: كيف يمكن أن تصفهم بأنهم «شهداء» رغم أنهم «كفار» لا يدينون بدين الإسلام؟. كان بوسعى أن أتجاهل الملاحظة. إلا أننى وجدتها جديرة بالتوقف، لسبب جوهرى هو أن رمى الآخرين بالكفر أصبح شائعا ليس فقط فى أوساط المتدينين، ولكن فى محيط غيرهم أيضا. ذلك أن المتدينين الذين يصرون على رمى العلمانيين بالكفر بالله، يقابلهم على الطرف الآخر علمانيون يتهمون المتدينين بالكفر بالديمقراطية. والنتيجة واحدة، فى الدنيا على الأقل، هى اغتيال الآخر وإقصاؤه، إما بإخراجه من الملة أو بإخراجه من السياسة. 
لست فى مقام الفتوى فى المسألة، رغم أننى لا أخفى استياء من الذين يسارعون إلى تكفير الآخرين دون اعذار أو نظر إلى فضائلهم التى يقدمونها لمحيطهم وللإنسانية. من ثم يغلقون فى وجوههم أبواب عدل الله ورحمته، لكننى أحتكم إلى فتوى فى الموضوع للشيخ محمود شلتوت، الإمام الأكبر، تضمنها كتابه الذى طبعته دار الشروق تحت عنوان «الإسلام عقيدة وشريعة» (ص 19)، إذ أورد تحت عنوان «الحد الفاصل بين الإسلام والكفر» ما نصه: «من لم يؤمن بوجود الله، أو لم يؤمن بوحدانيته وتنزهه عن المشابهة والحلول والاتحاد، أو لم يؤمن بتفرده بتدبير الكون والتصرف فيه، واستحقاق العبادة والتقديس، واستباح عبادة مخلوق ما من المخلوقات، أو لم يؤمن بأن لله رسالات إلى خلقه، بعث بها رسله، وأنزل بها كتبه عن طريق ملائكته، أو لم يؤمن بما تضمنته الكتب من الرسل، أو فرق بين الرسل فآمن بالبعض وكفر بالبعض، أو لم يؤمن بأن الحياة الدنيا تفنى ويعقبها دار أخرى هى دار الجزاء ودار الإقامة الأبدية، بل اعتقد أن الحياة الدنيا حياة دائمة لا تنقطع، أو اعتقد أنها تفنى فناء دائما لا بعث بعده، ولا حساب ولا جزاء، أو لم يؤمن بأن أصول شرع الله فيما حرم وفيما أوجب، هى دينه الذى يجب أن يتبع، فحرم من تلقاء نفسه ما رأى تحريمه، وأوجب من تلقاء نفسه ما رأى وجوبه..
 
من لم يؤمن بجانب من هذه الجوانب أو حلقة من هذه الحلقات لا يكون مسلما، ولا تجرى عليه أحكام المسلمين فيما بينهم وبين الله، وفيما بينهم بعضهم وبعض، وليس معنى هذا أن من لم يؤمن بشىء من ذلك يكون كافرا عند الله، يخلد فى النار، وإنما معناه أنه لا تجرى عليه فى الدنيا أحكام الإسلام، فلا يطالب بما فرضه الله على المسلمين من العبادات، ولا يمنع مما حرمه الإسلام كشرب الخمر وأكل الخنزير والاتجار بهما، ولا يغسله المسلمون إذا مات ولا يصلون عليه، ولا يرثه قريبه المسلم فى ماله، كما لا يرث هو قريبه المسلم إذا مات.
 
أما الحكم بكفره عند الله فهو يتوقف على أن يكون إنكاره لتلك العقائد أو لشىء منها ــ بعد أن بلغته على وجهها الصحيح، واقتنع بها فيما بينه وبين نفسه، ولكنه أبى أن يعتنقها ويشهد بها عنادا واستكبارا، أو طمعا فى مال زائل أو جاه زائف، أو خوفا من لوم فاسد، فإذا لم تبلغه تلك العقائد، أو بلغته بصورة منفرة أو صورة صحيحة ولم يكن من أهل النظر أو كان من أهل النظر ولكن لم يوفق إليها. وظل ينظر ويفكر طلبا للحق حتى أدركه الموت أثناء نظره، فإنه لا يكون كافرا يستحق الخلود فى النار عند الله.
 
من هنا كانت الشعوب النائية التى لم تصل إليها عقيدة الإسلام، أو وصلت إليها بصورة سيئة منفرة، أو لم يفقهوا حجته مع اجتهادهم فى بحثها، بمنجاة من العقاب الأخروى للكافرين، ولا يطلق عليهم اسم الكفر؛ إذ الشرك الذى جاء فى القرآن أن الله لا يغفره، هو الشرك الناشئ عن العناد والاستكبار، الذى قال الله فى أصحابه «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا» ــ (الآية 14 من سورة النمل) ــ ما رأيكم دام فضلكم؟

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 308 مشاهدة
نشرت فى 26 فبراير 2012 بواسطة TAHAGIBBA

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

716,298

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته