الاخبار والسياسة في مصر والعالم العربي والعالمي

edit

         قال  حمدى القاضى، رئيس قرية البضائع بمطار القاهرة الدولى، إن كميات الذهب التى يتم جلبها من منجم السكرى بمرسى علم البحر الأحمر لتصديرها إلى كندا بهدف تنقيتها لا تعود إلى ميناء القاهرة الجوى مرة أخرى.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع" أنه خلال الفترة الماضية خرجت كميات كبيرة من الذهب الخام عن طريق الجو إلى كندا لتنقيتها ودمغها بالدمغة العالمية، لكنها لم تدخل البلاد عن الطريق الجو، كما لم يتم الإعلان عن عودتها مرة أخرى للبلاد عن طريق الموانى البرية أو البحرية. 
وأضاف أنه رغم صدور قرار بحظر تصدير الذهب المصرى، إلا أن القرار تم إلغاؤه مرة أخرى وعادت الأمور إلى طبيعتها، وكل ما يلزم شحنات الذهب للخروج من البلاد هو موافقة مصلحة الدمغة والموازين، وهيئة الثروة المعدنية بوزارة البترول، وهو ما تم بالفعل على جميع الشحنات التى خرجت من مطار القاهرة الدولى عن طريق قرية البضائع. 
يشار إلى أن شحنات كبيرة ومتعددة خرجت من ميناء القاهرة الجوى بشكل دورى على مدار الشهور الماضية كان من بينها شحنة بوزن 503 كيلو، تبعها شحنة أخرى بوزن 400 كيلو، وتم شحنهم مباشرة إلى كندا عبر الخطوط الجوية الفرنسية، وغيرها من الشحنات بأحجام متقاربة.                            تعليق علي الموضوع من طه جبه                     يبدو من الموضوع أن الشعب المصري هو الذي يدمغ علي قفاه أين مليارات الدولارات من أنتاج الذهب المصري المستخرج من منجم السكري والذي يقدر في عام وثلاث أشهر بما يقارب تسعة أطنان من خام الذهب الخالص والتي يقال أن ثمنها يفوق أنتاج البترول وقناة السويس والسياحة معا خلال نفس الفترة الزمنيه المحددة    ؟؟؟؟  أريد أن أعرف أين الحقيقه من مسؤلي الحكومه المصرية  !!!!!  

                                                                                           اعلن المهندس يوسف الراجحي مدير عام الشركة‮ ‬الفرعونية صاحبة امتياز استغلال مناجم ذهب السكري بالصحراء الشرقية ان الشركة‮  ‬صدرت ‮٧ ‬اطنان من خام الذهب منذ بدء عمليات التصدير في يناير ‮٠١٠٢ . ‬وان انتاج الشركة سيتضاعف قبل نهاية هذا العام بعد اتمام مرحلة التطوير الرابعة‮.‬
وقال الراجحي ان الشركة انفقت قرابة ‮٠٠٤ ‬مليون دولار حتي الان لبناء
المناجم واقامة منطقة صناعية وعمرانية في قلب الصحراء الشرقية التي تزخر بانواع واعدة من الثروات المعدنية وعلي رأسها الذهب واوضح ان حجم الاستخراج حاليا بلغ‮ ٠٥٢ ‬الف اوقية سنويا سيتم مضاعفتها الي ‮٠٠٥ ‬الف اوقية خلال عدة اشهر‮ . ‬واضاف يوسف الراجحي في تصريحات ل‮ »‬الاخبار‮« ‬ان مناجم السكري تعد واحدة من اهم عشرة مناجم علي مستوي العالم لانتاج الذهب ومع ذلك فهي ليست الاكبر بالنسبة لمصر حيث توجد بالصحراء الشرقية فرص واعدة لاكتشافات اكبر بشرط اصدار قانون تنجيم حديث وعصري يعالج المشاكل التي يسببها القانون المعمول به والذي لايشجع الاستثمار‮.. ‬واكد ان التنجيم واستثمار الثروة المعدنية في مصر كفيل بأن يحقق لها اكثر مما تحققه قناة السويس والسياحة والبترول معا‮.‬
وحول الاتهامات التي تداولتها الصحف عن استغلال المنجم في تهريبا اموال عدد من المسئولين الفاسدين ورجال اعمال من رموز النظام السابق اكد يوسف الراجحي عدم صحة كل ما تم نشره في هذا الصدد واعلن انه تقدم ببلاغ‮ ‬الي النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يطلب التحقيق معه في الاتهامات الجزافية التي تنشرها الصحف حول استغلال عمليات تصدير الذهب‮  ‬في‮ ‬غسيل الاموال او تهريبها خارج مصر‮.‬

وقال الراجحي ان لديه مستندات توضح سلامة وقانونية موقف المنجم وانه لم يرتكب اية ممارسات مخالفة وان كل جرام تم تصديره خرج من مصر بشكل رسمي بعد موافقة مصلحة الدفعة والموازين وهيئة المساحة الجيولوجية‮. ‬كما ان كل ماتم بيعه تم ايداع حصيلته في حساب بنكي تحت اشراف البنك المركزي المصري‮. ‬وانتقد مدير المنجم متابعة الصحافة لانشطته وقال انه يقوم بتصدير الخامات المستخدمة الي كندا لتنقيتها الي نسبة ‮٩٩٩‬٪‮ ‬كل ‮٠١ ‬ايام تقريبا وكلما تم تصدير شحنة خرج‮  ‬من يدعي ان هذا تهريب يتم لصالح رجال اعمال علي‮ ‬غير الحقيقة رغم انه يتم بشكل رسمي عبر مصلحة الجمارك وحول الكيان الاقتصادي للمنجم اوضح ان الشركة الفرعونية وفرت فرص عمل مباشرة لاكثر من ‮٠٠٠١ ‬عامل وفني الي جانب ‮٠٠٠٣ ‬فرصة عمل اخري‮ ‬غير مباشرة وكلهم‮  ‬يتقاضون رواتب مرتفعة نظرا لان نشاط التنجيم له طبيعة خاصة وهو جديد في مصر الي جانب اقامة فرصة عمل ل ‮٢١ ‬شركة مقاولات تعمل حاليا في الموقع لاكمال عمليات التطوير لتصبح بذلك هي الشركة الوحيدة التي تعمل بجد في مجال استخراج الذهب في مصر‮. ‬واشار ان شقيقه د‮. ‬سامي الراجحي وهو مصري الاصل استرالي الجنسية بدأ هذا النشاط في استراليا التي تضم اكثر من ‮٠٠١ ‬منجم للذهب ولكن‮  ‬بكميات اقل من منجم السكري‮ . ‬واوضح ان شركته ستسترد‮  ‬بنهاية هذا العام كل ماانفقته علي تطوير المنجم وانه سدد للخزينة المصرية حتي الان ‮٢.١ ‬مليار جنيه كايرادات يمكن ان تزيد بعد التطوير وشدد الراجحي علي ان جيل السكري ليس هو افضل اماكن استخراج الذهب في الصحراء الشرقية وان هناك اكثر من ‮٠٣ ‬او ‮٠٤ ‬موقعا يمكن ان تقدم لمصر اكثر مما يقدمه منجم السكري بشرط تشجيع المستثمرين الاجانب وتعديل قانون التنجيم الحالي وهو هدف كبير يجب ان تعطيه حكومة ثورة ‮٥٢ ‬يناير اعلي اهتمام لزيادة الدخل القومي بل ومضاعفته خلال اعوام قليلة‮.‬                                                                             تعليق علي الموضوع من طه جبه                     يبدو من الموضوع أن الشعب المصري هو الذي يدمغ علي قفاه أين مليارات الدولارات من أنتاج الذهب المصري المستخرج من منجم السكري والذي يقدر في عام وثلاث أشهر بما يقارب تسعة أطنان من خام الذهب الخالص والتي يقال أن ثمنها يفوق أنتاج البترول وقناة السويس والسياحة معا خلال نفس الفترة الزمنيه المحددة    ؟؟؟؟  أريد أن أعرف أين الحقيقه من مسؤلي الحكومه المصرية  !!!!!  

 

 

 

                                                                                                   أدعوا إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط فى مصر. وأقصد به الشحن التعبوى الذى يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت. وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤدى ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا. أدرى أن التعصب أصبح يعشش فى أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسى. ذلك أن بعض الأمور التى يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل فى وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشه قبل مائة عام المؤتمر المصرى (انعقد فى 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسى. 
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهى ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأسانده علم الاجتماع كلام كثير فى هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأننى فى الوقت الراهن معنى بأمرين أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها فى سبب واحد أو فئة دون أخرى. وثانيهما وهو الأهم هو التصدى لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق فى حياتهم.
 
تتعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التى تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقسس عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
 
أدرى أننا لن نستطيع فى الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها فى متناول أيدينا من ناحية ثانية، أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التى تصدر عن الدعاة المسلمين سواء فى مواعظهم أو فى القنوات الفضائية التى تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شىء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا فى الفضاء الثقافى أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسئولون عن ذلك التجاوز.
 
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التى تسهم بدور كبير فى التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض فى داخل الكنائس فى هذا الصدد. وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية فى تعميم الكراهية، وتسهم فى تشكيل إدراك يؤسس للمفاضلة ورفض العيش المشترك. مع فارق جوهرى هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية. حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسى. أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعنى أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدى لهذا الموضوع ينبغى أن يتم على مستويين على الأقل، الأول يتمثل فى الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين، والثانى بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائى الذى يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
 
سوف ادهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزى للمحاسبات تطبيقا للقانون الذى تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
 
لست أشك فى أن جهودا ينبغى أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذى نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة. وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية فى ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل فى متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسى واسع النطاق لإنجازها.

 

 

  • Currently 6/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 221 مشاهدة

 

 

                                                                                                   يوما بعد يوم نكتشف أننا نتعرض لحملة تشويش وبلبلة قد نفهم مقاصدها لكن الله وحده أعلم ببواعثها. آية ذلك مثلا أننا عشنا طوال الأسبوعين الأخيرين فصول قصة هدم كنيسة الماريناب بمحافظة أسوان التى كانت ذريعة لمظاهرة الأحد الدامى (9/11) وانتهت بفاجعة قتل 25 شخصا وأصابت أكثر من مائتين. وبعد كل ذلك تبين أن الكنيسة لم تهدم، وأن بعض الشباب هدموا قبة لها تجاوزت الارتفاع القانونى المقرر كما ذكرت صحيفتا أخبار اليوم والوفد. وهو ما أشرت إليه فى سياق التدليل على أن الانفعال ذهب بالناس بعيدا فى إساءة الظن، إلا أنه تبين لاحقا أننا كنا ضحية معلومات مغلوطة، وأن ثمة تلاعبا فى تراخيص البناء، حيث لم تكن هناك كنيسة أصلا فى المكان. 
هذا الذى تكشف أخيرا لم يكن «كلام جرايد»، ولكنها معلومات وردت فى بيان نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بأسوان المستشار حسين عبده، نشرته صحف الاثنين 19/10. خلاصة البيان أو أهم نقطة فيه أن كاهنا بكنيسة ادفو، اسمه مكاريوس بولس مجلع، تقدم بطلب إلى الوحدة المحلية لمجلس مدينة ادفو لإجراء المعاينة اللازمة لترميم كنيسة رئيس الملائكة الجليل ميخائيل بقرية «خور الزق» التابعة لمدينة الرديسية التى تقع شرق النيل على مسافة 35 كيلومترا من مدينة ادفو. وقد قامت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية بعمل المعاينة اللازمة واستجابت لطلبه حيث قررت هدم الكنيسة بالكامل وإجراء إحلال كلى لها، لكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئا. ذلك أن التراخيص والموافقات الصادرة لإحلال مبنى كنيسة «خور الزق» فى شرق النيل استخدمت لإنشاء كنيسة أخرى فى الماريناب التى تقع غرب النيل، على أنقاض منزل قديم يملكه مواطن اسمه معوض يوسف معوض. وتبين أن هذا التحايل فى استخدام التراخيص تم بواسطة بعض الموظفين العاملين بالوحدة المحلية فى مركز ادفو، وقد صدرت ايصالات تركيب عداد الكهرباء والمياه باسم الشخص مالك العقار المسجل فى مستندات الجمعية الزراعية كمسكن وليس مضيفة أو دار عبادة.
 
بقية القصة معروفة، وهى أن شكاوى قدمت بخصوص الموضوع إلى محافظ أسوان الذى أحال الأمر للنيابة العامة للتحقيق، وخلاله تكشفت تفاصيل التلاعب فى التراخيص والمستندات، فصدر قرار إزالة ما كان مخالفا للقانون. وأحدث هذا القرار أصداءه التى استخدمت فى تفجير الغضب أمام ماسبيرو مما أدى إلى وقوع الكارثة. يحتمل الأمر تساؤلا من قبيل: لماذا اضطر كاهن كنيسة إدفو إلى التلاعب بالمستندات والالتفاف على القانون لإقامة كنيسة فى الماريناب؟ وهل كان سيستجاب للرجل إذا اتبع الطريق القانونى فى مطلب إقامة كنيسة لسكان القرية من الأقباط (40 أسرة قبطية وسط 50 ألف مسلم)؟ وإذا كان مقتضى القانون أن يصدر قرار بإزالة المخالفة، فهل كان يمكن أن يعامل الأمر بأسلوب آخر يضع فى الاعتبار حساسية المرحلة ودقة الموقف السياسى؟ وهل يقبل أن يقوم الأهالى من جانبهم بإزالة المخالفة؟
 
هذه كلها أسئلة مشروعة، لكنها ينبغى ألا تغيب حقيقة أن التلاعب فى الأوراق والتصاريح هو الذى جر جميع التداعيات اللاحقة خصوصا المسيرة التى لاتزال ظروف اطلاقها محاطة بغموض محير، لا نستبين منه إلا أمرين: الأول أن ما جرى فى القاهرة كانت أسبابه فى العاصمة وليس فى الماريناب، الثانى أن الأمر لم يخل من عمد وترتيب لا نستطيع أن نفترض البراءة فيه، بدليل ما آلت إليه الأمور بعد ذلك.
 
بالمثل فإننا لا نستطيع أن نفترض البراءة فى الترويج لخبر وصورة إلقاء أربع جثث لضحايا مظاهرة ماسبيرو فى النيل. وهو الخبر الذى روعنا وأفزعتنا الصورة التى نشرت معه. ثم تبين أنه خبر مكذوب ومدسوس. حين كشف أحد المدونين أن الصورة نشرت قبل ثلاث سنوات فى صحيفة «الرياض» السعودية لشخص غرق فى أحد الوديان التى غمرتها المياه بالمملكة. وكان موقعا أطلقه بعض المتعصبين قد نشر الخبر والصورة. إسهاما منهم فى تأجيج المشاعر الغاضبة جراء ما جرى فى ماسبيرو، كأن مقتل 25 شخصا لم يكن فيه الكفاية. والتقطت الصورة إحدى صحف الإثارة فأبرزتها، الأمر الذى أدى إلى إشاعة الخبر ونقل الصورة فى العديد من مواقع التواصل الاجتماعى.
 
اللافت للنظر أنه بعد انفضاح أمر الكذبة فإن الموقع المذكور سحب الخبر والصورة، أما الصحيفة فقد تجاهلت الفضيحة والتزمت الصمت، ولم تكلف خاطرها أن تعتذر للقارئ عن الورطة التى وقعت فيها.
 
إن الهرج الذى يسود الساحة المصرية والتوتر المخيم على مختلف الأطراف، إذا انضافت إليهما السموم التى يبثها المتعصبون، ذلك كله يمكن أن يشكل «خلطة» تفسد أجواء الربيع الذى بشرتنا الثورة به، وهى أكبر هدية يقدمها الأبالسة الذين يحركون تلك الأحداث إلى أركان الثورة المضادة.

 

 

  • Currently 14/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
4 تصويتات / 149 مشاهدة

 

 

                                                                                                   إشارات تسخين الأجواء تتجمع فى الفضاء العربى، بما يفتح الأبواب لاحتمالات تفجير المنطقة. لكن مصير «الربيع» سيظل مرهونا بمدى نجاح مصر وتونس فى اجتياز الاختبار الديمقراطى. 
 (1) 
موضوع التسخين هو سوريا، التى تشهد انتفاضة شعبية لم تتوقف منذ سبعة أشهر، وفشل النظام فى إخمادها طوال هذه المدة، الأمر الذى جعل الحالة السورية نموذجا للاستعصاء، الذى لا يرى له حل سلمى فى الافق المنظور، أما الإشارات التى أتحدث عنها فتتمثل فيما يلى:
 
الاجتماع الطارئ الذى عقده وزراء الخارجية العرب يوم الأحد 16/10 بناء على طلب دول مجلس التعاون الخليجى لبحث تطورات الأزمة السورية بعدما دخل نزيف الدم هناك شهره الثامن. ودعا الوزراء الحكومة السورية إلى إجراء حوار المعارضة خلال أسبوعين قبل اتخاذ أىة إجراءات أخرى، ترددت من بينها تعليق عضوية سوريا فى الجامعة العربية وكانت الدول الخليجية قد سحبت سفراءها من دمشق، ودعت دول الجامعة العربية إلى اتخاذ موقف مناسب من النظام السورى، على غرار الموقف الذى اتخذه مجلس الجامعة من قبل، حين قرر تعليق عضوية ليبيا ثم دعا إلى فرض حظر جوى لحماية المدنيين، الأمر الذى مهد للتدخلات العسكرية الدولية التى تبناها حلف الأطلنطى واستهدفت الإطاحة بحكم القذافى.
 
وكان مجلس الجامعة قد ناقش قبل أسابيع اقتراحا مماثلا بخصوص سوريا تقدمت به أربع دول هى السعودية والإمارات وقطر والأردن، لكنه لم يصدر قرار فى هذا الصدد.
 
● تشكيل المجلس الوطنى الانتقالى الذى توحدت فيه المعارضة السورية الداعية إلى إسقاط نظام الرئيس الأسد. ورفض المجلس لفكرة التدخل الدولى، مع تأييده للمطالبة بالحماية الدولية للمدنيين، إعمالا لمبدأ التدخل الإنسانى الذى أقرته الأمم المتحدة، الذى جرى الاحتجاج به فى الحالة الليبية. علما بأن مطالب التدخل الدولى لحماية المدنيين كان شعارا رفعته بعض مظاهرات الداخل فى الاسبوعين الآخيرين، إزاء استمرار مسلسل القتل والاعتقال والتعذيب الذى طال جميع المعارضين.
 
● التوتر الحاصل مع تركيا على الحدود الشمالية لسوريا (910 كيلو مترات) الذى طال العلاقات التجارية الحيوية بين البلدين. والحديث التركى عن مناورات عسكرية وفكرة إقامة منقطة عازلة لحماية اللاجئين على الأراضى السورية. والتلويحات السورية بإعادة فتح ملف لواء الإسكندرون. الذى ضم إلى تركيا بعد الحرب العالمية الثانية وطوى صفحة الرئيس بشار الأسد حين تولى السلطة فى عام 2002، ثمة تلويحات سورية أيضا باستثمار علاقات النظام التاريخية بحزب العمال الكردستانى الذى يحتمى قادته بالأراضى السورية فى حين يقود التمرد ضد الحكومة التركية مطالبا بالحكم الذاتى وملوحا بالانفصال.
 
● محاولة إرباك إيران وإشغالها عن مساندتها الراهنة للنظام السورى.. انطلاقا من التحالف الإستراتيجى بين دمشق وطهران. وهذه المساندة تجاوزت حدود دعم النظام فى الداخل، وإنما شملت أيضا التحركات التى شملتها منطقة الخليج مؤخرا، وطبقا لما سربته المصادر الموالية فى بيروت فإن طهران أبلغت بعض دول الخليج (الإمارات العربية بوجه أخص) بأن النظام السورى خط أحمر، وأن تعرضه للخطر سيؤدى إلى إشعال منطقة الخليج بأكملها (الشرق الأوسط 15/6).
 
● أخيرا فجرت واشنطن قضية محاولة أحد الإيرانيين إجراء اتصالات لاغتيال السفير السعودى لدى الولايات المتحدة، وكرى النفخ فى هذه العملية إلى حد الحديث عن نقل الموضوع إلى مجلس الأمن، وباحتمال القيام بعمل عسكرى ضد إيران بسببها. ورغم غرابة القصة، فثمة تحليل يرجعها إلى أحد احتمالين، الأول إرباك إيران وإشعارها بالخطر على نحو يضطرها إلى الكف عن مساندة النظام السورى لمواجهة التهديد الذى تتعرض له طهران بسببها. أما الثانى فهو توريط سوريا فى «المؤامرة» واتهامها بأنها وراء العملية، الأمر الذى يزيد من الضغط الدولى عليها، ويدفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار بتأييد اتخاذ إجراء مشدد جديد ضد دمشق.
 
 (2) 
يمثل النموذج السورى حالة متفردة فى الربيع العربى، بوسعنا أن نقول إنه بمثابة الوجه الرابع لذلك الربيع، الذى كانت ثورتا تونس ومصر موجته الأولى. ففى البلدين خرجت الجماهير فى مظاهرات سلمية عارمة، فاجأت الجميع فى الداخل والخارج. وهذه المظاهرات إما وقف الجيش منها موقفا محايدا (تونس) أو أنه انضم إليها وأيدها (مصر). ولم يحتمل النظام وقع المفاجأة فانهار خلال أيام معدودة. ونجحت الثورة على النظامين.
 
الحالة الليبية نموذج آخر. إذ انتفض جزء من الوطن فى بنى غازى وبعد أن تم تحرير ذلك الجزء، وبمساندة من حلف الناتو. زحف الثوار نحو بقية أجزاء الوطن حتى حرروا العاصمة وأسقطوا النظام فيها. إلا أن القذافى لم يستسلم فغادر العاصمة إلى الجنوب حيث احتمى بقبيلته وحلفائها، وبالقوات التى وضعها تحت قيادة أبنائه. ولايزال الثوار يطاردونه ويسقطون معاقله واحدا تلو الآخر.
 
حالة اليمن قدمت نموذجا ثالثا لأن الثورة التى خرجت إلى الشارع مؤيدة بقطاعات عريضة من الجماهير تحدت النظام لكنها لم تسقط بعد. وهو لا يزال يعتمد فى استمراره على عدة عوامل منها: العنصر القبلى الذى ينتمى إليه الرئيس على عبدالله صالح، وأغلب الجيش والقوات الخاصة التى يقودها ابنه وأقاربه، ومنها المساندة السعودية والخليجية التى لم ترغب فى أن يتم التغيير ومن خلال الثورة.
 
الحالة السورية تعد نموذجا رابعا. تميز بتماسك النظام بمختلف أجهزته ومؤسساته فى مواجهة ثورة الجماهير. كما أنه اعتمد منذ اللحظة الأولى على المساندة الإيرانية فى الخبرات والأدوات. فضلا عن أن البيئة الإقليمية والدولية أيضا تعاملت بحذر مع النظام بسبب ارتباطه بالخرائط المحيطة وتأثر تلك الخرائط بمصيره. ذلك أن سقوطه ستكون له تأثيراته المباشرة على الوضع فى لبنان والعلاقة مع إيران، وبدائله لابد أن يكون لها صداها فى العراق والأردن وتركيا وربما إسرائيل أيضا.
 
ثمة قواسم مشتركة بين مسار الأحداث فى تلك الدول، منها مثلا أن الذى ثار هو، الجماهير العريضة ولم تقم بهذه الثورات أية قوة انقلابية مما اعتدناه فى السابق. منها أيضا أنها جميعا بدأت ثورات سلمية وطالبت بالإصلاحات التى تحقق لها الحرية وتعيد إليها كرامتها المهدرة، ولكن بعضها دفع دفعا إلى اللجوء للقوة (كما فى الحالة الليبية)، إلا أنها جميعا قوبلت بالعناد والاستعلاء، الأمر الذى أصابها باليأس من الإصلاح واضطرها إلى المطالبة بإسقاط النظام، ولئن كان لكل ثورة صداها غير المباشر فى المحيط العربى، إلا أن سوريا كانت استثناء، حيث تفردت بتداعياتها المباشرة على محيطها الإقليمى. وهذه التداعيات الإقليمية أضفت بعدا آخر على الاستعصاء السورى. لأنه إذا تساوت سوريا مع اليمن فى احتمالات الحرب الأهلية، (إذا وقعت لا قدر الله ستكون طائفية بين العلويين والسنة فى الأولى وقبلية فى الثانية)، إلا أن سقوط نظام صنعاء سيظل صداه داخل حدود الدولة، أما سقوط نظام دمشق فإن صداه الإقليمى سيكون مدويا.
 
 (3) 
أمام الاستعصاء السورى ثلاثة سيناريوهات. الأول أن يتمكن النظام من احتواء الأزمة واجتيازها. وهو الاحتمال الذى كان واردا من خلال السياسة فى البداية، إلا أن النظام انحاز إلى الخيار الأمنى وآثرت السلطة أن تقمع المعارضين وتسحقهم بدلا من أن تتجاوب معهم وتستجيب لأشواقهم. لكن من الواضح أن ذلك الخيار الأخير لم يحقق نجاحا حتى الآن، بدليل استمرار ثورة الجماهير لسبعة أشهر رغم الترويع والقسوة المفرطة، إلا أن نفاد صبر الجماهير التى لم تعد تحتمل استمرار استبداد النظام وإذلاله لها، إضافة إلى غزارة الدم الذى يراق كل يوم والتضامن الأخلاقى واسع النطاق مع الانتفاضة، ذلك كله عزز صمود الشعب السورى وزاد من إصراره على استعادة حريته.
 
هذا الإصرار من الجانبين يرشح المواجهة للاستمرار لفترة قد تتراوح بين سنة وسنة ونصف، فى تقدير الخبرا، إلا حدث طرأ على المشهد خياران آخران هما:
 
● انشقاق الجيش وانفراط عقده، ذلك أن استمرار أجهزة الأمن فى التعامل مع المظاهرات بالرصاص الحى، من خلال الشبيحة والقناصة من شأنه أن يستثير عناصر الجيش. فالأولون مدربون على القتل ويمارسونه منذ أربعة عقود جيلا بعد جيل. لكن وضع الجيش مختلف وتوريطه فى القتل اليومى للجماهير لا يخلو من مغامرة. وفى رأى البعض فإنه إذا كان قادة الأجهزة الأمنية وقواعدها أغلبهم من طائفة العلويين الحاكمة، فإن وضع الجيش مختلف. ذلك أن نسبة غير قليلة من الرتب الوسيطة وأغلب قواعده من أهل السنة. وقد لاحت بوادر ذلك الانشقاق فعلا حيث تمرد بعض الجنود فى درعا ومدينة الرستن بحمص وفى بانياس، مما دفع أجهزة الأمن إلى تصفيتهم. وبعد ذلك ظهرت الانشقاقات بين الضباط الذين ذكرت وكالات الأنباء أنهم شكلوا نواة لما سموه جيش سوريا الحر. إلا أن تلك الانشقاقات لا يبدو أن بمقدورها إحداث تغير جذرى يهدد النظام. ولذلك يصعب المراهنة عليها فى الأجل المنظور.
 
● الاحتمال الثانى أو السيناريو الثالث يتمثل فى التدخل الدولى  الذى تلوح بعض مقترحات فى الوقت الراهن، ورغم أن فرنسا تدفع بشدة فى ذلك الاتجاه، بالتنسيق مع واشنطن بطبيعة الحال، كما أن روسيا على رأس الدول التى تقاومه، وهى التى تعتبر سوريا آخر موطئ قدم لها من منطقة الشرق الأوسط، إلا أن المخاطر الإقليمية التى يمكن أن تترتب على ذلك السيناريو تجعل الأطراف المختلفة حذرة تلك الخطوة. وعلى ذلك يراهن النظام السورى فى الأغلب.
 
 (4) 
 
أدرى أن الجماهير العربية فى كل مكان قد علا صوتها وكسرت حاجز الخوف، يشهد بذلك ثباتها فى الشارع العربى طوال الأشهر الماضية، منذ تفجرت الثورة فى تونس ومصر. لكن التحدى الكبير والذى تواجهه هو كيف تحول الربيع من نسمة عابرة تنعشنا وترفع معنوياتنا، إلى واقع حى نعيشه وليس فقط نتنفس عطره. وهذا الأمل معقود فى الوقت الراهن على هذين البلدين وبقدر نجاحهما فى الاختبار الديمقراطى بقدر ما يكرم الإنسان العربى أو يهان.

 

هذه الخلفية تكاد تحاصر الربيع العربى فى بلدين اثنين هما مصر وتونس. رغم أن الدول الكبرى تحاول اختراق الوضع المستجد واحتواءه، ففرنسا حاضرة بقوة فى تونس كما أن الولايات المتحدة لها حضورها المماثل فى مصر، إلا أن ذلك ليس نهاية المطاف. فالبلدان مقبلان على انتخابات ديمقراطية هذا العام يفترض أن تعبر لأول مرة عن صوت الجماهير وتطلعاتها. وتلك بحد ذاتها خطوة إلى الأمام توفر طاقة أمل فى تجسيد الربيع المنشود على أرض الواقع بل أزعم أن نجاح البلدين فى هذه الجولة لن يقتصر أثره على حدودهما فحسب، وإنما سيكون له صداه الإيجابى فى المحيط العربى كله.

 

  • Currently 24/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 363 مشاهدة

 

نغوين فقدت بريق ملامح وجهها الجميلة وأصبحت كعجوز في الخمسين  

 

                                                                                                                  اكتشف علماء وباحثون أوروبيون حالة مرضية نادرة أصيبت بها شابة فى العشرين من عمرها جعلتها تبدو فى الخمسين فى غضون أيام ، حيث ظهرت آثار الشيخوخة على نغوين ثى فونج (23 عاما) فور تناولها لوجبة من المأكولات البحرية والتى اتضح بعد ذلك أنها تعانى من حساسية شديدة تجاهها مماعرضها لتلك الحالة الغريبة. 
وقال الباحثون أن "نغوين" بدأت تفقد بريق ملامح وجهها الجميلة وبدت ملامح الشباب تتلاشى شيئا فشيئا حتى اختفت وأصبحت كعجوز فى الخمسين ، وبدأ جسمها فى الترهل وذلك بسبب حساسيتها من المأكولات البحرية التى تناولتها والتى سببت لها ذلك العرض الغريب.
 
وأشار الباحثون إلى أن "نغوين" أصيبت بمتلازمة نادرة تسببت فى تفكك الأنسجة الدهنية تحت طبقات الجلد والتى أدت إلى لترهل شديد فى جميع أجزاء جلدها وظهور علامات الشيخوخة على وجهها بصورة متقدمة.. لافتين إلى أن تلك المتلازمة نادرة للغاية ويصاب بها فقط حوالى ألفى شخص من بين سبعة مليار نسمة على مستوى العالم

 

 

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 211 مشاهدة

                                                                                               هل وقعنا فى فخ نصب لنا؟ وهل تصبح موقعة ماسبيرو لغزا يضاف إلى قائمة الوقائع التى صدمتنا أثناء ثورة 25 يناير ولم نعرف لها مصدرا حتى الآن، مثل القناصة الذين كدنا نقتنع بأنهم هبطوا من السماء، والآمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذى لايزال شبحا معدوم الهوية. 
لقد قيل لنا إن المسلمين هدموا كنيسة فى قرية الماريناب بمحافظة أسوان وأجبروا الأقباط على انزال الصليب من فوقها، وان جموع المسلمين شرعوا فى هدم بقية كنائس المحافظة، وذاعت الأخبار بسرعة البرق فى أرجاء مصر وخارجها، الأمر الذى وتر أجواء البلد وأثار الأقباط، ودفعهم إلى الإعلان عن خروج مسيرة احتجاجية لتوصيل رسالة الغضب إلى مقر التليفزيون فى ماسبيرو. وهى المسيرة السلمية التى انطلقت بعد ظهر الأحد 9/10، وانتهت بالفاجعة التى تحدثت بها الركبان، وأدت إلى قتل 25 مواطنا وإصابة أكثر من مائتين. كما أنها أحدثت جرحا عميقا وداميا فى الوجدان المصرى، وأصابت بالتصدع علاقة الجيش بالمجتمع والأقباط بوجه أخص. ولاتزال تداعيات الحدث وأصداؤه تترى إلى الآن. كما أن جهود المجلس العسكرى لاحتواء الأزمة واسترضاء الغاضبين وترطيب جوانحهم تتجلى يوما بعد يوم.
 
لاحقا، بعدما وقعت الفأس فى الرأس، بدا أن الأمر فى الماريناب مختلف عما صور لنا فى القاهرة، وأن المشكلة لم تكن هناك، لكنها كانت هنا فى العاصمة. إن شئت الدقة فقل إن المسألة كانت «حبة» فى الماريناب لكنها تحولت ليس فقط إلى «قبة» فى القاهرة، وإنما صارت قنبلة مدوية وشديدة الانفجار.
 
فى 13/10 نشرت صحيفة الوفد كلاما على لسان أسقف أسوان، الأنبا هيدرا، نقلا عن مقطع فيديو بثته قناة «الكرامة» التليفزيونية القبطية، مما قاله الأنبا هيدرا أن الكنيسة المشار إليها كانت فى الأساس عبارة عن بيت قديم مملوك لواحد من الأقباط، تعارف المسيحيون من أهالى القرية على أن يؤدوا فيه صلواتهم وشعائرهم. وبعدما أصبح المبنى متهالكا وآيلا للسقوط، فإن كاهن الكنيسة القمص مكاريوس استغل علاقاته الطيبة بجهاز الإدارة واستخرج رخصة بإحلال وتجديد المكان لتقوم مكانه كنيسة مارجرجس. أزال القمص مكاريوس المبنى القديم وشرع فى إقامة المبنى الجديد، لكنه تجاوز الارتفاعات المقررة، وحينئذ تدخلت الإدارة الهندسية وطلبت منه إزالة الارتفاع غير القانونى، ولم يطلب منه أحد إزالة الكنيسة.
 
ذكر أسقف أسوان أيضا أن أناسا من خارج القرية جاءوا لزيارة أقاربهم فيها أثناء عيد الفطر واستغربوا وجود الكنيسة التى لم يروها من قبل، وبدأوا فى إثارة الأهالى من المسلمين. لكن قوات الأمن استطاعت تهدئة الموقف بحيث لم يتمكن أحد من المساس بمبنى الكنيسة، وكل ما حدث أنه فى أعقاب ذلك طلبت الإدارة الهندسية إزالة الارتفاعات غير القانونية. وظل المبنى الأساسى كما هو.
 
يوم السبت الماضى 15/10 أجرت صحيفة أخبار اليوم استطلاعا حول الموضوع، تضمن حوارا مع محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد. لم تختلف المعلومات المنشورة فى جوهرها عما قاله الأنبا هيدرا. ولكن المحافظ أضاف بعض التفاصيل التى منها أن القرية يعيش فيها 40 أسرة قبطية وسط 50 ألف مسلم. منها أيضا أن راعى الكنيسة حين تجاوز الارتفاع القانونى المصرح به. فإنه بنى أربعة قباب على المنزل الذى ظل يوصف بأنه «مضيفة»، وعندما أثار ذلك انتباه الأهالى فإن الرجل تفهم الموقف وهدم ثلاثا منها. ولكن بعض الشبان ارتكبوا خطأ حين قاموا بهدم القبة الرابعة. وحدث اشتباك مع الأقباط جراء ذلك، أحرقت فيه بعض إطارات الكاوتشوك، فى حين لم تحدث أى أضرار بالمبنى. ولكن تمت السيطرة على الموقف بسرعة، وتم إلقاء القبض على ثمانية من الشبان المسلمين وستة من الأقباط، وأحيل الجميع إلى النيابة العامة التى أطلقت سراحهم بعد التحقيق معهم. وقد عاد الهدوء إلى القرية، لكن الحدث استغل إعلاميا وتم توظيفه فى القاهرة على النحو المأساوى الذى شهده الجميع.
 
إذا صحت هذه المعلومات فهى تشككنا فى دوافع استثمار الحدث لإطلاق تظاهرة القاهرة، مع إقرارنا بخطأ إقدام الشباب المسلم فى الماريناب على هدم القبة الرابعة التى أقيمت بالمخالفة للقانون. الأمر الذى يثير اسئلة كثيرة حول مختلف التداعيات التى حدثت بعد ذلك. وكان كل منها أسوأ من الآخر. إذ بعدما تحولت الحبة إلى قبة وصارت القبة قنبلة انفجرت فى وجوه الجميع، فإنها أصابتنا جميعا بتشوهات حاصرتنا فى الحدث وحجبت عنا رؤية المستقبل. فنسينا شعار الفقراء أولا، وصارت كل المنابر الإعلامية تهتف: قانون العبادة الموحد أولا!

  • Currently 50/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
16 تصويتات / 288 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2011 بواسطة TAHAGIBBA

 

 

                                                                                              أحزان الأحد الدامى وضعتنا فى مأزق التعارض بين صوت العقل وصوت الضمير. لا أعرف عدد الذين يشاركوننى هذا الشعور، لكننى أتحدث عن نفسى على الأقل مسجلا حيرتى إزاء استحقاقات النداءين، ذلك أننى أعتبر نفسى أحد الذين يعتبرون الاصطفاف وراء المجلس العسكرى ضرورة وطنية فى المرحلة الراهنة. وأضع أكثر من خط تحت الكلمتين الأخيرتين، لكى أضفى صفة التأقيت على ذلك الاصطفاف الذى أدعو إليه. ولكى يكون واضحا فى الأذهان أن الالتفاف حول المجلس العسكرى يجب أن يستمر إلى أن يسلم السلطة لمن يختارهم الشعب بديلا مدنيا يقود سفينة الوطن إلى بر الأمان. 
لا أخفى شعورا بالامتنان والتقدير للدور الذى قام به المجلس، منذ اللحظة التى أعلن فيها انحيازه إلى مطالب الشعب وثورته. ولن ينسى له أنه بموقفه ذاك أنقذ مصر وشعبها من كارثة التوريث التى كانت تنسج خيوطها منذ سنوات وشارفت بلوغ التمام. بل أنقذ الوطن من براثن العصابة التى اختطفته طوال ثلاثين عاما، وراحت تعتصره وتفترسه لكى تستأثر بأفضل ما فيه.
 
من ناحية ثانية، فإننى لا أرى فيما هو قائم بديلا عن المجلس العسكرى، وأزعم أن بقاءه بصورته الراهنة وحتى قيام السلطة المدنية المنتخبة، يظل أفضل بكثير من الصياغات البديلة التى يتداولها البعض منذ عدة أشهر، لسبب جوهرى هو أن النظام السابق بعدما قوض خلايا المجتمع الحية حتى أمات السياسة، فإنه طمس معالم الخريطة السياسية للبلد، بحيث لم نعد نعرف من يمثل ماذا، وحتى أصبح الحضور فى الساحة السياسية بعد ثورة 25 يناير قائما على علو الصوت الذى تكفل به الضجيج الإعلامى، إذ صرنا إزاء كيانات ولافتات تملأ الفضاء فى حين لا أثر يذكر لها فى الشارع. وضجيج من ذلك القبيل يصلح لإطلاق مظاهرة وربما حشد مليونية لكنه لا يصلح لإقامة دولة.
 
أدرى أن شعبية المجلس العسكرى تراجعت بصورة نسبية ولم تعد كما كانت عليها منذ ثمانية أشهر. خصوصا أنه حُمِّل بأوزار وآثار النظام السابق، وما كان بمقدوره أن ينهض بكل أعباء التركة الثقيلة التى ورثها. ولكننى أتحدث عن التحول الجوهرى والاستراتيجى الذى يحسب له غير غافل عن الأخطاء «التكتيكية» التى وقع فيها، والتى اعتبرها دون ذلك التحول مرتبة وأهمية. علما بأن نسبة غير قليلة من تلك الأخطاء وقعت بعدما طالت مدة بقائه فى السلطة، استجابة لضغوط ومطالبات الجماعات السياسية التى اعتبرت الاحتكام إلى الشارع تهديدا لوجودها. الأمر الذى يعنى أن بعض الأخطاء التى وقعت إبان إطالة المدة لا يتحمل مسئوليتها المجلس العسكرى وحده، ولكن تلك الجماعات السياسية شريكة فى تلك المسئولية.
 
هذه حسابات العقل البارد التى اهتزت عندى يوم الأحد الدامى (9 أكتوبر الحالى).. وكان صوت الضمير هو الذى أحدث تلك الهزة، التى لا أستطيع أن أتجاهلها أو أقاومها. لقد تحولت الصور التى رأيتها لضحايا هجمة المدرعات على المتظاهرين فى ذلك اليوم. وكذلك القصص والروايات المروعة التى سمعتها على ألسنة أهاليهم إلى سياط تلهب الضمير وتعذبه، أما أصوات الملتاعين ونحيبهم فقد كانت من النوع الذى يمزق نياط القلب ويصيب الإنسان بزلزلة تسحق إرادته وتلاحقه بأصدائها السوداء فى الصحو والمنام.
 
لن أختلف مع من يقول بأن ما رأيناه وسمعناه وقرأناه يعبر عن وجهة نظر واحدة، وأن وجهة النظر الأخرى لم تسمع، كما أن هناك تحقيقات جارية لم تنته بعد. ذلك أفهمه وأقدره، لكننى أزعم أن الذى جرى ما كان له أن يقع تحت أى ظرف. إذ ما تمنينا أن تطيح المدرعات بأى إنسان مهما كان جنسه أو ملته وتدهسه بالصورة البشعة التى طالعناها فى التسجيلات، وما تمنينا أن يتم ذلك بمدرعات الجيش بوجه أخص. وإذا كنا قد عهدناه من جانب أجهزة القمع فى ظل النظام السابق، فإنه يصدمنا ويفجعنا حين يصدر عن الجيش بمكانته العزيزة علينا وهالة المحبة والفخار التى درجنا على أن نحيطه بها. وهى المشاعر الدافئة التى تضاعفت بعد موقفه المشرف من الثورة.
 
لقد أصبحنا إزاء معادلة صعبة يختزلها السؤال التالى: كيف يستطيع المرء أن يستجيب لنداء عقله ويرضى ضميره فى نفس الوقت؟ ــ أعنى كيف يمكن أن يظل المرء متضامنا مع المجلس العسكرى ومحتفظا بسخطه واحتجاجه على ما نسب إليه من ممارسات؟ ــ فى هذا الصدد لا مفر من الاعتراف بأن الحفاظ على التوازن بين كفتى التضامن والسخط ليس بمقدور كل أحد. وإذا كنت قد اعتبرتها من جانبى معادلة صعبة، فينبغى أن تعذر الشباب إذا ما ضاقت صدورهم إزاء الهول الذى رأوه وسمعوه، فاستبد بهم السخط وما عادوا قادرين على كتمان غضبهم، الأمر الذى أنساهم النصف الملآن من الكوب. لا أعرف ما إذا كان المجلس العسكرى مدركا لذلك التحول أم لا، لكننى لا أخفى أننى صرت أعيشه كل يوم ليس فقط فيما أتلقاه من اتصالات ورسائل، وإنما أيضا لأن أصداءه وصلت إلى أسرتى وصارت تعشش فى بيتى.

 

 

  • Currently 44/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
14 تصويتات / 245 مشاهدة

                                                                                         المؤتمر الصحفى الذى عقده أعضاء المجلس العسكرى لشرح ما جرى يوم الأحد الدامى لم يكن مقنعا أو ناجحا، بل أزعم أنه أضر بأكثر مما نفع أو أفاد. 
ذلك أنه أحدث نتيجتين سلبيتين، هما: أن المتحدثين فيه أعطوا انطباعا بأنهم سكتوا عن أشياء وركزوا على أشياء أخرى، حتى إن صحيفة التحرير وصفته يوم الخميس الماضى (13/10) بأنه مؤتمر نصف الحقيقة. الأمر الآخر أن خطاب المتحدثين فيه كان دفاعيا ومعنيا بتبرئة ساحة الجيش والمجلس العسكرى. وغير معنى بقتلى المتظاهرين وجرحاهم.
 
وإذ يفترض أن المؤتمر عقد لكى يجيب عن التساؤلات المثارة ويطمئن القلقين والحيارى، فإن العرض الذى قدم فيه أثار من الأسئلة بأكثر مما قدم من أجوبة. آية ذلك مثلا أنه جرى التركيز فى الكلام على نفى مسئولية الجيش عن إطلاق الرصاص على المتظاهرين، وهو ما صدفناه حين علمنا أن الجنود لم يزودوا بأية ذخيرة حية، لكن هذا الإيضاح أثار أسئلة أخرى عن الجهة أو الأطراف الأخرى التى أطلقت الرصاص. كما أن الحديث كرر الإشارة إلى أن المتظاهرين هم الذين اعتدوا على جنود القوات المسلحة، وهى إشارة غير مفهومة لأن المظاهرة كانت سلمية وقطعت نحو عشرة كيلومترات، مشيا على الأقدام وهى على ذلك النحو، الأمر الذى يرجح أن ثمة طرفا ثالثا هو الذى أطلق شرارة العنف، لكن أحدا لم يتوقف عند هوية ذلك الطرف وحقيقة دوره ومقصده. أما أكثر ما أثار الدهشة والاستنكار فى المؤتمر فهو امتداح أحد المتحدثين للتليفزيون المصرى، الذى لا يختلف أحد على أنه كان تحريضيا وكارثة.
 
هذا القصور فى المعلومات التى تم الإفصاح عنها ترتب عليه ضرران كبيران، هما: هز ثقة كثيرين فى البيانات، التى أدلى بها أعضاء المجلس العسكرى، مما أعطى انطباعا بأنهم تعاملوا بانتقائية مع وقائعه. الضرر الثانى ترتب على الأول، ويتمثل فى أن اهتزاز الثقة دفع البعض إلى اتهام المجلس العسكرى والتطاول عليه على نحو تجاوز حدود اللياقة فى بعض الأحيان. إذ ما تمنيت أن يتحدث بعض التعليقات عن «مذبحة الجيش» أو أن نقرأ عنوانا على ثمانية أعمدة فى إحدى الصحف الأسبوعية يقول عن شخص إنه نجا من الموت برصاص مبارك ومات برصاص طنطاوى، هكذا مرة واحدة، إلى غير ذلك من العبارات والأوصاف المسيئة التى تنم عن الافتقاد إلى المسئولية، حين ذهبت إلى حد تجريح الجيش وتشويه صورة قيادته، بحيث سوت بين قيادة الرئيس السابق التى أذلت الشعب وأهانته وبين رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يعتز الشعب بانحيازه وصحبه إلى جانب كرامة الشعب وكبريائه وعزته.
 
لا يحسبن أحد أننى أنزه المشير أو أيا من القادة العسكريين عن النقد، وأذكر بما سبق أن قلته من أن وجود المجلس العسكرى ضرورة ونقده ضرورة أيضا، لكن استخدام مثل هذه الأوصاف لا يدخل فى باب النقد يقينا، وإنما هو أقرب إلى الطعن والتجريح العلنيين.
 
أزعم أن المجلس العسكرى كان يمكن أن يتجنب اهتزاز الثقة أو جرأة البعض وتطاولهم لو أن المؤتمر الصحفى ركز على ثلاث نقاط أساسية، هى: الاعتذار لشعب مصر وللأقباط بوجه أخص عما جرى للمتظاهرين الذين قتل منهم 24 شخصا، وجرح أكثر من مائتين ــ والاعتراف بأن ثمة أخطاء حدثت من الطرفين أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه ــ وإجراء تحقيق مستقل لتحديد الأخطاء التى وقعت ومحاسبة المسئولين عنها.
 
لقد استشعرت غصة حين سمعت أحد القسس الذين قادوا المظاهرة يقول على شاشة التليفزيون إن المجلس العسكرى صار خصما فى القضية، لذلك لا يمكن أن يكون حكما، من ثم فينبغى أن تشترك الجماعات الحقوقية فى التحقيق وأن ترفع يد النيابة العسكرية عنه. وتحولت الغصة إلى لدغة حين سمعت البعض يتحدثون عن أن ما جرى يعد نوعا من «الإبادة» التى يجب أن تخضع لتحقيق دولى.
 
أدرى أن تلك أصوات استثنائية، وأن المجلس العسكرى لا يزال يحظى بثقة واحترام الأغلبية. إلا أننا ينبغى ألا ننكر أن وسائل الاتصال الحديثة أتاحت للجميع فرص التعبير عن آرائهم والترويج لها بصرف النظر عن استواء تلك الآراء أو شذوذها. وإذا أحسنا الظن وقلنا إن أصوات التجريح الداعية إلى النيل من المجلس العسكرى ودوره لم تغير من احترام الأغلبية وثقتها فى القوات المسلحة والمجلس العسكرى، فإننا لا نستطيع أن ننكر أن تلك الأصوات استطاعت أن تفسد جو الالتفاف حول المجلس وأن تحوله إلى مادة للتندر والاستهجان ولا مفر من الاعتراف فى هذا الصدد بأن الأخطاء التى شابت إدارة الأزمة، هى التى وفرت الفرصة لوقوع ذلك المحظور.
 
إن قليلا من شجاعة المكاشفة ونقد الذات كان يمكن أن يمنع عنا «بلاوى» كثيرة.

  • Currently 95/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 230 مشاهدة

                                                                                                                                                                                                                                    إذا استفقنا من حالة الحزن والصدمة المخيمة فى مصر هذه الأيام وحاولنا أن نفهم ما جرى، فسوف نفاجأ بأن كل المعلومات الأساسية المتعلقة بالموضوع غائبة ولا يعرف الناس عنها شيئا. بل إن بعض المسئولين أنفسهم لديهم صورة عما جرى مختلفة عما هو شائع بين الناس فيما خص بعض الوقائع.
أرجو ألا يجادل أحد فى أن من حقنا أن نعرف ونفهم ما جرى، ليس إشباعا للفضول وإنما لأن وقائعه تتعلق بمستقبل كل واحد فينا، وبأمن واستقرار البلد الذى نعيش فيه، ومن ثم بمصير الحلم الذى ظننا أننا قبضنا عليه بالثورة، وصرنا بصدد نسج ملامحه وتنزيله على أرض الواقع، ولأن الأمر كذلك فإننا لن نستطيع أن نفهم وأن نحدد موقفا من عناصر المشهد المختلفة إلا إذا حصلنا على إجابة وافية لقائمة من الأسئلة فى مقدمتها ما يلى:
● ما هى حقيقة قصة كنيسة قرية الماريناب التى أطلق هدمها شرارة الغضب الأخير، وهل حصلت على ترخيص بالبناء أم لا، وهل صحيح ما قيل من أن ثمة تلاعبا وتدليسا فى إصدار الترخيص. ذلك أنه إذا ثبت صحته وسلامة إجراءاته فإن المحافظ الذى اعترض على البناء يكون مخطئا قطعا، ويجب أن يحاسب على تعنته. أما إذا تبين أن ثمة تلاعبا فى الترخيص، فإن موقف الرجل يكون سليما، ويكون الآخرون هم الذين أخطأوا. علما بأننى أعارض بشدة لجوء بعض أهل القرية إلى هدم مبانى الكنيسة، حتى إذا كان البناء بغير ترخيص، لا هذه مسئولية السلطة وليست مسئوليتهم.
● كيف يمكن أن يعلن عن خروج مظاهرة احتجاجية للأقباط من منطقة ما فى حى شبرا، يوم الأحد 9/10 الساعة الثالثة بعد الظهر، ويحدد الإعلان وجهة المظاهرة السلمية مشيرا إلى أنها تستهدف الوصول إلى مبنى التليفزيون (فى ماسبيرو) لاشهار الاحتجاج والغضب، ثم لا تتخذ أية تدابير من قبل الشرطة لتأمين المسيرة التى قطعت نحو عشرة كليومترات مشيا على الأقدام لتبلغ مرادها؟
● لماذا سارع التليفزيون المصرى إلى الإعلان عن أن الأقباط هم الذين بادروا إلى إطلاق الرصاص على جنود القوات المسلحة، وإذا تبين أن المعلومة كانت خاطئة كما تدل على ذلك قرائن عدة، فلماذا لا يحاسب المسئول عن ذلك، خصوصا أن ذلك الإعلان أدى إلى استنفار بعض المسلمين للتصدى للأقباط «المعتدين».
● بعدما تبين أن المظاهرة كانت سلمية، فمن الذين أطلقوا الرصاصة على المتظاهرين والقوات المسلحة، هل تم ذلك بمبادرة شخصية أم بناء على أمر وتوجيه، وفى الحالة الأخيرة فإن تحديد الجهة التى أصدرت الأمر يصبح أمرا لا غنى عنه.
● من هم «الغرباء» الذين اندسوا وسط المتظاهرين وأشار إليهم بيان المجمع المقدس، وألا توجد وسيلة للتعرف على مخزون البلطجة الذى لا ينفد، بعدما تحول البلطجية إلى كائنات أشبه بالعفاريت التى تظهر وتضرب كل مكان، لكن أحدا لا يستطيع أن يمسك بها. وهل يعقل أن يظل هؤلاء يرتعون فى البلد طول الوقت دون أن تتمكن أجهزة الأمن من إحباط جهودهم وتجفيف الينابيع التى تفرزهم.
● ما هى الملابسات التى حركت المدرعات ودفعتها إلى دهس المتظاهرين هل تم ذلك بأمر من أحد الضباط الميدانيين، أم أن الجنود الذين كانوا يقودون تلك المدرعات قد انتابهم الفزع حينما وجدوا سيارات أخرى يتم احراقها، وحينما حاولوا الهروب من ذلك المصير. فإنهم اصطدموا بالكتل البشرية المحاصرة وخاضوا فيها مما أوقع القتلى والجرحى. ونسب الأمر إلى الجيش فى نهاية المطاف؟
اننى أحد الذين ينزهون المجلس العسكرى عن أن يكون له يد فيما حدث أمام مبنى التليفزيون، ولا أشك فى أن خطأ ما أو مجموعة أخطاء (لا نعرفها) هى التى أدت إلى وقوع الكارثة. لكن فظاعة الحدث أثارت عديدا من الشكوك والتساؤلات حول مثل هذه المسلمات، الأمر الذى وضع الجيش فى موضع الاتهام، على الأقل فيما تتبعته من انطباعات وتعليقات تحفل بها مواقع التواصل الاجتماعى. لذلك رجوت المشير طنطاوى أمس أن يوضح الأمر للرأى العام، وان يعتذر للمصريين عما جرى، رغم اننا نعلم أنه ليس هناك خطأ يمكن أن يحسب عليه أو على المجلس العسكرى، لكنهم يظلون مسئولين عن مصر هذه الأيام. على الأقل حتى يتم نقل السلطة إلى المدنيين. وإلى أن يحدث ذلك فإن ما جرى فى مصر يظل معلقا فى رقابهم. بما فى ذلك دماء الشهداء الذين سقطوا يوم الأحد الحزين.


 

  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 197 مشاهدة

                                                                                                                                                                                              أدعو المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى لأن يخرج عن صمته ويخاطب الرأى العام مباشرة، فى أمرين مهمين للغاية هما: إعلان براءة المجلس والجيش من المذبحة التى وقعت يوم الأحد الماضى 9/10 وقتل فيها 24 مواطنا مصريا ــ والاعتذار لأقباط مصر وشعبها باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسئول عن إدارة البلد عن الجريمة التى وقعت، باعتبار أن ما جرى يمثل نكوصا عن العهد الذى قطعه الجيش على نفسه من البداية بألا يطلق رصاصة على صدر أى مصرى كائنا من كان. 
لقد استشعرت وخزا حين قرأت على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر)، قول من قال إن الجيش لم يخلف وعده. لأنه ظل ملتزما بقرار عدم إطلاق الرصاص على المصريين، لكنه لم يعد بأن يمتنع عن دهس الناس بالمدرعات، اعتبرت ذلك هزلا فى موضع الجد. وغمزا لا يجوز فى قناة الجيش الذى له فى أعماق المصريين مكانة رفيعة ينبغى ألا تخدش، حتى إذا كان ذلك على سبيل التندر البرىء.
 
معلوماتى أن أعضاء المجلس العسكرى فوجئوا بما حدث، وصدمتهم الأخبار التى حدثت عن أعداد القتلى والمصابين. وقد لا أبالغ إذا قلت إن حالة الارتباك والحيرة أصابتهم، جراء تلك المفاجأة، حتى إنهم قضوا تلك الليلة فى اتصالات ومشاورات استهدفت التثبت من المعلومات والشائعات التى راجت بخصوص وقائع الحدث وتفصيلاته. وهى ذاتها الصدمة والمفاجأة التى أربكت المصريين جميعا، الذين لاتزال وقائع الحدث غامضة فى أذهانهم، وإن ظلت نتائجه غير قابلة للتصديق.
 
بوجه أخص فثمة نتائج ثلاث برزت حتى الآن هى:
 
● أن المذبحة أدت إلى ترويع الأقباط المصريين، الأمر الذى عمق من الشرخ الحاصل فى نسيج الوحدة الوطنية وثبت من فكرة المظلومية التى يروج لها البعض فى أوساطهم.
 
● أن الدماء التى سالت لوثت صفحة الجيش ولطخت نقاءها، لأن المذبحة نسبت إلى مدرعات القوات المسلحة، التى هى مصدر اعتزاز كل المصريين، الأمر الذى يفرض على المجلس العسكرى أن يسارع إلى غسل يده مما جرى، ليس عن طريق طمس المعلومات والتستر عليها، ولكن من خلال تبيان الحقائق والاعتراف بالأخطاء التى أوصلت الأمر إلى ما وصلت إليه، وعدم التردد فى محاسبة المسئولين عن تلك الأخطاء.
 
● إن أداء الإعلام الرسمى ممثلا فى التليفزيون على وجه التحديد كان بائسا، من حيث إنه بدا مفتقرا إلى النزاهة والمهنية، حتى أزعم أنه كان محرضا منذ اللحظات الأولى، حين استهل تغطيته للحدث بالإشارة إلى أن الأقباط قتلوا أربعة من رجال القوات المسلحة، وظل تناوله للموضوع موحيا بأن ثمة اشتباكا بين الأقباط والجيش. إلى الحد الذى دفعه إلى استنفار الجماهير (المسلمة فى هذه الحالة) لحماية الجيش من الاعتداء الذى يتعرضون له وللأسف فإن الصحف التى صدرت أمس (الثلاثاء 11/10) شغلت بالتنديد بالحدث وبالتنظير للمشكلة ولم تنشغل بتحرير حقائق ما جرى. وترتب على ذلك أننا تبادلنا الشعور بالحزن والحسرة لكننا لم نفهم شيئا مما حدث.
 
من ناحية أخرى، فإن الأداء السياسى كان باهتا بدوره، ذلك أن كل ما فهمناه من بيان رئيس الوزراء ومن تعليقات ضيوف البرامج التليفزيونية الحوارية أن مصر مستهدفة وأن ثمة أيادى مجهولة تحاول العبث بها لإسقاط نظامها، وأن مجلس الوزراء شكل لجنة للتحقيق فى ملابسات الحادث. والحجة الأولى هشَّة وغير مقنعة، لأن مصر الراهنة لا تخيف أحدا ولا تزعج حتى أعدى أعدائها، ولا أعرف ما هو البلد أو الجهة التى تشغل نفسها باستهدافها وهى فى وضعها الراهن. خصوصا أن أبناءها بإضراباتهم والفوضى التى يثيرونها يقومون بأكثر مما يطمح إليه الذين يستهدفونها. أما الحجة الثانية فهى محبطة لأننا اعتدنا على الهروب من المشاكل بتحويلها إلى لجان للتسويف فيها وإماتتها.
 
لقد درجنا على أن نعلق أخطاءنا على مشجب الأيادى الأجنبية الخبيثة، وهى المقولة التى فقدت معناها لكثرة تكرارها، ورغم أننا لا نشك فى وجود تلك الأيادى، إلا أننا حين نسارع إلى اتهامها فى كل مرة دون دليل، فإن الناس لن يثقوا فى صدق ما ينسب إليها.
 
إن الوقت دقيق والمشاعر متأججة ومستنفرة، وانتظار التحريات والتحقيقات يستغرق وقتا هو ليس فى صالحنا. لذلك فإن مسارعة رئيس المجلس العسكرى إلى مخاطبة الرأى العام بما يطمئن الناس على إخوتهم ووطنهم وجيشهم، مثل هذه الخطوات تبدو عاجلة وملحة. بل إنها أكثر من ضرورة فى الظرف الراهن ــ لنا كلام آخر حول أسئلة الحدث غدا بإذن الله.

  • Currently 66/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
22 تصويتات / 287 مشاهدة

                                                                                                                                                                                                                                                                            العلمانية فى تركيا ليست خيارا سياسيا معروضا على المجتمع، ولكنها عقيدة مفروضة على الكافة، تورد المنكرين لها موارد التهلكة، فى الدنيا بطبيعة الحال. 
 (1) 
ما خطر لى أن أتطرق إلى الموضوع حين ذهبت إلى استنبول هذه المرة. فقد كنت مدعوا ضمن آخرين لورشة عمل خصصت لمناقشة التحولات الحاصلة فى العالم العربى، رتبت بالتعاون بين مكتب الدبلوماسية الشعبية برئاسة الحكومة التركية ومركز التفاهم الإسلامى المسيحى بجامعة جورج تاون الأمريكية. لم يكن عندى ما أقوله حين تحدث بعض الباحثين المصريين عن الاستقطاب الذى حدث فى مصر بين الليبراليين والعلمانيين من جانب والإسلاميين من جانب آخر، وأثار انتباهى أن سيدة من أعضاء المجموعة المصرية ذكرت أنها ذهبت إلى بروكسل مع آخرين من الناشطين المصريين (مثلت الإخوان المسلمين). وكان الجميع مدعوين من جانب الاتحاد الأوروبى، وهناك أبلغوا أن الاتحاد قرر أن يفتح مكتبا فى القاهرة لمساندة ودعم المرشحين الليبراليين والعلمانيين، وإن الأحزاب اليسارية الأوروبية بصدد فتح مكتب آخر لمساندة مرشحى اليسار. ولم أشترك فى مناقشة ما عرضه الباحثون التونسيون عن أجواء المعركة الانتخابية المقبلة لانتخاب المجلس التأسيسى (فى 23 أكتوبر) وكيف أن الأحزاب العلمانية أقامت تكتلا باسم الائتلاف الجمهورى والأحزاب اليسارية أقامت تكتلا آخر باسم القطب الحداثى الديمقراطى، لمواجهة حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية، كما تحدثوا عن الدور الكبير الذى تقوم به فرنسا لتأييد الأولين فى مواجهة الأخيرين، وعن أن فى تونس الآن أكثر من مائة حزب منها 46 خرجت من عباءة النظام السابق.
 
سمعت قصصا كثيرة عن الجهود التى يبذلها العلمانيون والليبراليون لتخويف الناس من الإسلاميين، وكيف أن صعودهم فى الحياة السياسية سيصيب المجال العام بنكسة تضرب السياحة خصوصا إذا تدخلوا فى منع الخمارات أو ارتداء المايوه البكينى، وكيف أنهم سيفرضون الزى الطائفى (يقصدون الحجاب) الذى كان محظورا على السيدات، وينصبون ذوى اللحى والجلابيب فى المناصب العليا، وسيعممون النكد على خلق الله من  خلال أسلمة التليفزيون والمسرح والسينما.. إلى آخر تلك الأساطير التى تشهر الفزاعة فى وجوه الجميع. والتى يتم تسويقها فى مصر بأساليب أخرى.
 
 (2) 
إلى هنا وليس فى الأمر مفاجأة. لكن المفاجأة حدثت ذات مساء حين دعينا إلى عشاء اشترك فيه الدكتور أحمد داود أوغلو وزير الخارجية والسيد عمر جليك نائب رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس لجنة العلاقات الخارجية المسئول عن إعداد الدستور التركى الجديد، والدكتور إبراهيم كالن كبير مستشارى رئيس الوزراء. فتح الموضوع عمر جليك الذى قال لى إنه قرأ ما كتبته قبل أسبوعين عن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وقلت فيه أنه ابن الديمقراطية فى تركيا وليس ابن العلمانية، وان العلمانية أدخلته السجن ولكن الديمقراطية هى التى جاءت به إلى منصب رئيس الوزراء. وذكر أنه يوافقنى على ما قلت، وأن كلام السيد أردوغان عن العلمانية فى مصر أخرج عن سياقه وفهم خطأ (فى حواره مع السيدة منى الشاذلى فى برنامج العاشرة مساء قال الرجل إن الشعب المصرى يجب ألا يكون قلقا من العلمانية، لأن الدولة العلمانية ليست مقابلا للادينية.. كما أن العلمانية الحديثة لا تتعارض مع الدين بل يجب أن تتعايش معه). أضاف الرجل أن أردوغان كان يتحدث عن تجربة تركيا فى وضعها الراهن، حيث تظل العلمانية أساسا لنظامها السياسى، لكنها احترمت جميع القيم الديمقراطية، وأنهت خصومتها مع الدين، كما احترمت تعاليم كل ما يتعلق بالشعائر والسلوك الاجتماعى.
 
قلت إن العلمانية المطبقة فى تركيا الآن ليست هى التى طبقت منذ ثلاثينيات القرن الماضى، فقد بدأت مخاصمة للدين ورافضة لتعاليمه وتقاليده. حتى حظر ذكر اسم الإسلام، وأصبح أداء الجندى أو الضابط للصلوات مبررا لفصله من الجيش. ومحاكمة أردوغان وسجنه بسبب ترديده لأشعار أحد المسلمين المتدينيين نموذج آخر لتلك الممارسات القمعية الفجة التى كانت تمارس باسم العلمانية. ولكن التطور الديمقراطى هذب من الغلو العلمانى، حتى تم التصالح مع الدين أخيرا، لأن كسب تأييد الجمهور المسلم فى تركيا فرض على عقلاء العلمانيين أن يعبروا الاحترام لثقافة المجتمع وتقاليده الدينية.
 
قلت أيضا إن العلمانية صارت مصطلحا فضفاضا يحتمل تأويلات عدة، فالعلمانية الفرنسية مخاصمة للدين، والإنجليزية متصالحة معه حيث الملكة هى رأس الكنيسة هناك، بالتالى فإن المصطلح يحتمل نفيا للدين وإنكارا له، كما أنه يحتمل تصالحا مع الدين واعترافا به. بما يعنى أن المصطلح يمكن أن يكون بابا لإقصاء الدين بالكلية، أو لإضعافه وتهميشه فقط. وهو المعنى الذى عبر عنه عبدالوهاب المسيرى حين فرق بين العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية.
 
لم يعترض السيد عمر جليك على ما قلت، لكنه هز رأسه، وقال: ما دمت قد تحدثت عن العلمانية الفرنسية والإنجليزية، فلك أن تقول إن أردوغان حين تحدث فى الموضوع فإنه كان يعبر عن تمثله للعلمانية التركية.
 
لم يقف الأمر عند ذلك الحد، لأن الدكتور أحمد داود أوغلو حين جاء دوره فى الحديث حرص على أن يبدد اللغط الذى أثاره كلام أردوغان فى القاهرة، وقال إنه فهم خطأ حتى التبس الأمر على كثيرين، ذلك أنه حين قال ما قاله عن العلمانية فإنه كان يقصد التطبيق التركى لها، الذى تعد الديمقراطية ركنه الركين بما تستصحبه من حرية وتعددية ومساواة بين جميع المواطنين، باختلاف مدارسهم الفكرية وانتماءاتهم الدينية.
 
 (3) 
هذا الحوار كان بداية لمناقشات مطولة مع بعض المثقفين الأتراك الذين أصر بعضهم على أن العلمانية التركية مختلفة عند الصورة الشائعة لها فى أنحاء العالم العربى والإسلامى، فلا هى من قبيل الكفر ولا هى ضد الدين. وهى بالقطع ليست استنساخا للعلمانية الفرنسية ومتقدمة كثيرا على العلمانية البريطانية. وأثار انتباهى فى هذا الصدد ما قاله أستاذ جامعى هو الدكتور سمير صالحة من إن أردوغان حين جاء إلى مصر بعد غياب خمسة عشر عاما أراد بكلامه عن العلمانية أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. ذلك أنه بذكائه السياسى لم يكن يخاطب الرأى العام المصرى، ولم يكن يدعو النخب المصرية إلى تطبيق العلمانية، وإنما هو أراد أن يوجه أربع رسائل على الأقل إلى من يهمه الأمر، إحداها للحركات الإسلامية فى العالم العربى، التى تتطلع إلى المشاركة فى السلطة، خصوصا فى البلدان المنخرطة فى الربيع العربى، لكن لا تزج باسمه فى لعبة التوازنات الراهنة، بمعنى أنه أراد أن يحتفظ بمسافة بينه وبينهم، حتى لا يحسبون عليه أو يحسب هو عليهم. الرسالة الثانية أراد أن يوصلها إلى جماعات التطرف والتشدد الإسلامى، داعيا فيها إلى تحرير السياسة من نفوذهم وإحداث القطيعة معهم. الرسالة الثالثة كانت عينة فيها موجهة إلى الاتحاد الأوروبى، الذى سارع سكرتيره العام إلى التقاط كلمات أردوغان التى دافع فيها عن العلمانية، ودعا فى اجتماع للمجلس الأوروبى فى بالطا إلى مراجعة الموقف من تركيا، وطالب بتمكينها من الانضمام شريكا كاملا فى المجموعة الأوروبية. الرسالة الرابعة والأخيرة أراد أن يرد بكلامه على الدعايات الإسرائيلية فى الغرب التى تدعى أن تركيا تشجع قيادات الربيع العربى بما يسهم فى نشر التطرف الدينى، بالتالى فإنه بكلامه المنحاز إلى العلمانية أعلن موقفا واضحا من هذه المسألة.
 
إلى جانب ذلك فإن أردوغان تعرض لبعض الانتقادات فى داخل تركيا ذاتها. فسأله على بولاق فى جريدة الزمان عما إذا كان يدعو إلى علمنة الإسلام لتسهيل دمج الشرق الأوسط فى النظام العالمى الجديد. وقال ياسين أقطاى محرر صحيفة «ينى شفق» إن العلمانية المتداولة فى تركيا غير تلك الشائعة فى العالم العربى، ولذلك ما كان لأردوعان أن يتطرق للموضوع أثناء جولته العربية. فى حين قال إبراهيم كيراس محرر صحيفة «ستار» إن تركيا لم تنته من النقاشات الخاصة بالعلمانية، فلماذا يحاول رئيس الوزراء تسويقها فى العالم الإسلامى؟
 
 (4) 
الخلاصة التى خرجت بها من هذه الحوارات أننا لم نفهمهم ولا هم فهمونا. لم نفهم خصوصية وضع العلمانية فى تركيا ولم ندرك هالة القداسة التى أحيطت بها التى حولتها إلى دين للأمة التركية، كما رفعت كمال أتاتورك إلى مصاف الأنبياء، حتى أصبح أى نقد له بمثابة نوع من التجديف السياسى الذى ينهى حياة من يقدم على ارتكاب تلك الجريمة، بحيث يصبح سجنه أخف عقوبة توقع عليه.
 
لم نفهم أيضا أن الممارسة الديمقراطية هى التى أنضجت التجرية العلمانية وجعلتها بعد أكثر من ثمانين عاما أكثر تسامحا ورحابة. لذلك فإننى ما زلت عند رأيى فى أن البحث المنصف ينبغى أن يرجع الإنجازات التى حققتها تركيا إلى الديمقراطية وليس العلمانية.
 
المثقفون الأتراك الذين ناقشتهم استغربوا حين قلت إن العلمانية كلمة سيئة السمعة فى مصر والعالم العربى. لأنها ظلت تقدم بحسبانها «فيتو» من جانب بعض المثقفين على الالتزام بمتطلبات الهوية الإسلامية. لذلك فإن دعاتها ألبسوها مؤخرا قناع المدنية، وكفوا عن الحديث عن الدولة العلمانية وظلوا طوال الأشهر الماضية يتحدثون عن الدولة المدنية فقط. لكن حينما جاء أردوغان وتحدث بما قاله فى القاهرة، فإنهم أسقطوا القناع وعادوا للحديث مرة أخرى عن الدولة العلمانية. إلا أن ذلك لم يغير من نظرة المجتمع إليها.
 
أعرب من حدثتهم عن دهشتهم إزاء أمرين أشرت إليها، الأول ما سبق أن ذكرته من أن الليبراليين والعلمانيين فى مصر يسوفون لتأجيل الانتخابات التى يفترض أن تحدد نتائجها الأحجام والأوزان الحقيقية لمختلف القوى السياسية. ويعتبرون أن انتشارهم فى وسائل الإعلام وتحكمهم فى أغلب منابره يضمن لهم التأثير ويثبت الحضور بأكثر مما يمكن أن توفره مغامرة عملية الاحتكام إلى الشارع صناديق الانتخابات.
 
الأمر الثانى أن ساحة الفكر السياسى الإسلامى شهدت تطورا كبيرا ومثيرا خلال الثلاثين سنة الأخيرة، بمقتضاه احتلت الحرية والتعددية والمواطنة والمساواة وغير ذلك من المقاصد الشرعية مكانة متميزة فى دراسات واجتهادات الباحثين المسلمين، بل شمل ذلك التطور الموقف من الليبراليين والعلمانيين. بحيث أصبح أكثر تفهما وقبولا لأهل الاعتدال والعقلاء منهم. لكن الشاهد والملفت للنظر أن ذلك التطور لم يستقبل بحماس أو تطور مقابل من الطرف الآخر. وكانت النتيجة أن أغلب الباحثين الإسلاميين قطعوا أشواطا باتجاه التوافق مع الليبراليين والعلمانيين وصاروا واعين بتمايزاتهم، إلا أن أصحابنا هؤلاء ظلوا واقفين فى مواقعهم، لم يتقدموا خطوة تذكر إلى الأمام، وبدا مؤسفا أن بعض من كانوا معتدلين منهم صاروا أكثر تشددا وتشنجا فى الآونة الأخيرة، حين رفع الحظر عن إقصاء الإسلاميين وأتيح لهم أن يتواجدوا فى الساحة المكشوفة شأنهم شأن غيرهم من القوى السياسية.
 
أدرى أن ثمة تعصبا وشذوذا فى الساحة الإسلامية، لكننى أزعم أنه يظل استثناء على ذلك الجانب، فى حين أن التعصب والتحامل فى الجانب الآخر يظل قاعدة تطل شواهدها فى كل مناسبة. الأمر الذى يؤدى إلى تلغيم الجسور الموصلة بين الطرفين. فى وقت أصبح التوافق والاحتشاد فيه فرض عين على كل أصحاب البصر والبصيرة.

  • Currently 49/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 234 مشاهدة

 

 

                                                                                                     قبل عدة سنوات دعيت إلى ندوة نظمتها الخارجية المصرية بمقر معهد الدراسات الدبلوماسية فى القاهرة، لمناقشة موضوع العلاقات مع إيران. وكان مما قلته فى ذلك اللقاء أن المسألة تتعذر مناقشتها فى المطلق، وإنما هى تصبح أكثر جدوى إذا تمت فى ضوء الرؤية السياسية والاستراتيجية للموضوع، حيث لا تكفى فيها الانطباعات أو الاجتهادات الشخصية المجردة. ذلك أن السؤال ليس ما إذا كان علينا أن نحسِّن تلك العلاقات أو نجمدها أو تضعفها، ولكن السؤال الواجب هو أى هذه الخيارات يحقق المصلحة العليا للبلد. 
شرحت وجهة نظرى كالتالى: ليس التاريخ وحده حمال أوجه، ولكنه الواقع أيضا. فإذا كانت مصر تريد تجميد العلاقات أو إضعافها فإننا نستطيع أن نجد أكثر من ذريعة لذلك، وإذا اتجه القرار الاستراتيجى إلى تعزيز تلك العلاقات وتقويتها فبوسعنا أن نجد أيضا عدة أسباب تسوغه، ولذلك يتعين علينا أن نعرف قبل أى كلام فى التفاصيل ما إذا كان القرار السياسى مع القطع أم الوصل، رغم أننى منحاز لموقف الوصل، واعتبر أن لمصر وللعرب عموما مصلحة استراتيجية فى ذلك. ومما قلته فى هذه الجزئية إنه ليس مفهوما ولا معقولا أن يكون إلى جانب العالم العربى دولة كبرى مثل إيران ثم تخاصمها مصر التى هى أكبر الدول العربية، علما بأن التصالح مع إيران لا يعنى الاتفاق معها فى كل الملفات السياسية، وإنما ذلك يمكن أن يتم فى ظل الاختلاف حول بعض تلك الملفات. ثم إنه يظل مدهشا ومستغربا أن تتمكن مصر وبعض الدول الأخرى من تجاوز متناقضاتها الجسيمة مع إسرائيل بما يؤدى إلى تطبيع العلاقات معها، فى حين تفشل فى ذلك حين يتعلق الأمر بإيران.
 
أضفت أن مشكلة إيران الكبرى هى مع الولايات المتحدة وإسرائيل، فى حين تظل مشاكلها مع العالم العربى أقل أهمية، علما بأن منطقة الخليج التى تعبر بعض دولها عن مخاوفها إزاء إيران تحتفظ بعلاقات طبيعية معها وتمثيلها الدبلوماسى، وعلاقاتها التجارية مع طهران أقوى بكثير من علاقة مصر مع إيران.
 
تداعت هذه الخلفية إلى ذهنى حين قرأت خبرا نشرته صحيفة «الشروق» يوم الجمعة الماضى 7/10 تحت العنوان التالى: مفكر إيرانى: نكره العرب وبسببهم نلعن أهل السنة. فى التفاصيل أن «أستاذا بارزا» بجامعة طهران كتب مقالة فى صحيفة «صبح ازادى» (صباح الحرية) تحدث فيها عن نظرة الإيرانيين الفرس الشيعة تجاه العرب والشعوب الأخرى والقوميات غير الفارسية، وكيف أن هذه النظرة اتسمت بالنظرة الدونية والعنصوية. وقال الرجل إنه بشكل عام كلما تدنى المستوى الثقافى زادت مؤشرات العنصرية. إلا أن المسألة اختلفت فى حالة العرب ذلك أن الفرس لم ينسوا هزيمتهم التاريخية أمام العرب فى موقعة «القادسية» (قبل 1400 عام) بحيث إن المثقفين منهم يخفون مشاعر الحقد ضد العرب لهذا السبب. أما المتدينون فإنهم عبروا عن تلك المشاعر باستمرار لعن أهل السنة، بسبب ما نسب إليهم من مواقف إزاء أهل البيت.
 
الخبر بالصيغة التى قدم بها جاء حافلا بالأخطاء المعرفية، فصاحب المقال أستاذ جامعى عادى فى إيران، وليس مفكرا بارزا كما ذكر. ثم إنه يعكس وجهة نظر بعض المثقفين القوميين الذين لا يعبرون لا عن الفرس أو عموم الإيرانيين أو عموم الشيعة وبعضهم عرب أصلاء يعيشون بيننا. وليس صحيحا أن الإيرانيين كلهم من الفرس رغم أن الثقافة الفارسية هى المهيمنة، لأن البلد تتعدد فيه القوميات، والمنتمون إلى القومية التركية أكبر عددا من ذوى الأصول الفارسية، وإلى جوارهم قوميات أخرى عديدة أبرزهم التركمان والبلوش والكرد. وبالمناسبة فإن مرشد الثورة السيد على خامنئى جذوره عربية بحكم أنه «سيد» يفترض أنه من سلالة الرسول. ثم إنه من القومية التركية وليس الفارسية. والإيرانيون الذين هم أهل نكتة لا يكفون عن السخرية والتنكيت على بعضهم البعض. ولأهل كل قومية باعهم فى ذلك. وما ذكر عن استعلاء الفرس على غيرهم بمن فيهم العرب حاصل فى دوائر نخب العناصر القومية المتعصبة الموجودة فى كل مكان، عند العرب وعند الأتراك أيضا. أما الحديث عن هزيمة الفرس أمام العرب فى معركة القادسية قبل 1400 عام فهو إحياء غير برىء لمرارات قديمة. علما بأن الرئيس العراقى السابق صدام حسين استخدم عنوان «القادسية» فى حربه ضد إيران، لكى يوحى بأنه بصدد إلحاق هزيمة ثانية بهم.
 
شممت فى الخبر المنشور إعادة إنتاج للغة غير البريئة التى سادت قبل ثورة 25 يناير، واستهدفت تعميق الفجوة وزرع بذور الفتنة بين العرب والإيرانيين وبين السنة والشيعة، لذلك اعتبرته من «فلول» ثقافة تلك المرحلة. ولم استغرب ذلك حين لاحظت أنه منقول عن موقع «العربية نت» سعودى الإشراف والتمويل، باعتبار أنه إذا عرف السبب بطل العجب.

 

 

  • Currently 37/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 220 مشاهدة

                                                                                               فى نفسى شىء من الدور الذى تقوم به الجماعات الإسلامية فى الساحة السياسية المصرية الآن، أخص بالذكر منهم السلفيين والمتصوفة. وقد أفهم حماسهم واندفاعهم لإثبات الحضور فى تلك الساحة بعد تغييبهم وإقصائهم وإهانتهم لعدة عقود. إلا أننى أفرق بين إثبات الحضور فى الساحة السياسية كقوة تصويتية مقدرة. 
وبين انخراطهم فى العمل السياسى وخوضهم غمار اللعبة بتعقيداتها المختلفة وقواعدها المغايرة. يرد إلى ذهنى فى هذه التفرقة نموذج حركة «النور» فى تركيا التى برزت فى خمسينيات القرن الماضى وأسسها رجل له جذوره الصوفية (النقشبندية) هو بديع الزمان النورسى (توفى سنة 1960) وأصبحت الآن من أهم القوى التصويتية هناك، لكن لم يعرف عنها أنها شكلت حزبا سياسيا أو قدمت مرشحين لأى انتخابات، ولكنها منذ إنشائها شغلت بمسألة التربية والتعليم.
 
حتى إنها بعدما انتشرت فى تركيا اتجهت لإنشاء مدارسها فى الخارج، من أمريكا إلى وسط آسيا مرورا باليمن ونيجيريا. ولها الآن أكثر من ألف مدرسة نموذجية فى مختلف أنحاء العالم، هم لم يشتغلوا بالسياسة التركية لكنهم انشغلوا بها فقط من زاوية واحدة، هى أنهم كانوا يختارون الأصلح فى كل مرة ويصوتون لصالحه. بالتالى فإن دورهم ظل إيجابيا فى الساحة السياسية، إلى جانب أن نجاحهم الأكبر والأهم كان فى مجال التعليم.
 
ملاحظاتى على أنشطة الجماعات الإسلامية فى مصر أوجزها فى ثلاث نقاط هى:
 
● اندفاعهم باتجاه تشكيل الأحزاب السياسية، وانصرافهم عن العمل الاجتماعى والنشاط الأهلى الذى يصب بصورة مباشرة فى خدمة الناس ــ وإذ يفترض أن تلك الجماعات منسوبة إلى رسالة الإسلام الذى هو رحمة للعالمين، فليس مفهوما أن تترك كل أبواب الرحمة لتحشر نفسها وتصرف طاقاتها فى التشكيلات الحزبية والانتخابات النيابية والرئاسية والتحالفات التى تفرضها متطلبات التنافس السياسى كل حين.
 
فى هذا الصدد فإننى أعتبر الجمعية الشرعية التى تأسست فى مصر عام 1912 نموذجا للفكرة التى أدعو إليها. ذلك أنها منذ تأسيسها اختارت أن توجه طاقاتها إلى الدعوة الدينية والأعمال الخيرية ثم انتقلت خلال الخمسين سنة الأخيرة إلى مجالات خدمة المجتمع، فأقامت المراكز الطبية المتخصصة التى منها 650 حضانة للأطفال المبتسرين غير مستشفى كبير لعلاج الحروق والأورام. كما أقامت 360 محطة لتنقية مياه الشرب، وأنشأت 24 مخبزا فى أنحاء الجمهورية يوزع كل واحد منها 6 آلاف رغيف مجانا كل يوم. ولديهم إضافة إلى ذلك مشروع كبير لتنمية الثروة الحيوانية خصوصا فى القرى الفقيرة.
 
إن مجالات التعليم ومحو الأمية والصحة والنظافة العامة والنشاط التعاونى والنهوض بالحرف والتدريب المهنى ورعاية الأحداث والمشردين وغير ذلك من الأمور التى تهم الناس أهملت من جانب أغلب الجماعات الإسلامية، فى الوقت الذى لم تستطع أن تنهض بها الحكومة على النحو المطلوب. ثم تركت للمنظمات الأجنبية لكى ترتع فيها كيفما شاءت.
 
● النقطة الثانية ان الجماعات السلفية والمتصوفة تحديدا حينما تنصرف إلى العمل السياسى فإنها تخوض غمار تجربة لا قبل لها بها، وليست مؤهلة للانخراط فيها. فهؤلاء دعاة وليسوا أهل سياسة. والفرق بين الاثنين كبير. فأغلب الدعاة تتعلق أعينهم بالنص أما أهل السياسة فهم مهجوسون بالواقع. والأولون مشغولون بالمطلق، والآخرون مهمومون بما هو نسبى والدعاة أيديهم فى المياه الباردة كما يقال، ويتعاملون مع الأبيض والأسود. أما أهل السياسة فأيديهم فى المياه المغلية، ومطلوب منهم دائما أن يفاضلوا بين درجات المنطقة الرمادية.
 
لا يعيب المرء أن يكون داعية بطبيعة الحال، لكن يعيبه أن يكون كذلك ثم يقرر أن يلقى بنفسه فى خضم السياسة، لأنه فى هذه الحالة يترك ما يجيده لكى يتخبط فيما لا يجيده. أدرى أن الأصوليين يشترطون فى المجتهد أن يكون عارفا بزمانه ومدركا لحقائق الواقع المحيط به، لكن من قال إن كل الدعاة سلفيين منهم أو متصوفة مجتهدون.
 
أقرأ فى الصحف وأسمعهم على شاشات التليفزيون يتكلمون بمنتهى الحماس عن تمكين الله وتحكيم شريعته. وهو ما لا يختلف عليه أحد من المؤمنين وإلا أنكر معلوما من الدين بالضرورة وإذ يقول الداعية هذا الكلام فإن السياسى المؤمن يحاول الإجابة عن أسئلة الموضوع كيف ومتى ومن وما هى الأولويات التى عليه أن يلتزم بها والأمور التى يتدرج فيها، والموازنات التى يعقدها، والضرورات التى قد تبيح المحظورات فتجعلنا نقبل مؤقتا بمنكر أصغر تجنبا لوقوع منكر أكبر.. إلى غير ذلك من التفاصيل التى تستغرق السياسى، فى حين لا ينشغل بها الداعية عادة.
 
● النقطة الثالثة التى تجعلنى أقلق من دخول الدعاة إلى معترك السياسة أن خطابهم يخوف الناس المتعلمين على الأقل وينفرهم ليس فقط من جماعاتهم، وإنما من مجمل التيار الإسلامى. من ثم فالضرر فيه يكون أكبر من النفع. وإذا أضفت إلى ذلك أننا بصدد إعلام متصيد ومتربص، لا يكاد يلتقط هفوة أو رأيا ملتبسا حتى ينفخ فيه ويحوله إلى كارثة وطنية وقومية تتحدث بها الركبان وتتردد أصداؤها المفزوعة من كل ما هو إسلامى فى أعمدة الصحف والبرامج التليفزيونية الحوارية.
 
أعرف أن السلفيين ليسوا شيئا واحدا، كما أن المتصوفة بأسهم بينهم شديد، كما أعرف أن التعميم قد يظلمهم بقدر الظلم الذى يقع على بقية المسلمين حين تعمم عليهم مواقف الأولين، لكننا قد نتجنب كل تلك المحاذير إذا استقام كل على طريقته ولم يقحم نفسه على طرائق غيره.

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 270 مشاهدة

 تقول النكتة إن أسعار علف البهائم تضاعفت، فثارت الحمير وخرجت فى تظاهرة حاشدة توجهت إلى مقر الرجل الأول فى البلد، وظلت تنهق وتضرب الأرض معبرة عن احتجاجها. فتحدث إليهم رئيس الديوان قائلا إن هذا الضجيج لن يحل المشكلة. ومن الأفضل أن يختاروا من بينهم وفدا يمثلهم لكى يعرض الأمر على صاحب الأمر. ففعلوها ودخل الوفد لكى يعرض شكاية الحمير، ومرت ساعة واثنتان ولم يعد الوفد من مهمته. فقلقت الحمير وتوجست شرا، وعادت إلى النهيق وضرب الأرض بالحوافر، لكنهم وجدوا أن أعضاء الوفد اطلوا عليهم من شرفة المبنى راجين منهم العودة إلى الهدوء، وأبلغوهم بأنهم اكتفشوا أن مهمتهم صعبة للغاية، إذ طال الوقت معهم لأنهم يحاولون منذ دخلوا على الرجل إفهامه حقيقة مشكلتهم إلا أنه لم يفهم. 
النكتة التى تناقلتها الألسن قبل عدة سنوات عممت على الجميع فى حينها رسالة حاكمت صاحب الأمر وسخرت منه على الطريقة المصرية، التى ظلت النكتة فيها أحد أسلحة المقاومة وضمت الضحك إلى قائمة أسلحة الدمار السياسى الشامل. لكن يبدو أن المصريين لم ينفردوا بهذا السلوك، لأن البلغار فعلوها بصورة أخرى أشد وأقوى. ذلك أنهم رشحوا حمارا لرئاسة بلدية إحدى المدن. إذ لم يتحدثوا عن رئيس بعقل حمار ولكنهم تخيروا حمارا حقيقيا ووجدوا أنه الأنسب لكى يشغل منصب الرئيس. أما كيف حدث ذلك، فإليك الحكاية.
 
فى الخبر الذى نشرته صحيفة «الشروق» يوم 3 أكتوبر أن لجنة انتخابات البلديات فى بلغاريا أعلنت عن قبولها ترشيح الحمار «ماركو» لمنصب عمدة إحدى المدن المطلة على البحر الأسود. وكان ماركو هذا قد سبق له الترشح لذات المنصب من قبل حزب «مجتمع بلغاريا» لكى ينافس مرشحى الأحزاب الأخرى، ووافقت عليه لجنة الأحزاب، لكنه لم يفز.
 
الحزب أعد للحمار برنامجا انتخابيا يلبى مطالب سكان المدينة، وقدمه باعتباره شخصية متميزة وموثوق فيها، فإلى جانب قوته وثباته فإنه يعمل بجد وبغير ملل طول الوقت، ثم أنه لا يكذب ولا يسرق ولا تحوم حوله أى شبهة فساد. وفى مؤتمر صحفى عقده ممثلو الحزب لتدشين حمله ماركو، قال المتحدثون إن مناقبه الكثيرة يشوبها عيب واحد، هو أنه مطية لسيدة تملكه، ولكن ذلك لا يعيب الحمار كثيرا لأن عمدة المدينة الحالى السيد كيريل يوردانوف بدوره خادم مطيع لرئيس وزراء بلغاريا بويكو يوريسوف. ولئن تعادل الاثنان من هذه الزاوية، إلا أن مناقب الحمار ماركو التى تركز حول استقامته ونظافة يده (رجله إن شئت الدقة) ترجح كفته وتعزز موقعه باعتباره المرشح الأصلح.
 
صحيح أن النكتة المصرية أكثر جرأة، لأنها رفعت السقف عاليا وبطريقة ذكية ولماحة طالت أعلى رأس فى البلد إلا أن النكتة البلغارية أقوى. فالأولى سخرت من ولى الأمر وجرحت ذكاءه ومقدرته على الفهم. أما الثانية فإنها بمثابة بيان مباشر اغتال عمدة المدينة الذى انتهت ولايته، واتهمه فى ذمته وسلوكه الوظيفى بل وطعنت فى نزاهة بقية المرشحين للمنصب. بالتالى فإن المؤتمر الصحفى الذى أعلن فيه ترشيح ماركو لم يكن هدفه تسويقه وحشد الأنصار له، بقدر ما أنه استهدف فضح العمدة الحالى وقطع الطريق على احتمالات إعادة انتخابه، كما حاكمت بقية المرشحين. حتى أزعم أن النكتة المصرية كانت نوعا من التشهير والحط من قدر ولى الأمر، أما النكتة البلغارية أقرب إلى عريضة الاتهام الموجهة لكل المرشحين للمنصب، الذين اعتبر حزب مجتمع بلغاريا انه ليس بينهم من توفرت فيه النزاهة والقدرة التى تؤهله لرئاسة البلدية. ولذلك اعتبر أن الحمار هو الحل!
 
أعجبتنى الفكرة، ليس فقط لأنها بهذا الأسلوب حاكمت المرشحين للمنصب العام وأدانتهم، ولكن أيضا لأنها فتحت أعيننا على بدائل من عالم الحيوان يمكن أن تفى بالغرض وتملأ الفراغ إذا لزم الأمر. لا تفوتك هنا ملاحظة أن اليأس من توافر البدائل المناسبة للوظائف العامة يحدث عادة فى المجتمعات التى يشيع فيها فساد النخبة جراء خضوعها لأنظمة استبدادية تستخرج من الناس أسوأ ما فيهم. الأمر الذى يعنى أن ثمة تشابها بين المرحلة الشيوعية التى عاشت بلغاريا فى ظلها وبين مصر خصوصا فى عهد الرئيس السابق.
 
ليس جديدا هذا التوظيف للحيوانات فى التعبير عن الرؤية السياسية. فقد لجأ إليه عبدالله بن المقفع فى كتابه الشهير كليلة ودمنة، واستخدمه الكاتب الإنجليزى جورج أورويل فى كتابه «مزرعة الحيوانات» وخوان رامون خيمنيث الشاعر الإسبانى الذى حاز جائزة نوبل فى كتابة «أنا وحمارى». وبوسعنا أن نعتبر الدكتور محمد المخزنجى على رأس رواد هذا الفن فى زماننا، ليس فقط فى كتابه «حيوانات أيامنا»، ولكن أيضا لأن أغلب كتاباته عن الشأن العام يدخل إليها من عالم الحيوان.
 
لا أعرف ما هى المعانى التى تتداعى إلى ذهنك حين تتدبر القصة البلغارية، خصوصا فى ظل الحيرة التى تنتاب كثيرين فى مصر هذه الأيام، لكنى أرجوك ألا تشطح بعيدا فى الخيال، علما بأننى حزمت أمرى فى هذا الصدد، وقررت أن أعطى صوتى «لماركو»!

  • Currently 40/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 193 مشاهدة
نشرت فى 8 أكتوبر 2011 بواسطة TAHAGIBBA

 

 

                                               يوم 11 سبتمبر الماضى، قبل نحو شهر تقريبا خرجت علينا صحيفة الأهرام بعناوين احتلت رأس صفحتها الأولى تحدثت عن «تفاصيل خطيرة خلال أيام عن الثورة المضادة والأصابع الخارجية لـ«إسقاط مصر» ــ تورط عدد من دول الجوار فى تمويل بالملايين لمنظمات مصرية. 
التفاصيل الخطيرة التى ذكرتها العناوين جاءت على لسان وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندى. الذى قال إنه تلقى تقريرا خطيرا بشأن تورط عدد من الدول المجاورة لمصر فى تقديم مبالغ مالية تفوق التصور. تقدر بالملايين من الجنيهات لبعض الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى. كما أشار إلى أن رئيس الوزراء سوف يعلن التفاصيل خلال الأيام القليلة المقبلة. منوها إلى أن ما يحدث فى الشارع المصرى تحركه بعض الأيادى الخارجية والداخلية، بهدف تخريب المنشآت العامة ومؤسسات الدولة، كما  تستهدف انتهاك الأمن القومى للبلاد وترويع المواطنين.
 
فى ختام التصريح الذى نشره الأهرام ذكر وزير العدل أن ما تشهده البلاد هو جزء من مخطط يجرى تنفيذه منذ فترة بهدف إسقاط مصر، وان ثمة أنظمة فى دول محيطة تخشى أن يتكرر لديها ما حدث فى بلادنا.
 
لأن الكلام لوزير العدل، فقد احتفظت يومذاك بالقصاصة المنشورة وظللت أترقب نشرات الأخبار أملا فى الوقوف على تلك التفاصيل الخطيرة. لكن الأيام القليلة مرت دون أن يعلن علينا شىء. حتى وصلنا فى الأسبوع الرابع وقارب الشهر على الانتهاء دون أن يعلن رئيس الوزراء شيئا عن تلك المؤامرة التى استهدفت إسقاط مصر.
 
فى تاريخ لاحق (18 سبتمبر) نشر الأهرام أيضا أن التحقيقات التى جرت بشأن حادث اقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة كشفت عن تورط «شخصية ثرية» فى تحريض أعداد كبيرة من الشباب مقابل مبالغ مالية تراوحت بين 5 و11 ألف جنيه لكل شخص (!) ونقل الأهرام عن مصدر قضائى قوله إن المقبوض عليهم فى الحادث ذكروا أنه تم تجميعهم فى أحد ميادين منطقة الهرم بعدما قدموا من مناطق عدة، حيث وزعوا على ثلاثة باصات سياحية فاخرة نقلتهم إلى مكان ما فى الطريق الصحراوى بين القاهرة والإسكندرية. وفى نقطة معينة تم انزالهم وحملتهم سيارات نصف نقل إلى إحدى المزارع الخاصة. وهناك التقوا شخصية مهيبة أبلغتهم أنه ينبغى الثأر «لأولادنا» الذين قتلتهم إسرائيل، كما ينبغى طرد السفير الإسرائيلى من مصر.
 
فى 25 سبتمبر ذكر الأهرام أن مصدرا مسئولا فى أجهزة الأمن ذكر أنه أمكن تحديد شخصية 234 متهما جديدا من 7 محافظات فى قضية الهجوم على السفارة الإسرائيلية. وأضاف المسئول أن التحقيقات كشفت عن تواجد سيارة مرسيدس فى موقع الأحداث بالجيزة. وكان صاحبها يدفع أموالا للمتورطين فى الهجوم على سيارات الأمن المركزى ومديرية الأمن. وقد حددت أجهزة الأمن اسم صاحب السيارة الذى تبين أنه يقيم بفيللا بحى النهضة شرق القاهرة، كما تبين وجود شخص آخر كان يستقل سيارة بيجو وتبين أنه يقيم بحى السيدة زينب. وقد كان يوزع أقنعة واقية لعدد من الأشخاص خلال الأحداث.
 
أضاف المسئول الأمنى أن اثنين ممن تم القبض عليهما أمام مقر السفارة الإسرائيلية وقد ضبط بحوزة الأول مبلغ خمسة آلاف جنيه والثانى أربعة آلاف جنيه. وكانا يقومان بتوزيع 200 جنيها على كل واحد من المتورطين فى الأحداث.
 
إذا صدقنا هذا الكلام الذى نشر منسوبا إلى مسئولين فى الحكومة والأمن، فمعناه أن كل ما يحدث فى مصر مدفوع الأجر، سواء من جانب دول جوار تريد إسقاط مصر،  أو من جهة فلول يطلقون المظاهرات ويحرضون على تخريب المنشآت العامة. ان شئت فقل إنهم يريدون إقناعنا بأن الذى يحرك الأحداث فى مصر ليس سوى الفلوس والفلول. وليس ذلك أغرب ما فى الأمر، لأن الأغرب أن أولئك المسئولين يفترضون فى الناس البلاهة وضعف الذاكرة، فيلقون على أسماعهم بأى كلام دون أى دليل أو حجة مقنعة، متصورين أن «القطيع» سيمضى وراءهم أيا كانت الإشارات التى يطلقونها، ناسين أن الناس تفتحت أعينهم وأن فرقعاتهم الإعلامية لا تصدق، ولكنها تفقدهم الثقة والاحترام.

 

 

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 191 مشاهدة
نشرت فى 6 أكتوبر 2011 بواسطة TAHAGIBBA

 

 

                                       لدينا مشكلة فى التعرف على مزاج المصريين ومواقفهم. حيث لا يستطيع أحد أن يدلنا ولو على نحو تقريبى هم مع ماذا أو ضد ماذا. ذلك أن المنابر التى من خلالها تستطيع التعرف على الانطباعات العاكسة للمزاج العام تكاد تكون محصورة الآن فى أربعة هى: مليونيات يوم الجمعة والبرامج الحوارية التى ثبتها قنوات التليفزيون. وما تنشره صحف الصباح من تعليقات. ومواقع التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت. لكن هذه المنابر كلها مجرحة، بمعنى أنه يتعذر التعويل عليها فى تحديد اتجاهات الرأى العام فى مصر. وغاية ما يمكن أن يقال بحقها أنها تعبر عن وجهة نظر بعض المصريين الذين يتعذر اعتبارهم عينة يعتمد عليها فى التعرف على المزاج العام، أستثنى المليونيات التى خرجت أيام الثورة لسببين رئيسيين أولهما الأعداد الضخمة التى شاركت فيها، وثانيها انتشار التظاهرات الغاضبة فى مختلف المحافظات المصرية، الأمر الذى أعطى انطباعا أكيدا بأن ثمة إجماعا شعبيا على رفض النظام. حتى المليونيات التى خرجت بعد ذلك أشك فى أنها معبرة بصورة كافية عن المزاج العام، لأنها تحسب لصالح الفئات التى دعت إليها. 
تعليقات الصحف وبرامج التليفزيون تعبر فى أغلبها عن رأى أصحابها أو الاتجاهات التى ينتمون إليها، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى المقصورة على الشرائح التى يتعامل مع الإنترنت. وشأنها شأن ما تنشره الصحف ويبثه التليفزيون. تظل عاكسة لجانب من الصورة ويتعذر اعتمادها باعتبارها تمثيلا لكل الصورة.
 
ما دعانى إلى مناقشة هذا الموضوع أننى وقعت يوم الأحد الماضى (2/9) على نتائج استطلاع أجرى فى تركيا ونشرته صحيفة «خبر ترك» ذكر أن شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم وصلت فى أول شهر أكتوبر إلى 52.1٪ فى حين أنها كانت 50٪ فقط فى أول شهر يونيو الماضى. استغربت الخبر، لأنه انصب على مؤشرات شعبية الحزب الحاكم خلال أربعة أشهر وغاظنى التدقيق فى النسبة لدرجة الحرص على ذكر الواحد من عشرة! فى نفس اليوم، قرأت نتائج استطلاع عن اتجاهات الرأى العام الإسرائيلى نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت (فى 28/9)، وأجرته قبل النشر بثلاثة أيام خبيرة معروفة هى الدكتور مينا تسيمح. وكان من بين تلك النتائج ما يلى: 88٪ من الجمهور يرون أن مزاجهم العام جيد بل جيد جدا ــ 66٪ لا يؤمنون بأنه لن يكون هناك سلام مع الفلسطينيين على الإطلاق ــ 67٪ مقتنعون بأن رئيس الحكومة لا يمكن بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين ــ 45٪ من الإسرائيليين لديهم مخاوف عن استمرار وجود دولة إسرائىل بمعنى أنهم يشعرون بتهديد وجودى رغم وضعهم الجيد.
 
يشعر المرء بالغيظ والحزن حين يقارن بين ما يقرؤه عن وضوح الخرائط السياسية والاجتماعية فى مثل هذه الدولة وغيرها بالضباب المعرفى الذى يحيط بنا. خصوصا فى ظل تباين الاجتهادات والرؤى فى قراءة وضع مصر بعد سبعة أشهر من قيام الثورة، بين متفائلين ومتشائمين ومحبطين. الأمر الذى يجعلنا فى حيرة من الأمر، لأننا لا نكاد نعرف أى من تلك الاجتهادات يعبر عن المزاج العام إذ ليس بمقدرونا أن نعرف رأى الناس فى الثورة أو المجلس العسكرى أو حكومة الدكتور عصام شرف. كما أننا لا نعرف شيئا فى أوزان القوى السياسية التى تحفل بها الساحة.. إلى غير ذلك من التساؤلات المعلقة التى تظل بلا إجابة.
 
سألت أهل الاختصاص فقالوا إنه لا توجد فى مصر جهة مستقلة يمكن التعويل عليها فى قياسات الرأى العام. حتى مركز معلومات مجلس الوزراء مشكوك فى حياده. لأسباب مفهومة، صحيح أن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية ومركز البحوث الاجتماعية يجريان دراسات لها صلة بالرأى العام، لكنها تظل جهودا محدودة لا يعتد بها فى مواكبة تحركات ومؤشرات المزاج العام فى البلد.
 
لا يحتاج هذا الغياب إلى جهد فى تفسيره، لأنه إذا كان الرأى العام ليس مهما فى رسم السياسات وطالما أن أولى الأمر يتصرفون فى الشأن العام بمعزل عن الرأى العام، فليس هناك ما يبرر الانشغال بقياساته ورصد توجهاته، بالتالى فإننا لسنا بصدد أزمة فى استطلاعات الرأى بقدر ما أنها أزمة ديمقراطية. وهذه يجب أن تحل أولا بما يعيد للرأى العام اعتباره، لكى تصبح قياساته بعد ذلك أمرا مطلوبا.

 

 

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 223 مشاهدة

 

 

                                                   مهم لا ريب أن نعرف ماذا يدبر الآخرون لثوراتنا، ولن نستغرب منهم أن يحاولوا اختطافها أو إجهاضها. لكن الأهم أن نعرف الذى فعلناه نحن بأنفسنا، لأنه المستغرب والمفاجئ حقا. 
 (1) 
أخيرا فهمنا من الإعلان الدستورى الذى صدر فى 25 سبتمبر الماضى أن أمامنا أكثر من عام لنقل السلطة إلى المدنيين فى مصر، إذا لم تطرأ أية متغيرات استدعت تأجيل المواعيد حتى إشعار آخر. وليس هناك ما يقطع بأن ذلك الاحتمال ليس واردا. وهذا الذى تمنيناه وانتظرناه. كان يفترض إنجازه هذا العام. ذلك أن التقدير الذى كان متفقا عليه فى اجتماعات لجنة تعديل الدستور أن تجرى الانتخابات العامة فى شهر يونيو، وأن يختار النواب المنتخبون أعضاء الجمعية التأسيسية التى ستتولى وضع الدستور الجديد خلال ستة أشهر، الأمر الذى يفتح الباب لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد قبل نهاية العام، وللعلم والانصاف فإن اللجنة المذكورة كان قد طلب منها تعديل 6 مواد من دستور عام 1971، لفتح الباب للانتقال إلى النظام الديمقراطى المنشود، إلا أنها وجدت أن ضمان تحقيق هذه النقلة يقتضى تعديل 11 مادة وليس ست فقط، وهى التى أضافت نصا على المادة 189 دعا إلى تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد لمصر. ولم يكن ذلك ضمن ما طلب منهم، ولإحكام الانتقال إلى الوضع المستجد فإن اللجنة وسعت من مهمتها وأدخلت تعديلات على خمسة قوانين أخرى نشر الأهرام نصوصها المعدلة فى 21 مارس الماضى. وهى التى تتعلق بانتخابات مجلسى الشعب والشورى والأحزاب وممارسة الحقوق السياسية وانتخابات رئاسة الجمهورية. ومن يقرؤها جيدا يلاحظ أنها إضافة إلى الدعوة لإصدار دستور جديد. فإنها قررت عدة مبادئ غاية فى الأهمية منها فرض الإشراف القضائى الكامل على كل المستويات الانتخابية، النيابية والرئاسية. ومنها أن يكون التصويت ببطاقة الرقم القومى، وفى مشروع قانون الأحزاب طلبت لعضوية أى حزب توكيل ألف شخص فقط، ولكن المجلس العسكرى رفع الرقم إلى خمسة آلاف، كما اشترطت ألا يعتمد الحزب أية تفرقة على أساس دينى سواء فى عضويته أو برامجه أو سياساته، ولكن المادة عدلت بحيث اشترطت ألا يكون للحزب مرجعية دينية.
 
إزاء ذلك فبوسعنا أن نقول إن هذه الحزمة من مشروعات القوانين لو أنها صدرت حسبما كان مقدرا لكانت عجلة النظام الديمقراطى الجديد قد دارت، ولكان لمصر الآن شأن آخر، إلا أن الرياح أتت بما لم يكن على البال. ذلك أنه منذ أعلن عن  تشكيل لجنة تعديل الدستور، وتبين أنها برئاسة مسلم ملتزم هو المستشار طارق البشرى وأن بين أعضائها السبعة قانونى من أعضاء الإخوان المسلمين، حتى قامت الدنيا ولم تقعد. فقد استنفرت ميليشيات المثقفين الليبراليين والعلمانيين الذين احتلوا صدارة المنصات والمنابر الإعلامية، وشنوا ضدها حملة تشهير عاتية ــ إذ حاكموا اللجنة وأدانوا كل ما صدر عنها، وحرضوا الرأى العام على رفض التعديلات فى الاستفتاء عليها، وحين جاءت النتيجة بغير ما يشتهون، فإن بعضهم تحول إلى شتم الأغلبية التى صوتت لصالح التعديلات فى حين عمد أكثرهم إلى التخويف من حضور التيارات الإسلامية والترويع من احتمالات فوز ممثليها بالأغلبية فى الانتخابات. 
 
 (2) 
منذ ذلك الوقت المبكر نسبيا، شهرى فبراير ومارس الماضيين، أصبح الشغل الشاغل لأبواق ومنابر الليبراليين والعلمانيين هو تسويق تلك الحملة.
 
 أدرى أن تصرفات بعض الجماعات الإسلامية ــ السلفيين بوجه أخص ــ أقلقت الجميع، كما أن تصريحات بعض المنسوبين إلى تلك التيارات شوهت صورتها واستخدمت فى التخويف والترويع. لكننى أزعم أن تلك الأمور كانت عوامل مساعدة ولم تكن المحرك الأساسى للحملة. أعنى لو أن السلفيين لم يخرجوا وأن أولئك المتحدثين صمتوا أو قالوا كلاما إيجابيا، لما أثر ذلك على انطلاق حملة التخويف والترويع. حتى أزعم أن أولئك الليبراليين والعلمانيين لا يرون أن الخطأ فى ممارسات أو تصريحات بعض الإسلاميين، وإنما يعتبرون أن الخطأ يكمن فى مجرد وجودهم فى الساحة وتطلعهم إلى التساوى مع غيرهم من الفصائل فى الحقوق والواجبات.
 
كلنا نعرف الذى حدث فى مصر طوال الأشهر الماضية. من المطالبة بتأجيل الانتخابات حتى لا تقع «كارثة» فوز الإسلاميين. إلى الجدل حول الدولة المدنية والدينية، والمطالبة بإصدار مواد قانونية فوق دستورية، للحيلولة دون وقوع «المحظور» وتأثر الدستور الجديد بحضور الإسلاميين. بل والمطالبة بوضع شروط ومواصفات لعضوية اللجنة التى ستضع الدستور، تحسبا لتسرب «أولئك» الأشرار إليها.. الخ.
 
بالتوازى مع ذلك فإن الأبواق ذاتها لم تتوقف عن التخويف من «شبح» تأثير الإسلاميين  فى السلطة. فمن حديث عن مطالبة الأقباط بالجزية وقطع آذانهم، إلى تلويح بمسألة الحدود والعقوبات البدنية، مرورا بولاية الفقيه واستنساخ النموذج الإيرانی، والحديث عن رفع الإعلام السعودية والمطالبة بإعادة الخلافة الإسلامية فى أثناء زيارة رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، وصولا إلى حظر المايوهات البكينى وضرب السياحة فى مصر. وهى عناوين ربما تحدث عنها أشخاص منسوبون إلى التيار الإسلامى، لكن الإعلام سارع إلى اصطيادها ونسبتها إلى مجمل ذلك التيار.
 
لا يتسع المجال لذكر التفاصيل، لكننى سأكتفى بواقعة واحدة لها ولأنها فى هذا السياق، ففى يوم الخميس 15/9 نشرت إحدى الزميلات فى صحيفة «اليوم السابع» تعليقا على إعلان وقعت عليه يتحدث عن شقة مفروشة للإيجار بحى المعادى، أشير فى ختامه إلى أن أصحاب البناية يفضلون المسيحيين لاستئجار الشقة.. وقد انتقدت هذه الإشارة بما تستحقه. لكن أديبا مرموقا من معسكر الليبراليين والعلمانيين كتب فى صحيفة «الأخبار» يوم الأحد التالى (18/9) معلقا بدوره على الإعلان ومستهجنا مضمونه، إلا أنه صب نقده على أنه إعلان لملاك مسلمين يرفضون التأجير لأحد من المسيحيين(!) ــ حيث لم يتردد فى قلب المعلومة بجرأة مستغربة، لاستجهان موقف المسلمين والتنديد بهم!
 
 (3) 
لدى ثلاث ملاحظات على ما جرى فى مصر. الأولى أن الأشهر الستة الماضية ضاعت فى المماحكات والتراشقات والجدل العقيم، وضاعت معها فرصة تأسيس النظام الذى من أجله قامت الثورة، حتى وجدنا أنفسنا فى نهاية المطاف أمام مليونية جديدة خرجت تطالب باسترداد الثورة يوم الجمعة الماضى (30 سبتمبر).
 
الملاحظة الثانية أن حملة التخويف التى حققت نجاحا نسبيا أعادت إنتاج خطاب النظام السابق بكل عناوينه ومفرداته وحتى شخوصه. بحيث أصبحت «فزاعة» ما قبل 25 يناير هى ذاتها فزاعة ما بعد ذلك التاريخ.
 
الملاحظة الثالثة أن حملة التخويف شملت جبهة أوسع بكثير مما نتصور. فالكلام الذى أطلقه البعض فى مصر وجدناه يتردد على ألسنة بعض الحكام المستبدين، الذين ما برحوا يخوفون من شبح الأصوليين والتطرف المرشح لكى يمسك بزمام الأمور فى حال رحيلهم (مبارك دأب على ترديد هذه المقولة للغربيين ولاحقا لوح بها القذافى وعلى عبدالله صالح وبشار الأسد). وهو ذاته الذى تداولته وسائل الإعلام الغربية وتحدث به السياسيون والدبلوماسيون، الذين اعتبروا أن صعود الإسلاميين يهدد مصالحهم. ويهدد الديمقراطية (كأنهم حريصون عليها!) كما أنه ذاته الذى حذر منه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى تحذيراته وتصريحاته الأخيرة أمام الأمم المتحدة من تنامى تجليات التطرف الإسلامى. اختلفت التعبيرات والحسابات حقا، لكن الموقف ظل واحدا فى جوهره.
 
يهمنی فى السياق الذى نحن بصدده الصدى الذى أحدثته الثورات فى دوائر الدول النفطية العربية. ومبلغ علمى أن تلك الدوائر لم تسترح لانطلاق الثورات العربية،  وقد علمت من مصادر أثق فى معلوماتها أن هذا الموضوع كان محل تشاور بين قادة تلك الدول فى بداية الصيف. وأثيرت فى المشاورات أمور خمسة هى:
 
● أنه ينبغى بذل جهد لوضع حد لزحف تلك الثورات، حتى لا تتطاير شراراتها فى المنطقة.
 
● إن ظهور الجماعات الإسلامية بصورة مكثفة فى ساحة العمل السياسى ينبغى أن يتم احتواؤه، بحيث لا يتجاوز ذلك الحضور حدود المشاركة السياسية إلى التأثير على القرار السياسى.
 
● إن النفوذ التركى يتزايد فى العالم العربى، وهو قد يكون مرحبا به فى المجال الاقتصادى، لكن الحاصل أن ارتفاع أسهم حزب العدالة والتنمية ذى المرجعية الإسلامية، يفتح شهية الجماعات الإسلامية فى العالم العربى لأن تحذو حذوه فى طموحاتها.
 
● إن بعض وسائل الإعلام المؤثرة فى العالم العربى ــ قناة الجزيرة بوجه أخص ــ تؤدى دورا أكثر من اللازم فى التعبئة والتحريض بما يتجاوز الخطوط الحمراء التى ينبغى التوقف عندها. وإذا كانت الدول الخليجية قد أعربت عن قلقها من انتشار شرارات الثورات، فلا يستقيم فى ظل هذا الموقف أن تسهم بعض وسائل الإعلام الخليجية فى تأجيج تلك الثورات.
 
● إن الشعوب التى ثارت على حكامها ينبغى ألا تكافأ على ما أقدمت عليه حتى لا تتمادى فيما ذهبت إليه، وإنما ينبغى أن تتلقى رسالة «عدم الرضا» من الدول الخليجية.
 
 (4) 
معلوماتى أن التشاور حول هذه الأمور استمر طوال أشهر الصيف، وأن اجتماعات موسعة وأخرى ثنائية عقدت لذلك الغرض خلال تلك الفترة. ولست متأكدا من دور الأطراف الغربية فى تلك المشاورات، لكن الذى لا شك فيه أنها كانت على صلة بها.
 
عندما حل الخريف ظهرت فى الأفق إشارات عدة توحى بأن ما تم التوافق عليه دخل حيز التنفيذ. من تلك الإشارات ما يلى:
 
● إعادة الرئيس على عبدالله صالح إلى صنعاء لكى يمارس صلاحياته بعدما غاب عنها منذ ثلاثة أشهر كان يعالج خلالها فى الرياض من محاولة اغتياله. وكان الاعتقاد السائد أنه لن يعود حفاظا على الاستقرار فى اليمن، بعد الإصرار الشعبى واسع النطاق الذى يطالبه منذ ستة أشهر بالرحيل.
 
● التراجع فى تقديرات المبالغ التى كان قد أعلن عنها لتخفيف الضائقة الاقتصادية التى تمر بها مصر. فبعدما أعلنت إحدى الدول النفطية عن تقديم عشرة مليارات دولار، وتحدثت دولة ثانية عن سبعة مليارات وثالثة عن خمسة مليارات دولار، فإن هذه الأرقام خفضت، بحيث لم تتلق مصر حتى الآن سوى 500 مليون دولار وديعة من السعودية.
 
● صدرت تعليمات فى بعض تلك الدول بتقييد العمالة الوافدة من دول الثورات العربية ومن بينها مصر. وترتب على ذلك أن تقلصت بصورة ملحوظة عملية تجديد عقود العمل أو إصدار تأشيرات الدخول الجديدة. وتحدثت بعض الدول عن تنظيم جديد للعمالة الوافدة يؤدى إلى تسريح أعداد منهم.
 
● حدث التغيير فى إدارة قناة الجزيرة التى قادت حملة التعبئة فى المرحلة الماضية، بدعوى أن ثمة مرحلة جديدة اختلفت فيها سقوف الحركة، الأمر الذى كان لابد أن يستصحب ظهور قيادات أخرى تناسب الوضع المستجد.
 
كيف ستسير الأمور بعد ذلك؟ لا أعرف على وجه التحديد، ولكن الذى أثق فيه أنه طالما بقيت الجماهير العربية الغاضبة ثابتة على موقفها وصامدة فى الشوارع والميادين، فإننا ينبغى ألا نقلق على المستقبل. حيث ذلك الثبات كفيل بإفشال محاولات الإجهاض والاحتواء. كما ينبغى ألا ننسى أن شعوبنا فتحت أعينها أخيرا وأرادت الحياة، وأن ذلك إيذان بقرب استجابة القدر.. قولوا إن شاء الله.

 

 

  • Currently 28/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 198 مشاهدة

 

 

                                                        حين يختفى أحد رموز التطرف والإرهاب من الوجود فذلك خبر سار لا ريب. لكن الأمر سوف يختلف حين ندرك أن الحكومة الأمريكية هى التى صنفت صاحبنا إرهابيا وقررت إعدامه دون محاكمة، فتعقبته فى بلده إلى أن قتلته فى نهاية المطاف. ثم إنها وهى تستهدفه لكى تجهز عليه قتلت معه ستة آخرين. وهو ما يطرح على الضمير الإنسانى السؤال التالى: هل تعد هذه عدالة دولية، أم إجراما وإرهاب دولة؟ والسؤال يستدعى آخر هو: ماذا لو لجأت كل دولة أو جماعة إلى تصفية كل من اقتنعت بأنه يستحق القتل، أيضا دون تحقيق أو محاكمة من أى نوع، فيفعلها الفلسطينيون مع قاتليهم الإسرائيليين، والجزائريون مع الفرنسيين والهنود مع الإنجليز، والعراقيون والأفغان وقبلهم الفيتناميون مع الأمركيين، وكل مقهور آخر مع من قهره وحاول تدمير حياته ومستقبله. 
فى أخبار الجمعة 29/9 أن الزعيم الروحى لتنظيم القاعدة فى اليمن ومؤسس قاعدة الجهاد فى جزيرة العرب أنور صالح العولقى (40 سنة متزوج ولديه خمسة أبناء) قتلته طائرة تجسس أمريكية بدون طيار، ومعه ستة من رفاقه، فى منطقة صحراوية باليمن، بين محافظتى مأرب والجوف، وكانت الاستخبارات اليمنية قد زودت الأمريكيين بمعلومات دقيقة عن مكان وجود العولقى وتحركاته فى الجوف، حصلت عليها من أحد معتقلى القاعدة. وكان العولقى، اليمنى الأصل والأمريكى الجنسية الذى درس الهندسة المدنية فى جامعة كولورادو قد نجا من ثلاث محاولات سابقة لقتله. وليس ثابتا بحق العولقى الضلوع فى أى عمل إرهابى، لكن عرف عنه أنه ولد فى الولايات المتحدة وعاش فيها طوال 21 عاما، ثم أصبح خطيبا مفوها ومبلغا متميزا يتمتع بروح فكاهية جذبت إليه كثيرين، الأمر الذى أسهم فى انتشار أحاديثه الدينية وشروحه فى بيوت آلاف المسلمين الأمريكيين، وقد ظل الرجل يعتبر نفسه وأمثاله جسرا للتواصل بين الأمريكيين ومليار مسلم. لكن أفكاره تغيرت وانقلبت رئسا على عقب بعدما هاجمت الولايات المتحدة المسلمين فى أفغانستان والعراق بوجه أخص. فأعلن أن الولايات المتحدة كلها أصبحت دولة للشر. واعتبر أن «الجهاد» ضدها صار واجبا شرعيا بعدما اجتاحت بلاد المسلمين وانتهكت حرماتهم (قال إن الجهاد أصبح كفطيرة التفاح الأمريكية وشاى الساعة الخامسة عند الإنجليز).
 
كان العولقى ممن دعوا إلى البيت الأبيض عقب أحداث سبتمبر باعتباره أحد قادة الجالية المسلمة، ولكنه أصبح خطرا على الأمن العام بعدما تحول إلى مهاجمة الولايات المتحدة وتحريض الشباب المسلم على «الجهاد» ضدها، الأمر الذى انتهى بهروبه إلى اليمن فى عام 2007، فى حين انتشرت أحاديثه وبياناته على شبكة الإنترنت، وذاع صيتها حتى اعتبرته الولايات المتحدة «أكثر الإرهابيين خطورة». وظل طول الوقت فى حماية قبيلة «العوالق» فى «شبوه»، التى رفضت تسليمه إلى السلطات اليمنية للتحقيق معه، إلى أن اكتشف مكانه وتم قتله ومعه رفاقه الستة.
 
يتحدث البعض عن مغزى التزامن بين عودة الرئيس على عبدالله صالح إلى صنعاء وبين ترتيب أمر قتل العولقى، ويرى هؤلاء أن أجهزة الرئيس اليمنى أرادت بتسريب المعلومات الخاصة بمكان الرجل أن تبلغ الأمريكان أن استمرار الرئيس فى منصبه مفيد لهم، وأنه القادر على إحباط مخططات تنظيم القاعدة والقضاء على كوادرها.
 
ليس عندى أى دفاع عن آراء الرجل ومواقفه. ولدى اعتراضات قوية على ثلاثة أرباع كلامه على الأقل. لكننى لا أتردد فى القول بأن قتله مع رفاقه الستة بهذه الطريقة هو جريمة بشعة. تعبر عن استمراء للعربدة والاستهتار بالقوانين وبالحياة الإنسانية. إذ لو تم إعدامهم بناء على حكم قضائى أدانهم لربما قلت إنهم نالوا جزاءهم الذى يستحقونه.
 
لقد أباد الأمريكيون منذ القرن السابع عشر 400 شعب وقبيلة من الهنود الحمر لكى يقيموا دولتهم الكبرى فوق جثثهم وجماجمهم. وتذكر المراجع أن الحجاج الإنجليز الذين رحلوا إلى الأرض الموعودة آنذاك اطلقوا على مستعمراتهم اسم «إسرائيل»، التى بدورها قامت فوق جثث وجماجم الشعب الفلسطينى، ولاتزال إلى الآن سائرة على درب العربدة المجلل بالدم.
 
لا تكمن المشكلة فقط فى أن غرور القوة يدفعهم إلى إهدار كل القيم التى تقف فى طريق رغباتهم، حتى ما تعلق منها باحترام حق الإنسان فى الحياة، لكنها تكمن أيضا فيما نستشعره نحن من ضعف وهوان يمنعاننا من أن نشير إليهم بأوصافهم الحقيقية، ونعلن على الملأ بأنهم مجرمون وقتلة.

 

 

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 164 مشاهدة
نشرت فى 3 أكتوبر 2011 بواسطة TAHAGIBBA

 

 

                                                            تصدمنا واقعة اقتحام مكتب الجزيرة مباشر فى القاهرة مرتين. مرة لأن الاقتحام حدث فى بلد شهد لتوه ثورة ضد الاستبداد ومصادرة الحريات العامة، ومرة ثانية لأن الاقتحام تم بطريقة فجة، توحى بأن الذين رتبوه افتقدوا إلى الحد الأدنى من الكياسة والذكاء، حتى قلت إن مثل هذه التصرفات حين تحدث فى ظل الثورة، فإن خصومها لن يكونوا بحاجة للتآمر عليها. كما أن «الفلول» لابد أن يهدأوا بالا وينصرفوا إلى أعمالهم الخاصة. لأن غيرهم يقومون باللازم فى تشويه الثورة والتشهير بها. 
لقد ذكرتنى عملية الاقتحام بما يفعله البلطجية فى مصر و«الشبيحة» فى سوريا. فالأولون لا يعترفون بالقانون، والآخرون ينتسبون إلى النظام ويعملون لحسابه. وما جرى جمع بين الصفتين. صحيح أن الذى يقع بين أيدى الشبيحة فى سوريا يذهب إليهم ولا يعود، وأن من ذهب مع شبيحة مصر عاد إلى بيته بعد حين، ألا إن ذلك يعنى أن الاختلاف ينصب على مدى القمع ودرجته فقط، وليس فى نوعه.
 
إذا افترضنا أن مكتب القناة ارتكب مخالفة قانونية، فهناك أكثر من وسيلة متحضرة ومحترمة لحساب المسئولين عنه. ولم يكن الجهاز الأمنى المختص بحاجة إلى الاقتحام وكسر الأبواب وترويع العاملين فى القناة واختطاف بعضهم. وما كنا بحاجة إلى الفضيحة التى سجلت بالصوت والصورة، وعممت على أنحاء العالم. لكن المدهش فى الأمر أن «الغارة» استهدفت مكتبا للقناة تحت الإنشاء، بمعنى أنه لا توجد فيه سوى أدوات النجارة والطلاء والأسلاك الكهربائية، وأشياء أخرى تافهة، لا تستحق أن توجه إليها حملة ضمت خمسة عشر ضابطا وجنديا يرتدون الثياب المدنية. وهو مايعنى أنه لم تكن هناك حملة ولا يحزنون، ولكن الجهة الأمنية المجهولة التى أرسلت «الجماعة» أرادت أن توجه إلى القناة رسالة تكدير وتحذير قبل جمعة «استرداد الثورة» بذلك الأسلوب البدائى و«الغشيم». لم يدهشنى الذى حدث وحده. لكننى استغربت أيضا أن وزير الإعلام التزم الصمت ولم يتفوه بكلمة. رغم أن الذى حدث ينال من سمعته وهيبته وكرامته.
 
لقد شاءت المقادير أن يتزامن حدوث الاقتحام مع بث الشريط الذى رأينا فيه بعضا من ضباط الشرطة والجيش تجمعوا حول اثنين من البلطجية المقيدين. وانهالوا عليهما بالصفع والضرب، واستخدم أحدهم صاعقا كهربائيا فى التنكيل بهما. وهو الشريط الذى بثته معظم البرامج الحوارية، وشاهده كل متابعى «اليوتيوب»، وقيل لنا إن الرجلين دأبا على ترويع الأهالى الذين فرحوا حين لاحقتهما الشرطة ونجحت فى إلقاء القبض عليهما. وقد حاولت بعض التعليقات أن تقنعنا بأنهما يستحقان ما نزل بهما، وليسا جديرين بأى شفقة أو رحمة، وهو منطوق أوافق عليه تماما، بشرط واحد هو أن تمارس تلك الشدة بالقانون وفى حدوده. ذلك أننى أخشى إذا أيدنا مثل هذه التصرفات بدون تحفظ أن نهدر فكرة القانون، وأن يخرج علينا أحد المتحمسين ذات يوم ليعلن أن القانون فى إجازة ــ كما قيل فى خمسينيات القرن الماضى ــ فيكون ذلك إيذانا بالانتقال من الاحتماء بقوة القانون إلى الخضوع لقانون القوة، الذى هو قانون الغابة.
 
ما تمنيت أن أرى بعض ضباط الجيش فى المشهد، وأحزننى أن يقود حفلة الصفع بعض ضباط الشرطة. وأدهشتنى مسألة استخدام الصاعق الكهربائى فى التنكيل بالرجلين. لا أنكر أن قرار المشير محمد حسين طنطاوى بالتحقيق مع الضباط أثلج صدرى، لكنه لم ينسنى منظر الرجل الذى ظل ينتفض كلما مس الصاعق أذنه. ولم يغير رأيى فى أن المشهد ينتمى إلى عصر تجاوزناه ولا نريد أن يذكرنا أحد بأساليبه أو سياساته أو حتى شخوصه.
 
إذا لم يكن القانون كافيا لردع أمثال هؤلاء فلنعدّله، وإذا كان ضروريا إكراه المتهمين على الاعتراف، فليحدد القانون ما يجوز وما لا يجوز من أساليب الإكراه. لكننا ينبغى أن نغلق تماما باب التصرف خارج القانون مهما تكن الذريعة.
 
جدير بالذكر فى هذا الصدد أن وزير الداخلية الحالى اللواء منصور العيسوى دائم التحدث عن ضرورة الالتزام بالقانون. وقد قيل لى إن مداخلاته فى اجتماع مجلس الوزراء يركز أغلبها على هذه النقطة. أدرى أن مهمته فى إصلاح جهاز الشرطة صعبة للغاية، لكنه يستطيع أن يوقف التعذيب ويمنعه. وبوسعه مصادرة أدوات التعذيب من أقسام ومقار جهاز الأمن الوطنى. أما إذا كان غاية ما يملكه أن يمنع إدخال الهواتف المحمولة إلى مقار الشرطة وحظر تصوير التعذيب، فأشرف له أن يستقيل من منصبه وأن يترك المهمة لغيره.

 

 

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 345 مشاهدة

TAHA GIBBA

TAHAGIBBA
الابتسامة هي اساس العمل في الحياة والحب هو روح الحياة والعمل الصادق شعارنا الدائم في كل ما نعمل فية حتي يتم النجاح وليعلم الجميع ان الاتحاد قوة والنجاح لا ياتي من فراغ »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

720,604

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته