الأربعاء 7 مارس 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة الشروق / بقلم : سلامة احمد سلامة ما إن فتح الباب لتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور حتى اشتعلت المعارك بين الأحزاب، بمجرد انعقاد الجلسة المشتركة لمجلسى الشعب والشورى، واشتد التنافس بينها على تحديد النسب التى يطمع كل حزب أن يكون له الحق فى تمثيلها بلجنة المائة. وتصاعدت المخاوف بين السياسيين والحزبيين وممثلى المجتمع المدنى من سيطرة الأغلبيات البرلمانية على تشكيل الجمعية التأسيسية واستئثارها بنسب كبيرة من أعضائها داخل اللجنة.
وقد بدا من المناقشات الأولية التى دارت وكأنها معركة بين الوحوش لتقسيم الغنائم.. وكأن الجمعية التأسيسية سوف تذهب فى تشكيلها إلى فصيل واحد هو ممثلو التيار الدينى. وهو ما دفع الأحزاب السياسية الأخرى إلى المسارعة بتقديم مقترحات تعطى لنفسها فيها نسبا عالية من التمثيل. حيث اقترح حزب الحرية والعدالة تشكيل التأسيسية من 40٪ داخل البرلمان و60٪ من خارجه، بينما أصر حزب النور السلفى على 60٪ من داخل البرلمان وأقسم ألا يغير مبادئه من أجل السياسة!
ولكن معركة المائة ــ كما أطلق عليها البعض ــ أغرت العديدين من الشخصيات السياسية الذين استبدت بهم النعرة إلى طرح أسماء لشخصيات عامة من وحى اختياراتهم ومزاجهم الخاص، فأعلن أحد قيادات الحرية والعدالة طرح أسماء بعينها لعضوية لجنة صياغة الدستور، ضمت خليطا من الكتاب والصحفيين ونجوم التليفزيون ومحررى الرياضة والفنانين وبعض القضاة ورؤساء الكتل البرلمانية والأحزاب.
لا أحد يدرى على وجه التحديد من الذى خول لهذه القيادات أو الشخصيات حق اختيار العناصر الصالحة لكتابة الدستور. ولم يفكر كل الذين سارعوا إلى اقتراح الأسماء بنسب المشاركة فى الجمعية التأسيسية فى تحديد ماهية المعايير التى يجب تطبيقها على الأعضاء المختارين للجنة المائة؟.. ما هى مواصفاتهم ومؤهلاتهم والشروط التى يجب توافرها فيهم للمشاركة فى كتابة الدستور؟ خصوصا أن الدستور يظل وثيقة شبه مقدسة تتسم بالديمومة وتعبر عن احتياجات الشعب دون تهميش لأى فئة. والمفروض ألا يرتبط بأغلبية معينة تحسم كل شىء على هواها.
والمؤكد أنه ليس كل الأعضاء المنتخبين أو غير المعينين يصلحون لعضوية لجنة المائة. ويكفى ما نشرته الصحف أخيرا عن النائب البلكيمى عضو الشعب عن حزب النور، الذى ادعى أنه تعرض لاعتداء أدى إلى كسر أنفه وإصابته بارتجاج فى المخ ترتب عليه إجراء عملية تجميل. وكذبته المستشفى التى ادعى أنه أجرى العملية فيها لمعرفة الحقيقة. وقد سمعنا فى برلمانات سابقة عن نواب الكيف وغيرهم ممن يسيئون استخدام الحصانة لتحقيق مكاسب مادية.. أى أنه ليس كل نائب يصلح للانضمام إلى لجنة المائة.
ونحن لا نقول إن هذا المجلس كالذى سبقه. ولكننا نعتقد كما طالب بذلك متخصصون كثيرون بأن تكون أغلبية «تأسيسية الدستور» من خارج البرلمان. وأن تكون مهمة التأسيسية هى وضع الضوابط والمعايير الملائمة لعضوية لجنة المائة.
وفى هذا نحن نؤيد الرأى الذى أبداه الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق بأن الفهم الصحيح للمادة 60 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس الماضى تشير بوضوح إلى أن مهمة أعضاء مجلسى الشعب والشورى غير المعينين هى انتخابات الجمعية التأسيسية للدستور لا الترشيح لعضويتها. حيث تنص المادة الدستورية على أن يجتمع أعضاء الشورى والشعب فى اجتماع مشترك لانتخاب جمعية تأسيسية من 100 عضو تضع مشروع الدستور الجديد. ويعرض المشروع خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء.
فلسفة وضع الدستور إذن، تقوم على أن يكون واضعوه بعيدين عن أى سلطة من سلطات الدولة الثلاث. وان يعبر عن جميع أطياف الشعب وليس الأغلبية البرلمانية، لأن الأغلبية بطبيعتها مؤقتة. وقد تتغير بعد أربع سنوات.
ولابد للذين يضعون الدستور أن تكون لهم خلفية قانونية.. مهنية أو شعبية أو نقابية أو دينية. وعلى درجة كافية من التعليم.
هذه الضوابط والمعايير يضعها الأعضاء المنتخبون من الشعب والشورى، ولا تترك كتابة الدستور سداحا مداحا لآراء واختيارات فردية من هنا وهناك. أو من حزب بعينه يملك الأغلبية. وإلا وجدنا أنفسنا أمام دستور مهلهل غير صالح على المدى الطويل!
ساحة النقاش