نظريات البيداجوجيا و الإبداع في المدرسة  و اقتصاد الأسرة .

،،

لا يقاس  نجاح الاطفال في مراحل التعليم الأولى بالتفوق العلمي والحصول على درجات عالية كهدف أخير للعملية التعليمية ،بل تحتاج كل عملية تعليمية ناجحة إلى أساليب تربوية ،وتطوير النظريات العلمية الموروثة لنصل إلى تعليم ينمي شخصية الطفل وقدراته . 

  في هذه المرحلة يكون المعلم مفتاحاً رئيسياً للعلم ودعم الثقة وتحمل المسئولية وتهذيب السلوك ،وتحفيز الإبداع والتعامل مع البيئة ،بشرط ان يكون معلماً حقيقياً يفهم مهمته ،يشجع التلاميذ ،يساعدهم على الارتباط بالمكان ،يوقظ تفكيرهم البصري ،ويعدهم لرؤية الصورة الكلية للموقف.

 دينا ناصف معلمة مادة التربية الفنية ،قدمت تجربة مميزة في التعليم و التحفيز وطبقت دراستها و طورتها لتؤدي دوراً تعليمياً تربوياً ملهماً  ،تخرجت من كلية التربية الفنية عام ٢٠١٠ ،  تعلمت ان  المناهج التربوية لابد أن تدعم التلاميذ ،وتحرك السلوك الانساني نحو الإبـداع ،بتشويق وإثارة.

آمنت أن تعطي معلومات و تنقل خبرات لتأصيل سلوك الإنسان  و ارتباطه ببيئته و موروثاته ، و تساعد على تكوين نظرته الخاصة للحياة ، و الإبداع و التطوير ،لتبني شخصية فعالة متحركة ليست راكدة ولا متخاذلة.

حصلت دينا ناصف  على درجة الماجستير في تطوير نظريات التعليم ،وكانت رسالتها بعنوان نظريات البيداجوجيا المعاصرة مصدر لإعداد طلاب كليات الفنون و تأهيلهم لسوق العمل في عام ٢٠١٥  ،نجحت دينا في صنع الاتساق بين الاهداف الخاصة و العامة ،مطبقة مفاهيم البيداجوجيا.

البيداجوجيا مصطلح  يعود لأصول يونانية ،ويتكون من كلمتين PED وتعني في اليونانية الطفل ،و AGOGIE وتعني القيادة والإرشاد ومرافقة الأطفال ،كان البيداجوجي قديماً هو الذي يرافق الطفل في طريقه إلى المعلمين ،وكان يتلقى العلم معه وأحياناً يستوعبه أكثر من الطفل نفسه ،ليقوم بعد ذلك بالتأكيد عليه مع الطفل ،فقد كان البيداجوجي مربياً مصاحباً للطفل.

ارتبطت البيداجوجيا بتهذيب الخُلق والسلوك ،بينما اقتصر التعليم على التحصيل المعرفي فقط ،فهي مصطلح شامل لكل ما يفعله المعلم للتأثير على  الآخرين  ليعلمهم ،لم تتعلم  دينا و تدرس ليقبع العلم بنظرياته حبيس أرفف المكتبات ،بل اصطحبت الأطفال إلى الأماكن المفتوحة ليمتد بصرهم و تتكون أحاسيسهم تجاه ما يحيط بهم.

عملت دينا ناصف معلمة بمدرسة ابنتي في المرحلة الإعدادية و هي مرحلة الدراسة المتوسطة ،وحين لم تقتنع ابنتي برسمتها للأشجار ومزقتها وألقت بها في سلة المهملات ،أخذت دينا الورقة ولصقتها ،وتقدمت بها للجنة تحكيم ،فإذا باللوحة الممزقة تفوز ،وتعود ابنتي بجائزتها بعد فوز لوحتها بالمركز الأول ،بينما فازت المعلمة بمكانة في قلوب الأطفال وأولياء الأمور.

يستطيع المعلم أن يقدم نموذج التفتح الذهني و احترام التلميذ ،فتوظيف المعرفة أساس الابداع ،ومفتاح التربية الفنية في قدرات المتعلم علـى التواصـل مـع مجتمعه ،والإحساس باحتياجاته وفهم ثقافته ،واستثمار معطياته بالتفكير الإبداعي لحل مشاكله ،غير هؤلاء المعلمين الذين يدخلون الفصول لوضع قائمة مشتريات لمنتجات جاهزة باهظة الثمن.

ترى دينا أن الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الأسر و المجتمعات يمكن أن تخف حدتها بالحلول الإبداعية ،فصنعت مع تلاميذها من مخلفات البيئة ابداعات ولوحات ،استخدمت معجون ورق الجرائد و الزجاجات الفارغة ،والخيوط ،والمعادن.

وتعد ناصف الآن رسالة الدكتوراة عن الصناعات الثقافية الإبداعية كمصدر لتنمية المرأة المعيلة،فتجوب محافظات مصر،لتصنع نموذجاً للمرأة وأثرها في المجتمع ،في محافظة أسوان والأقصر جنوب مصر ،وفي محافظات الوجه البحري ،في بورسعيد والإسكندرية ،وفي القاهرة والجيزة ،تعلمهن صناعة الورود و التطريز  و المنتجات  الفنية من زجاجات الكانز الفارغة ، تعلمهن  الرسم على القماش القديم و استخدام بواقي الخشب.

تسعى لإثبات أن التعليم والفن يمكنهما المساهمة في حل المشكلات الاقتصادية للأسرة المصرية ،تصنع دينا  التوازن بين الروح و المادة ، لتبث الأحاسيس والمشاعر والإبداعات في خامات مهدرة ،تؤمن ان الانسان يولد بملكات وقدرات متفاوتة على الابداع ، وتطوير هذه الملكات يعتمد على التدريب والممارسة ،ليساعد الفن في بناء اقتصاد الاسرة.

ثم تقوم بتسويق هذه الإبداعات في المعارض المحلية ،وتشجع المتدربات على تسويق منتجاتهن عبر شبكة الإنترنت ،فالإبداع لديها هو أداة تساعد الانسان على مواجهة مشاكله الحياتية ،ويرتبط بالمهارة والقدرة على ايجاد علاقات جديدة بين الاشياء ليظهر منتج أو سلعة أو خدمة تسد احتياجات الناس في مكان ما و زمان ما. 

 تنظر دينا ناصف للإبداع باعتباره  مبادرة تجعل صاحبها يخرج من طابور تتساوى فيه الرؤوس ليحلق مرتفعا ،يبدع حلولا ،وأفكاراً لمجتمع افضل  ،فقدمت المبادرات لربط الابداع بظهور منتج متفاعل مع البيئة  المحيطة و خبرات الإنسان الذاتية .

ظهر انتاج المبدعين من الأطفال والمبدعات من النساء ليحقق حالة من الرضا ،والسعادة ،وكان جزءاً من حل المشكلات وسد الاحتياجات لتتشابك دينا ناصف مع المجتمع فتقاوم الضغوط باتجاه محدد وعطاء منظم فتترك بين الناس ثماراً يانعة ، و يقيناً بقدراتهم على الفعل و التأثير و التطوير . 

 

 

تعددت تعريفات الابداع 

اما المبدع تجده مرنا في تفكيره متحررا من القيود الاجتماعية يسعد حين يواجه الصعاب و ينتصر ، منضبط ، مستقل ، متشابك مع مجتمعه يقاوم الضغوط ، يبذل جهدا كبيرا في مجال تخصصه ، يحدد الاتجاه و يكمل السير فيه ، المشتتات تنجح مع غيره لكن المبدع الحقيقي عطاء منظم ، يترك بين الناس ثمارا 

 

لا يميل للتسلط ، يقضون وقتا لجمع البيانات و يركبونها و يدمجونه مع خبراتهم سريعا 

،،

 

 

DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 77 مشاهدة
نشرت فى 30 أكتوبر 2018 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

651,810