لقد كان الحد الفاصل بين الإعلام والتعليم لا يكاد يكون ملحوظاً، وكان التلقين الشفوي المباشر من شخص إلى آخر، والحوار في الأسواق، أو الخطابة في دور العبادة أو الساحات العامة، أو إلقاء الشعر على الجمهور بقصد التوجيه، كلها كانت تؤدي وظيفة مزدوجة من الإعلام والتعليم، وكان هذا النوع من الإعلام المباشر تنتج عنه نهضة عقلية عظيمة ،لقد فتح ظهور الطباعة عهداً جديداً، من نشر المعلومات. عن طريق الطباعة أمكن نقل المعرفة إلى أعداد كبيرة وبنفقات أقل، وكان استخدام المطبعة في إخراج صحف تقدم للناس إعلاماً أسهل فهماً، وأقرب إلى حياتهم اليومية، وكانت تلك خطوة كبرى في طريق التقدم الإعلامي، وعندما ظهرت أولى وسائل الاتصال عن بعد التلغراف ثم التليفون ازداد الترابط الإعلامي بين الناس، واكتسب الإعلام مزيداً من الجماهيرية، وقد تحققت هذه الإمكانية بعد اختراع الراديو والتليفزيون.(٩) .

 

  إن الوضع العام  للمجتمع في العالم اليوم  يمكن ان يتحسن اذا ارتبط بالاستفادة من التطورات و الابتكارات التي أتاحتها الاختراعات و المستحدثات التكنولوجية ، مع دعم القيم المعاصرة الجيدة و انتقاء القيم الصالحة من الموروثات و  اعادة تقديمها للمجتمع بطرق عصرية تفتح آفاق الناس لأهمية التطوير و المشاركة التنموية لكل فئات المجتمع ، و اذا استفدنا من الابتكارات و التكنولوجيا نجد ان فية الاقزام من اكثر الفئات التي يمكن ان تشارك في عمليات التنمية لانهم جاهزون لذلك بشرط توافر الظروف الملائمة للمشاركة و تذليل العقبات في هذا الاتجاه ، و في كل الموسسات و لدى كل افراد المجتمع ، ففي الجامعة حين تشكو طالبة متفوقة من فئة الاقزام من عدم توافر مقعد مناسب لأداء الامتحان يتناسب مع قصر قامَتَها ، و عدم تقدير وضعها ، و تضطر لأخذ موضع غير مريح تماما للكتابة فنحن امام تقصير تجاه طالبة متفوقة يمكن ان تكون عقلا مفكرا ناضجا و مشاركا في المجتمع (١٠)

 

ان الفرص أمامنا لدعم عقل متطور للانسان المصري ، لتقدير الآخر و دعمه على المشاركة فيستطيع المشاركة و التطور خاصة هذه  الفئة  من الاقزام الذين يتسرب معظمهم من التعليم لما يعانونه من سخرية و تنمر من أقرانهم ، و لا يتدخل أحد للحد من هذه الظاهرة التي تعوق تعليمهم و مشاركتهم في خطط التنمية (١١)

إن الإعلام العصري هو الذي يستطيع توجيه الجهد الإنساني بما يحقق نمو المجتمع وأفراده، وقضية القضايا في برامج التنمية هي إيجاد الحوافز لدى أفراد المجتمع ليشاركوا بالجهد المنظم في تنفيذ خطط التنمية وبرامجها، وتأهيلهم لهذه المشاركة بكل الطرق الممكنة (١٢) . إن وسائل الإعلام مؤسسات اجتماعية تربوية في عصرنا الحاضر ويصل تأثيرها إلى قطاعات عريضة من فئات المجتمع، لذلك يجب استثمارها والإفادة منها لتنمية المهارات اللازمة للسلوك الابتكاري، وتنمية الاتجاهات الايجابية، والتفكير الابتكاري في حل المشكلات، حيث تعتبر وسائل الإعلام من أهم مصادر المعرفة، بل ومن أقوى وسائل ووسائط التربية (١٣).

وقداستطاعت وسائل الإعلام أن تحطم الفروق الطبقية وحققت صحة الفرضية القائلة بفاعلية نشر الأفكار المستحدثة فى التغيير الاجتماعى خاصة فى الدول النامية. وكذلك فإنه يتم تعميق أفكار الحراك الاجتماعى، وإثارة تطلعات الناس بحياة أفضل، وإمكانية تطوير قدراتهم لتحقيقها عن طريق وسائل الإعلام التى يمكن أن تبث هذه الأفكار الجديدة مستهدفة الأشخاص المؤثرين فى المجتمع، أو ما يطلق عليهم قادة الرأى ثم إلى باقى الجماهير، فمتى أثير اهتمام الناس فإن ما يصلون إليه من قرارات يتوقف على تأثير الوسائل الشخصية أكثر مما يتوقف على أساليب الإعلام الجماهيرى. لذلك لابد من صياغة الرسائل الاعلامية الهادفة الى نشر الافكار الجديدة للناس بما يتلائم مع الجمهور المستهدف منها وهنا يمكن تحديد معايير خاصة للرسالة الاعلامية منها:

1. دراسة الجمهور بشكل جيد وتطوير الأداء لتصبح الرسالة قادرة على تحقيق هدفها.2. ملائمة أسلوب الرسالة للمتلقى بما يتواكب مع ثقافته واهتمامه.3. كمية المعلومات المتضمنة فى الرسالة.4. مدى استثارة الرسالة للمتلقى بكيفية الطرح.5. ترتيب مضمون الرسالة.6. تضمين الرسالة الحجج والبراهين والأدلة لتعزيز التأثير.7. وضوح خاتمة الرسالة.

 

  وكذلك هناك معايير خاصة بالجمهور المستهدف ومنها:

1. الخصائص الديموغرافية كالعمر والجنس والتعليم.2. الخصائص الحضارية كالعادات والتقاليد.3. الخصائص الاجتماعية للفئة التى ينتمى اليها الفرد عليا، متوسطة، دنيا.4. درجات التبنى للأفكار الجديدة وقابلية المستقبل للتغيير والتخلى عن معتقدات قديمة.5. انطباعات الجمهور عن الموضوع الجديد.

  إن الجمهور لا يتعلم من وسائل الاعلام فحسب، ولكن يتعلم أيضا كم تبلغ أهمية الموضوعات وفقا لما تلقاه من وسائل الإعلام التى تلعب دوراً اجتماعياً بإثارة الاهتمامات عند الجمهور حول موضوعات معينة يمكن أن تظهر فيما بعد باعتبارها رأياً عاماً، وبالتالى يمكن للإعلام أن يقوم

بتهيئة الناس لأدوار جديدة تتلاءم مع خطوات الخطة القومية. (١٤) ، فإذا كانت خطة الدولة هذا العام هي توجيه الجهود لدعم مشاركة ذوي الإعاقة و الاقزام و تمكينهم من المشاركة في التنمية و التطوير و تحقيق طموحاتهم التي لا تنفصل عن طموحات المجتمع كله و أهدافه و خططه  ،  

ان الاعلام يستطيع ان يواكب خطط التنية بافكار جذابة عصرية علم جانبين على قدر كبير من الاهمية 

أولهما : دعم تأهيل القدرات البشرية و استثمار طاقاتها ، و دعم جهود التعليم و اتاحة فرص المعرفة ، و تنمية المهارات ، وتحسين صحة الناس و تجنب اسباب الاعاقات خاصة فيما يتعلق بالقزامة 

ثانيهما : تطبيق المعارف و المهارات و طرح فرص و توسيعها للاستفادة من كافة فئات المجتمع بالبحث عن افكار جديدة لتقديمها في اطار المشاركة في العملية التنموية

 

 

 

٩- فؤاد زكريا. التفكير العلمي. (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2001). ص ١٠٤ 

 

١٠- مقابلة مع رهف عمرو طالبة بإحدى الجامعات الخاصة ، بتاريخ ٨ اكتوبر ٢٠١٨ متاحة على شبكة الانترنت على  

١١- مقابلة مع دكتورة هناء ممدوح متخصصة في التربية الخاصة بتاريخ ٢٠اكتوبر ٢٠١٨ متاحة على شبكة الانترنت على 

١٢-  ،سامية الساعاتي.المرأة والمجتمع المعاصر.(القاهرة :الهيئة المصرية العامة للكتاب،2006) . ص ٢٦١

١٣- كمال عبد الله  ، عبد الله قلى. مدخل إلى علوم التربية. متاح على شبكة الانترنت على الموقع التالي:

http:\\www.ensb.dz13/10/2008    ص ١٨٨

 

١٤- نادية النشار ، الشعب يريد اعلام و تنمية  دار توشكى للنشر و التوزيع ، القاهرة ٢٠١١  

 

 

 

 

 

DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2018 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

651,935