جانب من متعة الحياة انها تجربة تعتمد على مجموعة من الاختيارات و الاختبارات و النتائج، و من عظمة التجربة ان عناصر نجاحها متاحة، بعضها نكتسبه بأنفسنا من تجاربنا المباشرة، بالخطأ و الصواب و النتائج المباشرة للتعلم الذاتي من ادراك الحواس و الذاكرة، و بعضه نعرفه من قدرتنا على التحصيل و التفكير و التفسير و التحليل و الفهم ، كتالوج و قواعد و معايير، تختبرها اثناء الرحلة، خذها بمتعة الاستكشاف و النجاح و الانتقال إلى مستويات أعلى، 

من المثير في التجربة انها لابد ان تظل مثيرة للنهاية، كمباراة كرة مهما كان مستوى الفريق و الاعداد و الاستعداد الا ان هناك جزءا من المغامرة و عدم التوقع و هذا يدفع الفرق للاستمرار في اللعب و يدفع الجمهور للاستمرار في المتابعة،

يبدو اننا سنتحدث في هذا الموضوع عن المرونة و التقبل، و عن العمل،. و توجيه الافكار و المبادرة في اعداد قائمة لما نفكر فيه بدلا من ترك الأفكار للعشوائية و القلق و الخوف، سنتحدث ايضا عن مستويات الاتصال و بيئة الاتصال، و عناصر الاتصال، و عناصر التشويش التي توثر على جودة عمليات الاتصال. 

في المعجم الوسيط "الخوفُ: انفعال في النَّفْس يَحدُث لتوقُّعٍ ما يَرِد من المكروه أو يفوت من المحبوب"؛

و على ذلك فمعظم الخوف يبنى على توقعات، و افتراضات، و له جانبان اذا جعلك تستعد و تتأهل فهذا هو الجانب الايجابي، اما اذا استسلمت للمخاوف و توقفت عن الحياة فهنا المشكلة،

 حين تأملت موضوع المخاوف التي يمكن ان تنتابنا في عمليات الاتصال المتعددة، وجدت انه رغم ان الخوف فطري، و يبدأ بفكرة تدور في رأس الإنسان منذ طفولته المبكرة، الا انه ينمو في المستوى الثاني من مستويات الاتصال و هو الاتصال المباشر للطفل مع الأم و الاب و الأسرة و مقدمي الرعاية و كل عناصر بيئة الاتصال المحيطة به من دلالات و تشويش ، 

ثم تستقر المخاوف في عمليات الاتصال الذاتية و اذا لم يتم التعامل معها بوضوح و تفسير، اثرت على رحلة حياة الإنسان تأثيرات شديدة، 

و الخوف في حد ذاته مخلوق مع الإنسان و يدفعه للحفاظ على الحياة و التطور، 

فالخوف دفعه للاحتماء ببيت و تطوير الحياة و البحث عن الدواء، و الراحة و الرفاهية، 

ينمو الخوف من خلال علاقات الإنسان الأولى، فلا ينبغي على الأسرة او مقدمي الرعاية تضخيمه و لا تجاهله فهو ضرورة من ضروريات الحياة، 

 و كثيرا ما يرتبط الخوف بالحزن، لان معظمه ناتج عن توقعات سلبية، 

فيرتبطا و يشكلا  العبء الثقيل على النفس و الروح و الجسد، 

و تتجلى المخاوف في عمليات الاتصال الذاتية غير المنظمة فهي تعزز الشعور بالقلق و التوتر و الخوف، ثم تنعكس بعد ذلك على كل عمليات الاتصال في كافة مستويات الاتصال، المواجهي و الجمعي و العام و الوسطي و الجماهيري، 

و من اكثر المخاوف انتشارا الخوف من مواجهة الناس، الخوف من مواجهة الجماهير، و قد تتطور إلى حالات الرهاب الاجتماعي، و نجد الخوف من الموت، و الخوف من الأمراض و الخوف من المستقبل و الخوف من الفقد و الهجر و الخيانة، الخوف من تقلب المشاعر، الخوف من الفقر و الاحتياج، 

بعض الخوف مبالغ فيه، و بعض الخوف موضوعي، 

تعلم مهارات الاتصال الذاتي و فوائده و اثره العظيم؛

فالخوف من الشعور بالوحدة من أكثر حالات الخوف انتشاراً خاصة لو كنت متعلقا بأحد و تشعر بالتهديد من الفقد، ففكرة العيش بعيداً عن شخص تعلقت به تغرق الإنسان في حالة من الخوف و الحزن والألم إلى درجة ان بعض الناس تسيطر عليهم هذه المخاوف لدرجة الاكتئاب، من المفيد هنا تطوير الاتصال الذاتي و تطوير شبكة العلاقات الداعمة، و التوازن في ادارة الاوقات مع من نحب، 

اساليب التغلب على  المخاوف؛ 

_ تقبل الفشل 

الفشل أمر طبيعي في رحلة الحياة، نصادفه، تذكر فشلك في تجارب تعلمت منها،. و فشلك الذي كنت تتوقعه و غامرت، تعلم و تقبل فقط

_ احتضن نجاحك

بعض الناس يخافون النجاح لانهم يفكرون في التزام النجاح، و ضوابطه و يخافون من عدم استمراره فيقبعون في مناطق الراحة التي لا اهداف فيها، حياة و تمضي، و تنتهي،

عش تجربتك الخاصة بتجاحها و خبرات الفشل فيها. 

 - تقبل بعض الخسائر و تعلم ؛ 

ترتبط الخسائر بالغضب المصاحب لها،. اغضب،. و حاصر وقت الغضب،  الغضب جيد لانه ينقلك لمنطقة رضا،. فاسرع اليها و تقبل انها احداث عادية يقع فيها الجميع و اعلن ذلك ببساطة، تحدث عن التجربة و حجم الخسارة، بعض الخسائر هي الثمن الذي ندفعه للتعلم، 

_تخلص من السيطرة؛ 

لا تخف من فقدان السيطرة، الحياة لا تسير وفق كتالوج تضعه انت، لكنها قوانين وضعها رب الكون في ملكوته و نحن جزء من كل متشابك، لا بأس ان تستسلم مرة بعد نحاولات لم تيسر و دق ابواب لم تفتح، لا ما نع من القفز إلى قدر من الاستسلام 

 

_ادارة الوقت:
وجد الباحثون ان الخوف من ضياع الوقت و عدم الانجاز و سرعة الحياة و الخوف من الغد و زيادة القلق من الوقت،. اعرف متى تقضي اوقاتا جميلة، و خطط للابقاء عليها، مع تحويلها لانجازات، ضع قائمة من المهام اليومية، و تخلص من الالهاء و التشويش. 

 

_ انتبه لما يدور في الخفاء؛ 

تعامل مع خفائك و راقبه،انت وحدك لا غيرك تعرف من أنت حقا، 

تعرف ما تقوله سرا في اتصالك الذاتي، و تعرف ما يحدث في عمليات الاتصال الأخرى، تدرك ما هو حقيفي و يتوافق معك و ما هو زائف و يتعارض معك،

الجميع لديهم ما يعرفونه عن انفسهم و لا يعرفه غيرهم،. الوعي هنا في عمليات الاتصال الذاتية و السعي نحو الاتساق و تحسين الحياة يقلل هذه المخاوف إلى أقصى درجة، فالخوف من التجاوزات السرية حتى مع الافلات من العقوبات الدنيوية كفيل بان ينغص على الإنسان حياته، فانتبه. 

_ تخلص من الأحكام و لا تحكم؛ 

لا يستطيع القاضي ان يحكم الا بأدلة، حتى حكايات الصادقين تمتلأ بمشاعرهم، و ذاكرتهم، فتجدها ذاتية، و اذا حكى اثنان من الصادقين حكاية سيحكي كل منهما امرا غير الاخر، 

و يخطيء الناس حينما يختصرون الحكم في مراقف عابرة سطحية ان الاحكام تستغرق وقتا للتحري و الدقة،. فلا تتورط في احكام،. و لا تخف منها،. الناس يحكمون بسطحية و لا يعرفون عمق الاشياء و معظمهم كذلك، لا تكن هكذا و لا تخف، دع مبادئك تسود.  إرضاء  الناس لا يمكن عليك فعله فهون عليك و افعل ما يناسب قيمك و حسن من ادائك 

_ كن ذاتك و لا تخف على هويتك

احذر الايجو الذي يحمينا بمبالغات كبيرة للحفاظ على هويتنا و اذا استسلمنا يتشرس الايجو ليضعنا في مواقف دفاع و حماية و صراع دائم، 

 إذا وجدت من يتعارض مع هويتك، ليس عليك الا ان تحدد قيمك و تحدد دائرتك و تحافظ عليها و لا تقف امام التطور، 

_ تقبل ما لا تعرفه حتى تعرفه او لا تعرفه اذا لم تحتج إلى ذلك، نحن نرتاح لما نعرف و نعادي ما نجهل،. تخلص من هذا العداء و تقبل بعض التجارب ليزداد المعلوم و تقبل انه سبظل الكثير مجهولا، 

و هنا يبرز الخوف من المستقبل؛ 

فالمستقبل باعتباره مجهولا حتى و انت تعد نفسك له، الحياة نفسها تخلو من الضمانات، 

 

_اهتم بالصحة :

يعد الخوف من المرض من أكثر المخاوف اثرا على النفس، و التعامل مع مفاجآت الأمراض و الآلام الجسدية، و السبيل الوحيد لتقليل الخوف من المرض هو الاهتمام بالصحة، التغذية الجيدة و ممارسة الرياضة، و التنفس الجيد، و تجنّب العادات الصحية الخاطئة واتباع اسلوب حياة صحي متكامل،

_ اهتم بمهاراتك؛

مع ازدياد الازمات الاقتصادية و مع انتشار التكنولوجيا و الذكاء الاصطناعي، و استغناء المؤسسات عن موظفيها، ازدادت المخاوف من فقدان العمل و ازدادت مشاكل العمل بصفة عامة، فالخوف من فقدان العمل يؤدي إلى الكثير من المشاكل النفسية و العملية و ايضا بعض المشاكل في ادارة العلاقات نظرا لانتشار الصراعات و المنافسة غير الموضوعية، ، و مع زيادة المخاوف اما انك ستفرط في اداء المهام، تنتحر إلى حد الاحتراق الوظيفي،. او تهمل إلى حد التقصير، او تدخل في صراعات تنغص عليك حياتك المهنية و النفسية و العائلية ايضا، 

وَ هنا  يمكنك فقط ان تكون الشخص الذي لا يكون سهلا ان يستغنى احد عنه، بالابداع و المهارات الشخصية و المهارات في العمل . 

الخوف من الموت و  ماذا بعده؛ 

لا أحد يعرف ماذا يأتي بعد هذه الحياة، لكن الإيمان بالله و اليقين و الاطمئنان لصفات الخالق العظيم يطمئن و يدفع لجودة الحياة.

توازن بين الخوف و الرجاء، فالخوف فقط يدفع الإنسان إلى اليأس، و الرجاء مع الاخذ بالاسباب يجعلك في مأمن، و الحب لله و التعلق برحمته يساعد على الحياة الأفضل، و كما قال بعض الصالحين اكمل الأحوال اعتدال الخوف و الرجاء و غلبة الحب،


التخيلات الوهمية 

أحيانًا يغرق الإنسان في اوهام و تخيلات يضخمها لنفسه اذا واجه مشكلة او موقف ليكون الخوف اكبر من حجمه الطبيعي، و هنا ينبغي ان يزيد الفرد معارفه و خبراته و يتحدث مع الخبراء او المختصين  للحصول على معلومات تهديء مخاوفه. 

 

 

قد يتطور الخوف الموضوعي إلى خوف غير موضوعي و أبرز أنواع الرهاب؛ 

1. اضطراب الخوف من الأماكن المفتوحة

 والأماكن العامة المزدحمة،

2. الرهاب الاجتماعي

يقع الإنسان في هذا الخوف نتيجة مستوى الوعي المتدني حول ذاته فيقبع في مرحلة العار و عدم الثقة في ذاته. 

3. الرهاب من الحيوانات و الحشرات و المرتفعات، و اللملكن الضيقة او المغلقة، 

او الخوف من الألم الحقن الدم الطبيب 

يمكن مراجعة موضوعات السيكوسوماتيك

فيتطور احساس الخوف إلى أعراض الرهاب؛ من دوار و تعرق و غثيان و ضربات القلب و الم المعدة و الرعشة و غيرها 

يحول الخوف المفرط الحياة إلى معاناة 

.

واجه خوفك؛ 

حسن صحتك و انتبه للتغذية و التنفس و النوم، رحلة الحياة تتطلب الاعتناء بعناصرك و ادواتك الأساسية الروح و النفس و الجسد، 

ثم تأتي بعض التقنيات المساعدة؛ 

الكتابة، تساعد الكتابة على وضع المخاوف على الطاولة، و الوعي بالاتصال الذاتي و ما يدور من حديث النفس فيه، هذا الوعي كفيل بتحسين الاتصال بالذات ما ينتج عنه تحسين في باقي مستويات الاتصال و ينعكس على حياة الإنسان ، ثم يوجه ما يكتب نحو سرد المخاوف و التصريح بها فهمها و التدرج في تعميق فهم حالته، الفهم قوة، و يحدد نوع مخاوفه موضوعية ام مبالغ فيها، ليصل إلى تقدير ذاته و الامتنان لخبراته حتى الصعبة منها ،

استثمر الخوف بزيادة الوعي برحلة الحياة و طبيعتها، 

و رفع المهارات و تقدير الذات و المشاعر، و تقبلها بمرونة و حب

اذا كنت تخاف من الناس و المواجهة و لا تستطيع تحقيق الاتصال الجيد تدرب وتقمص الأدوار في بروفات كأنك تستعد لعرض مهم، التدريب يأتي بنتائج عظيمة الأثر. فالاعداد و  التخطيط  يساعد  على مواجهة المواقف بشكل أفضل. 

كل المخاوف تبدأ من المستوى الأول من مستويات الاتصال و هو الاتصال الذاتي، بعض المخاوف تقبع فيه و تظهر في مشاكل نفسية او مشكل نفسية جسدية، خاصة حين لا يتم إدارة عمليات الاتصال الذاتية و الوعي بها و تعلم تقنيات  التفريغ و التحرر، و اذا تم علاج مشاكل الاتصال الذاتي مبكرا قلت المخاوف غير الطبيعية، و تحددت المخاوف الموضوعية في اطار الحياة و تفاصيلها و التعامل مع المواقف المتعددة فيها، 

كل المخاوف التي تظهر في الاتصال المواجهي المباشر بين الناس او الاتصال الجمعي العام او الاتصال الوسطى و حتى الاتصال الجماهيري لها جذر بدأ في اضطراب او خلل في عمليات الاتصال الذاتي. و من المفيد الإنتباه مبكرا خاصة انتباه الوالدين او مقدمي الرعاية للأطفال، و اذا لم يتم الانتباه المبكر فمتى ينتبه الإنسان يبحث و يسعى لمعالجة المخاوف مع يقظة الوعي، 

و اخيرا؛ 

الحياة رحلة قصيرة فمن انت ايها الخوف لتفسدها 

المصدر: دكتورة نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

642,304