(*) نظرات : حينما يجد الجندي العدو أمامه وبيده بندقيته فان لم يجدالبندقية فمواجهته بيده فان لم يجد فبأي شيئ حتى يواجهه بنفسه لاينتظر من يصوره أو يكتب عنه ليشهد على انتصاره بل يتصرف بملء شجاعته ورجولته هكذا يصور لنا الاستاذ فهمي هويدي ما أقدمت اليه بعض العقول المصرية المستنيرة لتحسم مشكلة ما فألقت بالوزارة والوزير والمسئول وراء ظهورها وأفاقت للحل بارادتها بمالها دون انتظار لجائزة النصر لنقرأ ما كتب الكاتب
==============================================
** عادت الابتسامات إلى وجوه أهالي قرية كفر العرب بمحافظة دمياط، التي كان الحزن قد خيم عليها خلال السنوات الأخيرة، بعدما ضاقت عليهم أبواب الرزق، وبدا كأن الدنيا اسودَّتْ في وجوههم؛ ذلك أن أهالي القرية التي اشتهرت بتربية الماشية وتصنيع الأجبان أدركوا أن أسعار الأعلاف زادت بحيث تجاوزت حدود احتمالهم، فما كان من المربين إلا أن اتجهوا إلى التخلص من قطعان الماشية بالذبح. وأدى ذلك إلى إغلاق نصف مصانع منتجات الألبان في القرية. لكن أزمتهم بدأت في الحل بعدما نجح بعض الباحثين في تصنيع علف جديد للماشية بجودة عالية، من البواقي الزراعية في القرية التي كانت تحرق، أو تُلقى كمهملات في كل موسم.
هذا الجهد وراءه قصة غريبة ومدهشة أيضًا، أبطالها مجموعة من الباحثين المغمورين الذين اختاروا منذ سنوات أن يحاربوا الفقر في معاقله، وبأيدي الفقراء أنفسهم، فشمروا عن سواعدهم، واستخدموا معارفهم العملية وخبراتهم لحفر مسار جديد للتفكير والتطبيق، وبدءوا رحلتهم منذ نحو عشرين عامًا. صحيح أنهم لم يغيروا شيئًا في أوضاع المجتمع المصري، لكنهم زرعوا "فسائل" للأمل في بعض أنحاء مصر، والتزموا بنهج النمل في التحرك والبناء.
الفكرة المحورية في مشروعهم كالتالي: أن مصر بلد زراعي في الأساس، وريفها هو الأكثر معاناة من الفقر والتخلف والبطالة، والزراعة لها مخلفاتها التي تهمل وتحرق وتتحول إلى نقمة أحيانًا، رغم أنها تشكل ثروة لمن يعرف قيمتها. ولأنهم يعرفون جيدًا قيمة تلك الثروة، فقد اتجهوا إلى تصنيع البواقي الزراعية، منطلقين من أنها تمثل شريانًا للإنعاش الاقتصادي في مصر الأخرى.
ساحة النقاش