نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

                       

            

فإذا انتقلنا إلى ما أصاب التركيبة النفسية للعمال نتيجة هذه الحياة التي يحيونها وتلك المعاملة التي يعاملهم بها المجتمع لوجدنا أن العامل المصري قد تغير كثيرا فلم تعد لديه الرغبة في إتقان ما يعمله فخرج انتاجه ناقصا أو مشوها , ولم يعد لديه الإنتماء لمصنعه أو شركته بل أصبح يشعر بالغربة تجاه مكان عمله ور بما تجاه وطنه , ولم يعد مبدعا في عمله إذ يتطلب الإبداع حالة من انشراح الصدر وصفاء البال والرضا , وهي أشياء يفتقدها العامل المصري بشدة , ولم يعد العامل المصري مهتما بالنواحي الجمالية في إنتاجه إذ هو يفتقد الرؤية الجمالية في مسكنه العشوائي وفي الشوارع التي يسير فيها كل يوم وفي الميكروباصات التي يركبها وفي الأغاني التي يسمعها , ولم يعد العامل المصري طيبا وصبورا ومتسامحا بل صار خشنا عنيفا جراء ما يجده في المجتمع من فقر ومرض وضغوط حياتية ومصادر للقهر , ولم يعد العامل المصري مؤمنا بالعمل والجهد والكفاح طريقا للكسب والترقي وإنما اتجه للنفاق والفهلوة والدسائس ليقترب من مديريه ويحصل على ما يريده , ولم يعد العامل المصري كريم النفس بل صار يقبل الرشوة أو التسول في بعض الأحيان ليحل مشاكله خاصة في وقت الأزمات وما أكثرها في حياته . وهذه الصفات السلبية ليست لازمة للعامل , إذ نجد أنه يتخلى عنها ويظهر معدنه الأصيل حين يوضع في منظومة إنتاجية صحيحة وسوية وخالية من الفساد والإفساد في داخل أو خارج الوطن .

               


وربما يكون من الأنسب أن نضم عيد العمال إلى يوم اليتيم , فقد أصبح العامل المصري يتيما بعد أن تخلت عنه الحكومة أو لم تعد قادرة على حمايته ورعايته وسلمته وسلمت مصيره إلى المستثمر الذي باعت له المصنع أو الشركة , وهذا المستثمر لم يأت إلى هنا ليرعى ذلك العامل بل جاء ليخطف خطفته من المال ليستمتع بها في بلده , وليذهب العامل إلى الجحيم . وهذه هي الأزمة التي ستواجهها مصر في الأيام المقبلة , أزمة العمال المسرحين والمطرودين والمظلومين والجائعين والغاضبين , تلك الأزمة التي ظهرت بوادرها منذ فترة في تلك الجموع المعتصمة في المصانع أو على الأرصفة أو في الشوارع . ولم يعد أحدا قادرا على رعاية هذا العامل , وما يصدر من تطمينات ووعود ماهي إلا مسكنات لن تصمد كثيرا أمام قسوة الجوع والحاجة والإحباط والغضب وتراكم أعداد المسرحين , ولا حل سوى أن تعلن الدولة مرة أخرى تصحيح انتمائها لهذا الشعب , وتخليصه من سيطرة وسطوة رجال الأعمال الذين ما عملوا يوما إلا لمصالحهم الخاصة , وعلامة ذلك أن يستطيع رئيس الوزراء الذهاب إلى مقره في شارع القصر العيني وأن يتحدث مباشرة مع العمال المفترشين للأرصفة ويسمعهم جيدا وفي نيته حل مشاكلهم (بحق وحقيق وليس الإلتفاف حول مطالبهم) وأن يعود العمال إلى مصانعهم وشركاتهم ومنازلهم وقد تأكدوا أنهم أصبحوا محل الرعاية والحب والإحترام , وأن يعود قصر الرئاسة من منتجع شرم الشيخ إلى وسط القاهرة , وأن تتراجع جحافل الأمن المركزي لتعطي الفرصة لحوار مباشر بين الناس وحكامهم , وأن تتخلى الدولة عن حالة الصمم السياسي والعناد السلطوي وتنزل إلى الشارع دون خوف أو قرف أو اشمئزاز من العمال والفلاحين والكادحين والجائعين وكل من أكلهم الفقر والمرض وصاروا تحت خط الإبادة ونحن عنهم غافلون .

==========================================

* انتهى كلام الاستاذ الدكتور محمد المهدي والمقال  يستدعينا لوقفات مع أنفسنا ومع كل مسئول فالعرض الذي أفرد له الدكتورآنفا كشف آلاما نستشعرها جميعا ونشاهدها ونعيشها لكن دون حراك  !!

المصدر: من مقال للدكتور / محمدالمهدي الاستشاري النفسي بعنوان هل مازال للعمال عيدا؟ والعنوان الحالي بتصرف من الموقع
  • Currently 213/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
71 تصويتات / 747 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2010 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

619,092

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه