ثانياً: جامعة الدول العربية:
كان للمجموعة العربية مداخلة جماعية فى أول دورة للجمعية العامة للأمم المتحدة تناقش موضوع حوار الحضارات، وهى الدورة 54 للجمعية العامة، وتحديداً فى 10 ديسمبر 1999 حيث ألقى وفد قطر بياناً باسم المجموعة العربية عرض فيه الموقف العربى من الحوار بين الحضارات الذى يستند على إيمان الدول العربية بحوار الحضارات ونبذها للصراع بين الحضارات، والدور الرائد للحضارة العربية الإسلامية فى إثراء الحضارة الإنسانية، حيث شكلت إنجازاتها فى مجالات العلوم والفنون جسراً من الإبداع ربط الحضارة القديمة بالعصر الحديث، والذى أوصل إلى الإنجازات الحالية التى هى تراث مشترك للإنسانية، والتحديات التى تطرحها ظاهرة العولمة فى ضوء طغيان القوة وعدم الاعتراف بالآخر ومحاولة الهيمنة عليه، وبالتالى تهديد الهوية القومية والخصوصية الثقافية للشعوب والأمم الأخرى. وأكد البيان ضرورة تفادى تلك التحديات وما تحمله من مخاطر عبر حوار للحضارات يقوم على المساواة والعدل والتنوع والسلام وعلى أساس ثقافة السلام القائم على العدل والتسامح. وأوضح البيان أن تحقيق الحوار يجب أن يستند إلى إزالة أشكال الاحتلال الأجنبى والهيمنة واحترام سيادة الدول ووحدتها الإقليمية واستقلالها السياسى وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، فلا تسامح مع بقاء الاحتلال والعدوان. كما يجب أن يستند إلى إزالة العقبات التى تعيق إعمال حق الشعوب فى تقرير المصير، وعدم جواز استخدام القوة أو التهديد بها وعدم جواز اكتساب أراضى الغير بواسطة الحرب. وهكذا ربط البيان بين حوار الحضارات وثقافة السلام من جهة ونضال الدول العربية من أجل التوصل إلى تسوية سلمية شاملة وعادلة ودائمة للأوضاع فى الشرق الأوسط، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وكذلك التأكيد على محورية دور الأمم المتحدة فى حوار الحضارات.
إلا أن جامعة الدول العربية دخلت متأخرة نسبياً فى مجال حوار الحضارات، ولم يحدث ذلك إلا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وتخوف بعض الدول العربية من تعرضها لضربات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها عقب الانتهاء من ضرب أفغانستان. كما أن مجمل الدول العربية بدأت تدرك مخاطر الربط بين العروبة والإسلام من جهة والإرهاب من جهة أخرى وما صاحب ذلك من محاولات سياسية وإعلامية وثقافية فى الغرب للتعريض بالحضارة العربية الإسلامية. وأخيراً وعت الدول العربية ضرورة القيام بجهد داخل الدول الغربية ذاتها لمواجهة مروجى التفسيرات المتطرفة أو المتشددة أو الجامدة للإسلام والترويج بالمقابل للفكر الإسلامى المستنير والمنفتح تجاه الآخر وثقافاته وأفكاره.
وقد جاء التحرك العربى ممثلاً فى اجتماع عقده وزراء الخارجية العرب على هامش الاجتماع الاستثنائى لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامى بالدوحة يومى 8 و 9 أكتوبر 2001، ناقشوا خلاله هذه المسائل، وأقروا مبادرة طرحها أمين عام الجامعة للدعوة لتجمع فكرى عربى فى إطار الجامعة يشارك فيه المثقفون والأكاديميون والمفكرون العرب من مختلف الدول والمراكز البحثية العربية داخل وخارج الوطن العربى لبلورة صيغة عملية ومحددة تشمل سبل مواجهة الحملة ضد العرب والمسلمين وتصحيح مصادر الخلل الفكرى والثقافى داخل العالم العربى وصورة العرب والمسلمين فى الخارج.
وبالفعل أعدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ورقة عمل تحضيراً للتجمع الفكرى الذى أقره اجتماع الدوحة والذى عقد فى نهاية نوفمبر2001 فى مقر الجامعة بالقاهرة وتناولت مقدمة هذه الورقة النظرة السلبية ومحاولات التشويه فى الغرب للهوية العربية والثقافية الإسلامية، واعتبرت هذه النظرة مستمرة منذ قرون عديدة، وإن فترت هذه النظرة -أو ربما التعبير عنها- خلال المواجهة بين الكتلتين الشرقية والغربية إبان الحرب الباردة، ثم عادت للبروز فى العقد الأخير حيث تم الترويج للصراع والصدام بين الإسلام والغرب. وساعد على ذلك آراء متشددة صدرت من أفراد وجماعات داخل العالم الإسلامى وممارسات اتسمت بالعنف والإرهاب قامت بها جماعات محسوبة على الإسلام وكذلك ممارسات متخلفة تتم داخل مجتمعات المسلمين أو أحياناً بواسطة بعض حكوماتهم. وأدى كل هذا إلى إلقاء تبعة وقوع أعمال إرهابية فى أى مكان فى العالم على عاتق العرب والمسلمين فى مجملهم. وتأكدت هذه النظرة للعروبة والإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن، وانعكس ذلك على العرب والمسلمين المقيمين فى أوروبا وأمريكا وصار له تأثيره على المفكرين والكتاب ووسائل الإعلام ودوائر صنع القرار فى الغرب.
المصدر: د. وليد عبد الناصر - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/Y1UN17.HTM
نشرت فى 13 أكتوبر 2011
بواسطة mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
284,108
ساحة النقاش