3-
التعاون بين التنظيمات الإرهابية والإجرامية:
يشهد مسرح العمل الإرهابى تعاوناً بين فرق المنظمات الإرهابية فى العديد من الدول بلغ حد قيام البعض منها بعمليات لحساب البعض الآخر، ناهيك عن التعاون المشترك فى التخطيط وتنفيذ العمليات. كما اتسمت ظاهرة الإرهاب بالتعاون المكثف بين بعض المنظمات الإرهابية وبعض منظمات الأنشطة الإجرامية فى العديد من المجالات منها الاستخبارات والتخطيط لعمليات إرهابية وتنفيذها والتدريب والحصول على الوثائق المزيفة وبيع وشراء السلاح وتهريبه وتبادل المعلومات والخبرات وغسيل الأموال وتبادلها.
4-
بؤر التوتر بعد الحرب الباردة:
يعد وجود بؤر للتوتر فى مختلف مناطق العالم دافعاً من الدوافع الأساسية لنشاط الظاهرة الإرهابية على المستوى الدولى، حيث يساهم هذا إلى حد كبير فى قيام العديد من الأنشطة الإرهابية التى تمارسها بعض الجماعات سعياً للتخلص من تلك المشاكل أو رغبة فى وضع نهاية للمعاناة المرتبطة بها . ومثال على ذلك منطقة الشرق الأوسط التى تضم نحو 23% من حجم عمليات الإرهاب عالمياً .
ومع نهاية الحرب الباردة أيضا ازداد نفور العديد من الشعوب والمجتمعات من الهيمنة الأمريكية، وبرزت عدة جماعات إرهابية هدفها ممارسة العنف وأعمال التخريب ضد المصالح الأمريكية خارج وداخل الولايات المتحدة انتقاماً منها لسياستها العدائية المتغطرسة ضد بعض الشعوب. ومن هذه التنظيمات شبكة القاعدة بقيادة أسامة بن لادن التى أعلنت الجهاد ضد الشيطان الأكبر الولايات المتحدة ، كما كان من أبرز ظواهر نهاية الحرب الباردة التى فاقمت من حدة ظاهرة الإرهاب تلك الحيوية المرعبة لتدفق الأزمات الداخلية فى بعض الدول والتى تحولت إلى شبه حروب أهلية أحياناً كما فى الجزائر وحروب أهلية حقيقية كما فى رواندا ويوغوسلافيا السابقة والصومال وكوسوفا... وذلك بفضل حدة النعرات الدينية والإثنية العرقية المتطرفة بما يساهم فى زيادة حدة الظاهرة.
فنهاية الحرب الباردة لم تؤد إلى نهاية الإرهاب، بل على العكس زاد عدد العمليات الإرهابية وتعددت دوافع وأسباب الإرهاب فى أنحاء العالم. ولم يتحقق الأمل بأن تضع نهاية الحرب الباردة والصراع بين القطبين الكبيرين حداً لظاهرة الإرهاب أو تؤدى لانخفاض حدتها لانتهاء الحاجة الى الاستخدام السياسى للظاهرة كوسيلة للحرب المحدودة أو ممارسة الحرب بالوكالة. فقد تصاعد دور العوامل الثقافية - الدينية - القيمية - العقائدية فى الإرهاب بعد الحرب الباردة وفاق دور العوامل الاقتصادية.
5-
الصراع على السلطة:
فى إطار استخدام الإرهاب كأداة لإدارة التفاعلات السياسية داخل بيئة النظام السياسى، وفى دولة ما، فإن من أهم دوافع هذا العمل والذى يدفع القائمين به لممارسته مهما اختلفت اتجاهاتهم هو إسقاط الحكومات أو العمل على تغيير طبيعة النظام السياسى والانقضاض على السلطة بسلاح الإرهاب أو تغيير القوانين والسياسات التى تتبعها إحدى الحكومات أو النيل من فئة أو طبقة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية لها مكانتها فى الدولة أو إحداث تغييرات جذرية فى بنية السلطة.
فالعنف الإرهابى فى حالة الصراع الداخلى ليس مقصوداً فى حد ذاته لأنه وسيلة وليس غاية. فأعمال القتل أو الاغتيالات مثلا تهدف إلى زعزعة الاستقرار السياسى وخلخلة هيبة الدولة وإيجاد مناخ من الخوف الذى يدفع إلى الاهتزاز النفسى أكثر من مجرد التخلص من بعض الأشخاص الذين قد لا تكون لهم أية علاقة بالإرهاب. فالأثر النفسى والسياسى الذى تحدثه الواقعة الإرهابية هو الهدف من الواقعة وليس ضحاياها. فالسائح مثلا ليس هدفاً فى حد ذاته ولكن الهدف هو تخريب السياحة، وهناك أهداف أخرى للعمليات الإرهابية منها الابتزاز السياسى بمعنى الضغط على بعض الحكومات لتغيير سياستها ومثال ذلك العمليات الإرهابية التى يقوم بها الجيش الجمهورى الايرلندى كى تغير الحكومة البريطانية موقفها وسياساتها من مسألة ايرلندا الشمالية، والعمليات الإرهابية إلى تقوم بها منظمة إيتا الانفصالية فى إقليم الباسك للضغط على الحكومة الأسبانية كى تغير من موقفها وسياستها تجاه إقليم الباسك، وكذلك العمليات الإرهابية التى يقوم بها حزب العمال الكردستانى ضد الحكومة التركية كى تغير موقفها إزاء قضية الأكراد ومسألة استقلال الأناضول. كما يدخل فى هذا الإطار الضغط على الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين من أفراد المنظمات الإرهابية أو إصدار قرار بالعفو عن هؤلاء الإرهابيين كما فى واقعة احتجاز حركة توباك أمارو الإرهابية فى بيرو لأعضاء فى الحكومة وسياسيين ودبلوماسيين أجانب فى مقر السفير اليابانى، وهناك هدف الدعاية بالأعمال والذى مارسته جماعة (الحقيقة السامية) فى اليابان فى إطار صراعها مع الحكومة اليابانية لتحقيق أسطورة نهاية العالم، فقد هدفت العمليات التى قامت بها هذه المنظمة إلى التعريف بها وبأهدافها وأيديولوجيتها وأفكارها حول نهاية العالم لاجتذاب المزيد من الأنصار إلى صفوفها.
كما تعانى بعض الدول الإسلامية من بعض الحركات الأصولية المتطرفة التى تتخذ من الإرهاب أسلوباً لها لتحقيق أهدافها كما فى مصر والجزائر وغيرها، حيث تدعو للجهاد من أجل إقامة دولة إسلامية محل النظم القائمة. وتحاول هذه التنظيمات تقويض أركان النظم السياسية، خاصة من خلال ضرب مقدراتها الاقتصادية كالسياحة وضرب الرعايا الأجانب بهدف زعزعة ثقة الدول الأجنبية فى مدى الاستقرار والأمن الذى تتمتع به هذه النظم، بما لذلك من آثار سلبية من الناحية السياسية ومن الناحية الاقتصادية إذ تؤدى الى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وإيجاد بيئة غير مواتية للاستثمار الأجنبى.
وهناك أيضا حركات إرهابية تعد وارثة للأيديولوجية اليسارية المتطرفة. ورغم أن هذه الحركات تبدو ضعيفة وواهنة فى العديد من الدول الغربية إلا أنها مازالت تظهر فى كل من أمريكا اللاتينية وفى اليونان وتركيا. وهناك أيضا تهديد اليمين المتطرف فى أوروبا الغربية مثل جماعات النازيين الجدد وفى الولايات المتحدة وكندا. وكذلك فى روسيا وأوروبا الشرقية مثل الحزب الديمقراطى بزعامة جيرنوفسكى. وهذه الجماعات تهدف إلى تغيير بعض السياسات وليس تغيير نظم الحكم. وهكذا استمر استخدام الإرهاب فى الصراع السياسى سواء على المستوى الدولى أو الداخلى داخل الدولة ذاتها.

 

 

المصدر: أ. مختار شعيب - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN60.HTM
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 89 مشاهدة
نشرت فى 10 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,296