ثالثاً - التطور الدستورى من 1952 حتى 1971 :
شهدت هذه الفترة عدة دساتير دستورية وهى ما يلى :
1- الإعلان الدستورى المؤقت الصادر عام 1953 :
صدر هذا الإعلان الدستورى في العاشر من فبراير عام 1953 ليحل محل دستور 1923 وكان شديد الإيجاز ولم يتضمن سوى إحدى عشرة مادة تميزت بالعمومية في نصوصها ، فنص على أن جميع السلطات مصدرها الأمة ، وركز الإعلان الدستورى السلطتين التنفيذية والتشريعية في مجلس الوزراء وجعل السيادة العليا من اختصاص قائد الثورة يباشرها بما يتفق وحماية الثورة وتحقيق أهدافها، ونص على تكوين مؤتمر من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء ينظر في السياسة العامة في للدولة ، وأكد على مبدأ احترام استقلال القضاء وأنه لا سلطان عليه لغير القانون .
2- دستور 1956 :
بعد أن حسم الرئيس جمال عبد الناصر الصراع الذى دار مع محمد نجيب لصالحه ، صدر دستور جديد هو دستور 1956 ، والذى وضعته لجنة فنية ثم عرض على الشعب للموافقة عليه في استفتاء عام .
وكان واضحا أن هذا الدستور يعبر عن فكرة ثورة يوليو 1952،إذ اشتمل على مبادئها ، وأكد على انتماء مصر العربى، فمصر دولة عربية والشعب المصرى جزء من الأمة العربية، وفي مجال المقومات الأساسية للمجتمع تحدث الدستور عن الملكية العامة والملكية التعاونية إلى جانب الملكية الخاصة .
ومن حيث طبيعة نظام الحكم فقد أخذ بفكرة أن الأمة مصدر السلطات وأن شكل الحكم هو النظام الجمهورى ، وفيما يتعلق بتوزيع السلطات في الدولة فقد نص على إنشاء مجلس الأمة وهو الهيئة التى تمارس سلطة التشريع فلا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة ، وأشار الدستور إلى الوظيفة المالية لمجلس الأمة فقد تطلب الدستور موافقة المجلس على مشروع الموازنة العامة والحساب الختامى وكل الأمور المتعلقة بإنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغائها ، وكانت مدة المجلس خمس سنوات ، ويتم انتخاب أعضائه عن طريق الانتخاب السرى العام .
وبالنسبة للسلطة التنفيذية وقد كانت من رئيس الدولة الذى كان رئيساً للسلطة التنفيذية، ومن الوزراء، ويتم اختيار رئيس الجمهورية عن طريق مجلس الأمة إذ يتولى المجلس ترشيح الرئيس بالأغلبية المطلقة ويعرض هذا الترشيح على الشعب لاستفتائه عليه، فإذا حصل على الأغلبية المطلقة اعتبر رئيساً للجمهورية، وإلا رشح المجلس غيره وعرض الترشيح من جديد على الشعب لاستفتائه عليه.
وقد أعطى هذا الدستور رئيس الجمهورية اختصاصات واسعة، فمن الناحية التشريعية له حق اقتراح القوانين والاعتراض عليها خلال فترة زمنية معينة وإصدارها، إلا أن حق الاعتراض ليس حقاً مطلقاً إذ يمكن لمجلس الأمة التغلب عليه بإقرار مشروع القانون ثانية بأغلبية ثلثى الأعضاء، فإذا تم ذلك صدر القانون رغم اعتراض الرئيس، وللرئيس حق إصدار اللوائح التنفيذية، وله حق إصدار لوائح لها قوة القانون. وبالنسبة للاختصاصات التنفيذية فهو يتولى رئاسة الدولة والحكومة والقوات المسلحة ويعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم، والموظفين المدنيين والعسكريين والسياسيين وعزلهم على الوجه المبين بالقانون وإعلان الحرب بعد موافقة مجلس الأمة، وإبرام المعاهدات وإعلان حالة الطوارئ.
ويرى د. على الدين هلال أن هذا الدستور قد أتاح من الناحية النظرية نوعاً من التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ومن أهم مظاهرها ما خوله الدستور لأعضاء مجلس الأمة من حق توجيه أسئلة واستجوابات للوزراء وحقهم فى إبداء رغبات واقتراحات للحكومة فى المسائل العامة، وحق المجلس فى تقرير عدم الثقة فى أحد الوزراء.أما مظاهر رقابة رئيس الجمهورية على السلطة التشريعية فقد تمثلت فى حق رئيس الجمهورية فى دعوة مجلس الأمة للانعقاد وفض دورته وحقه فى اقتراح القوانين وحقه فى حل المجلس.
3 - الدستور المؤقت لدولة الوحدة عام 1958 :
صدر هذا الدستور بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وقد صدر بتاريخ 5 مارس 1958، حيث ترتب على إعلان الوحدة سقوط دستور عام 1956، وجاء دستور 1958 شبيها بدستور 1956 باستثناء إنشاء مجلسين تنفيذيين أحدهما للإقليم المصرى والثانى للإقليم السورى يعين أعضاؤهما بقرار من رئيس الجمهورية ويختص كل منهما بدراسة وفحص الموضوعات المتعلقة بتنفيذ السياسة العامة للإقليم.
أما بالنسبة للسلطة التشريعية فكان مركزها مجلس الشعب الذى يتم اختياره بقرار من رئيس الجمهورية بشرط أن يكون نصفهم على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب السورى ومجلس الأمة المصرى.
4 - دستور 1964:
بعد حدوث الانفصال فى سبتمبر 1961 صدر إعلان دستورى عنى بتنظيم سلطات الدولة العليا، وفى مارس 1964 صدر دستور جديد للبلاد نص على إنهاء العمل بدستور 1958 والإعلان الدستورى لعام 1961، وقد تشابه هذا الدستور مع دستور 1956 إلا أنه تزامن مع مرحلة التحول الاشتراكى التى شهدها المجتمع المصرى، ومن ثم جاء انعكاسها لها، فقد نص فى مادته الأولى على أن الجمهورية العربية المتحدة دولة ديموقراطية اشتراكية تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة، وأن النظام الاقتصادي للدولة هو نظام اشتراكى وقد نص على خلق قطاع عام قادر على قيادة التقدم فى جميع المجالات ويتحمل مسئولية التنمية.
وفيما يتعلق بمجلس الأمة، فلم يحدث جديد سوى إعطاء رئيس الجمهورية الحق فى أن يعين عدداً من الأعضاء لا يزيد عن عشرة أعضاء فى المجلس، واشترط أن يكون نصف أعضاء المجلس من العمال والفلاحين، أما فيما عدا ذلك فقد تطابقت نصوصه مع نصوص دستور 1956 واستمر العمل بهذا الدستور حتى إعلان الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية عام 1971.
ساحة النقاش