دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

اليأس في قصيدة
"لا جديد في عالمنا"
خالد قاسم
هناك من يحاول ان يقفز عن واقعه، ليبقى غارقا في الوهم، فواقعنا بالتأكيد متعب ومؤلم وبائس، حتى أننا نصاب بالغثيان، عندما نفكر فيه، فلا آفاق أمامنا، لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى العام.
رغم أنني دائما أحوال الحديث عن البياض متجاوزا الواقع، إلا أن كثرة الضغط، تدفعنا لنتحدث عما يؤلمنا، عما يقهرنا، عما يوجعنا، الفراغ الذي يملؤنا، الشاعر "خالد قاسم" يكشف حالنا، حقيقتنا، دون أية رتوش.
العنوان "لا جديد في عالمنا" يشير إلى أن هناك مكاشفة للواقع، يفتتح الشاعر القصيدة:
"في الشارع وجوه متعبة 
أرهقها التأمل والغياب "
الشاعر هنا إنساني، يتألم لألم الناس، فهو يتأثر بما يشاهده، فحالة التعب التي تظهر على الناس تنعكس عليه سلبيا، فهو كائن اجتماعي، وشاعر، يتأثر بأي حدث، أو قول، أو فعل، لهذا لا يستطيع تجاوز محيطه المُتعب.
بعدها ينقلنا الشاعر إلى وسائل الإعلام:
"على شاشة التلفاز حروب مروعة 
في الصحف أخبار كاذبة
في الراديو أنغام مكرره وأصوات ناشزه"
صور ومشاهد وأحداث الحرب الأهلية، الخراب الجغرافي والإنساني، كلها تُثبط العزائم وتُميت روح التفاؤل، والخداع والكذب المنتشر في الصحف والمجلات، لها دور في أحداث الكآبة والحزن في الشاعر، وسماع أصوات النشاز المزعجة والمتبعة للأذن وللعقل معا، لكها تحول حياة الشاعر إلى جحيم.
إذن المشاهدات بائسة، والقراءة كاذبة، والمسموعات مزعجة، فالمحيط بمجمله قاس وموجع، وكأن هناك تحالف وتوافق بين العناصر المسموعة والمقروءة والمسموعة على أحداث الخلل في الشاعر، بحيث يكون سواد مطلق وقاتم ودائم.
من هنا نجد نفسيته بهذا الشكل:
"كل أحلامنا ترتد إلينا خائبة منهكه"
وهنا قاع الهاوية، فعندما يفقد الإنسان حلمه ينتهي وجوده الفاعل والمؤثر.
لكن الشاعر لم يتوقف عند الحديث عن الحلم، بل يتعداه إلى ما هو أبعد:
"لم يعد يدهشنا شيء " 
فهو يوضح حالته الشخصية وحالة مجتمعه، لهذا استخدم صيغة الجمع، فالوجوه التي رآها في فاتحة القصيدة استمر تأثيرها ووقعها عليه، بحيث أصبح جزء منها، يشاركها تعبها وألمها.
يصل المجتمع والشاعر إلى حالة الكفر والقنوط، فلم يعد هنا إلا الخداع والموت والخراب:
"لا كلمة الشيخ على المنابر
ولا بكاء القاتل على المقابر
ولا تحالف الحرية مع القضبان
كل شيء مفبرك ومزيف"
وهذا المكاشفة بالتأكيد تريح الشاعر من ثقل المسايرة والسير مع ركب السائرين، فهو ولا المجتمع بقادر على الاستمرار في تحمل ما يحدث وما يُشاهد وما يُسمع وما يُقرأ.
يختصر لنا الشاعر الحقيقة الوحيدة التي يعرفها ويشاهدها ويمارسها: 
"ليس هناك شيء حقيقي 
سوى فنجان قهوة 
وسيجارة مكتوب عليها مضرة للأبدان" 
القهوة والسيجارة هما من يمنحه شيء من الهدوء، أو بطريقة أصوب، حالة من التخدير، فهناك سواد حالك، لا يمكن أن يُرى منه أية معالم، هذا هو حال وواقع الشاعر، وتأكيدا على حالة القتامة لم يذكر الشاعر المرأة بالمطلق، وكأنها جزء من مأساته، لهذا لم نجد لها أثرا أو صوتا، نجد أيضا الاكثار من استخدام حروف النفي "لا، لم" والكلمات التي تجمع وتشمل الكل "كل"، كل هذا يجعلنا نقول أن القصيدة كانت شكلا ومضمونا غارقة في السواد، وهذا ما يجعل القارئ يشعر بالراحة بعد أن يقرأها، فهو يجد فيها شيء يعبر عن حالته، عما يشعر به، لهذا يشعر بالرحة، بعد أن فرغ ما فيه من هم وحزن.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك.

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 6 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,756