دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

المرأة في قصيدة
"من قبل ومن بعد عينيك"
أسامة مصاروة
دائما مخاطبة المرأة تقدمنا من النص الأدبي، وفي ذات الوقت تمنح الشاعر مساحة من الأمل بحيث يتجاوز واقعه، إلى حياة سوية ينشدها، في قصيدة "من قبل ومن بعد عينيك" سنجد حضور للمرأة، التي تُحدث الفرح والاحساس بالجمال، من هنا يمكننا اسقاطها على الربة الخصب "عشتار"، فتكرار العنوان في بداية كل بيت من القصيدة اعطانا اشارة إلى أن الشاعر يحمل في عقله الباطن ميل/انحياز للمرأة/لعشتار، كما أن هذا الاستخدام عطا كل بيت مكانة خاصة واستثنائية للمرأة/لعشتار، كما أنه يعطي للمتلقي فكرة عن حالة الشاعر وما يمر به، فاستخدم "من قبل ومن بعد عينيك" لتكون زاد يتغذى به ومنه لكي يتجاوز واقعه، ولكي تكون قصيدته أقرب إلى البياض منها إلى واقع الحال.
من خلال العنوان يمكننا أن نتقدم من النص الأدبي/القصيدة، فهو الباب الذي من خلاله نأخذ فكرة عما في القصيدة:
"من قبلِ عيْنيْكِ تَمنَّيْتُ الرَّدى
إذْ لمْ يَكُنْ عُمري سِوى رجْعِ الصَدى" 
بهذا المقطع يؤكد لنا الشاعر على مكانة المرأة/عشتار، فبها يفتتح القصيدة، وهي من تمنحه على التوقف عند ما فعه، ما حدث معه.
البيت التالي يوضح لنا الأثر الذي تحدثه المرأة في الشاعر:
"مِنْ بعدِ عينيْكِ فُؤادي قدْ غَدا
نسْرًا تسامى فوقَ أرجاءِ المَدى"
من خلال (العنوان) يستمد الشاعر الطاقة التي تجعله يتقدم بروح العطاء إلى المستقبل، (هي) التي تمنحه كل هذه الطاقة، وبدونها بالتأكيد لن يجد الزاد الذي يقويه على مواكبة الطريق والاستمرار فيه.
لكن دورها وحضورها لا يقتصر على إحداث التوازن النفسي عند الشاعر، بل يتعداه لتجعله مفكرا، متأملا، عقلاني، يعتمد على الفكر والتحليل ليكون موقفه موضوعي ومنسجم مع طموحه:
"منْ قبلِ عيْنيْكِ سؤالٌ مَنْ أَنا
هل عِشتُ فعلًا وَبصدْقٍ ها هنا
أمْ أنَّ كوني لا لشيءٍ قدْ عَنى
في عالمٍ كانَ لهُ عني غِنى"
السؤال بحد ذاته يجعلنا نتوقف كما توقف الشاعر عنده، وهو سؤال جاء كتأكيد على الحضور والفاعلية الشاعر على الأرض وفي المجتمع.
بعد أن منحته حالة التوزان، وبعد أن تخلص من واقع الحال، وبعد أن منحته الطريق السليم للتفكير، أصبح الشاعر في حالة طبيعة وسوية، وهذا ما نجده في هذا المقطع:
"منْ بعدِ عينيْكِ هنا أرضي تكونْ
ولي وُجودٌ قائمٌ ولنْ يَهونْ
فالعُمْرُ ليسَ ما تَعدُّهُ السُنونْ
بلِ الهوى والعِشْقُ حتى والشجونْ"
والذي يختزل أثرها عليه، بحيث يصل إلى التحرر الكامل من الواقع وأخذ يستخدم فقرات وألفاظ بيضاء تتوحد لتعطينا حالة النشوة التي حلت، "الهوى، والعشق، والشجون" وكلها تعطينا صورة الفرح الذي أحدثته "عينيك" فيه.
يرجعنا الشاعر إلى ماضيه، ليؤكد على الفرق الذي حدث بفضلها وجودها بين ما كان وما هو فيه الآن:
"من بعدِ عينيْكِ دعا قلبي الوُجودْ
بعدَ زمانٍ ظلَّ في أسرِ القيودْ
منْ بعدِ عيْنيْكِ تَغنَّتْ بي وُرود
وصارَ كوني شاسعًا عبرَ الحدودْ"
فرق شاسع بين الحالتين، حالة القيد والأسر، والتي تتماثل مع الحال القحط والجذب التي تعم الأرض بغياب "عشتار، وحالة الورود والكون الشاسع، التي تحدث بحضورها ووجودها، وكأنه بهذا الأمر أراد أن يدعونا لنقوم بما قام به، والتوجه نحو المرأة لتخلصنا من وقع الحال إلى عالم آخر يشع نضارة وأمل وجمال. 
يقدمنا الشاعر أكثر من المرأة/عشتار، يقول:
"من قبل عينيْكِ ذرَتْ روحي الرياحْ
كالريشَةَ الصفراءَ قُدّتْ من جناحْ
من بعدِ عينيْكِ وَمنْ بعدِ النواحْ
تفتّحتْ في القلبِ أنوارُ الصباحْ"
فبغياب "عشتار" يحل الجفاف والجذب، وهذا ما كان مع الشاعر، عندما لم تكن (هي) حاضرة، لكن بعدما حضرت وجدنا يهيم في الفضاء الرحب، وكانت "أنوار الصباح" بفضل حضورها.
الشاعر يتقدم أكثر من "عشتار" التي يمجدها ويذكر فضلها ودورها في إحداث الخصب على الأرض وفي الشاعر/الإنسان، يتغنى بها فيقول:
"من قبلِ عينيكِ رأى قلبي الهوانْ
في عالمٍ دونَ غرامٍ أو حنانْ
ودونَ احترامٍ لأمنٍ أو أمانْ
من بعدِ عينيكِ انْمحى ذاك الزمانْ"
فهو هنا يدعوها لتكون حاضرة وباستمرار لكي لا يرجع الهوان والخوف، فبحضورها يعم الخير والفرح، لا يعود هناك مكان للجذب أو القحط، وذكر الشاعر "للزمان" لم يأتي إلا ليؤكد على الفرق الذي أحدثته "المرأة/عشتار" في الشاعر. 
خاتمة القصيدة جاءت لتؤكد على ضرورة الالتجاء والتوجه (لها):
"من بعدِ عينَيْكِ حياتي مُفْعَمهْ
بالحبِّ والنورِ وكانت مُظلِمهْ
بل إنَّ أفكاري بدتْ لي مُبهمهْ
حتى ظهرتِ لي كروحٍ مُلْهِمَهْ"
التحرر الكامل من البؤس، بحيث أصبح هناك "الحب، والنور، ملهمة" وهنا يكون الشاعر قد وصل بفضلها ووجودها إلى الكامل المنشود، إلى الجنة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيس بوك

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 124 مشاهدة
نشرت فى 5 سبتمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

577,492