دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

ديوان
"تعويذة الحب والياسمين"
هادي زاهر
كلما ابتعد الأديب/الكاتب عن الانفعال، تحرر من المباشرة والصوت العالي، لأن للعمل الأدبي شكل غير شكل وطريقة الخطاب السياسي، "الشاعر هادي زاهر" يعيش في أتون الصراع، فهناك مواجهات يومية مع الاحتلال وصدمات، بحيث تجعله في حالة ساخنة مع الأحداث، وإذا ما علمنا أنه يكتب المقال الصحفي السياسي وبصورة دورية، نستطيع أن نتفهم وجود بعض القصائد المباشرة والتي جاءت بصوت عال، وخلوها من الصور الشعرية، فالفكرة تقدمية بالتأكيد، لكن الشكل الأدبي كان متواضع، وهذا لا ينفي وجود بعض القصائد الجميلة والمتمتعة، فرغم بساطة اللغة إلا أننا نجدها جميلة كما هو الحال في قصيدة "في ذكرى تخيم الرحال" التي يقول فيها:
"أيها الواحد الأحد
كل ما يدب على الأرض
له بيت .. له سكن
وأنا يا إلهي غريب
ليس لي بلد" ص7، الاستجداء بالله يعطينا حجم الألم الذي يمر به الشاعر، وعندما اعطانا تفصيل وجعه، البيت والبلد، أوصل لنا همومه بكلمات سهلة وبسيطة لكنها قوية ومؤثرة في ذات الوقت.
ودائما الشعراء يتحدثون عن أدواتهم المتمثلة في كتابة "القصيدة":
"الشعر يسير في الطرقات
يتسلل إلى البيوت
يسهر في الشرفات
يتسلق أشجار الحديقة
يصعد ... يخترق زرقة السماء
يصبح غيما .. سحبا زرقاء
ويمطر ماء دافقا" ص18، وكأن ن خلال هذه الفقرات يؤكد على دور الشعر في الحياة، اعتقد أن الشاعر عندما ركز عب "زرقة السماء" أراد بها التأكيد على الفضاء الرب وما تحمله من معنى للحرية، كما جاء تركيز على السحب والمطر ليشير إلى حالة الخصب القادم، وهذه التورية تعد الأجمل في هذه القصيدة، فحيث يجتمع الفضاء/الحرية ب"زرقة" والخصب/الأمل/التحرر في "السحب/المطر".
ونجد الشاعر يستخدم الأدب الساخر في قصيدة "نحن الصناع ..الزراع ... العمار":
تم بناء القصر
مصطبة وسقفا وجدارا بعد جدار
ما حاجتي "لسينمار"
وحده يعرف موضع اللبنة
وأين يكمن خطر الانهيار
وكيف يكون هذا القصر دمار
وأنت يا سينمار من سلالة غير مؤمنة
كيف نأمن لك وأنت من الأغيار!
والقصر وما علي خصه اله لشعبه المختار
ونحن من رضى الله 
قد خصنا بسننه
يسعى إلينا نسعة إله
لنا الله وحدنا
ولا أحد قبلنا ولا بعدنا 
ولنا الجنة ولهم النار" ص63، بهذه الكلمات يلخص لنا الشاعر الطريقة التي يفكر بها المحتل، فرغم بساطتها إلا أنها أوصلت الفكرة وبطريقة سلسلة وممتعة، لهذا نقول ليس ضروريا أن تكون اللغة (معجمية) لتكون جميل، بل الطريقة اتي تقدم فيها هو المهم.
ونجد الشاعر يستخدم بعض من رموز فلسطين فيقول في قصيدة "أيها المسافر في فلك دمي"\:
"بورك الزيتون والتين
في هذا البلد الأمين" فالشاعر هنا تحدث عن شحرتي التين والزيتون التي تشتهر بزراعتهما فلسطين، وربطهما بالقرآن الكريم ، من خلال "هذتا البلد الأمين" لعطي بعدا مقدسا لها، وهذا الجمع بين الرمز والدين يشي إلى أن القصيدة خصبة بالدلالات التي تحملها.
ونجد هنا جميل أكثر من عنصر دلالي في قصيدة "عمدها بمسك وطيب الموج":
"أعرف بحري وحبه لي
وزرقته التي عمدت مولدي
... وقمطته الأرض طفلا
وتعمدت به خطى الأنبياء
وتوضأ بزرقته الأنبياء
ولاذت بذور الخليفة بهذا لترب
فأنجبت زيتونا وتينا ونخلا" ص82و83، هناك دلالة الحرية في البحر بزرقته وزرقة السماء، وهناك المسيحية في الطفل الذي تعمد بالماء، وهناك الإسلام في توضأ بزرقته الانبياء، وهناك توحيد ديني وجغرافي من خلال "الزيتون وانتين والنخيل، هنا نجد مكامن الخصب في القصيدة.
ونجد في قصيدة "ملح وماء" الهم الفلسطيني والذي يمكننا أن نسقطه على الواقع العربي الآن، يقول:
"تركونا وحدنا على مائدة اللئام
وفي كل منفى نصبوا لنا الخيام
كم نحن وحدنا
لا قبلنا ولا بعدنا
كم نحاول جهدنا
أن تحسن القيام" ص90، كل هذا يجعلنا نقول أن هناك شيء جديد في الديوان، وكان يمكن أن يكون الشاعر "هادي زاهر" أكثر تألقا لو تخلص من حمى الأحداث وتحرر من واقعه، لكن، لكل شاعر/كاتب ظروف تجعله منفعلا حادا فيما يقدمه من أدب.
الديوان من منشورات دار الفاروق للثقافة والنشر، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2018

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

578,443