جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قراءة في قصيدة " العباءة الحمقاء " للشاعرة السورية/ نفن مردم
بقلم : ثروت مكايد
(6-؟)
وكأنما هي حرب ضروس تلك العلاقة بين الجنسين فها هي ذي الشاعرة تذكر سمة ثانية من سمات علاقة جعلت لتكون سكنا وودا ورحمة لكن شياطين الإنس والجن جميعا قد نفثوا فيها السم حتى استحالت معركة :
" تغتال ما تبقى من جزئيات ذاكرتي
تلك الهالة المتضخمة حتى الانفجار
في الأنا ..
تلك الأحاسيس المسيطرة ،
على براكين اللهفة ،
اعتصرت عسل الحياة ،
من النهى ؛ لتبقى "
وقد استخدمت الشاعرة المضارع " تغتال " دلالة على الاستمرارية ..
وطول العمر لا يزيد الأحمق إلا حمقا كما جاء في الإحياء لأبي حامد ..
إنه هنا لا يغتال جسدا ففي الموت بعض راحة لكنه يغتال ذاكرة ..
وذاكرة المرء هي ماضيه ، وتاريخه الذي يحيا عليه ، ويقتات في وقت يفقد فيه جزئيات الحاضر ، ولا يكون للغد من دور يذكر ..
إن المعذبين والمهمشين يقتاتون على الأمس فإذا تم اغتيال الوراء فقد تم اغتيال المرء ضربة لازب ، لأن إنسانا بلا وراء هو لا إنسان قولا واحدا ..
وأمة دون تاريخ هي أمة لقيطة أو لا أمة قولا واحدا ..
" ذاكرتي...
تلك الهالة المتضخمة حتى الانفجار " ..
إنها أسطر نابغة زاخرة باذخة مكتظة بالمعاني والأحاسيس وتؤكد على موهبة الشاعرة ، وأنها مطبوعة وكأنما خلقت لتقول شعرا ..
وانظر إلى عمق الوصف بل عبقرية الأداء فقد أفقدها - ونتحدث هنا عن بطلة القصيدة كيلا يختلط الأمر بين الشاعرة وبطلتها - الرجل : الحاضر والمستقبل جميعا ولم يبق لها غير ذلك الوراء ..
وكلما تناقص الحاضر وضمر الغد ، تضخم الأمس حتى إنه كاد أن ينفجر وكأنما فقدت البطلة أي أمل في إصلاح ...
وإلى لقاء نكمل فيه الإبحار في عالم نفن مردم الشعري.
"
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية