دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

قراءة في قصيدة " العباءة الحمقاء " للشاعرة السورية / نفن مردم
بقلم : ثروت مكائد
(7-7)
ببراعة فائقة تستخدم الشاعرة الألفاظ .. ويكفي دلالة على هذا تعبيرها عن الوراء بالهالة وقد حدثتك في مقالي السابق عن تضخم الوراء حال فقدان الحاضر ..
وهي سمة عامة لكل فاقد لواقعه غير مسيطر عليه ..ألا ترانا ونحن في قاع التخلف نفخر دائما بالأجداد فلا نكف عن قول : كنا وكنا وكنا ...
أما الآن فنحن نخوض ردغة الخيال .
وفي تلك الهالة : 
" تلك الأحاسيس .." ، ولعلها هالة بتلك الأحاسيس ..
وهي بعد ليست أحاسيس هائمة تسري مسرى النار في الهشيم ..
إنها أحاسيس مسيطرة ..
وهنا مكمن نبوغ الشاعرة إذ تجعل الأحاسيس هي المسيطرة وليس المسيطر عليها وفي هذا من البديع ما فيه ..
وتسأل : علام تسيطر الأحاسيس فتجيبك الشاعرة : 
" على براكين اللهفة " ..
لا تحسب أن السكون يعني الجمود فتحت الموج الهاديء حيوات وحيوات وآلاف من الكائنات وعوالم شتى فتحت الهدوء إذن إعصار وبراكين لكنها السيطرة ..
وهي براكين لهفة ..
أتدري السر في كونها براكين لهفة ؟ ..
ليست براكين غضب أو تمرد وإنما هي هنا براكين لهفة والسر يا قارئي كيلا تحسب أن تلك الكراهية هي كراهية امرأة لرجل ..
لا ...
ويمنع من هذا ذكرها لبراكين لهفة ..
فإن قلت : وماذا تكره منه إذن ؟ ، وأجيبك بأنها تكره تنطعه ، وسلوكه المشين وكل ما يعيب الرجولة ويشينها ..
على أن بقايا العقل - ولم يبق غير بقايا - لم تعد تحتمل الركود : 
" تتمرد ذاتي على سنين العمر 
التي أدخلت براثن الشيب على مفارقها " ..
تمرد تأخر كثيرا على أن فعل الشيب الضارب في الأنحاء والبارز على مفارق الرأس يغري بالتمرد بل يصرخ حاثا أن لا شيء عاد يبكى عليه ، ولا شيء عاد يمنع عن الحياة : 
" سأخرج من تحت عباءتك
لأعلنك حالة تمرد 
وأعلن حريتي التي قيدها الزمان بك 
لأعلن حتى الرمق الأخير أني حرة " 
وهذا المقطع الفريد قصيدة وحده ..
وتلك السين في " سأخرج " هي الحد الفاصل بين الواقع والخيال ..
هو الحلم إذن ..
ولعلك تسأل : ولم كان القعود والزمن يأكل العمر ، ويلقي بفتاتنا في الطرقات !! 
والرد هين فالمرأة العربية حين تحب تلغي شخصيتها ، وتصير كالمنومة مغناطيسيا ..
وتعيش حالة غريبة عجيبة لا صلة لها بالحب وإنما بالقهر والخنوع فهي أبدا باكية شاكية خانعة ...
تبكي الهجر حينا والحنين ، وتبكي الخوف عليه ، وتحسبه الطاووس وإن كان في الغربان إماما غير أن شاعرتنا قد أعلنت حالة تمرد بطلتها ، لتعتق حريتها التي استعبدها الرجل ، واتخذ منها أمة لا تملك من أمر نفسها شيئا غير الحلم بالحرية حتى لو جاءت هذه الحرية مع آخر رمق في العمر .
تمت.

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 44 مشاهدة
نشرت فى 5 أغسطس 2017 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

557,594