الأسباب الخفية للمشاكل الزوجية
والحلول العملية
من كتاب: " يوميات زوج معاصر "
مشاكل واقعية - حلول عملية
2012م.
إعداد /
أحمد السيد كردي
خبير تنمية بشرية وتطوير إداري
mobil: 01148194020
ومن أهم الأسباب المعنوية الهامة والغير ظاهرة والتي لها تأثير قوي لوجود المشاكل والخلافات المستمرة في الحياة الزوجية ما يلي:-
- مشكلة: المعاصي والذنوب.
المعصية لله والتقصير في طاعته وإتباع خطوات الشيطان والنفس الآمارة بالسوء سواء من الزوج أو الزوجة وأثر ذلك على فشل الحياة الزوجية, قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طـه:124]. فالمعاصي والذنوب شؤم على البيوت فهي تجلب الهموم والغموم وتنزع السعادة نزعا ! قال بعض السلف: إني لأعصى الله فأرى ذلك في خلق امرأتي ودابتي!, وقال ابن القيم: وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة، المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة مالا يعلمه إلا الله .
الحــل:
قد تكون هذه الأزمة إبتلاء من الله سبحانه وتعالى وتقديم الجزاء على المعاصي والتقصير في الدنيا خير من تأخيره إلى يوم القيامة, فلا تحزن على ذلك ولا تلومن إلا نفسك, وأصلح علاقتك مع ربك يصلح لك الحياة, واعلم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء, وينبغي على كلا من الزوجين التعاون في طاعة الله وإعانة بعضهم البعض على عمل الخير, وقراءة القرآن فالبيت الذي يقرأ فيه القرآن يتسع لأهلة ويكثر خيرة وتحضرة الملائكة وتطرد منه الشياطين.
- مشكلة: عدم التنشئة الدينية والأخلاقية.
ومن الأسباب أيضا لوجود المشاكل غياب الوازع الديني والتنشئة الصالحة والتربية الإسلامية القويمة في الأصل والأساس والتي يسئل عنها الوالدين فهم السبب في مشاكل أبنائهم الزوجية بإهمالهم في تربيتهم على الدين والخلق, وعدم إرشادهم وتوجيههم إلى طريق الحق والصراط المستقيم.
وكما قيل في الأمثال الشعبية: تقلب القدرة على فومها تطلع البنت لأمها , والجواب بيتعرف من عنوانه, وهي أمثال تثار أثناء الخلافات وحدوث المشاكل كناية عن سوء التربية وقلة التأدب والأخلاق.
الحــل:
في العودة إلى الله وتطبيق المنهج الإسلامي في بناء الأسرة على الأصول والقواعد الدينية والأخلاقية التي دعت إليها وأقرتها مباديء الشريعة الإسلامية, فالإسلام هو الحل لكافة مشاكل الحياة, فكما قال الشاعر:
ويشب ناشيء الفتيان منا على ما كان عوده أبوه.
فإن كانت التنشئة صالحة والأساس قوي فالبنيان سيكون صلبا وشديدا وسيفيد النشىء أيضا في تحمل المسئولية وضغوط الحياة والرضا بالقضاء والقدر والصبر على البلاء.
وكذلك ينبغي عدم التغافل وإهمال جانب الإختيار على أساس الدين والتدين والإلتزام بالأخلاق والذي ينشأ عنه مشكلة عدم التكافؤ, فعندما يبين المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا جائكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ففيه إشارة أيضا إلى أنه إذا جائكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تزوجوه.
- مشكلة: ضغوط الحياة.
ومن أسباب المشاكل والخلافات الزوجية هو وجود الضغوط النفسية الخارجية والتي تؤثر على الشئون الداخلية للأسرة, والتي تخلق جوا غير صحي لحياة غير هادئة ومستقرة يملؤها التوتر والقلق والغضب المستمر, وذلك كالضغوط الناتجة عن مشاكل في العمل بالنسبة للزوج أو الزوجة, والضغوط الناتجة عن تربية الأبناء ورعايتهم.
فضغوط العمل والحياة عموما تجعل كلا الطرفين أو أحدهما شديد الحساسية وقابل للإنفعال والإنفجار, فالمرأة تعمل كموظفة ثم تعود للقيام بواجبات رعاية الأسرة ومساعدة الأبناء فى واجباتهم الدراسية, والرجل يعمل فى أكثر من وظيفة ولساعات طويلة ليلا ونهارا ليغطى إحتياجات الأسرة.
الحــل:
يمكن اللجوء في علاج هذه المشكلة إلى التغافل وغض الطرف عن بعض الهفوات اللفظية أو الفعلية لشريك الحياة فهي مطلب أساسي في استقرار الأسرة، فالحياة الزوجية مبنية على التلقائية وعدم التكلف، والمرء يعترضه من هموم الحياة ما يجعله يتصرف في بيته ببعض التصرفات غير المناسبة أحياناً، الأمر الذي يتطلب احتواء الطرف الآخر له، بل ومنحه شيء من الحميمية التي تعينه على تجاوز تلك الضغوط أو التصرفات.
وينبغي ترك هموم العمل خارج أسوار البيت والفصل بقدر الإمكان بين مشاكل العمل والأسرة والمشاكل العائلية عن العمل, والتحدث بالجوانب المشرقة والمفرحة التي تصادفك وإشرك عائلتك بالحديث حولها فهذا الأسلوب سيقلل الإنفعال والتوتر, كما ينبغي الإسترخاء والترويح عن النفس فإن النفوس تمل من خلال يوم للأجازة وللتنزة مع الأسرة.
- مشكلة: شرور الأعين.
ومن أسباب المشاكل أيضا الحقد والحسد لكل فرد حياته الزوجية ناجحة, وخاصا إن كان هذا الحقد أو الحسد من الأقربين أو الأصدقاء المقربين, وكما قيل في الأمثال الشعبية: " ما يحسد المال إلا إصحابه , والعين بتفلق الحجر", فالحسد والحقد موجود وحقيقة ذكرها القرآن الكريم والسنة النبوية, قال تعالى " ومن شر حاسد إذا حسد ".
كما يرتبط بهذه المشكلة وبناءا على الإضرار بالعلاقات الزوجية الناجحة إستخدام السحر والربط في التفرقة بين الزوجين من أصحاب النفوس الضعيفة, لما في قلوبهم من الغل والحقد والكراهية لأشخاص يريدون النيل منهم والإنتقام منهم بإستخدام العرافين والدجالين والمشعوذين وقد قال صلى الله عليه وسلم: من ذهب إلى عراف لا تقبل صلاته لمدة أربعون يوما " وقال أيضا: من ذهب إلى عراف وصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ".
وتكثر مشكلة السحر والربط وتكتشف في ليلة الزفاف, وهي مشكلة مشهورة وشائعة بين العوام, حيث يربط الزوج ولا يستطيع الدخول على زوجته, ويستمر هذا الوضع حتى تفك العقدة والربط بالقرآن والأذكار.
الحــل:
للخروج من مأزق تلك المشكلة وتفادي عواقبها الوخيمة أرشدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى العديد من النصائح لأقوال وأفعال أهمها أذكار الصباح والمساء التي تحصن المسلم من شر العين والشيطان, ومن هذه الأذكار قوله صلى الله عليه وسلم: " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " وقوله أيضا: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ".
وكذلك من الوسائل الوقائية إلتزام السرية للحيطة والحذر لقوله صلى الله عليه وسلم: " إستعينوا على قضاء حوائجكم في السر والكتمان ".
- مشكلة: مكائد الشيطان.
من الأسباب الهامة وراء حدوث المشاكل والخلافات الزوجية, فالشيطان ينتهز أي فرصة لتهويل الموقف وتطوير الخلاف لتفاقم حدة النزاع والصراع وذلك للتفرقة بين الزوجين فهو العدو الخفي المرتبص للنيل من العلاقات الزوجية عن طريق وساوسه وهمزه ولمزه, فهو أصل كل مشكله والعدو الخفي للبشر الذي أعلن عداوته لبني أدم حيث: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم , ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين "(الأعراف: آية 16,17) , " قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين "(الحجرات: أية 39).
فأفضل الشياطين لدى أبليس والذي يقربه منه ويدنيه من مجلسه هو من يستطيع أن يفرق بين الرجل وزوجته, كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم فتنة, يجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته يقول كذا وكذا، فيقول ابليس: لا والله ما صنعت شيئاً! ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، قال: فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول: نعم أنت" «صحيح مسلم», قال سبحانه وتعالى عن الشياطين في القرآن الكريم: " فيتعلمون منهما ما يفرقون بين المرء وزوجه, وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ".
وهذا ليس معناه بأنه هو السبب الوحيد في المشاكل والخلافات الزوجية فلا يصح في كل خلاف وشقاق إلقاء اللوم والعذر على الشيطان ومصائدة وتعليق شماعة الخطأ عليه فقط فالنفس البشرية أقوى من الشيطان ومن أعداء الإنسان وخاصة النفس الأمارة بالسوء إن لم يروضها على طاعة الله, فكن أنت قوي بالله بإيمانك من كيد الشيطان ووسوسته.
قال تعالى: " إن كيد الشيطان كان ضعيفا ", وقال تعالى: " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ", وقال تعالى: " إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ".
الحــل:
إحذر من خطر الشيطان على حياتك واحطاط من مكره واغلق كل باب يفتحه الشيطان واستعذ بالله من الشيطان الرجيم إذا تملك منك الغضب, وحصن نفسك بأذكار الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فهي الحصن المنيع لمكائد الشيطان.
وعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه, وانتفخت أوداجه, فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد, فقالوا له: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: تعوذ بالله من الشيطان. (رواه البخاري).
والتزم بقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئله أعرابي فقال له: أوصني يا رسول الله ؟, فقال له: لا تغضب ", وقال صلى الله عليه وسلم: ليس الشديد بالصرع ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" , فكم من بيوت تم بناؤها أعوام طويلة هدمت بسبب دقائق من الغضب وتدخل الشيطان لإشعال نار ولهيب الغضب, قال ابن تيمية: ما تجرع عبد جرعة أعظم من جرعة حلم عند الغضب".