بقلم: إلهام الناصر
يعتبر التدريب ركناً أساسياً في العملية الإدارية وخاصة إذا بني التدريب على أسس محددة بحيث يكون التدريب للوظيفة وليس للموظف. ويجب التركيز على المهارات المقدمة للمتدربين في البرامج التدريبية أكثر من المعارف (بنسبة 80 إلى 20%) ويكون هناك تجانس بين المتدربين من حيث المهام المشتركة لوظائفهم، إضافة إلى تفاعل المتدربين ونقاشهم وعرض خبراتهم داخل قاعة التدريب مما يؤدي إلى إثراء العملية التدريبية، لأن التدريب يعتمد على مشاركة وتفاعل المدرب والمتدربين أثناء البرنامج التدريبي من خلال الألعاب والأنشطة التدريبية التي تؤخذ من واقع العمل الفعلي وعرض التجارب السابقة للمتدربين في مجال أعمالهم. لذا فالتدريب عملية تربوية تهدف إلى إحداث تغيير في المعارف أو المهارات أو السلوكيات للموظف لأداء المهام والمسئوليات المطلوبة منه بشكل صحيح.
وتشمل العملية التدريبية أربع مراحل متعاقبة، حيث تبدأ بالمرحلة الأولى والتي تهتم بدراسة وتحديد الاحتياجات التدريبية التي بناءً عليها يتم تصميم البرنامج التدريبي. ثم تأتي المرحلة الثانية وهي تحليل الاحتياجات التدريبية لأغراض تصميم وتجميع محتوى البرنامج التدريبي، ثم المرحلة الثالثة وهي إعداد الأساليب والأنشطة التدريبية التي يتم وضعها في الحقيبة التدريبية. وأخيرًا المرحلة الرابعة تقييم التدريب. وتشتمل كل مرحلة على معايير محددة تساعد على إنجازها بشكل فعال.
وتعتبر مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية الخطوة الأولى الأساسية في العملية التدريبية وتعني التعرف على احتياجات مجموعة من العاملين أو منظمة إدارية معينة سواء بشرية أو مادية ومن ثم تحليل تلك الاحتياجات وتقييمها بهدف التخطيط لتطوير مدخل مناسب لعلاجها.
كما تهدف مرحلة تصميم البرامج التدريبية إلى تحليل الاحتياجات التدريبية بشكل يساعد على تطوير المداخل التدريبية الملائمة للتدريب على المعارف والمهارات المطلوبة لأداء المهام الوظيفية أو نواحي القصور في الأداء التي تم تحديدها خلال مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية. وتعتبر نتائج مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية القاعدة الأساسية لجميع الخطوات التي تليها ضمن العملية التدريبية، وتحدد إلى حد كبير مدى نجاح تلك الخطوات. وتتأثر مرحلة تصميم البرامج بمبادئ وأسس العلوم السلوكية، حيث تنطوي على أن التدريب يكون أكثر نجاحًا عندما يعطي المتدرب أهدافا محددة وواضحة للأداء والكيفية التي سيقوم الأداء عليها. ويفترض مبدأ القدرات أن أداء المتدرب يكون أكثر نجاحاً إذا أعطي المتدرب أهدافاً تفصيلية مرحلية محددة , وتكون تلك الأهداف مرتبطة بصورة مباشرة بأداء مهام أو قدرات محددة.
ويشمل التدريب على أنشطة محددة من حيث الوقت والمضمون. ويختلف المشاركون في هذا النوع من التدريب حسب مستواهم الوظيفي. فهناك نوعان من البرامج التدريبية من حيث التصميم: البرامج العامة (وهي برامج أثناء الخدمة) والبرامج الخاصة. ويهدف النوع الأول من البرامج إلى التدريب على مهارات لمستوى وظيفي معين لأفراد من جهات مختلفة. أما النوع الثاني من التدريب فيهدف إلى التدريب على مهارات لأفراد من جهة إدارية واحدة وذلك بهدف زيادة إمكانية تطبيق المهارات المكتسبة في بيئة العمل، حيث ترتبط أهداف التدريب بالأهداف الخاصة بالجهة الإدارية وموظفيها.
الإجراءات الفنية لتصميم البرامج
تتطلب عملية تصميم البرامج التدريبية القيام بمجموعة من الخطوات التي تربطها علاقة تفاعلية، وأهم هذه الخطوات هي تحديد الوظائف التي يستهدفها البرنامج التدريبي فالوظائف التي يستهدفها البرنامج تمثل الإطار الرئيسي الذي يحكم بقية خطوات التصميم ويراعى عند تحديد الوظائف التجانس بين مهام الوظيفة بالرغم من اختلاف المنظمات التي توجد فيها هذه الوظائف.
فعند تصميم برنامج تدريبي جديد يقوم القطاع المخصص (قطاع الموارد البشرية - الحاسب الآلي - الأعمال المكتبية وغيرها) بفحص الوظائف التي تغطيها البرامج الموجودة ثم مقارنتها بالوظائف التي يفترض أن يقدم القطاع خدماته التدريبية لها، ثم تبوب الوظائف إلى مجموعات وممكن الاستعانة بدليل توصيف الوظائف.
تحديد مهام الوظيفة التي يستهدفها البرنامج..
يتم تحديد المهام الوظيفية التي يستهدفها البرنامج بالرجوع إلى الوصف الوظيفي الصادر من وزارة الخدمة المدنية وأحيانًا لا يكون كافيًا فيتم الرجوع إلى بعض الجهات التي تتوفر فيها نفس المهام.
ويراعى عند تحديد المهام أن تبدأ بفعل سلوكي أدائي أي لا يكون هناك تداخل بين المهام وأن يؤدي كل مهمة بذاتها.
أيضًا حدد المهام المشتركة..
تكتسب هذه الخطوة أهميتها في التركيز على المهام المشتركة في الوظيفة مما يجعل البرنامج مفيدًا لكل شاغلي الوظائف المستهدفة(مثل المهام المشتركة بين موظفي العلاقات العامة - والتعامل مع الجمهور حيث الاتصال بالآخرين مهمة مشتركة بينهم).
اختيار المهام الحيوية..
إن اختيار المهام الحيوية يعتبر إجراء لعملية تقدير يقوم بها أفراد أكفاء بفحص كل المهام التي يؤديها شاغل الوظيفة بالنسبة لوظيفة معينة. ويجب أن تعد معايير الاختيار بحيث تتضمن أهمية اختيار المهارات المناسبة للتدريب. ويتم ذلك بناءً على المعايير التي تستخدم في اختيار المهام الحيوية، وليس من الضروري توافر كل المعايير في المهمة ففي بعض الأحيان يكون توافر معيار واحد مبررًا كافيًا لإدراج المهمة في البرنامج التدريبي ومن هذه المعايير:
التكرار:
التركيز على المهارات والمعارف التي تستخدم في أداء الوظيفة، فالمهارات التي تستخدم بشكل متكرر تستحق التدريب عليها في برنامج رسمي حتى ولو كان من الممكن اكتسابها على رأس العمل. أي أن معيار التكرار يسأل السؤال التالي: ما هو عدد المرات التي يقوم فيها شاغل الوظيفة بأداء هذه المهمة؟هل هناك طريقة مثلى لأدائها؟ هل يمكن التدريب على هذه الطريقة المثلى؟ هل هناك فائدة حقيقة من التدريب عليها؟
الصعوبة:
يجب التركيز على المحتوى أو المهارات التي يكون من الصعب تعلمها بحيث يكون من غير المحتمل أن يتعلمها شاغلو الوظيفة بأنفسهم، أو التركيز على المهارات التي يكون من الصعب تعلمها, بحيث إنها تتطلب برنامجًا تدريبيًا منظمًا ومكثفًا يدرب فيه مدربون أكفاء حتى يكتسب المتدربون الكفاءة المطلوبة.
الغلبة:
المهام التي يكون لها الغلبة في العمل اليومي لشاغلي الوظيفة، وذلك عند تحديد المهارات التي تدرج أو لا تدرج في البرنامج التدريبي.
الأهمية:
مدى أهمية المهمة التي يقوم بها الموظف.
ويتم تحليل كل مهمة من المهام الحيوية إلى المهارات والمعارف المباشرة والمهارات والمعارف المساندة اللازمة لأداء المهمة.
تحديد أهداف البرنامج..تحويل التدريب من تكاليف إلى استثمار
يقول (د.هلال 2004) أن صياغة وبناء أهداف التدريب تمثل مرحلة مهمة وأساسية في تحويل التدريب من مفهوم المصروف إلى الاستثمار. أي أن نجاح التدريب يعتمد على الاستفادة من تحليل المهام والمهارات الوظيفية، ثم تحديد مدى القصور في أداء الموظف ثم وصف التدريب المناسب.
وتحديد أهداف البرنامج التدريبي يساعد المتدرب على حسن التعلم ويساعد المدرب على حسن التدريب والاختيار السليم للموضوعات التي ستدرس والأساليب التدريبية ووسائلها.
بناء الهدف التدريبي..كيف يكون؟
نستطيع بناء الهدف التدريبي عن طريق:
• كتابة الهدف التدريبي: والغرض من كتابة الهدف بشكل صحيح هو تلخيص نتائج تحليل العناصر المحددة للاحتياجات التدريبية وذلك من أجل إيضاح ما هو متوقع من المتدربين المستهدفين بالتدريب.
• تجزئة الهدف التدريبي إلى:
• الهدف العام للتدريب وهو كتابة جملة قصيرة توضح بشكل مختصر ما يهدف البرنامج إلى تحقيقه بشكل عام مثل (تنمية قدرة المتدرب.......) أي أن البرنامج التدريبي يهدف إلى تنمية قدرات الموظف الوظيفية، أو إكساب المتدرب مهارات وظيفية إذا لم تكن متوفرة لديه حيث يبدأ الهدف بعبارة ( إكساب المتدرب القدرة على.....).
• الأهداف التفصيلية: وهي جمل قصيرة تفصل الهدف العام بحيث يكون واضحا ومحددا وقابلا للقياس، أي أن تكون أهدافا سلوكية، أي أن يبدأ بفعل سلوكي، يركز على أداء المتدرب، يركز على نتائج التدريب، وتتضمن معيار الأداء. وتبدأ الأهداف التفصيلية بعبارة: في نهاية البرنامج ينبغي أن يكون المتدرب قادرًا على..........
كيف يتم قبول المتدرب في البرنامج التدريبي؟
يتم تحديد شروط القبول على أساس أن هناك شروطا يجب أن تتوفر في مهارات ومعارف المتدرب حتى يتم ترشيحه للبرنامج التدريبي حتى يتم تحقيق أهداف البرنامج.
بالإضافة إلى التأكد من توفر المهارات والمعارف السابقة بحيث يكون الموظف ممارسا لإحدى الوظائف التي يستهدفها البرنامج , أو مجتازًا لاختبار معين، أو مقابلة شخصية...
تنظيم محتوى البرنامج..
وتبدأ الآن مرحلة إعداد منهاج البرنامج التدريبي، ويتم في هذه المرحلة تنظيم المحتوى الذي تم التوصل إليه من خلال تحليل المهام الحيوية التي تم تحديدها وتحليلها.
وينصب التركيز هنا إلى الكيفية التي يؤدي بها المتدربون التدريب، وبعد أن تم وصف الأداء بوضوح يمكن تحديد المعارف والمهارات والقيم اللازمة لكل هدف سلوكي والتسلسل الذي سيتم تقديمها به. وهذه المهمة ذات شقين، الأول هو فحص كل هدف سلوكي وتحديد الحقائق والمفاهيم والمبادئ والمهارات والعمليات التي تنطوي عليها المهمة، والثاني هو ترتيب نقاط التدريس وأنشطة التعلم في أفضل تسلسل ممكن لتحقيق التعلم.
اختيار المحتوى..
ويشير إلى مادة التدريب أو نقاط التعلم التي تمكن المتدرب من أداء المهام والواجبات والوظائف التي تعتبر الأهداف النهائية لنظم التدريب والتطوير. ويشمل المحتوى بشكل أساسي المعارف والمهارات والعادات والضوابط الانفعالية:
• تتضمن المعارف الحقائق والمفاهيم والمبادئ والمعاني والأفكار، مثل الأجهزة والعمليات والرموز (الرموز الرياضية أو العلمية)، والمفاهيم مثل السلطة والمسئولية الاجتماعية - ونقاط الفهم مثل احتياطات السلامة وغيرها.
• العادات وهي ميول مكتسبة للتصرف بشكل معين في حالة وجود شروط معينة في البيئة، مثل إظهار الاهتمام بشعور المرؤوسين.
• المهارات عبارة عن سلوكيات تتطلب درجة من السهولة في أداء عمل معقد أو جزء منه.
• الضوابط الانفعالية وهي الاتجاهات والمثل والميول والتقدير التي تؤثر في الأنواع الأخرى من السلوك.
وتختلف موضوعات التدريب والفترة الزمنية المحددة للبرنامج باختلاف المتدربين ووظائفهم. فإذا كان المتدربون من الإدارة العليا، تكون الموضوعات التدريبية أكثر تركيزًا وأكثر ارتباطا بالمشكلات العملية التي يشترك المتدربون في مواجهتها مما لو كانت لأفراد الإدارة الوسطى. وكذلك، تكون الفترة الزمنية المخصصة للبرنامج أقصر منها لو كانت لأفراد الإدارة الوسطى. والسبب يعود إلى أن أفراد الإدارة العليا لا يجدون متسعا من الوقت للانقطاع عن أعمالهم لمدة طويلة, لانشغالهم بالأمور المهمة كالتخطيط، والإشراف على الموظفين، وغيرها من الأعمال التي تستنفد معظم أوقاتهم.
البيانات الوظيفية والوثائق أهم مصادر المحتوى
يوجد مصدران للمحتوى هما البيانات الوظيفية (تقارير تحليل الوظائف وغيرها) والوثائق وهي (أدلة التنظيم والمهام وأدلة السياسات والكتب والدوريات وغيرها) وهي مصادر تكميلية ومساندة أما المصدر الرئيسي لمحتوى التدريب فيجب أن يكون دائمًا البيانات الوظيفية. ويجب إخضاع المهام الوظيفية لتحديد المبادئ والحقائق والمهارات اللازمة لأداء الوظيفة بالمستوى المطلوب ويجب عند اختيار المحتوي تطبيق المعايير التالية:
1- ملاءمة المحتوى مع الوظيفة.
2- أهمية المحتوى لتنمية الأداء المطلوب.
الأهداف وعدد المتدربين تحدد مسار النشاط التدريبي
يعتبر النشاط التدريبي هو الإطار الذي يحدد دور المدرب والمتدرب في تعلم المحتوى التدريبي للبرنامج حتى يصل إلى تحقيق الأهداف التدريبية.
وهناك أنشطة تدريبية عديدة منها: الحالات التدريبية - المحاضرة والمناقشة - العصف الذهني - القصص- والألعاب التدريبية. ومن المهم توافر مطلبين عند اختيار الأسلوب التدريبي وهما الملاءمة أي أنه لا توجد طريقة تدريب واحدة يمكن اعتبارها الأفضل ولكن اختيار الأكثر ملاءمة لتحقيق أهداف التدريب وطبيعة المنظمة والإمكانات والمعدات المتاحة، وخلفية المتدربين وقدرات المدربين. وللتأكد من فاعلية ومناسبة النشاط التدريبي لهدف البرنامج على المدرب أن يضع الأمور التالية نصب عينه وأن يختار النشاط التدريبي وفقًا للتالي:
• الأهداف: يجب أن يكون هناك هدف واضح وجيد لاستخدام النشاط التدريبي لأنه مرتبط بأداء المتدرب بالتالي يساعد المدرب على معرفة ما إذا كانت العملية التدريبية تسير في اتجاهها الصحيح.
• عدد المتدربين: يحدد استخدام النشاط التدريبي الحد الأعلى والأدنى من مشاركة المتدربين في كل مجموعة.
• الوقت المطلوب: تحديد الوقت المطلوب الذي يستغرقه النشاط التدريبي أو التطبيق التدريبي.
• الأدوات اللازمة للتنفيذ: بعض التطبيقات تتطلب أنواعا مختلفة من المواد التدريبية فينبغي تجهيز هذه المواد التدريبية أو إعطاء صورة واضحة عن كيفية تأمينها.
• مكان التدريب: بعض التطبيقات تحتاج إلى مساحات أو قاعات نقاش إضافية وتتطلب أن تنعزل بعض المجموعات عن بعضها تمامًا، أو تحتاج بعضها مساحة للكتابة أو لترتيب أوراق معينة مثلًا.
• طريقة التنفيذ: يعتبر هذا العنصر من أهم العناصر، هنا يوصف خطوة بخطوة وتباعًا لترتيب الأحداث تسلسل تنفيذ التطبيق والأدوار التي يلعبها المدرب والمشاركون في التنفيذ، وبداية ونهاية كل خطوة وما يستغرقه من وقت.
• البدائل: تعتبر البدائل عملية خيارية وهي أن يكون هناك أكثر من خيار للاختيار منه في عملية التطبيق؛ كأن يوجد أكثر من طريقة لتوزيع المجموعات وعدة أدوار متشابهة في الهدف ولكن مختلفة في المضمون.
• التعليمات التي تعطى للمتدربين: يراعى عند كتابة أو تصميم هذه التعليمات والنماذج أن تقدم بصورة واضحة بحيث يحدد الوقت من عمل التمرين وكيفية توزيع المجموعات وعدد المتدربين في كل مجموعة ثم إجراءات تنفيذ التمرين أو غيره.
أما بالنسبة للوسائل التدريبية المناسبة فهي الأدوات أو المساعدات التي يستخدمها المدرب لنقل المنهج التدريبي إلى المتدربين، وتتنوع هذه الوسائل، فمنها البسيطة التقليدية كاللوحات والسبورات ومنها الحديثة كالسبورة الذكية وأجهزة العرض والبرامج الإلكترونية. ويحتاج المدرب إلى استخدام واحدة أو أكثر من الوسائل التدريبية وذلك لعرض فكرة أو اتجاه أو تقديم معلومات ومعارف بشكل جذاب مع إعطاء فرصة رؤية هذه المفردات مما يساعد على توصيل ما يريده بسهولة وتحقيق التأثير في الآخرين وإقناعهم مع ترك انطباع قوي ودائم.