مقدمة:
إن العلاقات الإنسانية في محيط العمل تتفق تماما مع مبادئ وأسس تنمية المجتمع من حيث تغيير الاتجاهات والمشاركة والتعاون والإشراف الفعال ، ونجاح العمل الجماعي ،وكل هذه الأمور يجب أن تراعى في ميادين العمل وميادين تنمية المجتمع، والأسس المعلنة في العلاقات الإنسانية تتفق مع أسس الإدارة التربوية في مشاركة الأفراد في الأعمال المنوطة بهم، وهذه المشاركة تتيح الفرصة لكي ينمو الفرد فكريا واجتماعيا في عمله ويساعد على تنظيم سير العمل، ومن هنا يبدأ شعوره بالنمو جزءا لا يتجزأ من العمل فيعمل جاهدا لإنجاحه ولو تطلب منه جهدا اكبر.
عرفت العلاقات الإنسانية بأنها " المعاملة الطيبة التي تقوم على الفضائل الأخلاقية والقيم الإنسانية السوية التي تستمد مبادئها من تعاليم الأديان السماوية وترتكز على التبصر والإقناع والتشويق القائم على الحقائق المدعمة بالأسانيد العلمية وتجافي التضليل والخداع بكافة مظاهره وأساليبه "
يمكن تحديد مفهوم العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية على أنها" مجموعة من التفاعلات التي تمثل السلوكيات التربوية للإداري التربوي، تبنى على أساسها المعاملة الطيبة والأخلاق الإسلامية الحميدة، مثل الصدق والأمانة والعدل والألفة بينه وبين من يشرف عليهم، أو يتعامل معهم في الحقل التربوي، والتي من خلاله تتحقق الأهداف التربوية المخطط لها"
أما العلاقات الإنسانية في الإدارة المدرسية يقصد بها عملية تنشيط واقع الأفراد في موقف معين مع تحقيق لأحداث توازن بين رضائهم النفسية وتحقيق الأهداف المرغوبة.
ومن هنا يمكن أن نفهم أن الهدف الرئيسي للعلاقات الإنسانية في الإدارة يدور حول التوفيق بين إرضاء الحاجات الإنسانية للمعلمين وبين تحقيق أهداف المدرسة ولهذا فإن الهدف الرئيسي للعلاقات الإنسانية يتضمن إرضاء أو إشباع الحاجات الإنسانية وما يرتبط بها من دوافع التنظيم ورفع الروح المعنوية وتحسين ظروف العمل والوضع المادي للمعلمين، فالعلاقات الإنسانية ضرورية ليس للإدارة التعليمية التربوية فحسب وإنما للجميع فهي مهمة في علاقة المعلم مع الطالب ومهمة في علاقة المعلم مع زملائه ومع مدير المدرسة ومع المشرف التربوي وكذلك مهمة لمدير المدرسة مع من حوله من طلاب و معلميين و مشرفيين وكذلك العلاقات مهمة للمشرف التربوي مع الطلبة والمعلمين ومديري المدارس ،بمعنى أن العلاقات الإنسانية مهمة لنا جميعا بغض النظر عن موقعنا على خارطة التربية والتعليم.
أهمية العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية:
إن مفهوم تطبيق العلاقات الإنسانية في المؤسسة التربوية يعني التركيز على الجانب المعنوي للعاملين باعتباره جانبا مكملا للجانب المادي والترفع عن معاملتهم كآلات صماء دون النظر إلى ظروفهم وقدراتهم ومشكلاتهم، وطاقاتهم، وحاجاتهم.
"إن إهتمام الإدارة وحرصها على تطبيق جانب الإتصال الرسمي لا يقل عن جانب الإتصال الاجتماعي، وخلق جو ودي تعاوني بين الأفراد وتشجيع المبادرات، وخلق الحوافز المادية والمعنوية الإيجابية منها والسلبية لدفع الأفراد للعطاء وتقدير أعمالهم واحترام إنسانيتهم ، وتفهم شعورهم بعمق وإدراك، وتهيئة البيئة الاجتماعية الآمنة لجميع العاملين سيكون له مردود ايجابي فعال لتقديم أفضل ما يمكن تقديمه من عمل منتج مثمر"
"إن القائد الإداري الذي يؤمن بمبدأ العلاقات الإنسانية ويجعل منه قاعدة ثابتة في إدارته ، إنما هو ذلك الإنسان الذي يتنزه عن التعالي على المرؤوسين وينظر إلى جميع العاملين نظرة إنسانية صادقة، دون النظر إلى مراكزهم وطبيعة شخصياتهم.. وقد أشارت دراسات جمعية الجامعة الأمريكية إلى أن أهم سمات القادة الناجحين هي كفاية القائد في بناء علاقات إنسانية طيبة مع مرؤوسيه وسلوكه الجيد في التعامل معهم".
العوامل التي تسهم في بناء العلاقات الإنسانية في الإدارة التربوية أهمها ما يلي:-
الإيمان بالعمل التعاوني،وإتاحة الفرص للإداريين للتعبير عن آرائهم،وتشجيعهم على الارتقاء بالعلاقات الشخصية والمهنية،وعرض مشكلاتهم ومناقشتها، وإيجاد الحلول لها متى احتاجوا إلى ذلك،وتشجيع أوجه النشاط التي تبني علاقات طيبة بين العاملين في الإدارة الواحدة، واحترام شخصيات ووجهات نظر الآخرين وآرائهم المختلفة، وإشعارهم بقيمتهم، وبالحاجة الماسة إليهم، وبأنهم عامل أساسي في العمل،وتقدير طموحاتهم وقدراتهم ووضعها موضع التقدير و الإهتمام،والإيمان بالمسئولية التربوية في بناء الروح المعنوية العالية لدى الآخرين،وإشراكهم في اتخاذ القرار، وملاحظة مدى تأثيره فيهم ،والقدوة الحسنة في التعامل والعمل على تحسين بيئة العمل وظروفه،وحفزهم مادياً ومعنوياً..
مدى مساهمة العلاقات الإنسانية في تطوير الإدارة التربوية:
التطوير الإداري بوجه عام هو تلك العمليات التي نعني بها الارتقاء والتحسن المستمر المنطلق من معايير علمية.
ويعني التطوير الإداري أيضاً زيادة كيفية في قدرة المنظمة لتحقيق أهدافها بصورة أفضل.
وإذا نظرنا فيما حولنا نلاحظ التغيير يطال جميع نواحي الحياة الطبيعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتى بات موضوع لكل علم وفن ،ومن التغييرات التي طالت الجانب التربوي على سبيل المثال التغييرات في الهيكلية الإدارية والتغييرات في قوانين الضمان الاجتماعي ولوائح التقاعد ...وغيرها ولهذا كله كان لزما العمل على إدارة تلك التغييرات لتحقيق الأهداف المنشودة.
ويعتبر الإنسان هو محور التغيير في أي مجتمع أو إدارة،وهو الذي يواجه عوائق التغيير بطرق سليمة ومدروسة وفق إستراتيجية واضحة، ومفتاح نجاح التغيير في الإدارة هو القائد بمساندة آليات التغيير الفعالة، ويشكل العاملون في تقبلهم وتأييدهم وتصرفاتهم ومساندتهم جزء هاما للنجاح فكلما كانت العلاقات الإنسانية ايجابية ومتينة بينهم أدى ذلك إلى نجاح العمل ونجاح الإدارة وتغيرها نحو الأفضل.
أسس العلاقات الإنسانية في التنظيمات الإدارية:
* ـ إن من أسس العلاقات الإنسانية في التنظيمات الإدارية ما يأتي :
1 ـ الإيمان بقيمة الفرد :
وهذا يعني أن يؤمن الرئيس أو المدير بأن لكل فرد شخصية فريدة يجب احترامها، وأن الفرد العادي قادر (إذا أتيحت له الفرصة) أن يفكر تفكيرا موضوعيا منزها عن الاعتبارات الشخصية إلى حد كبير، وأنه قادر على أن يصل إلى قرارات رشيدة قائمة على أسس علميه سليمة فيما يعترضه من مواقف أو يبرز أمامه مشكلات.
2 ـ المشاركة والتعاون :
وينبع هذا من الإيمان بأن العمل الجمعي أجدى وأكثر قيمة من العمل الفردي، وحين يتاح الجو المناسب لجماعة ما لمناقشة أمر من الأمور أو تبادل الرأي فيه فإن قدرة هذه الجماعة على فهم الموضوع وتحديد أبعاده وملابساته واتخاذ قرار بشأنه تكون أفضل مما لو ترك الأمر للاجتهادات الفردية مهما بلغ هذا بالفرد من تفوق ومهما اكتسب من خبرات .
3 ـ العدل في المعاملة :
ويعني هذا أن يعامل المدير أو المسؤول أفراد التنظيم الإداري معاملة تتسم بالمساواة والعدل بعيدة عن التحيز والمحاباة وذلك في إطار قدرات الأفراد وإمكاناتهم ومواهبهم ، وإيمانا بمبدأ الفروق الفردية بين الأفراد ، وتفاوتهم فيما وهبهم الله من قدرات .
4 ـ التحديث والتطوير:
إن التنظيم الإداري يجب ألا يقف نموه بدعوى أنه أصبح صالحا، إذ أن توقفه يعني الجمود، وهذا يعني العودة به إلى الخبرات السابقة وتطبيقها على المواقف الجديدة، وإن التنظيم الإداري في حاجة مستمرة إلى النمو إي إلى التعديل والتطوير، والجهاز الإداري هو الذي يحقق ذلك عن طريق نموه، وتفاعله واكتساب عادات سلوكية (في مجال العلاقات الإنسانية) تنمو بالخبرة والممارسة، وإن من أبرز سمات النظام الإداري الناجح النمو والتقدم رغم العقبات بل إن علاج العقبات والتغلب على الصعوبات هو في حد ذاته عامل من عوامل التقدم والنمو.