الإدارة على المكشوف بالمنظمات الخيرية .
بقلم : أحمد السيد كردى .
الإدارة المفتوحة أو الإدارة على المكشوف هى فلسفة إدارية جديدة تقوم على تبادل المعلومات بين الإدارة والعاملين وبين العاملين وبعضهم البعض , بهدف دعم إسهاماتهم فى تحسين أداء المنظمة وفاعليتها مع توفير التدريب المناسب وتقديم حوافز مؤثرة فى التوقيت المناسب تتناسب مع قدر ومستوى الأداء .
وهذا المفهوم من المهم تطبيقة فى المنظمات الخيرية لدعم التواصل والعلاقات الداخلية والعمل بروح الفريق , فالكل يقدم الأفكار والأراء بشأن تطوير العمل الخيرى , وعلى القائمين والمسؤلين عن المنظمة أن يقوموا بتبنى هذه الأراء بالدراسة وبحث أهميتها فى تطوير المنظمة .
لذا يجب إعلام كل العاملين بالمنظمة الخيرية أينما كانت مواقعهم ومسؤلياتهم وتخصصاتهم عن أبعاد ونشاط المنظمة والأرقام المعبرة عن المركز المالى وتقدم المنظمة وتبادل المعلومات بينهم وبين المتطوعين وبينهم وبعضهم البعض وبينهم وبين الإدارة .
وتتزايد أهمية الإدارة المفتوحة أو الإدارة على المكشوف بالمنظمات الخيرية فى عالم سريع التغير تتزايد فيه التحديات التنافسية , وتزيد أهمية تحفيز القائمين على العمل الخيرى من خلال مداخل الإدارة بالمشاركة وتكوين فرق العمل ذاتية الإدارة وتفويض السلطة وتمكين العاملين كل هذه المستجدات ينبغى على القائمين بالعمل الخيرى وضعها فى الحسبان للنهوض بالمنظمات الخيرية وتطويرها , وتحسين أمن وإستمرارية المنظمة فى تقديم خدماتها للمجتمع وكذلك تحقق الأمن الوظيفى للعاملين ودرجة رضاة أعلى من العاملين ومساهمة فى ترسيخ الولاء والإنتماء تجاه المنظمة الخيرية .
هذا وإن كان المدخل بسيط إلا أنه أثبت نجاحة وفاعليته فى العديد من المنظمات بالدول المتقدمة , حيث تصاغ مبادىء هذا الأسلوب من خلال محفظة الأفكار والأراء والإجتهادات الداعمة لفكر الإدارة على المكشوف فى المنظمات تحت شعار " ليس هناك عمل مستتر " , الكل يتعلم من البعض والبعض يتعلم من الكل وهناك إنفتاح فى العلاقات والإتصالات بكل شفافية ووضوح ومصداقية , فالعمل الخيرى هو أولى بذلك القيم الإدارية , وأولى بأن يسود جو من الحب والأخوة والخير بين العاملين والمتطزعين فى المنظمة , مما يعمل على رفع معنوياتهم وإبداء حماسهم الشديد تجاه العمل على إنجاح المنظمة التى ينتمون إليها .
وهذا الأمر يؤثر إيجابيا أيضا على المتطوعين فى الجمعيات الخيرية , فليس هناك فرق فى المعاملة بين من يعمل ومن يتطوع بالعمل الكل سواسية , كما يلزم تدريب العاملين على مواجهة التحديات التى تواجه العمل الخيرى يجب أيضا تنمية وتأهيل المتطوعين كأحد مهام وأدوات تنمية أفراد المجتمع المدنى , وفى نفس السياق أهمية الحافز المادى والمعنوى لكل من يعمل وكل من يتطوع فى العمل الخيرى .
وفى الإدارة المفتوحة يأتى التغيير والتحسين من أفكار وأراء يقدمها العاملون والمتطوعون فى شتى المجالات والأنشطة الخيرية وليس من مستشارين خارجيين , وهو ما يجنب المنظمات الخيرية تكلفة وقتا أكبر , ويميز هذا المدخل أيضا أنه يربط بين أهداف العاملين وأهداف المنظمة الخيريةمن خلال ربط التفكير الإبتكارى بالتحفيز .
لهذا يتطلب تبنى وتطبيق منهج الإدارة المفتوحة فى المنظمات الخيرية إهتماما واضحا من الإدارة العليا بدعم كامل لنشر المعلومات المحدثة على العاملين والمتطوعين , كما يتطلب الأمر فتح قنوات للتواصل والإتصال الرأسى والأفقى , هذا بالإضافة إلى فلسفة قيادية تقوم على إحترام قيمة المشاركة فى المعلومات وفى إتخاذ القرارات وحل المشكلات .
وعندما يتعرف كل القائمين بالعمل الخيرى بالمنظمة يصبحوا فخورين بما حققوه من إنجازات تحقق حافز مادى ومعنوى لهم , وإن كان هناك مخاطرة تواجه الوضع والمركز المالى قاموا على الفور يبتقديم إقتراحاتهم وأرائهم بشأن تطوير وتحسين الوضع المالى , وتضمين أنشطة ومجالات تدر أرباحا على المنظمة تساهم فى تحسين الوضع المالى وتساعد فى إستمرار المنظمة وبقائها فى خدمة المجتمع .
ولا شك لأن إعطاء مثل هذه المعلومات المالية لعاملين غير مؤهلين لفهمها وتفسيرها يمكن أن يخلق مشكلات عديدة , لذا يلزم عند تطبيق هذا المدخل فى المنظمات الخيرية إعداد برامج للتدريب وتنمية المعارف والمهارات لدى العاملين على فهم وتحليل البيانات والمعلومات المالية التى كانت حكرا على المحاسبين وإختصاصى الإدارة المالية , فضلا عن تنمية المبادأة والإبتكار .
ويجب أن تتناسب درجة المشاركة مع مقدار التعليم والتدريب الذى يتلقاه العاملون والمتطوعون الدائمون وما لديهم من معلومات وخبرات سابقة , ومن الأهمية بمكان التأكيد على توازن إسهامات العاملين فى تحسين المركز المالى للمنظمة الخيرية مع قدر الحوافز المادية والمعنوية التى تقدم إليهم .
كما يتطلب تبنى وتطبيق مدخل الإدارة المفتوحة نظاما متكاملا للمعلومات يقوم على إستخدامات فاعلة لبرامج الحاسب , ويتعين أن يكون العاملون على تمكن من إستخدام هذه البرامج بإستخدام شبكة الإتصالات الداخليه والخارجيه ومع جمهور المتطوعين والمتعاملين مع المنظمه الخيريه (الإنترنت & الإكسترانت & الإنترانت).
وفي ظل الإدارة المفتوحه تتعدد توقعات العاملين ، ومن المهم أن تنجح الإدارة العليا في المنظمات الخيريه في فهم وإدارة توقعات العاملين ، فإذا نجحت في ذلك أمكن فرص النجاح في تبني هذا المدخل ، وتتمثل أهم توقعات العاملين في التحول من دور متلقي الأوامر من الإدارة العليا الي دور محلل للأرقام لتقديم إسهاماتهم للتحسين والتي تنفذ بحماس ولأنها وليدة أفكارهم ، وأيضا من دور مسجلين للأرقام إلي دور المحركين لها في تخفيض المصروفات وتعظيم الإيرادات.
كما تدعو الإدارة المفتوحه أو علي المكشوف تحويل العاملين من السلبيه أو الحياديه إلي المشاركه الفعليه في تحسين أداء المنظمه الخيريه ، وإذا إستطاعت إدارة المنظمات الخيريه التأثير علي العملين في إتجاه تنميه الإيجابيه ، كان له الأثر الفعال علي أداء المتطوعين ومدي تقديمهم وعطائهم المادي والمعنوي للمنظمه الخيريه.
كما أن من أهم أدوات الإدارة المفتوحة هو تفعيل عملية المشاركة فى صنع وإتخاذ القرارات وحل المشكلات بأخذ رأى وأفكار العاملين وكذلك المتطوعين الدائمين , يمكن للمسؤلين فى المنظمة الخيرية إستخدام العديد من الطرق والأساليب فى عملية المشاركة منها إجتماعات العصف الذهنى وهى عبارة عن حلقات لمناقشة الأراء والإقتراحات والأفكار الجديدة , ومن الأهمية بمكان مشاركة المتطوعين فى مثل هذه الإجتماعات لإبداء أرائهم بشأن عمليات التطوير والتجديد , ثم يتم تجميع أهم الأراء المتفق عليها ووضعها فى حيزالتنفيذ والتطبيق العملى , حيث أن فاعلية القرار تتزايد كلما إشترك القائمون على العمل الخيرى بأرائهم وبرؤيتهم للواقع والبيئة المحيطة بالعمل الخيرى وأيضا بخبراتهم ومعارفهم وحماسهم فى عملية صنع القرار , ولا غرو فى تميز الإدارة اليابانية المستمر إن علمنا أن القرار الجماعى هو أحد ثوابت وقناعات الإدارة اليابانية.
وفى هذا السياق , ما هو الفرق بين الإدارة بالمشاركة والإتفاق وبين الإدارة المفتوحة ما دام أن المشاركة فى إتخاذ القرار وحل المشاكل هى أحد مبادىء المدخلين : والإجابة هى أن الإدارة المفتوحة تعمل على تحويل المشاركة الظاهرية إلى مشاركة فعلية , فقد تكون المشاركة شكلية على ورق ولا توضع فى الإعتبار ولا يهتم بالتطبيق , ومن خلال مدخل الإدارة المفتوحة يتم وضع المشاركة الفعلية ضمن بنود الخطة الإستراتيجية والتنفيذية للمنظمة الخيرية .
مسؤليات العاملين فى المنظمة الخيرية تبعا لمنهج الإدارة المفتوحة .
- فهم أهداف المنظمة الخيرية .
- التحسين المستمر لأدائهم .
- تحسين النتائج المالية والوضع المالى للمنظمة الخيرية .
- الإجتهاد والإبتكار وتقديم إقتراحات بناءة .
حقوق العاملين فى المنظمات الخيرية تبعا لمنهج الإدارة المفتوحة .
- المشاركة فى تصميم أهداف المنظمة الخيرية .
- التدريب المستمر والتطوير البناء .
- التزود بالأرقام والمؤشرات المالية والتدريب على فهمها وإستخدامها .
- الحق فى توفير نظام موضوعى للتحفيز المادى والمعنوى المرتبط بمدى إسهام الفرد والجماعة .
- الحق فى ثقافة تنظيمية تشجع على الإبتكار وتكافىء علية .
- الحق فى توفير نظام فاعل للإتصال يهىء نقلا سليما لأفكارهم ويمدهم بمعلومات مرتدة عن أدائهم .
إن مهارة الإدارة العليا فى المنظمات الخيرية فى تفهم مسؤليات وحقوق وتوقعات العاملين والمتطوعين الدائمين , نقطة هامة للغاية إن أرادت تبنى مدخل الإدارة المفتوحة , ويكفى أن أحد أهم العوائد من تبنى هذا المدخل هو تحويل العاملين والمتطوعين إلى سند حقيقى للإدارة بالمنظمات الخيرية فى مجابهة التحديات التنافسية , وكل ذلك يحتاج إلى جهد كبير من الإدارة فى ترسيخ المفهوم والقناعة بأهميته والصبر حتى تتحقق ثمرته . ؛؛؛
والله الموفق ؛؛؛؛؛