بناء المجموعات الرقمية:
إن من أهم متطلبات بناء المكتبة الرقمية هو بناء مجاميع رقمية وبحجم يمكن أن يجعلها ذات فائدة حقيقية، فالرقمنةDigitization ما هي إلا عملية استنساخ راقية تقنياً تمكّن من تحويل الوثيقة مهما كان نوعها ووعاؤها إلى سلسلة حرفية رقمية أو إلى صورة .. ويواكب هذا العمل التقني عمل فكري ومكتبي من أجل فهرستها وجدولتها وتمثيل محتوى النص المرقم. ويمكن القول : إن هذه التكنولوجيا عبارة عن اختزال معلومات تتعلق بنص أو صورة أو صوت وما إليها، وتحويلها إلى رموز ثنائيــة تتكون من الرقم الثنائي
(الصفر والواحد)، ونتيجة لهذا التغيير ولظهور هذه المصادر يظهر لدينا ما يعرف بالمجتمع غير الورقي، وهو المجتمع الذي تكون جميع أوعية المعلومات فيه متوافرة على وسيط إلكتروني بدلاً من الوسيط الورقي(14).
إن عملية تكوين المجاميع الرقمية يدعو إلى وجود تنسيق جماعي لأسباب عدة منها(15):
أ- إن السعي إلى تجميع المعلومات الرقمية والعمل على ترقيم غير المرقم منها أمر يتطلب تحمل تكاليف باهظة إذا ما أريد تحقيق ذلك بشكل منفرد، لذا فإن العمل في إطار عدد من المعاهد والمراكز ذات الأهداف المماثلة أو المشتركة يحقق كسباً كبيراً على صعيد كفاءة الأداء، وتخفيض التكاليف العامة لهذه الأنشطة.
ب- تخفيض التكاليف العرضية أو التي لاضرورة لها مثل تكاليف الحصول على المعلومات وعملية تحويلها أكثر من مرة.
ج- إن بناء المجموعة الرقمية كافة سيعزز عملية المشاركة في المعلومات ويغني المجاميع التي ستصبح سهلة في متناول المستفيد.
إلا أن المكتبات الرقمية تحتاج إلى تعامل معين وسياسة خاصة بالنسبة لبعض المجموعات، منها على سبيل المثال :
أ- المواد ذات السعة والقوة في مجاميعها Collection Strengths
هناك مكتبات تتمتع بقوة كبيرة في تخصيص مجاميعها وفي سعة هذه المجاميع، مما يجعل ترقيمها، أو ترقيم جزء منها أمراً مهمًّا، ومن ثم إضافة أعمال رقمية جديدة إليها.
ب- المجموعات المنفردة أو الوحيدة: Unique Collection .
توجد في بعض المكتبات نسخ منفردة لا نظير لها، وتقع مسؤولية الترقيم عليها.
ج- الأفضليات التي يحددها مجتمع المستفيدين The Priorities of user Communities
إن هذه الأفضليات من المجاميع في بعض المكتبات ومراكز المعلومات تبرر الاحتفاظ بها محلياً كالحاجة إليها مثلاً في موضوع المناهج الدراسية.
كما ينبغي الإشارة بهذا الصدد إلى أن بعض عمليات المسح الإلكتروني والرقمنة لأشكال المواد الكبيرة تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين في المكتبات التي تتميز بضخامة مقتنياتها.
ويسلط الشكل الآتي الضوء على تنوع محتويات المكتبة الرقمية التي تشتمل على النصوص، الصور، المواد السمعية البصرية، برامج الحاسوب، والرسوم وغير ذلك من المواد والتقنيات التي تحتاجها هذه المكتبات.
وفي هذا الصدد ينبغي الاهتمام بوضع سياسة لتنمية المقتنيات الإلكترونية، حيث تحتاج القرارات المتعلقة بإدارة وتنمية المقتنيات اهتماماً خاصاً، لذا يوصي بعض المتخصصين بتكامل مصادر المعلومات الإلكترونية ضمن خدمات ومجموعات المكتبة.
ولابد أن يتوافر للقائمين بالاختيار الخلفية العلمية والمكتبية بما في ذلك طرق الوصول والتوصيل للوثائق، كما يجب أن تكون لديهم إمكانية اختيار وتقييم البدائل (الحواسيب والبرامج) وهناك عنصر آخر مهم بالنسبة لمصادر المعلومات الإلكترونية وفاعلية الاختيار والإدارة وهو عنصر الميزانية التي ينبغي أن تكون منفصلة ومخصصة لهذه المصادر، والمهم بعد هذا كله أن على المكتبات الإلكترونية أن تؤدي دوراً فاعلاً ونشطاً في حفظ مصادر المعلومات الإلكترونية، وإذا لم تقم بهذا الدور فستختفي سريعاً الكثير من البيانات الرقمية. ولابد لهذه المكتبات في اختيارها لهذه المصادر أن تراعي عملية التوازن بين الحاجة والطلب اعتماداً على التخطيط والتقييم الجيد لمجموعاتها(17).
وتتنوع مصادر المعلومات الإلكترونية التي تحويها هذه المكتبات حسب التغطية والمعالجة الموضوعية، وحسب الجهات المسؤولة عنها، وحسب نوعية المعلومات وإتاحتها.
وتعد مصادر المعلومات الإلكترونية واحدة من أهم التطورات المؤثرة في المؤسسات المعلوماتية وخاصة بعد انتشار استخدام الإنترنت بين طبقات المجتمع المختلفة، وتشمل مصادر المعلومات الإلكترونية التي يمكن أن تقتنيها هذه المكتبات:
1- ملفات المعلومات الخاصة بالمجتمع.
2- أبحاث علمية وأوراق المحاضرات والمذكرات.
3- المعاجم اللغوية.
4- دوائر معارف إلكترونية متنوعة.
5- ملفات النصوص الكاملة.
6- خدمات التكشيف والاستخلاص.
7- قواعد البيانات الإلكترونية.
8- ملفات موسيقية.
9- الملفات الرقمية.
10- حزم وبرامجيات الوسائط المتعددة.
11- دوريات إلكترونية.
12- كتب إلكترونية.
وقد أشار تسنج وزملاؤه (Tesing etal) (18) إلى عدد من مصادر المعلومات المتوافرة عبر الإنترنت المفيدة لمهنة المكتبات والمعلومات ومنها:
1- أدلة موارد الإنترنت.
2- منتديات النقاش والمؤتمرات الإلكترونية.
3- الصحف والنشرات والمجلات الإلكترونية.
4- أرشفة النصوص الكاملة.
5- الأعمال المرجعية العامة.
6- أدلة استخدام الإنترنت ومواد التدريب.
7- برامج الحاسوب عبر الإنترنت ولجميع الأغراض (برامج مرسمّة ومجانية) .
ولابد من تبيان أهم المنافع التي تحصل عليها المكتبات ومراكز المعلومات من تجميع وتوفير هذه المصادر وهي(19):
1- إن التعامل مع هذه المصادر يؤمن الحصول على معلومات غزيرة في موضوعات متنوعة عبر البحث بالاتصال المباشر أو من خلال الأقراص الليزرية بمختلف أشكالها وقواعد البيانات المتاحة عبر الشبكات.
2- الاقتصاد في نفقات شراء الأوعية التقليدية وبكميات لا تتناسب مع احتياجات المستفيدين وكذلك التوفير في المبالغ التي تصرف على إجراءات التزويد وطلب المطبوعات وأجور الشحن والنقل والتجليد وسواها من الإجراءات.
3- استطاعت هذه المصادر والمواد أن تحل معضلة المكان وعدم استيعابه للمقتنيات من خلال المميزات الخاصة لمصادر المعلومات الإلكترونية كصغر حجمها، وطاقاتها التخزينية الكبيرة كما هو الحال بالنسبة للأقراص الليزرية المدمجة (CD- Rom) والأقراص الرقمية متعددة الأغراض(DVD) وغيرها.
4- الإمكانات التفاعلية والقدرة على البحث في قواعد عدة للربط الموضوعي وفتح آفاق واسعة أمام المستفيدين في الحصول على ينابيع المعرفة.
5- شعور الباحثين بالرضا بسبب إمكانية البحث المتنوعة والدقة والسرعة في استرجاع المعلومات والإفادة منها لمختلف الأغراض والاحتياجات.
6- توفير البدائل المطروحة أمام المكتبات ومراكز المعلومات لمصادر المعلومات وقواعد البيانات المتاحة عبر منافذ شتى وتقنيات متنوعة في الحصول على المعلومات وتقديم أفضل الخدمات.
7- المحافظة على سرية الوثائق والمعلومات التي أصبحت عرضة للتلف بفعل الكوارث والتآكل وكثرة الاستخدام.
8- غيرّت هذه المصادر طبيعة عمل ووظيفة أمين المراجع وحولته إلى اختصاصي معلومات، واستشاري معلومات، فضلاً عن التغيير في الخدمات التي تقدمها هذه المكتبات، مما عزّز الانطباع لدى جمهور المستفيدين عن دور وجدوى هذه المؤسسات والخدمات التي تقدمها.
مؤهلات أمين المكتبة الرقمية ومهامه الأساسية:
إن عملية التحول من شكل المكتبة التقليدية إلى المكتبة الإلكترونية أو الرقمية أضفى أبعاداً كثيرة على هذه المؤسسات، وأبرز تحولاً في طبيعة شكل هذه المكتبة والمدى الذي تصل فيه خدماتها والإجراءات التي تحتاج القيام بها لتكون مكتبة عصرية يستفيد منها الجميع. فظهور التكنولوجيات الجديدة ولّد لدى المستفيدين احتياجات جديدة، نتيجة لاستعمالات جديدة، وأضفى تغيراً على الهياكل التنظيمية في بيئة المكتبات الإلكترونية، مما أدى إلى بروز ممارسات مهنية جديدة، بل إن الاختصاصيين الذي يعملون بهذه المكتبة ويقدمون خدماتها تطوروا وتغيروا كثيراً وأصبحت لهم مواصفات لم تكن موجودة من قبل، وإن المتابع المستفيد من هذه الخدمات يلاحظ مدى التطور الذي حدث على هذه الهياكل.
وقد حدثت هذه التغيرات والتطورات على مستويات عدة منها:
أ- على المستوى الإداري ظهرت مسميات وظيفية جديدة لم تكن في الحسبان، مثل مدير موقع المكتبة على الإنترنت، ومسؤول الخدمات المرجعية الرقمية، ومفهرس المواقع وغيرها من المسميات التي صاحبها توصيف وظيفي جديد.
ب- وعلى المستوى التقني، أصبحت المكتبة عبارة عن مجموعة من أجهزة الحاسبات والخدمات، وشبكة داخلية، موصولة بالعالم الخارجي، ومصادر معلومات إلكترونية وغيرها من المواد والأدوات التي غيرت في فكر وأسلوب العمل في المكتبة.
ج- وعلى المستوى الفني، تحولت أغلب العمليات في المكتبات إلى التعامل بأسلوب الفهرسة الآلية، والتعامل بكل الأشكال والأدوات الفنية التي تقع في شكل رقمي.
وإن العمل على رقمنة الوثائق وتطوير الشبكات الإلكترونية في المؤسسات الوثائقية في الدول المتقدمة، فتح آفاقاً جديدة تتعلق بالتيسير الكلي والمتكامل للمعلومات والوثائق، فكلما تطورت التكنولوجيات ازدادت الحاجة إلى مهني الوثائق والمعلومات.
وتقتضي طبيعة العمل في هذا النوع من المكتبات توافر مجموعة من المديرين والمصممين والفنيين وهم:
1- مدير الخدمات المكتبية.
2- مدير قواعد البيانات.
3- مساعد مدير المجموعات الرقمية والمجموعات الخاصة.
4- مصمم موقع المكتبة الإلكترونية.
5- فني المكتبة الرقمية.
6- مسؤول إدخال البيانات.
لقد تغيرت مهام ووظائف أمين المكتبة الإلكترونية من أداء الوظائف التقليدية إلى مهام استشاري معلومات، ومدير معلومات وموجه أبحاث، ووسيط معلومات، للقيام بعمليات معالجة وتفسير وترجمة وتحليل المعلومات، وإتقان مهارات الاتصال للإجابة على أسئلة المستفيدين، وكذلك الارتباط ببنوك وشبكات المعلومات وممارسة تدريب المستفيدين على استخدام النظم والشبكات المتطورة، وتسهيل مهمات الباحثين..
ولهذا تظل الحاجة قائمة إلى أمين المكتبة الرقمي، لإدارة نظم معلومات المكتبة الرقمية، وتنظيم المعلومات الرقمية، وتقديم خدمات معلومات متطورة، وإتاحة عالمية للمعرفة الرقمية واسترجاعها. وهناك أساليب فنية متنوعة لاسترجاع البيانات، والنصوص المتكاملة .. ويصور الشكل رقم (4) الأدوات التي يحتاجها أمين المكتبة في عمليات البحث والخزن والتنظيم والتصفح والملاحظة وبث المعلومات الرقمية كالفاكس والبريد الإلكتروني والملفات الإلكترونية، والوسائط المتعددة، والشبكة العنكبوتية، وأدوات النشر الإلكتروني، والفهارس الإلكترونية؛ مما يسهل الوصول إلى المعلومات الرقمية واسترجاعها ووضعها بين أيدي من يحتاجها من المستفيدين(20).
ويعتقد كينيث داولين أن الأدوار التي يقوم بها أمين المكتبة الإلكترونية تتمثل في الآتي(21):
أ- تقديم قيمة مضافة للبيانات والمعلومات والمعارف وذلك من خلال تجميعها وتخزينها واسترجاعها ضمن إطار يضمن ويدعم الوصول إليها والمحافظة عليها، وهذا كله لا يتأتى إلا من خلال اتحاد قدرات المكتبي مع تقنيات المعلومات، مما يقود بالتالي إلى إمداد المجتمع بإمكانات قوية ونافعة.
ب- يمكن أن يقوم المكتبي في ظل هذه المكتبات بدور "الحاجب" الذي يتحكم في تدفق المعلومات للمستفيدين. ولابد لهذا الحاجب وما يملك من سلطات ومؤثرات أن يؤثر في المستفيدين من خلال كمية المعلومات المسموح بتدفقها، حيث لا تؤثر على بقية الاستفسارات التي تصل إلى المكتبة وكذلك كي لا يجد المستفيد نفسه مثقلاً بالمعلومات التي قد يكتفي منها بالقدر المطلوب والمناسب.
ج- يقوم المكتبي أيضاً بدور "المرشد" إلى المعلومات، وقد كان يمارس دوره هذا بالنسبة لمصادر المعلومات وليس للمعلومات، وفي هذا المجال ينبغي أن يعكس خبراته وحبه لإمداد المستفيدين بالمعلومات التي تلبي رغباتهم واحتياجاتهم المتنوعة.
وقد صنف بنسون(22)Benson أنشطة المكتبات ومهام اختصاصي المكتبات والمعلومات في عصر الإنترنت تحت المهام الآتية:
أ- توفير الوصول إلى الإنترنت: يمكن أن توفر المكتبة اتصالاً بالإنترنت للذين لا تمكنهم ظروفهم المادية من الحصول على الخدمة، أو تقديم المساعدة إلى الذين يحتاجون شراء أو تجريب بعض الأجهزة والبرامج.
ب- استكشاف المعلومات: إن معظم المعلومات المتاحة عبر الإنترنت في الوقت الحاضر غير منظمة وتحتاج إلى مهارة خاصة للوصول إليها واسترجاعها؛ لذا ينهض اختصاصيو المكتبات والمعلومات بمساعدة المستفيدين للوصول إلى مختلف المصادر والأخبار والمعلومات المتاحة بسهولة.
ج- التعليم والتثقيف: ينبغي أن يكون اختصاصيو المكتبات والمعلومات على جانب كبير من الإعداد والتأهيل للقيام بوظيفة المعلم وإكساب المستفيدين مهارات استرجاع المعلومات واستخدام الشبكة بكفاءة.
د- النشــر: يستطيع أمناء المكتبات والمعلومات تصميم مواقع على الشبكة لنشر المعلومات التي تهم قطاع المستفيدين حول مختلف الخدمات والبرامج والمسابقات ونشر القصص الفائزة وغير ذلك.
هـ- دور الوسيط: يقوم اختصاصيو المعلومات في هذا الجانب بإجراء بعض العمليات وتقديم المساعدة في إجراءات البحث المتقدم أو تنزيل البرامج أو المساعدة في تعديل الإستراتيجيات.
د- تقييم المعلومات: يستطيع أمناء المكتبات والمعلومات مساعدة المستفيدين في تقييم المعلومات المنشورة في الإنترنت حسب المعايير المعروفة وانتقاء ما هو مفضل ونافع في مختلف المجالات والاتجاهات.
ز- تنظيم المعلومات: يؤدي المتخصّصون في هذا المجال دورهم بفهرسة وتكشيف أوعية المعلومات التي تقتنيها المكتبة أو ما هو متاح عبر الإنترنت.
ح- تقديم المشورة: يقدم خبراء المكتبات والمعلومات المشورة لمختلف الجهات والمؤسسات حول مختلف القضايا المتعلقة بخدمات المعلومات والإنترنت وغير ذلك.
ومن خلال ذلك نرى أن التطورات التي حدثت وتحدث في التكنولوجيا والطرق الإبداعية في تطبيق هذه التقنيات الجديدة تحتم على المكتبيين مواصلة تأهيلهم خلال سنوات الخدمة، وقد أصبح التعليم المستمر لزاماً وذا أهمية في جميع فروع النشاطات الإنسانية. فالجامعات، والمكتبات الوطنية، والجمعيات المهنية، والمنظمات الدولية تقع على عاتقها مسؤولية وضع المواد الدراسية، وإقامة الدورات التطبيقية، والمؤتمرات، والندوات، بغرض مواكبة التطورات العلمية في إيصال ونقل ومعالجة المعلومات، واستخدام الطرق والأساليب المتطورة في تطبيق التقنية، وتقديم أفضل الخدمات لشرائح المستفيدين المختلفة.
إن مناهج علم المكتبات والمعلومات تغيرت ولكن هذا التغير يتحرك بطيئاً، وكما قال لانكستر إننا إذا لم نقم بذلك، فإن مهنة المكتبات سوف تزاح وتحل محلها مهن أخرى أكثر حركية وفعالية، ولكن المهنة يجب ألا تموت ومستقبلها يعتمد علينا، ولذلك لابد أن نرتقي؛ لنكون على مستوى المشكلة والتحدي.
وإذا كان واقعنا المكتبات والمعلومات والتأهيل المكتبي وبرامج الخدمة المكتبية تنوء بمشكلات جمة في الوطن العربي، فإن هذا لا يعني أننا سنبقى نندب حظ واقعنا ونرى أن التخلف سيظل محتوماً، فذلك أبعد عن الواقع، وتلك مقولة خاطئة؛ لأن لدينا الإمكانات والعناصر التي يمكن تطويرها وتدريبها لتكون مؤهلة لإدارة وتنظيم شبكات المعلومات في الأقطار العربية، وهناك أيضاً هذا التوجه إلى إدخال التكنولوجيا وحوسبة أعمال المكتبات وفتح أقسام جديدة في الكثير من الجامعات لإدارة المكتبات ونظم المعلومات، فضلاً عن اهتمام بعض الأقطار العربية ببرامج الدراسات العليا للماجستير والدكتوراه في هذه المجالات الحيوية لتطوير مهنة المكتبات واختصاصي المعلومات(23).
إن تطوير مهنة المكتبات في الاتجاه الصحيح يكون بتخريج مكتبيين مؤهلين للعمل الإداري .. مع تدعيم وتعميق للعمل العلمي المتخصص للتعامل مع النصوص الإلكترونية وشبكات المعلومات، فضلاً عن:
أ- متابعة أوضاع الخريجين في مؤسساتهم.
ب- دراسة احتياجات السوق.
ج- رصد التطورات الحاصلة في قطاع المعلومات.
د- تحديد احتياجات مرافق المعلومات وما يناسبها من مؤهلات وقدرات ومهارات.
هـ- إحداث برامج لتنمية القوى العاملة في مراكز المعلومات.
خدمات المكتبة الرقمية:
تواجه دول العالم المختلفة تحدي التأثيرات المختلفة لتقنيات المعلومات والاتصالات، حيث نشهد الآن قفزات هائلة في مجال المعلومات وتقنياتها الحديثة وكذلك في مجال الشبكات المتطورة ومنها الإنترنت التي جعلت خدمات المكتبات الرقمية أسرع وأكثر كفاءة في مختلف المجالات والموضوعات لعموم فئات المجتمع، ومن بين الخدمات التي تقدمها المكتبات الرقمية(24):
1- المشاركة في تحليل ومعالجة المعلومات الرقمية وبشكل خاص عند التعامل مع النصوص فإن هناك حاجة لأنواع مختلفة من التحليل بسبب المشكلات الخاصة بالتحكم بالمصطلحات المحددة، وفي هذا المجال ربما يكون استخدام المكانز مفيداً لاسترجاع محتويات الوسائط المتعددة.
2- طالما أن المستفيدين الذين يستخدمون المكتبات الرقمية تكون لهم في الغالب احتياجات فريدة، لذا يكون هناك نوع مهم وقيم من الخدمات يقدم من جانب هذه المكتبات يتعلق بالخصوصية، وبناء ملفات خاصة برغبة المستفيد، حيث يتم إعلام هؤلاء المستفيدين بالموضوعات الحديثة ذات الاهتمام والمتوافرة في قاعدة معلومات المكتبة.
3- خدمة البحث عن المعلومات واسترجاعها من جانب أمناء المكتبة الرقمية، وجميع هذه المكتبات تقدم هذه الخدمة عبر الأسئلة المباشرة ومن خلال الأشكال المعروضة، فمشروع ذاكرة أمريكا على سبيل المثال، الذي يعدّ أحد المشروعات المطورة بشكل متقن يقدم خدمات البحث المباشر عبر المجموعات المتكاملة أو المختارة للمستفيدين، ويتم ذلك من خلال البحث في الفهارس والببليوجرافيات وقواعد البيانات الإلكترونية.
4- الخدمة المرجعية والإجابة عن الاستفسارات عبر مختلف القنوات والوسائل لأنواع مختلفة وخلفيات متباينة في احتياجاتها المعلوماتية من جمهور المستفيدين.
5- خدمات تدريب المستفيدين من خلال الجولات والبرامج التعليمية باستثمار مختلف تقنيات المعلومات والمواد الإرشادية والتوضيحية من المواد السمعية البصرية والنشرات والكتيبات والأدلة، وسواها.
6- خدمات الإحاطة الجارية والبث الانتقائي للمعلومات، وتنهض بتقديم مثل هذه الخدمات أنواع مختلفة من المكتبات الجامعية والعامة والمتخصصة .. فعلى سبيل المثال، تشرك مكتبة جامعة كاليفورنيا المستفيدين في الخدمات المعلنة، والبريد الإلكتروني للاطلاع على المعلومات والأخبار والمستجدات في مختلف القضايا والموضوعات، وهناك خدمات أخرى تقدمها مكتبات رقمية تتضمن التطورات حول آفاق المعلومات الشخصية وما يتصل بخبرات الأفراد المبنية على المعرفة وسلوكهم في الماضي، والمواد التي يفضلونها، وتكنولوجيا الارتباط بهم ومعرفة احتياجاتهم، وهذه واحدة من الخدمات البحثية لمشروعات المكتبات الرقمية في المعاهد والجامعات، مثل جامعة كورنيل التي ستقدم مثل هذه الخدمات في المستقبل القريب.
7- دعم العملية التعليمية وواجبات الطلاب من خلال بعض مراكز المكتبة الرقمية التي تقدم خدمات رقمية مختارة مجاناً وبشكل خاص بالنسبة للمواد غير النصية.
8- الخدمات الاستشارية التي تحتاجها المنظمات والمؤسسات والمكتبات بأنواعها المختلفة، ويسهم فيها خبراء في مختلف ميادين وحقول العمل المكتبي والمعلوماتي.
9- يسهم هذا النمط من المكتبات بدعم عملية اكتشاف الانتحال أو التزوير، وهناك بعض الأنظمة مثل (Scam) Stanford Copy Analysis Mechanism لاكتشاف النسخ أو التقليد أو التزوير بين الوثائق الرقمية. وفي هذا المجال تسهم بعض الحواسيب المتطورة بإمكاناتها في تقديم المساعدة في هذه العملية وتسمح بمزيد من التحكم لحل مشكلات هذه الوثائق والنصوص.
وقدم بعض المتخصصين ومنهم ديفيد باربر David Barber عرضاً لحقيقة محتويات المكتبة الرقمية والخدمات التي تقدمها مثل خدمات البنية التحتية، وخدمات الأمن، والبث الانتقائي للمعلومات، والغرامات، وخدمات الاتصالات، وخدمات التسليم وتوصيل الوثائق والمعلومات، وتصميم ملفات خاصة بالمستفيدين(25).
11- حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي. المصدر السابق، ص209-216.
12- هشام بن عبدالله عباس "المكتبات في عصر الإنترنت: تحديات ومواجهة"، المجلة العربية 3000، س2، ع2 (2001م)، ص97-108.
13- نقلاً عن حسن عواد السريحي وناريمان خالد حمبيشي. المصدر السابق، ص206.
14- صالح الدلهومي. المصدر السابق، ص72.
15- منى محمد علي الشيخ . المصدر السابق، ص91-92.
16- Fox, Edward and urs. Shalini R. OP.Cit.,p523.
17- ناريمان إسماعيل متولي. المصدر السابق، ص 67-74.
18- Tesing, G. Poulter, and Hiom. D. The Library and Information Professional's guide to the Internet. London: Library Association Publishing, 2000.PP.40-41.
19- إيمان السامرائي "مصادر المعلومات الإلكترونية وتأثيرها على المكتبات" المجلة العربية للمعلومات، مج 14، ع1 (1993م) ص69-71.
20- Sreenivasulu, V. "The role of adigital Librarian in the management of digital information system" The Electronic Library Vol. 18, No. 1 (2000) PP: 14-15
21- داولين، كنييث. المكتبة الالكترونية: الآفاق المرتقبة ووقائع التطبيق، ترجمة حسني عبدالرحمن الشيمي . الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عمادة البحث العلمي، 1995م، ص 77-81.
22- Benson, A. Complete Internet Companion for librarians. London : Neal Sehuman Publishers, Inc, 1999,pp:25-34.
23- مبروكة عمر محيريق "المكتبة الإلكترونية وأثرها على العاملين بالمكتبات ومراكز المعلومات" في: أعمال المؤتمر العاشر للاتحاد العربي للمكتبات. المصدر السابق، ص 595-600.
24- تنظر المصادر التالية :
- النادي العربي للمعلومات. نظم المعلومات الحديثة في المكتبات والأرشيف. دمشق: النادي، تموز، يوليو2000م ، ص59-61.
- Fox, Edward and Shalini R. Urs. OP.Cit.,PP: 538-539.
- Rasario Lopez de prudo. "Do urers dream of Electronic Libraries?" The Electronic Library Vol. 18,No.3 (2000) PP:206-208.
25- باربر، ديفيد ، ترجمة محمد أمين مرغلاني " بناء المكتبة الرقمية: المفاهيم والمجالات" دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات، مج 5، ع2 (مايو 2000م)، ص 168-170.