تجارب المكتبة الرقمية ومشروعاتها :
يمكن القول : إن فكرة المكتبة الرقمية ليست وليدة عقد التسعينات، بل كانت نتيجة تراكم جهود عدد كبير من العلماء والرواد في هذا الميدان، فضلاً عن جهود وتجارب أنواع مختلفة من المكتبات في حوسبة أعمالها وإجراءاتها المكتبية وظهور الكثير من المشروعات التعاونية التي قادت إلى انبثاق شبكات المعلومات المحوسبة الوطنية والإقليمية والعالمية؛ إلا أن البداية الحقيقية تعود إلى التسعينات من القرن الماضي حين أخذت المكتبات تتجه إلى التحول من الأنماط التقليدية إلى ما يعرف اليوم بالمكتبات الإلكترونية أو الرقمية، ومن هذه المحاولات مشروع مكتبة (Mercury) في جامعة كارينجي ميلون Carnegie Mellon University's Project Mercury (89-1992م).
ومشروع كور Core في جامعة كورنيل، وكان مشروعاً مشتركاً بين (Bellcore) وجامعة كورنيل، وشبكة OCLC، والجمعية الكيميائية الأمريكية، وقد بدأ العمل به منذ مطلع التسعينات، وقد تم تحويل عشرين دورية إلى الشكل الإلكتروني باستخدام تقنية المسح الإلكتــروني للصــور والنصــوص وباستـخــدام لغــة(SGML) لبناء النصوص المتكاملة لاسترجاع المعلومات، والعرض السريع على شاشات الحواسيب(26).
وفي عام 1994م قدمت أقسام علوم الحاسوب التابعة للمؤسسة الوطنية للعلوم NSF الأمريكية ووكالة مشروع البحث المتقدم في وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية NASA دعماً مادياً لستة مشروعات مدتها أربع سنوات ذات علاقة بالمكتبات الرقمية، وأول هذه المشروعات كان في جامعة كاليفورنيا في بيركلي حيث تم بناء مجموعة وثائق حول ولاية كاليفورنيا اشتملت على الخرائط والصور والتقارير الحكومية، أما مشروع جامعة كاليفورنيا في مدينة سانتا بربرا فتركز على الخرائط والمعلومات الفضائية. وقد بنت جامعة كارينجي ميلون مكتبة من الفيديو سميت Infomedia، وعملت جامعة الينويز مع الناشرين لبناء مكتبة فيدرالية من الدوريات العلمية حول العلوم والهندسة، وانصب مشروع جامعة ميشغان على بناء مجموعة مكتبية رقمية طورت في مكتبات الجامعة، وأخيراً ركزت جامعة ستانفورد على أدبيات علوم الحاسوب(27).
وقد ظهر عدد من مشروعات هذه المكتبات في الولايات المتحدة الأمريكية (مكتبات جامعية، متخصصة، وطنية) بدعم وتمويل من جهات مختلفة مثل الوكالات الحكومية الفيدرالية ومؤسسات تعليمية بالإضافة إلى مؤسسات وشركات خاصة ورجال أعمال، ثم بعد ذلك توالت مشروعات المكتبات الرقمية وتجاوزت حدود الولايات المتحدة وبريطانيا لتصل إلى بعض دول آسيا وأستراليا.
وفي هذا المجال يمكن الاستشهاد بالمشروع الرائد الذي تبنته مكتبة الكونغرس والذي يعرف باسم (المكتبة الرقمية) وقد بدأ التفكير به فعلياً في 21 أكتوبر عام 1994م، حيث اجتمع ممثلون من جمعية المكتبات البحثية (ARL) Association of Research Libraries ومكتبة الكونغرس وعدد من الهيئات العاملة في مجال تكنولوجيا الحواسيب بهدف وضع دراسة جدوى وخطوط عريضة وخطوات لتنفيذ هذا المشروع، وكانت أولى الخطوات وضع الأهداف المحددة الآتية له:
1- تسجيل الوثائق الجديدة وإعادة تسجيل الوثائق الحالية وفق النظام الرقمي بشكل متواز لأغراض حفظ وصيانة الأوعية وإتاحتها.
2- وضع الضوابط الخاصة بحماية حقوق النشر في ظل النظام الجديد.
3- تطوير المعلومات الببليوجرافية بواسطة الفهرسة الإلكترونية وإتاحتها كخدمة على الخط المباشر.
وقد وضعت خطة عمل لهذا المشروع تسير وفق ثلاثة محاور . يدور المحور الأول حول إثراء الشبكات القائمة من خلال قيام مكتبة الكونغرس بتغذية شبكة الإنترنت وما تضمه من شبكات لأكثر من (40) مليون تسجيلة ببليوجرافية، بالإضافة إلى نماذج من الصور والنصوص .. وفي المحور الثاني تم الاعتماد بشكل أساس على ما يعرف باسم "مشروع ذاكرة أمريكا" الذي يهدف إلى تجميع الوثائق التي تحمل بين طياتها تاريخ أمريكا لتحويلها إلى شكل رقمي، في حين خطط في المحور الثالث أن تؤدي مكتبة الكونغرس دوراً أساسياً في إثراء البنية الأساسية لنظم المعلومات المتاحة في المكتبات الأخرى المتصلة بها عبر الطرق السريعة للمعلومات(28).
وخلال المدة (1996-2000م) قدر الخبراء الميزانية لهذا المشروع الأكبر (60) مليون دولار. وكان للمكتبة مشروعات سابقة أيضاً عام (1984م) عندما أعلن " ويليام ويلش" أنهم يقومون حالياً بتجربتين لإنقاذ عدة ملايين من المجلدات الورقية التي ستقضي عليها الحموضة الزائدة بتكنولوجيا التفريغ الهوائي مع إشباع تلك المجلدات في أثناء التفريغ بغاز(DEZ) .. وثاني التجربتين هي استخدام الأقراص المليزرة، وبدأت المكتبة فعلاً منذ عام 1984م تنقل إلى هذه المليزرات مجموعات كبيرة من الأوعية الورقية لأغراض متعددة من بينها مواجهة التضخم في حجم المقتنيات، وإنقاذ الأوعية المهددة بالتآكل والزوال، والمحافظة على الأوعية الأصول من أخطار التداول اليومي، والإسراع في تقديم خدمات الإعارة والبحث. كما أعلن " مكتب حقوق النشر" في مكتبة الكونغرس أنه قضى ثلاث سنوات كاملة (فبراير 1993-فبراير1996م) في التجهيز المبدئي لمشروع تحسيب جديد يستند في تكوينه الأساس على تكنولوجيا الليزرة ، وقد وضع نظاماً خاصاً للمعلومات باسم (نظام مكتب حقوق النشر للتدوين والتسجيل والإيداع CORDS وهو مشروع متعدد الجوانب والمراحل التي قد يدخل بعضها في القرن الحادي والعشرين(29).
وفي أبريل عام 2000م دخلت هندسة المكتبة الرقمية الصينية إلى مرحلة التشغيل بصورة مخططة ومنتظمة وعلمية، ويجري الآن تخطيط مشروع تنفيذها، إضافة إلى البحث والدراسات حول ضبط وتطبيق المقاييس المتعلقة بالمكتبة الرقمية وبناء مصادر المعلومات الضخمة وموضوع تسوية الملكية الفكرية والتقنيات المهمة في بنائها(30).
ومن التجارب الأخرى يمكن الإشارة إلى شبكــة المكتبـــات الـمحـــوسبـــة علــى الخط المباشر (OCLC) في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقدم خدماتها لأكثر من (22.000) مكتبة في (36) بلدًا، وقد وصلت القيود أو التسجيلات (Records) المحوسبة فيها إلى (30) مليون تسجيلة، وتوجد كذلك شبكة معلومات المكتبات البحثية المعروفة باسم (RLIN) وتوفر حوالي (30) مليون تسجيلة، وتقدم خدمات الفهرسة والتــزويــد والإعارة المتبــادلــة علــى الخط المبــاشر (Online) بين المكتبات ومراكز المعلومات المشاركة.
ومن المشروعات الأخرى مشروع جامعة بتسبرغ الخاص بنظام مكتبة الجامعة (ULS) في بناء المجموعات الرقمية وترميزها باستخدام لغة (SGML) منذ عام 1997م بهدف تطوير مشروع مكتبة رقمية واقعية. وقد تم الاعتماد على مجاميع عمل من المفهرسين والمصنفين والموثقين والفنيين ومنحهم التفرغ التام للعمل، إضافة إلى الاعتماد على بعض خبراء المكتبات الرقمية في تطبيق استخدام معايير موحدة في هذا المجال. فعلماء الحواسيب يحسنون الإمكانات بالإضافة إلى حدود التكنولوجيا، وعموماً هم يبنون النظام، أما أمناء المكتبات والمعلومات فهم يضيفون الفهارس والكشافات والأرشيف وتجميع المادة العلمية، وتفهم احتياجات المستفيدين المعلوماتية وضمان الاستخدام والإتاحة المستمرة للمعلومات. وبالرغم من أن نتائج ثمار هذا المشروع كانت أكثر مما هو متوقع فإن تقييماً جاداً لاستخدام مجموعات النصوص المتكاملة سيكون هو الخطوة المهمة المستقبلية للارتقاء بواقع العمل وإضفاء المزيد من النجاح لمثل هذا المشروع التاريخي (31).
وفي بريطانيا هناك شبكة خدمات المعلومات للمكتبات البريطانية المحوسبة (BLAISE) والشبكة الأكاديمية المشتركة (JANET) وهي شبكة معلومات بحثية محوسبة تؤمن الاتصال وتبادل المعلومات لما يزيد على مائة جامعة ومؤسسة تطبيقية وبحثية عبر (1000) حاسوب مرتبط بها، وقد أنشئت عام 1984م(32).
وفي البرازيل من التجارب التي تستحق الاهتمام، قضية النشر العلمي الإلكتروني الذي طور ليشمل دول وسط أمريكا اللاتينية ودول الكاريبي، ويمثل المشروع نموذجاً رائداً للعمل الجماعي في دول العالم الثالث، وقد أطلق على المشروع اسم "المكتبة العلمية الإلكترونية على الخط المباشر" وقد قامت بهذا العمل جهات عدة منها من لديها خبرات في النشر الإلكتروني، ومنها ناشرون وأفراد مهتمون، وغيرهم، وهناك عدة دول في المنطقة تبنت هذا النموذج البرازيلي ومنها شيلي، وكولومبيا، وكوبا، وفنزويلا، وغيرها(33).
وفي اليابان تتجه التحضيرات لإعداد الفهرس الوطني الموحد، وهناك تجارب متنوعة للمواد الأولية في مكتبة دايت الوطنية (Diet Library).. ومن بين هذه التجارب التي استخدمت في رقمنة مصادر المعلومات هي (7100) قطعة من المواد النــادرة القيمة بألــوان ذات تصاميم عالية الجودة و(21.000) كتاب في العلوم الاجتماعية نشرت خلال المدة (1868-1912م) و (3000) كتاب طبعت خلال الحرب العالمية الأولى و (20) مادة من المسلسلات بمجموع (800.000 صفحة) و (260) مجلـــداً مـــن المواد البحثيـــة لمكتبـــة دايت الــوطنيـــة و( 7000 ) وثيقــــة في التــــــــاريـــــخ الســيــــــاســـــي ، و(1.600.000) صفحة من أعمال مؤتمرات مكتبة دايت(34).
ومن المكتبات الأخرى مكتبة جامعة دركسل Drexel University Library وتجربتها في الاشتراك بما يقرب من (5000) دورية إلكترونية عبر اتفاقيات مع (47) مجهزاً. وقد تبين لهذه المكتبة أن التحول من الدوريات الورقية إلى الإلكترونية قد وفر لها في عدد الموظفين التقليديين، وقلص تقليصًا واسعًا في مساحات الخدمة والحفظ، وأظهر انخفاضًا في عملية ترفيف الدوريات، كما ظهر بشكل واضح ارتفاع في خدمة تدريب المستفيدين للتعامل مع الدوريات الإلكترونية، فضلاً عن تغيير طبيعة وظيفة المكتبي التقليدية وذلك باستحداث وظائف بعنوان : مكتبي موارد معلومات إلكترونية (Electronic Resources Librarian)(35).
مستقبل المكتبات الرقمية:
نظراً للمميزات المتفردة للمكتبات الرقمية، وطبيعة محتوياتها، ومجموعاتها وتصميمها وبنائها المعماري، وتنظيم مصادرها الرقمية، ومرونة عرض خدماتها باستخدام نظم الاسترجاع الكفوءة، وتقنيات النص المترابط، والوسائط المتعددة، وديناميكية الأنشطة والتسهيلات التي تقدمها لمختلف فئات المستفيدين، فإن دورها سيكبر وانتشارها يتعاظم، وأن الكثير من هذه المكتبات سيكون لها أقسام وبرامج خاصة بها واتحادات ترعى وجودها وتطورها ومشروعاتها الحالية والمستقبلية، وستكون هناك تطبيقات متنوعة لاسترجاع المعلومات، النصوص المترابطة، النشر الإلكتروني، وانتشار لعمليات الأتمتة، ورقمنة مصادر المعلومات، والذكاء الاصطناعي، وموضوعات التداخل الآلي البشري، وحقول أخرى جديدة، وبذلك سنقترب باتجاه رؤية مبكرة لنظم المعلومات الكونية.
ومع كل هذه المتغيرات والتطورات، فإن هناك بعض التحديات والمعوقات التي تبقى لحين التمكن من إيجاد المعالجات الصائبة لها وتوافر البدائل المنطقية، ومن ثم فإن ما نحتاجه أولاً البحث عن نظريات موحدة وشاملة في حقل المكتبات الرقمية، وثانياً الحاجة إلى طرق بحث واضحة للوصول إلى التخصيص، والتطوير، وتنقية وتفعيل أنشطة المكتبات الرقمية بما يخدم مجتمع المستفيدين، فضلاً عن ذلك تظل الحاجة إلى دليل إرشادي لإدارة هذا النمط العصري من المكتبات(36):
1- يوازن الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية.
2- يجاري وينظم التقدم في مجال التقنيات والمواصفات أو المعايير الموحدة.
3- يراعي الدورة المتكاملة لحياة المعلومات.
4- يغطي مدى واسعاً من أشكال وأنواع المحتويات المبتكرة.
5- يتضمن وجهات النظر المختلفة المتعلقة بالمكتبات الرقمية.
6- يعنى بتقييم أدوات المكتبة الرقمية من الطرق والممارسات والاتجاهات والإستراتيجيات والمبادرات الخاصة بتقييم احتياجاتها والأبحاث التي تسهم في تطورها.
إن التطورات المتلاحقة في مجال النشر الإلكتروني قد انعكست على نظام المكتبات ووظائفها ومبانيها وتجهيزاتها وخدماتها، وأصبح لمختلف أنواع المكتبات في عصر مجتمع المعلومات دور فاعل في تحسين العبور إلى مصادر المعلومات الإلكترونية والشبكات، ووضع المعارف الجديدة في جميع حقول المعرفة تحت تصرف الباحثين عبر مختلف القنوات الإلكترونية.
ولقد تغيرت السلسلة التقليدية الموجودة بين المؤلف والمنتج والناشر والتاجر والمكتبة من خلال المعالجة الآلية للمعلومات في مجال النشر، والحصول الفوري المباشر للمعلومات ومختلف الاحتياجات.
وأصبحنا أمام ظهور نماذج جديدة من الوسائط المتعددة تواكب التطور وتلبية الرغبات والاحتياجات المعلوماتية، بما يجعلنا نتوقع أنها ستصبح خلال السنوات القليلة القادمة جزءاً لا يتجزأ من المؤسسات العليا الرقمية وتدعم بالتالي مسيرة النشر الرقمي، كما أن سوق البرمجيات يقدم في الوقت الحاضر مؤلفات تعليمية رقمية بصورة تبادلية للأساتذة والطلبة بما يتوافق مع احتياجاتهم، وبما يمكنهم من الاطلاع على الإنتاج الفكري المتنوع في مجال تخصصاتهم.
ومن خلال الارتباط بالوسائل الإلكترونية الحديثة أصبحت مراكز المكتبات المترابطة أمام وظائف جديدة مدركة بأن التعاون القوي فيما بينها والعمل المشترك هو الطريق الأفضل لتقديم خدمات متميزة وتحقيق رضا المستفيدين وأصبح هذا التعاون مطلوباً بينها وبين الناشرين وسائر المؤسسات والهيئات الأخرى، وقد قامت بهذا التعاون، على سبيل المثال، جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية بإنشائها المكتبة الرقمية المبتكرة بالتعاون مع ثلاث جهات كبرى عارضة للدوريات، بهدف تطوير أرشيف خاص بالدوريات الإلكترونية، وقد تم التمكن من أرشفة حوالي (1000) دورية إلكترونية لناشرين متعددين في مختلف المجالات.
وحول توقعات المستقبل ترى المكتبية الألمانية أليس كيلر Alice Keller أن عالم المعلومات سيكون عند عام (2010م) على النحو الآتي(37):
1- إن جميع المعلومات الببليوجرافية عن الوثائق والفهارس وما في حكمها ستكون إلكترونية.
2- إن جميع العروض في المنازل، وخدمات الويب ستكون إلكترونية كذلك.
3- الببليوجرافيات والقواميس وما في حكمها ستكون إلكترونية وبنسبة 100%.
4- الدوريات سيتم الرجوع إليها إلكترونياً بنسبة 90%.
5- الكتب بالنصوص الكاملة ستكون إلكترونية بنسبة 20%.
وتتنبأ الكثير من الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت أنه بدءاً من عام 2010م سيتم التراجع بقوة عن الإصدارات الورقية، بحيث لن نجد بحلول 2020م دوريات أو صحفًا مطبوعة.
وبالرغم من هذه التنبؤات فإن طباعة الكتب التقليدية مازالت اليوم تحتل مساحة واسعة في حركة النشر وأسواق المبيعات، بل إن حوالي 90% من المعلومات المنشورة إلكترونياً يتم إعادتها والحصول عليها بأشكال ومخرجات تقليدية، كما أن هناك بعض التحفظات والمخاطر لوسائل التخزين الحديثة والنشر الإلكتروني.
استنتاجات :
من خلال العرض السابق نستنتج أن المكتبة الرقمية أصبحت أمراً جوهرياً في ظل تطورات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، وأن هناك اتجاهات عالمية نحو إنشائها؛ لوجود قناعة تامة بأن مثل هذه المكتبة أصبحت ضرورة من ضرورات مجتمع المعلومات, وعليه ينبغي لجميع مؤسسات المعلومات وبشكل خاص مكتباتنا العربية أن تفكر جدياً في التخطيط، ووضع آليات عمل جديدة لإنشاء هذه النوع من المكتبات تماشياً مع توجهات العصر، والمعطيات التكنولوجية الحديثة، لما لذلك من مردودات عملية وفاعلة في جمع وتنظيم وبث المعلومات إلى قطاعات المجتمع المختلفة، ومن ثم المساهمة الجادة في رفد هذه القطاعات بمورد المعلومات الذي بدوره يساهم في رفع مستوى الإنتاج والخدمات.
ومن خلال إدخال المزيد من التكنولوجيا الحديثة واستثمارها في وظائف وأعمال المكتبة بالشكل الأمثل سيجعل منها في النهاية مبنى ذكياً ومركزاً مفتوحاً في عصر بدأ يتجه نحو النشر الإلكتروني بشكل مكثف في مختلف ميادين المعرفة، وبذلك فإن المستقبل سيكون لهذه المكتبات التي تواكب التطورات السريعة المتلاحقة في تقنيات المعلومات والاتصالات وبرامج الوسائط المتعددة، وتتبنى مثل هذه التقنيات وتطوراتها، وتتكيف معها، وستظل الحاجة قائمة لأمناء المكتبات المؤهلين واختصاصيي المعلومات الذين يؤدون وظائفهم في تحسين خدماتها ووضع الخطط والإستراتيجيات التي تحقق تطورها وتعزز دورها في خدمة المجتمع دون أن يؤدي كل ذلك إلى إلغاء مطلق للمكتبة التقليدية.
أما بالنسبة لمهمة بناء هذا النوع من المكتبات فلا يمكن أن ينهض به شخص واحد وإنما يحتاج ذلك إلى فريق عمل متكامل من مهندسي الحواسيب والمبرمجين ومحللي المعلومات ومصممي النظم وأمناء المكتبات والمعلومات، وأن تفهم كل مجموعة لأبعاد وطبيعة عمل المجموعات الأخرى ضمن هذا الفريق، وبتلاحم كل الجهود والإمكانات يمكن أن يتحقق تكامل العمل ونجاحه.
هوامش ومصادر البحث
26- Arms, William. Digital Libraries. Cambridge: MIT Press,
27- صالح بن محمد المسند."تقنيات المعلومات والاتجاهات الراهنة في المكتبات ومراكز المعلومات" دراسات عربية في المكتبات وعلم المعلومات. مج5،ع3(سبتمبر2000م) ص 26-27.
28- بلينجتون، جيمس "المكتبة الرقمية"محاضرة/ جيمس بلينجتون، تابعها سحر حسنين محمد (وآخرون)، الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات، مج2، ع4 (1995م) ص 260-262.
29- سعد الهجرسي. " التطبيقات الجارية في تكنولوجيا المعلومات" عالم الكتاب ع 57(يناير- مارس 1998م)، ص 28-30.
30- طارق محمود عباس. المكتبات الرقمية وشبكة الإنترنت، القاهرة: المركز الأصيل للطبع والنشر والتوزيع، 2003م، ص 118-119.
31- Shaw, Elizabeth. "Building A Digital Library: A Technology Manager's Point of view" The Journal of Academic Librarianship. Vol.26,No.6 (November2000) PP:394-398.
32- عامر قنديلجي وإيمان السامرائي. تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها.عمان: مؤسسة الوراق، 2002م، ص 414-415.
33- نقلاً عن ناصر بن صالح الزايد "النشر العلمي الإلكتروني طريقة جديدة لتشجيع البحث العلمي والنشر"،(صفحات متفرقة) http://www.Cos.Ksu.edu.Sal
34- مجبل لازم المالكي "تجارب في المكتبات الإلكترونية ومهام جديدة لأمناء المكتبات" ملحق الثورة الأسبوعي (صنعاء) ع13921 (23 ديسمبر 2002م)، ص13.
35- عامر قنديلجي وإيمان السامرائي. المصدر السابق، ص 344-345.
36- Fox. Edward and urs, shalini R. Op.Cit.,PP:555-556.
37- عبد اللطيف الصوفي "المكتبات الجامعية في مجتمع المعلومات بين المشكلات والحلول"، المجلة العربية3000، س3، ع3-4 (2002م)، ص113-114.