يخطئ من يعتقد أن أغلبية الوقت الضائع في العمل يُهدر بسبب حضور الاجتماعات، فعلى العكس من ذلك، فإن أغلبية الوقت الضائع يأتي من عدم قدرة الأفراد على اتخاذ القرارات السليمة بخصوص شؤون العمل .. ففي ظل هذا العالم المزدحم، نقضي جميعاً ساعات طويلة من اليوم في حضور الاجتماعات والتنقل بين الأماكن المختلفة، ولكننا عندما نأتي لنصنع قراراً مهماً قد يؤثر على طبيعة حياتنا أو سيرتنا المهنية، نجد أننا بالفعل مشغولين بعمل أشياء أخرى.
والآن، لماذا يجد معظمنا صعوبة في التوصل إلى القرارات السليمة؟ يأتي ذلك؛ لأننا جميعاً خائفون من الوقوع في الخطأ، ولأننا لا نملك الثقة الكافية التي تجعلنا نصنع القرارات الصحيحة، ولذلك يتعطل أداؤنا في العمل.
وعندما نتجنب عملية صنع القرارات هذه، لا نتمكن في الواقع من عمل أي شيء آخر، ولأجل كل ذلك، إن كنت تريد إحراز أي تقدم في العمل، فيجب أن تكون جيداً في صنع القرارات بنفسك، وفي مساعدة الآخرين على اتخاذها بشكل سليم.
وتذكر أن هناك أداة معروفة يستخدمها الأشخاص أو المنظمات المختلفة كمحاولة لتأجيل عملية صنع القرارات والتباطؤ في أدائها على أكمل وجه، وتسمى تلك الأداة "الاعتراض"! ولكن التعامل مع الاعتراضات العادية يُعدّ جزءاً أساسياً نواجهه يومياً في العمل وفي الحياة الشخصية.

الحصول على موافقة الآخرين

نعمل جميعاً على بيع العديد من الأشياء من أجل الحصول على كسب المعيشة، فمن الممكن أن تكون تلك الأشياء منتجات أو خدمات تقدمها إلى أحد العملاء أو حتى أفكاراً جديدة نعرضها على الرئيس في العمل.
ولا يهم في ذلك ما الذي نقوم ببيعه على أي حال، ولكن ما يهم هو أن نحصل على موافقة الآخرين، ويجب أن تعلم أن العديد من الأفراد يصنعون الكثير من القرارات طبقاً لأسبابهم الخاصة، التي لا يجب أن يكون لأي فرد دخل بها، ولذلك عندما تتمكن من العثور على تلك الأسباب، أو نقاط الضعف الخاصة بالآخرين، فلن تصبح عملية الحصول على موافقتهم صعبة كسابق عهدها، وتذكر أن الكثير من الأفراد يتخذون القرارات طبقاً لأسبابهم أو الحاجات التي تدفعهم لذلك، ويأتي ذلك أيضاً عندما يشعرون أو يرون شيئاً يحركهم تجاه تلك الأسباب، مما يجعل من السهل بكثير الحصول على موافقتهم تجاه ما تقوم ببيعه لهم.
وتعتمد عملية الحصول على موافقة الآخرين على الثقة والإيمان بضرورة النجاح فيها، وكلما تعاملت بنجاح مع كل اعتراض قد يواجهك، تصبح أكثر قدرة على تغيير آراء الآخرين عن خدماتك أو منتجاتك أو أفكارك التي تقدمها لهم، وعلى هذا يجب أن يكون الهدف الذي تسعى لتحقيقه هو التأثير في الآخرين عن طريق محاولة تغيير عدم اهتمامهم نحو ما تعرضه إلى التأثير الإيجابي.

مبادئ البيع

وهناك العديد من المبادئ التي يجب تذكّرها عند محاولتنا إقناع الآخرين بالموافقة على ما نقوم ببيعه، و تلك المبادئ الثلاثة:
المميزات: نحاول دائماً أن نمدح مميزات وخصائص المنتج الذي نريد بيعه أو الفكرة أو الخدمة التي نقدمها.
العائد: يمكننا ذكر أهمية تلك المميزات، وأنها ذات أهمية، وستدر بالعائد الكثير على الشخص الذي سيفوز بها. وأن تلك المميزات ستساعده على حل المشكلات التي من الممكن أن تقابله، وستعمل على تحسين حياته بصفة عامة.
التعهد والالتزام: نحاول أن نجعل الطرف الآخر يتعهد بأنه يريد ما تبيعه من فكرة أو منتج أو خدمة تقدمها.

صعوبة التغلب على عدم الاهتمام

أما إذا عبر أحد الأفراد عن عدم رغبته في شراء المنتج بقوله: "أريد أن أفكر بشكل رئيس، أو إنه ليس مقتنعاً كلية بما يتم عرضه عليه" ، فمن المحتمل أن تكون طريقة الاقتراح أو العرض قد أخفقت في إقناعه بأن المنتج أو الخدمة قد لا تفيد في أن تحل له مشكلاته، أو ربما يشعر بالرضا عن حالته الراهنة، ولا يجد حاجة لتغيير شيء فيها أو إضافة الجديد عليها، وهذا الموقف ينبعث من النقاط الأربع الآتية:
ـ عدم الثقة: عدم ثقة العميل في أهمية شراء المنتج.
ـ عدم الحاجة: عدم حاجة العميل لشراء المنتج أو قبول الخدمة التي يتم عرضها عليه.
ـ عدم المساعدة: عدم اقتناع العميل بأن المنتج أو الخدمة ستفي باحتياجاته.
ـ عدم العجلة: عدم العجلة للحصول على المنتج.
وحتى تتمكن من الحصول على موافقة الآخرين، يجب أن تضع تلك النقاط في الاعتبار، وأن تتعامل مع كل منها على حدة وبشكل جدي.
وعندما تكتشف أن أحداً ممن تتعامل معهم لا يظهر الاهتمام الكافي تجاه ما تعرضه عليه، فيجب التحقق من ذلك ومعرفة الأسباب: أي البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى عدم الراحة أو الاعتبار. ويمكنك التوصل إلى ذلك عن طريق طرح الأسئلة العامة أو الأسئلة التي لا تتضمن إجاباتها "نعم" أو "لا".
فالهدف الذي تسعى إليه هو دفع الآخرين لإدراك المشكلة التابعة من عدم الاقتناع التام بموقفهم الحالي، وبعد أن تتمكن من القيام بذلك، ستُتاح لك الفرصة لإقناعهم بأن منتجاتك أو خدماتك ستوفر الحل الأمثل للمشكلات التي يواجهونها.
كما يجب أن تعرف أنه في أي صفقة بيع ناجحة، توجد لحظة سحرية يوافق فيها المشتري في جميع الأحيان على ما تقدمه، ويقول: "نعم" على كل شيء، ولذلك يجب أن تراقب كل شيء لتتعرف على تلك اللحظة السحرية والعلامات التي تدل عليها.
فمن المحتمل أن تكون إشارة بدنية بسيطة كالاتكاء إلى الأمام بشكل طفيف، مما يعني "أنا مستعد للموافقة"، ومن تلك العلامات أيضاً بريق في العين أو ابتسامة خفيفة، فعندما ترى أو تسمع أي من تلك العلامات، يجب أن توقف العرض الذي تقدمه، وتبدأ في الحصول على الالتزام أو التعهد في الحال، وتذكّر أن هدفك الذي تسعى إلى تحقيقه هو إنهاء البيع بالحصول على موافقة الزبون، وليس تكملة العرض الذي تقدمه.

من يصنع القرارات؟

أما إذا كنت تتعامل مع منظمة ـ سواء أكانت هيئة متعددة الجنسيات أو فرداً عادياً، فيجب أن تتعرف على الطريقة أو العملية التي يتم من خلالها صنع القرارات داخل تلك الهيئات، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إذا امتلك سلطة اتخاذ القرار أكثر من فرد واحد داخل المنظمة، فيجب معرفتهم، والطريقة التي بها يفيدون المنظمة التي ينتمون إليها، ومدى ارتباطهم في عملية اتخاذ القرار هذه.
وكخطوة تالية لما سبق بعد أن تتعرف على صانعي القرار، يجب أن تجتمع معهم شخصياً أو تجري حديثاً معهم عبر الهاتف ـ إذا كان الأمر يناسبك ـ في محاولة منك لكسب ثقتهم وإقناعهم بفوائد المنتج أو الخدمة التي تتقدم بها لهم.

التقرّب إلى المساعدين

ويجب عليك أن تتذكر أن هناك شخصيات أخرى لها وزنها داخل المؤسسة أو الهيئة، وقد تكون قادرة على مساعدتك في تحقيق هدفك البيعي، ومن تلك الشخصيات شخصية "المساعدين"؛ فهي شخصية تعمل داخل المنظمة وتتمتع بالمكانة الراقية والهيبة وبعض المميزات الأخرى، ويتضح دور المساعد في مساندته لبرنامجك ومدافعته عن قضيتك، وعندما تتقابل مع الأفراد الذين تشعر أنهم جزء أساسي من عملية صنع القرار، حاول أن تتعرف عليهم؛ لأنهم سينوبون عنك في العمل، وسيساعدونك على الارتقاء بمنتجك أو خدمتك داخل المنظمة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تستمع إلى نصائحهم حتى يرتقي عملك، ويتحقق التقدم الذي تسعى إليه.

دور الخبرة

بين الحين والآخر، ربما تجد نفسك في موقف لا تعرف فيه شيئاً، ولا تستطيع أن تحدد دورك في المرحلة الثانية لمشروع معين، ومن المحتمل ألاّ تكون متأكداً من الهوية الحقيقية لصانعي القرار أو كيفية عمل المنظمة بشأن صنع القرارات، وقد تحتاج إلى بعض المساعدة للخوض في تلك المناطق المجهولة، وفي ذلك الموقف، يجب أن تقتدي بشخص في بعض القواعد والأفكار والتقنيات والطرق التي تمكنك من التعامل مع هذا الموقف نظراً لخبرته الواسعة، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يدربك هذا الشخص على التعامل مع الآخرين في كل مرحلة من مراحل عملية صنع القرار. ويمكن لهذا الشخص أن يساعدك في الإعداد الكامل للاقتراح الذي تقدمه، وأن يسدي لك النصيحة فيما يجب عليك قوله أو كيف تقوله على الإطلاق. إلى جانب ذلك، يعمل ذوو الخبرة على المساعدة في وضع الإستراتيجية العامة التي تمكنك من الوصول إلى الشخص الآخر والتأثير فيه ـ أو في المنظمة ـ ودفعه إلى الموافقة.

المصدر: محمد محمود الأمين
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 1566 مشاهدة
نشرت فى 10 ديسمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,861,757

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters