الذين لا يُحبون المقاييس النوعية، لا يَتَفهمون أيضاً معنى اتخاذ قرارات مثل قرار الدخول في مشروع جديد و ذلك لأنهم يرون عملية توقع مستقبل الأسعار والسوق وخلافه مجرد عملية تخمين. وهذا أيضاً راجع إلى أن هذه التنبؤات لا تعتمد على علم و لا يمكن تحديدها بدقة. و لكن هذا لا يعني عدم محاولة توقع قيم هذه المتغيرات كي تساعدنا في اتخاذ القرار حيث أن البديل هو اتخاذ القرار بدون أي دراسة أو معلومات. بمعنى آخر ما لا يمكن تحديده بنسبة صحة تقترب من مائة بالمائة، علينا تحديده بأعلى نسبة صحة ممكنة وعلينا توقع نسبة الخطأ وما قد تؤدي إليه.
هل هو مجرد تخمين؟
هناك طرق للتنبؤ بقيمة متغير ما- مثل سعر منتج أو حصة منتج ما في السوق- بناءً على معلومات تاريخية وأهمها قيمة هذا المتغير في الفترة السابقة. أساس عمليات التنبؤ هذه أن التغير في قيمة هذا المتغير سوف تتبع نفس الأسلوب الذي حدث في الماضي. فعلى سبيل المثال: إذا كان السعر ينخفض بمعدل عشرة جنيهات في الشهر، فإننا نبني توقعنا على استمرار نفس معدل الزيادة شهرياً. هناك طرق تأخذ في الاعتبار التغير الموسمي مثل أسعار أجهزة التكييف. علاوة على ذلك فإنه يمكننا توقع تأثير بعض المتغيرات كوجود منافس آخر أو زيادة الدخل القومي للفرد وذلك يكون بناءً على تأثير مشابه حدث في الماضي لنفس هذا المنتج أو لمنتج شبيه.
تحليل المواقف المحتملة:
على أننا نعلم أنه لا يمكننا التوقع بنسبة دقة عالية ولذلك فإنه ينصح بعمل ما يسمى بدراسة المواقف المحتملة أو ما يعرف بـ Scenario Analysis.
و هذا يعني افتراض تأثير أن يأخذ السعر قيماً معينة على أرباح الشركة أو حجم الإنتاج المطلوب. يمكن كذلك تجميع هذه الاحتمالات بأوزان تمثل توقعنا لحدوث كل حالة منها. و أحياناً يمكن استخدام أسلوب بسيط بدراسة ثلاثة مواقف وهي: الأكثر توقعاً، أسوأ حالة متوقعة، أفضل حالة متوقعة. هذا يمكننا من الاستعداد لهذه الحالات وقد يكون نتيجة الحالة المتوقعة جيداً ولكن نتيجة أسوأ حالة سيئاً جداً مما يدفعنا إلى عدم الدخول في المشروع لأن مستوى المخاطرة عالي جداً وقد يدفعنا هذا إلى اتخاذ تدابير من شأنها إضعاف احتمالية حدوث أسوأ حالة، مثل عمل حملة إعلانية أو تحسين المنتج، متوقعة أو تجعل أسوأ حالة متوقعة أفضل من تلك المتوقعة بدون هذه التدابير.
و كثيراً من هذه التوقعات تحتاج لتعاون إدارات مختلفة وكثيراً ما يزيد عدد المواقف المحتملة نتيجة لوجود احتمالات لعدة متغيرات.
دراسة الحساسية:
وهناك أمر مساعد وهو دراسة حساسية القرار للتغير في قيمة متغير ما أو ما يعرف بـ Sensitivity Analysis.
ففي بعض الحالات يمكننا أن نبنى حساباتنا على الحالة المتوقعة ثم نقدر قيمة التغير في النتيجة، مثل أرباح الشركة، نتيجة لتغير سعر المنتج بمقدار جنيه واحد بالزيادة وبالنقصان. قد يحتاج الأمر إلى أمثلة للتوضيح وهي موجودة في المقالة التالية:
هذا مثالٌ بسيط لتوضيح كيفية استخدام اختبار المواقف أو .Scenario Analysis
أنت تبيع منتج ما وتريد تحديد أرباح العام القادم. أنت تعلم تكلفة المنتج وحجم المبيعات وسعر المنتج في الوقت الحالي و في الماضي. بناءً على هذه المعلومات و بناءً على معلوماتك عن ما يحدث في السوق وظروف المنافسين و باستخدام بعض الأساليب الحسابية يمكنك توقع ثلاث قيم لكل من هذه المتغيرات. أفترض أن سعر البيع هو مائة ويزداد عادة بنسبة تتراوح بين 1 % و 3%. ولا توجد أي مستجدات قد تغير معدل تغير السعر. في هذه الحالة قد تتوقع السعر كالآتي:
السعر المتوقع (بناءً على متوسط الزيادة السنوية) 102
أعلى سعر( أعلى من أعلى زيادة نسبة طفيفة) 104
أقل سعر(أقل من أقل زيادة بنسبة طفيفة) 100
قد تكون توقعاتك مختلفة قليلاً عن توقعاتي و لكن ما نريده هنا هو توضيح الفكرة. سوف نفعل نفس الشيء بالنسبة للتكلفة وحجم المبيعات. افترض أنه بناءً على معلوماتنا توقعنا الآتي
التكلفة المتوقعة 85
أعلى تكلفة 89
أقل تكلفة 84
حجم المبيعات المتوقع بالوحدة 1225
أعلى حجم مبيعات متوقع 1555
أقل حجم مبيعات متوقع 1100
الربح= حجم المبيعات * (السعر – التكلفة )
فالربح المتوقع = حجم المبيعات المتوقع * (السعر المتوقع – التكلفة المتوقعة) = 20825
أعلى ربح متوقع =أعلى حجم مبيعات متوقع * ( أعلى سعر متوقع – أقل تكلفة متوقعة) = 31100
أقل ربح متوقع = أقل حجم مبيعات متوقع * (أقل سعر متوقع – أعلى تكلفة متوقعة) = 12100
إذن نحن نتوقع ربح من المبيعات يتراوح بين أعلى وأقل ربح والأكثر توقعاً هو 20825
بناءً على ذلك نستطيع أن نأخذ قرارات خاصة بالمصاريف الأخرى المسموح بها في العام القادم على سبيل المثال.
بالطبع هذا مثال مبسط جداً. فقد يكون حجم المبيعات المتوقع مرتبط بالسعر المتوقع بمعنى أن أقل سعر يتوقع له حجم مبيعات ما. كذلك يمكن إدخال مصاريف الدعاية في الحسابات وبالتالي نختبر ماذا لو قمنا بزيادة مصاريف الإعلان وبالتالي حجم المبيعات. و هكذا.