أحمد السيد كردى
مقدمة.
تسعى المنظمات المعاصرة إلى إحداث الموازنة بين حاجاتها وحاجات ورغبات الأفراد العاملين فيها من خلال إيجاد الوسائل المناسبة لجعل العمل اكثر قدرة على إشباع تلك الحاجات لتنعكس على رفع معدلات أدائهم في العمل ومن احدى تعريفات الإدارة أنها :
عملية مستمرة ومتفاعلة تهدف الى توجيه الجهود الفردية والجماعية نحو تحقيق أهداف مشتركة باستخدام الموارد المتاحة باعلى درجة من الفاعلية و الكفاءة.
ومن التعريف نجد ان مصطلح الفعالية والكفاءة مرتبطان بالإدارة , فكلما زادت الفاعلية والكفاءة كلما كانت هناك إدارة ناجحة .
واختلف الكتاب والباحثون في تعريف الفاعلية من الناحية الاصطلاحية، ويرجع هذا الاختلاف إلى وجود تباين في وجهات نظر المنظمات والأفراد القائمين عليها، كما يرجع إلى وجود تباين واختلاف في الخلفيات العلمية لهؤلاء الكتاب والباحثين، مما أدى إلى صعوبة في تحديد أهداف المنظمة، التي غالباً ما تتعدد وتتعارض ويصعب الاتفاق على صياغتها بصورة محددة، ويؤدي ذلك إلى اختلاف في تحديد مفهوم واضح وموحد للفاعلية لأنها تعتمد على مدى تحقيق الأهداف بصورة جيدة (Robbins, 1990 ; وجاكسون، جون، وآخرون، 1988، ص:53-54).
وبناءً على ما قدمهRaymond (1982)، فإن Barnard (1938) يعتبر أول من حاول أن يقدم تعريفاً للفاعلية، حيث عرف الفاعلية بأنها تحقيق الهدف المحدد، وعرف العمل الفعال بشكل عام بأنه العمل الذي ينجز الهدف الذي تم تحديده مسبقا، ويعرف Price (1972) الفاعلية بأنها الدرجة التي عندها يتم تحقيق أهداف متعددة، ويعرفHannan & Freeman(1977) الفاعلية بأنها درجة التطابق بين الأهداف التنظيمية والنتائج المتحققة، أما Pennings &Goodman (1977) فيعرف الفاعلية بأنها الضوابط ذات العلاقة التي يمكن تحديدها، والنتائج التنظيمية التي يمكن تقديرها، أو زيادتها كمجموعة من المعايير لأهداف متعددة.
وتعرف الفاعلية أيضا بأنها صفة تعني الإنتاج أو القدرة على التوصل إلى النتيجة المرجوة.
وتعرف المنظمة العربية للعلوم الإدارية (1974) الفاعلية بأنها "مدى صلاحية العناصر المستخدمة (المدخلات) للحصول على النتائج المطلوبة (المخرجات)".
كذلك فإن قاموس الإدارة (1972) يعرف الفاعلية بأنها "تحقيق الأهداف الصحيحة من وجهة نظر أفضل التفسيرات الممكنة لظروف التجارة وإمكانات الربح".
كما تعرف دائرة المعارف الأمريكية (http://en.wikipedia.org) الفاعلية بأنها المدى الذي عنده تستطيع المنظمة تحقيق نتائج مقصودة، وتعتمد فاعلية المنظمات أيضاً على القدرة والتواصل والأخلاق، وتعتبر الأخلاق من أهم الأسس التي تعتمد عليها الفاعلية، فالمنظمة يجب أن تكون مثالاً للاحترام والأخلاق والإنصاف والنزاهة والجدارة، حتى تستطيع تحقيق التواصل مع جماهيرها للمساعدة في تحقيق أهدافها المرجوة .
وتعرف الفاعلية بكل بساطة بالتالي :
أداء الأعمال الصحيحة: To Do Right Things
لذلك لا بد لنا من معرفة الأعمال الصحيحة وتحديدها وتعريفها لنتمكن من أدائها . يعرف الكثيرين الفاعلية بأنها الإنتاج! بما يعني أن فاعلية إنسان ما تقاس بمقياس واحد، هو مدى إنتاج هذا الإنسان،والصحيح أنه ليست هذه هي الفاعلية Effectiveness إن تعريف الفاعلية في كتب الإدارة شي آخر اسمه الكفاءة Efficiency
Getting The Most Output From The Least Amount Of Input
الحصول على أكبر المخرجات من أقل المدخلات وتعريف الفاعلية الإدارية نسبي يختلف باختلاف تصور المقيّم لها (أخوارشيدة ,2006) .
ويرى ( العمري ,1992م) أنها : فاعلية القائد بمدى الإنجاز الذي تحققه مجموعة العمل التابعة له في أهدافها .
ويرى (المنيف,1983) أن الفاعلية تعني : الوصول إلى الأهداف والنتائج المتوقعة .
وعرفها آخرون بأنها : القدرة على تحقيق الأهداف في ظل الموارد المحدودة المتاحة . ويمكن تعريفها إجرائياً بأنها : مدى تحقق الأهداف .
وتشتمل الفاعلية على عدة معايير, أهمها :
• تحقيق الأهداف: تقاس فاعلية المدير \المنظمة بمدى تحقيق الأهداف المنشودة.
• تأمين الموارد \ المدخلات : تقاس فاعلية المدير\المنظمة بالقدرة على تأمين الموارد الضرورية للمنظمة.
• العمليات الداخلية :تكون منظمة فعالة إن تدفقت المعلومات بيسر وسهولة , وساد الانتماء والرضا والالتزام الوظيفي بين العاملين ,مع أدنى قدر من النزاع الضار و الصراع السياسي.
• رضا الجماعات والأطراف التي تتأثر مصالحها بالمنظمة ولهم مصلحة في بقاء المنظمة واستمرارها.
وتعرف الكفاءة بانها :
أداء الأعمال بطريقة صحيحة . To Do Things Right وتشير الكفاءة إلى العلاقة بين الموارد و النتائج . وترتبط بمسألة ماهو مقدار المدخلات من المواد الخــام و الأموال و الناس اللازمة لتحقيق مستوى معين من المخرجات أو الهدف المنشود . وتعني الكفاءة تحقيق أعــلى منفعة مقابل التكاليف ,و أن تكون المنظمة كفؤ يعني أن تحصل على أعلى ما يمكن من الهدف الذي تسعى إليه. الإنتاجية Productivity لقياس الكفاءة , وتعرف الإنتاجية بأنها "نسبة المخرجات \الناتج إلى المدخلات".
لذلك فان الفعالية والكفاءة هي : أداء الأعمال الصحيحة بطريقة صحيحة
وترتبط الفعالية بالقيادة , وترتبط الكفاءة بالادارة . لذلك فان الفعالية تتحقق عندما يكون هناك رؤيا واضحة وأهداف محددة واستراتيجيات ومبادئ وقيم وتنمية وتطوير وغير ذلك من سمات القيادة .
وتتحقق الكفاءة عندما يكون هناك تخطيط وتنظيم وادارة للوقت ورقابة ومتابعة .
وعندما يكون هناك فعالية ولا يوجد كفاءة فان الرؤى والأهداف لا تجد من يحققها بصورة صحيحة , وفي حالة عدم وجود فعالية ووجود كفاءة فان الأعمال تنجز ولكن بدون وضوح الأهداف .
ما العلاقة بين الكفاءة والفاعلية؟
يعتبر مفهوم الكفاءة ملازما لمفهوم الفاعلية ,ولكن لا يجب أن يستخدما بالتبادل . فقد تكون المنظمة فعالة و لكنها ليست كفؤ أي أنها تحقق أهدافها ولكن بخسارة , وعدم كفاءة المنظمة يؤثر سلبا علة فاعليتها , ويمكن اعتبار الكفاءة على أنها " إنجاز العمل بشكل صحيح " بينما الفاعلية هي "إنجاز العمل \ الشيء الصحيح "و هكذا المفهومان يكمل كل منهما الآخر.
والفاعِليَّة مصطلح واسع الاستعمال في مجال علم الإدارة ، ذلك أن العلاقة بينها وبين الإدارة وطيدة ، فالإدارة بطبيعتها ترمي إلى حسن استخدام وتنسيق الموارد المتاحة من أجل تحقيق أهداف المؤسسة على أفضل نحو ، والفاعِليَّة في أصلها تشير إلى ما يحدث الأثر الإيجابي المنتظر ، أي صفة ما يحقق الهدف المرسوم ، فإذا كان محور الإدارة يدور حول كيفية تحديد أهداف المؤسسة وتحقيقها ، فان الفاعِليَّة هي صفة ما يحقق هذه الأهداف .
أضف إلى ذلك أن الإدارة شديدة الارتباط بعملية التأثير ، فهي بماهيتها وكنهها تتضمن معنى التأثير في السلوك البشري لتوجيهه نحو هدف ، كما أنها تعنى بالتأثيرات المتبادلة بين المؤسسة والبيئة المحيطة ، وهذا ما يزيد من اهتمام الإدارة بالفاعِليَّة ، التي تتضمّن في جوهرها مدلول التأثير .
وعلى هذا الأساس فان علم الإدارة يؤكد باستمرار على أهمية توافر صفة الفاعِليَّة في النشاطات والأشخاص والوسائل التـي تتصل بالإدارة ، فتجد هذا العلم يتحدث عن الأداء الفعال ، وعن المنظمة الفعالة ، والمدير الفعال ، والتنظيم الفعال، والبرامج الفعالة ، بل وعن الإدارة الفعالة ، ويرسم صورا لكل واحد منها ، ويحاول أن يحدد مكونات هذه الفاعِليَّة ، وأن يضع المعايير لقياسها ، والأسس لتقييمها ، والأساليب المقترحة لتحسينها .
وكثيراً ما يقترن الحديث عن الفاعِليَّة ، بمفهوم آخر معروف في علم الإدارة وهو الكفاءة (EFFICIENCY)، وإذا كانت الفاعِليَّة تشير إلى معنى تحقيق النتائج المطلوبة وإحداث الأثر الإيجابي، فإن الكفاءة هي علاقة بين كمية المدخلات وكمية المخرجات، أي أنها نسبة ما بين الموارد المستخدمة والنتائج المنجزة، بمعنى أن الكفاءة تزيد كلما كانت الموارد التي تم استعمالها أقل، قياساً بالنتائج المتحققة .
ويفهم عدد من علماء الإدارة مدلول الفاعِليَّة على أنّه يشير إلى أداء الأشياء الصحيحة (لكونها تتصل بالأهداف) أمّا الكفاءة فهي أداء الأشياء بطريقة صحيحة (فهي أكثر اتصالاً بكيفية أداء الأعمال)، وبمعنى آخر فإنّهم يربطون الفاعِليَّة بالقيادة ، ويربطون الكفاءة بالإدارة ، فالقيادة هي التي تبيّن الأشياء الصحيحة المطلوب إنجازها، أمّا الإدارة فإنّها تبيّن كيفية إنجاز هذه الأشياء .
وللفاعلية ركنان لا تقوم إلا بهما ، فهما جزء من حقيقتها ، وأساس في تكوينها ، بحيث لا توجد الفاعِليَّة إذا انتفى أحدهما ، ولا تتوافر إلا بتحققهما مجتمعين ، وهذان الركنان هما : تحقيق الأهداف المنشودة ، وإحداث التأثير الإيجابي .
وبشأن الركن الأول ، فالهدف هو (صورة لحالة مستقبلية منشودة ، مقرونة باستعداد لتخصيص الموارد اللازمة لتحقيق هذه الصورة) ، ولعل تدني نسبة تحقيق الأهداف ، وبالتالي تدني نسبة تحقيق الفاعِليَّة ، ينجم في المقام الأول عن غياب هذه الصورة للحالة المستقبلية ، أو عدم وضوح ملامحها وأبعادها ، أو نسيان معالم هذه الصورة بعد تحديدها ، أكثر مما ينجم عن سوء استخدام الموارد ، وأكثر مما ينجم كذلك عن ظروف طارئة خارجة عن الإرادة .
أما بخصوص الركن الثاني من أركان الفاعلية وهو (التأثير) فإن التأثير يشير إلى معنى ترك الأثر، والأثر يدل على العلامة أو الصورة التي يطبعها المؤثر في المتأثر، ولو أنك قلَّبْتَ كلمة التأثير في خلدك، وتأملت مضمونها، في محاولة للوصول إلى دلالتها، لوجدتها شديدة الارتباط بمعنى التغيير وتبديل الوضع من حال إلى أخرى، بمعنى أن إحداث الأثر يؤدي إلى القيام بتغيير وضع ما قائم إلى وضع آخر يختلف عنه .
ومجال التأثير طبعا هو البيئة المحيطة ، فقد يقع التأثير على ما يسود هذه البيئة من أفكار وقيم وتصورات واتجاهات ومفاهيم ومعتقدات وسلوكات ، وقد يقع على الوضع الاقتصادي السائد ، أو على الآلات والمعدات والوسائل التكنولوجية المستخدمة ، أو على سبل وأساليب الاتصالات ، أو على الجانب المادي الملموس في البيئة الطبيعية ، هذا ويمكن أن يقاس التأثير من عدة جوانب منها عمق ذلك التأثير ، واتساعه ، وامتداده الزمني ، ونفعه ، ومدى توافقه مع القيم الأخلاقية .
ولا يفوتنا هنا أن نذكر ان التأثير المقصود في ركن الفاعِليَّة هو التأثير الإيجابي ، فهناك أفعال لا تترك إلا تأثيرا سلبيا ، لكن لا يمكن وصفها بالفاعِليَّة ، حيث أن الفاعِليَّة بذاتها ذات مفهوم إيجابي ، وتزداد كلما كان التأثير أعمق ، وأوسع ، وأنفع ، وأطول ، وأكثر توافقا مع القيم الجليلة .
المصادر.
(1) : أخوارشيدة ، عالية بنت خلف ، المساءلة والفاعلية في الإدارة التربوية ( عمان : دار مكتبة الحامد ، 2006 ) ص 79 .
(2) : العمري ، خالد (السلوك القيادي لمدير المدرسة وعلاقته بثقة المعلم بالمدير وبفاعلية المدير من وجهة نظر المعلمين ، مجلة أبحاث اليرموك ، سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية (8) 1992 ـ ص 174 .
(3) : المنيف ، إبراهيم عبدالله ، الإدارة : المفاهيم ـ الأسس ـ المهام ( الرياض : دار العلوم للطباعة والنشر ، 1983 ) ـ ص 350 .