مبدئيا لابد من الإشارة الى أن تأييد الإسلام لأي مبدأ من هذه المبادئ يكون في صورة من صورتين:

الصورة الأولى: أن يكون هذا المبدأ منصوصا عليه بذاته في القرآن الكريم أو السنة النبوية أو مستمدا من أحد مصادر الشريعة الإسلامية أو الفكر الإسلامي.

الصورة الثانية: أن يكون هذا المبدأ غير منصوص عليه بأي صورة من الصور ولكنة لا يصطدم أو يتعارض مع أي مبدأ من مبادئ الشريعة الإسلامية وبالتالي فهو يمثل جهدا استنباطيا بشريا في إطار الأصول أو المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية.

وهذه المبادئ هي:

<!-- مبدأ التخصص وتقسيم العمل

يعد مبدأً من مبادئ التنظيم، وفي الوقت نفسه مبدأ من مبادئ الإدارة الأربعة عشر، التي وضعها [هنري فايول] رائد مدرسة نظرية الإدارة، حيث يتم تقسيم العمل وتوزيعه على مجموعة من الأفراد، بحيث تَختص كلُّ مَجموعة بجزء مُعيَّن من العمل حسب قدراتِها ومُؤهلاتها، كما هي الحال في الصناعات الدقيقة، كالصناعات الإلكترونية، وصناعة السيارات، ويرى علماء الإدارة أنَّ هذا المبدأ هو بداية تاريخ الإدارة، حيث بدأت بسيدنا آدم - عليه السَّلام - عندما قام لأول مرة بتقسيم وتوزيع العمل بينه وبين زوجته، لتتولى هي شؤون المنزل، ويتولى هو شؤونَ جلب القوت، كما يطلق على هذا المبدأ مبدأ التخصص عند علماء الاقتصاد، ويعني: الاستخدام الأمثل للقوى العاملة.

 وقد ورد مبدأُ التخصص في القرآن الكريم، ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾. [يوسف : 55]، وهذا التخصص عرضه يوسف - عليه السَّلام - على عزيز مصر بعد أن كسب ثقته، وهو المنصب الذي تم ترشيحُ يوسف - عليه السَّلام - له من قِبَل عزيز مصر، والذي يوازي في الوقت الحاضر وزيرَ المالية والتموين، ويشتمل هذا المنصب أو هذه الوظيفة على التخطيط والتخزين والتوزيع والإحصائيات والأرقام، وما يتطلبه هذا المنصب من مهارات وقدرات، كالحفظ والعلم.

كما ورد في الحديث الشريف قولُ رسول الله . ﷺ .: " استعينوا على كل صنعة بصالحي أهلها "، وفي حديث آخر: " إذا ضيعت الأمانة، فانتظروا الساعة "، [رواه البخاري في صحيحه]، قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: [إذا أُسند الأمر إلى غير أهله، فانتظروا الساعة"] وقد اهتم الرسول . ﷺ . ومن أتى بعده بالتخصُّص، فكان هناك المتخصصون في شؤون القضاء وشؤون الوُلاة، والعمال والمدرسون، والكتاب، ورجال الحسبة، والمترجمون، وغيرهم في التخصُّصات المختلفة، التي أتقنها المسلمون في عهد الرَّسول والخلفاء الراشدين، وفي الدول والأمصار الإسلامية من بعدهم.

<!-- مبدأ وحدة الأمر 

مبدأ وحدة الأمر في التنظيم الإداري الإسلامي يشير إلى ضرورة توحيد السلطة الإدارية في إطار إسلامي واحد، حيث تكون القرارات والسياسات والإجراءات المتخذة وفقًا للشريعة الإسلامية وتتمثل السلطة في الإمام أو الخليفة الراشد الذي يتم اختياره بالتوافق من قبل المجتمع الإسلامي. ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الناس وتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل يحافظ على حقوق الجميع ويضمن لهم الحرية والكرامة الإنسانية.

ويتطلب تطبيق مبدأ وحدة الأمر في التنظيم الإداري الإسلامي إعادة ترتيب الهيكل الإداري بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، حيث يتم توزيع السلطات والمسؤوليات والصلاحيات بطريقة تعزز التوازن بين السلطات وتحقق العدالة في توزيع الثروات والموارد والخدمات بين جميع فئات المجتمع. كما يتطلب تطبيق هذا المبدأ إقرار المؤسسات الإدارية والقانونية والاجتماعية التي تعمل على تحقيق الأهداف الإسلامية وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع.

ويقصد به ألا يتلقى المرؤوس أوامره إلا من رئيس واحد فقط، ومما يؤكد على سلامة هذا المبدأ وجوده بشكل فطري في خلية النحل، فلا تجد لخلية أكثر من ملكة، وإن كان هناك أكثر من ملكة مرشحة فإنه يتم سباق تنافسي بينهما لتقضي أحداهما على الأخرى أو تطردها وتظل الرئاسة لواحدة فقط، فإن كان ولا بد من وجود ملكة قوية أخرى فإنها حينئذ يمكن أن تقود سرباً جديداً من النحل الصغير الناشئ وتنطلق به لبناء خلية جديدة وهكذا. ولعلنا نختم هذا الدرس العظيم في التنظيم بقول الله عز وجل: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾. [الأنبياء : 22].

<!-- السلطة والمسؤولية

السلطة يعرفها علماء الإدارة بأن السلطة هي القدرة على تنفيذ المهام والمسئولية هي الالتزام بتحقق تلك المهام". وذلك هو المفهوم العلمي المبسط للسلطة الإدارية، وما يقابلها من مسئوليات وتدرج السلطة إنما يعني تحديد مدى السلطة والمسئولية في مختلف مستويات هذا التدرج وعلى امتداد ما يعرف في الإدارة بخط السلطة. فعند وضع الهيكل التنظيمي للمنظمة يلزم تحديد السلطات والمسئوليات لكل وظيفة من الوظائف، ويراعي في ذلك تدرج السلطة بحيث تزيد كلتا التوجهات نحو قمة التنظيم الإداري.

ويتطلب الأمر أيضا تحديد علاقات السلطة بين مختلف التقسيمات الوظيفية وذلك لخلق الظروف الضرورية والمناسبة لتحقيق التعاون بين الأفراد وتنسيق جهودهم باستبعاد التضارب أو الازدواج أو التدخل بين الاختصاصات أو أعمال الوحدات التنظيمية المختلفة، وهذا من شأنه أن يحدث التكامل بين الجهود المبذولة بما يكفل في النهاية تحقيق الهدف بكفاءة وفاعلية.

وإذا كانت السلطة تعتبر تعبيرا عن حق"، والمسئولية رمز الالتزام مقابل هذا الحق. فإن من المنطقي أن تتناسب السلطة مع المسئولية وهذا هو ما يعبر عنه بمبدأ توازن السلطة ويمكن أن يقال أيضا أنهما متلازمتان وجوداً وعدماً.

والسؤال الآن ما هو موقف الإسلام من السلطة والمسئولية بمفهومهما العلمي المتقدم، وبعبارة أخرى هل تجيء ترتيبات الفكر الإداري الوضعي - فيما يتعلق بالسلطة والمسئولية - في إطار توجيهات الفكر الإسلامي ومتفقه مع مبادئه الكلية؟ ويعني هذا المبدأ أن السلطة الإدارية يجب أن تكون منتشرة في جميع أنحاء المجتمع، ولا يجب أن يترك اتخاذ القرارات والسيطرة على الأمور الهامة للقلة الحاكمة فقط.

كما يشمل هذا المبدأ أيضًا تحمل المسؤولية بالتساوي بين جميع أفراد المجتمع، سواء كانوا حكامًا أو محكومين، وذلك لأن كل شخص مسؤول عن أفعاله أمام الله والمجتمع، ويجب أن يتحمل عواقب أفعاله بالتساوي.

وللإجابة على هذا السؤال المتعلق بموقف الإسلام من السلطة الإدارية وما يتعلق بها من مسئولية بمفهومها العلمي السابق يمكننا القول بأن النصوص القرآنية سبقت بتقرير هذا النوع من السلطة في قوله تعالى ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾. [الأنعام : ١٦٥]، ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾. [الزخرف : ٣٢]، إذ يعكس من الدرجات مقدار السلطة المتعلقة بكل درجة بمفهومها العلمي الذي يرمز إلى الحق في اتخاذ القرار الذي يتعلق بإنجاز مهمة معينة. كما يربط الإسلام بين السلطة والمسئولية ويؤكد على تلازمهما، فالسلطة في الإسلام ليست لمجرد التسلط وإنما هي سلطة مسئولة، وأبلغ ما يكون التعبير عن هذه المسئولية يجئ قوله تعالى في الآية السابقة [ليبلوكم فيما ءاتاكم].

ويأتي هذا الربط بين السلطة والمسئولية على نحو إنساني اجتماعي وحيث تأخذ السلطة مفهومها الفطري السليم الذي عرفته البشرية ابتداء من خلية المجتمع الأولى وهي «الأسرة». وذلك في الحديث الشريف المعروف، كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته]، فإن مسئولية الإنسان عن شيء تقتضي أن تتوفر لــه السلطات التي تمكنه من تنفيذ ذلك الشيء وطبقاً للقول المأثور إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.

<!-- توازن السلطة والمسئولية

وهذا مبدأ أساسي استقر عليه الرأي في الفكر التنظيمي ويعنى أن يكون هناك تعادل و توازن بين السلطات والمسئوليات الوظيفية، فحيث إن السلطة هي القدرة على تنفيذ المهام والمسئولية في الالتزام بتحقيق تلك المهام لذا فإن من المنطقي أن تتناسب مع المسئولية. والفكر الإسلامي إذ عرف السلطة والمسئولية فإنه يقرر ضرورة التعادل بينهما على أساس شخصي، فالمسئولية في الإسلام مسئولية شخصية وكل إنسان محاسب على ما جنته يداه ولا تتعدى مسؤوليته الى سواه.

ونصوص القرآن الكريم واضحة وصريحة في هذا المعنى، حيث يقول تعالى في محكم آياته ﴿ وَلَتُسۡـَٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ﴾. [النحل : ۹۳]، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾. [الطور : 38]. ﴿ قُل لَّا تسئلون عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نسئل عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾. [سبأ : ٢٥]، ويقول جلّ من قائل: ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذرة شرا يره ﴾. [الزلزلة : ۷ : ۸] وقوله سبحانه في ﴿ وأن ليس للإنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى[النجم : ٣٩].

وهل يصدر العمل إلا بمقتضي سلطة؟ تلك التي يجب أن تتعادل مع المسئولية تماماً ولا تتفاوت بمقدار ذرة واحدة!؟

ويجب ألا يفهم من تركيز النصوص السابقة على جانب المسئولية أن الإسلام لا يهمه إلا هذا الجانب بحيث إنه لا يسمح بأن تقل المسئولية عن السلطة وأنه ربما يسمح بزيادة المسئولية عن السلطة. فهذا الفهم ليس سليما، ذلك أن التأكيد هنا على جانب المسئولية له مغزى معين ويتعلق بقضية تثار حديثاً وهي: هل يرغب الإنسان بطبعه في تحمل المسئولية؟ ولا تزال هذه القضية محل خلاف وانقسام في الرأي حولها.

واستناداً إلى نصوص القرآن، فإننا نري أن الإنسان وإن كان مؤهلاً بفطرته لتحمل المسئولية مصداقاً لقوله تعالى: ﴿ إنا عرضنا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرض والجبال فأبين أن يحملنا وأَشْفَقْنَ مِنها وَحَملَها اْلإنْسَانُ ﴾. [الأحزاب : ٧٢]، لكن هذا الإنسان قد ينزع بفطرته أو بأهوائه إلى عدم استخدامها الاستخدام الصحيح كما يستفاد من قوله تعالى في نفس الآية: إنه كان ظَلُومًا جَهُولًا.

لذلك كان التركيز على جانب المسئولية دون السلطة، كما جاء في الآيات السابقة لكن لا يزال المبدأ وهو ألا تقل المسئولية عن السلطة، وأيضا لا تقل السلطة عن المسئولية حتى:" لا يحدث خلل في التنظيم الإداري». وقد حرص الإسلام على رعاية ذلك تماما ويتضح ذلك عندما وكل الخليفة أبو بكر أسامة ابن زيد بقيادة جيش المسلمين في حرب الروم ومنحه السلطة في إدارة هذا الجيش فإن الخليفة أبا بكر لم يستطع بعد ذلك أن يستبقى عمر بن الخطاب لمعاونته في إدارة شئون المسلمين بالمدينة إلا بعد أن استأذن أسامة بن زيد بوصفه قائدا مسئولا عن الجيش - الذي يعتبر عمر أحد جنوده وله كل السلطة علية هذ فضلا عن الالتزام بمبدأ وحدة الأمر وكذا عدم تخطي الرؤساء.

<!-- تكامل فكرة السلطة

تأتي فكرة السلطة متكاملة في الفكر الإسلامي بالشكل الذي يكفل تحقيقها في التطبيق الفعلي، والحصول على ثمرة ممارستها من حسن سير الأداء لتحقيق الأهداف الجماعية والفردية، فليس يكفي أن يحوز الإنسان السلطة فقط، فهي لا تتبلور إلا بالممارسة السليمة، ولا تتحقق إلا بالقبول والامتثال من المرؤوس.

وقد تكفل الإسلام بتحقيق هذه الضوابط كما هو وارد في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً ﴾. [النساء : ٥٩]. فهذه الآية الكريمة تؤكد معنى القبول والامتثال لأوامر وقرارات أصحاب السلطة وهم أولى الأمر الذين أوجب القرآن الكريم طاعتهم تبعاً لطاعة الله وطاعة رسوله طالما لم يخالفوا ما أمر الله به وما نهى الله عنه.

وهذا المعنى أيضاً هو ما رددته السنة النبوية المطهرة على سبيل التأكيد مهدرة كل تمييز عنصري أو عرفي أو طبقي قد يحتج به لتعطيل هذا الأمر الواجب إذ يقول الرسول الكريم: "واسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كان رأسه زبيبة ". [رواه البخاري عن أنس ابن مالك]، والأمر هنا على سبيل الوجوب وليس على سبيل الندب [النافلة]، ولكن هذه الطاعة «لأولى الأمر»، مشروطة باتباعهم أحكام الشرع الإسلامي وعدم اتباع الأهواء، وإلا فلا طاعة لهم كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾. [الكهف : 28]. وبذلك تتضح فكرة السلطة في الإسلام كما أن الإسلام لم يتح فرصة للجدل الفكري القائم حول مصدر السلطة.

<!-- تفويض السلطة

ومؤداه بإيجاز أن السلطة تفوض والمسئولية لا تفوض. ومنه تنشأ سلسلة مستمرة ومتدرجة من تفويض السلطة دون أن يفقد أي مستوى، قام بالتفويض مسئوليته أمام المستوى الأعلى الذي قام بتفويضه، ولعل حديث الرسول . ﷺ . يحدد في إيجاز بليغ جوهر هذه المبادئ حينما يقرر " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ..." ثم عدد أنواعاً متنوعة من المسئوليات التي لا تتم إلا بناء على تفويض السلطة.

من المبادئ التي استقرت في الفكر التنظيمي الحديث مبدأ تفويض السلطة لا بد للرؤساء من أن يفوضوا بعضا من سلطاتهم إلى مرؤوسيهم وبذلك تتقرر مسئوليات هؤلاء المرؤوسين حتى يتمكنوا من القيام بواجباتهم التي حددها الرؤساء وتفويض السلطة يقضى بأن تكون تلك السلطة لدي مفوضها أصلا، فلا يعقل لشخص أن يعطي ما ليس عنده، وإذا فوض شخص كل سلطاته لآخر فانه لا يعني إعطاء وظيفته لهذا الشخص.

ويجب أن يكون مفهوما أن تفويض السلطة لا يعفي المفوض من مسؤولياته ومعنى ذلك أنه يكون مسئولا عن حسن اختيار من فوضت إليه السلطة ومن أدائه لمهامه ومسئولياته، وهذا يعنى أيضاً أنه يكون مسئولاً عن متابعته والرقابة عليه.

والسؤال الآن ما موقف الفكر الإسلامي من هذا المبدأ؟ وكان رسول الله . ﷺ . خير قدوة في القيادة، وفي تفويض السلطة، حيث كان يفوض الصلاحيات لأصحابه عند إرسالهم في مهمات الدعوة، وتلقين الناس أمور الدين، وأخذ الصدقات منهم، ومن أمثلة ذلك الصحابي الجليل معاذ بن جبل حينما أرسله . ﷺ . إلى اليمن، كما اتبع الخلفاء منهجَ الرسول في التفويض، كما كان ﷺ يتولى أمر ما يليه بنفسه، ويولى فيما بعد عنه، فولى على مكة بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص الثقفي، وعلى قرى عرينه خالد، سعيد بن العاص، وبعث عليا ومعاذ بن جبل، وأبا موسى الأشعري إلى اليمن.

وذكر محمد كرد على مثالاً على ذلك طريقةَ أبي بكر وصاحبه من قبل: إطلاق الحرية للعامل في الشؤون الموضعية المحلية، وتقييده في المسائل العامة، ومراقبته في خلوته وجلوته. عن ابن عباس قال خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية وقال: يا أيها الناس، من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني له والياً وقاسماً [رواه الطبراني في الأوسط]، ولما أرسل عبد الله بن مسعود إلى العراق وزيراً ومعلماً مع عمار بن ياسر الذي ولاة الإمارة كتب في أهل العراق وقد جعلت على بيت مالكم عبد الله بن مسعود وقد أثرتكم به على نفسي.

والمسئول في أي مستوى أن فوض بعض سلطاته التي يحوزها كما تقتضى بذلك أصول الإدارة، فإنه لا يملك أن يفوض مسئوليته عن جميع ما يحدث أمام الله أولاً وأمام الشعب ثانياً.

وفي ذلك يقول الماوردي على الخليفة أن يباشر بنفسه مشارفه الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملة ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين ويغش الناصح وقد قال تعالى: ﴿ يا داود، إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾. [ص : ٢٦]. فلم يقتصر الله سبحانه وتعالى على التفويض دون المباشرة وهذا وإن كان مستحقة عليه بحكم الدين ومنصب الخلافة، فهو من حقوق السياسة [الإدارة]، كما قال النبي . ﷺ . "وكلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته".

وكان الخليفة في الدولة الإسلامية يفوض سُلطته إلى الوُلاة والعمال في الولايات والإمارات الإسلامية، ومن الأمور التي توضِّح تفويضَ السلطة ما حصل في عهد عمر - رضي الله عنه - حيث جاء بعضُ الناس وقالوا للخليفة عمر - رضي الله عنه -: إن عياض بن غنيم - وهو من كبار المسؤولين في حكومته - يتوسع كثيرًا في إعطاء الأموال، حتى إنَّه لا يقل في هذا المعنى عن خالد بن الوليد، فقال لهم: " إن ذلك شأن أبي عبيدة "، ويقصد بذلك أنَّ أبا عبيدة بن الجراح هو المختص بمراقبة التصرُّف في مال المسلمين، وأنَّ له حقَّ السلطة في التأكد والتحقق من تصرف عياض بن غنيم في تلك الأموال.

وكان أمراء المسلمين والولاة وقادة الجيوش يتم تفويضهم من قِبَل الخلفاء لإجراء الاتفاقات والمعاهدات مع الأعداء والمشركين دون الرجوع إلى الخليفة، كما حصل في مُعاهدة عمرو بن العاص مع المقوقس، وخالد بن الوليد مع الفرس، كما كان الخلفاء يقومون بتفويض السُّلطة للولاة والأمراء والقادة، وفي الوقت نفسه يقومون بالتوجيه والمراقبة ومُحاسبة مَن يسيء استخدامَ السلطة منهم.

وبذلك يتبين أن تفويض السلطة لا يعفى من المسئولية، ويترتب على ذلك أن مفوض السلطة يجب عليه أن يتابع ويراقب حسن التنفيذ ممن فوضت إليه السلطة وقد كان ذلك محل رعاية ولاة الأمر من المسلمين، وحسبنا في ذلك ما ورد من أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال يوماً لمن حوله: "أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل لكنت قضيت ما علي؟ قالوا: نعم، قال: لا حتى أنظر في عملة أعمل بما أمرته أم لا".

تلك هي فكرة الإسلام المتكاملة عن مبدا تفويض السلطة. فقد قرر عمر أن مسئوليته عمن ولاه لا تزال قائمة فهو وإن فوض إليه بعضاً من سلطاته لخير من يعلم فإن مسئوليته عن هذه السلطة واستخدامها لا تزال قائمة من حيث الرقابة عليه ومتابعته في استخدام السلطة المفوضة إليه، وبذلك يتضح أن الإسلام يقرر مبدأ تفويض السلطة دون تفويض للمسئولية.

<!-- تدرج السلطة

 ويقصد بتدرج السلطة، تدرج الواجبات على أساس درجات السلطة وما يقابلها أو يعادلها من مسؤولية.

وتدرج السلطة أو التدرج الرئاسي هو محور التنظيم الهيكلي كما يتصور الفكر الإداري المعاصر وذلك تحقيقا لصالح المنظمة وأفرادها، حيث يمكن أن تتحقق الأهداف المشتركة المرجوة من قيام التنظيم، ولا شك أن هذا المبدأ أساسي وبدونه لا يستطيع التنظيم أن يؤدي وظائفه كما يجب أن تكون.

ولأن الفكر الإسلامي يتوخى دائما التوازن بين صالح الفرد وصالح الجماعة - ويلزم النشاط الإنساني بأن يعمل في فلك هذا الهدف، ويرتب الأوضاع الإنسانية على أساسه لذا فقد أدرك أهمية مفهوم "تدرج السلطة و أولاه بعنايته".

 ويعتبر الإسلام هذا التدرج الرئاسي اختيارا لنا، رؤساء كنا أو مرؤوسين، من حيث مدى استخدام الرؤساء له في إصدار أوامر ملزمة تحقق صالح الجماعة وأعضائها معاً، ومدى طاعة المرؤوسين والتزامهم بهذه الأوامر والعمل بمقتضاها.

 وبهذا يتوخى التنظيم مصالح الجماعة والأفراد على السواء، إذ يشبع حاجات الأفراد عن طريق النشاطات الجماعية التي يحكم تنظيمها ويحكمه التدرج الرئاسي.

 

 

<!-- مصادر تقرير مبدأ تدرج السلطة

ويعني ذلك تدرجًا للمناصب والصَّلاحيات من الأعلى إلى الأسفل على شكل سلسلة المراتب الإدارية، وقد عرف الإسلام التدرج الرئاسي، وورد في الكثير من الآيات القرآنية، منها قوله - تعالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ [الأنعام: 165]، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف : 32]، وفي آية أخرى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾. [المجادلة : 11].

 ولا شك أن هذا التدرج في التنظيم الإداري الإسلامي لا يعني أن يكونَ هناك تَميُّز طبقي، لأنه يتنافى مع المبادئ الإسلامية القائمة على مبدأ المساواة والعدل، وأنَّ أكرم الناس عند الله أورعُهم وأتقاهم، ولقد بيَّن الإسلامُ أنَّ هذا التفاوت بين البشر في مجال الأعمال طبقًا لتفاوتهم في العلم والمعرفة، لذا يقول تعالى: ﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف : 76]، ويقول أيضًا: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾. [المجادلة: 11].

وقد أوضح حزام المطيري أنَّ التفاوت بين البشر من سنن الله في خلقه، وذلك عن طريق اختبار الخالق بابتلائهم في كيفية قيامهم بأعمالهم وتأديتها بالصورة التي تُرضي اللهَ ورسوله، وقد أشار إلى ذلك قول بعض المفسرين في هذا الشأن، حيث قال: قد اقتضت سنة الله في خلقه لبقاء هذا الكون ونظامه أنْ يخالف بعضهم بعضًا إلى حين قيام الساعة، وأنْ يرفع بعضهم فوق بعض درجات في القوة الصلاحيات، والمال الأجر، والعلم المعرفة والخبرة، وقسم بينهم معيشتهم في الحياة الدُّنيا، ليسخر بعضهم بعضًا" وقد تدرجت السلطة، ابتداء من الخليفة، في مستويات مختلفة وتنظيمات فرعية أسست على أساس مبدأ تدرج السلطة بمفهومه المتقدم.

 وهذا المبدأ في الإسلام لا يرتبط بحجم معين للمنظمة. ولكنه مبدأ أساسي في أي تنظيم صغر حجمه أو كبر ضمانا لتنسيق الجهد والتوافق في الأداء وسواء كان التنظيم مستمراً أم حتى مؤقتا فذلك هو ما أمر به الرسول وأشار إلى أهميته. ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد أن رسول الله ﷺ قال: " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم"، وفي سننه أيضاً عن أبي هريرة مثله، وفي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال: " لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم " فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر.

ولهذا يتضح أنَّ الإسلامَ حدَّد شروطَ وضوابط التدرج الرئاسي والهدف منها، ووجوب طاعة المرؤوس للرئيس، قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59]، على ألاَّ تكون في معصية " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، وقال الرسول . ﷺ .: " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلاَّ أن يؤمَر بمعصية "، [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، وفي حديث آخر: " السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية، فلا سَمْعَ ولا طاعة "، [رواه أبو داود].

يقول الله تبارك وتعالى ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتْ ﴾. [المُجَادِلَة : 11]. وفي هذ دعوة الى السعي في ارتقاء الدرجات وتحسين الوضع الاجتماعي والوظيفي، عن طريق الأخذ بالأسباب وبذلك يكون الإسلام مرة أخرى قد كفل مبدأ تكافؤ الفرص عند إقراره لمبدأ تدرج السلطة والذي يقوم على أساس الفرص المتكافئة أمام الجميع  أي أنه يرفض قيام هذا المبدأ على أساس وضع طبقي أو تسلطي أو أي أساس جزافي أخر.

وبذلك يمكن أن يقال إن الإسلام حينما يقرر مبدأ من المبادئ ليتوخى به مصلحة الفرد والجماعة فإنه يضع الضوابط ويقرر المعايير السلمية التي تكفل سلامة التطبيق، وتحقق التوازن الدقيق في المصالح وأربابها.

<!-- مبدأ تبادل المشورة

لقد حظيت الشورى بمكانة عظيمة في التشريع الإسلامي، وأصبحت من المبادئ التي يقوم عليها نظام الحكم والإدارة في الدولة الإسلامية في مختلف العصور. ومما يؤكد ذلك أن الله سبحانه وتعالى أوجب الرجوع إلى الأمة أو الجماعة عند اتخاذ القرارات الهامة، فقال سبحانه وتعالى ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾. [آل عمران : 159].

وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أثناء ممارستهم لكل شئون الحياة الدنيا بتبادل المشورة في أمورهم، فيقول سبحانه ﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾. [الشورى: 38]. مبدأ المساواة :لقد جاء الإسلام بمبدأ المساواة، وكان بذلك أسبق في هذا المقام مما هو معروف من التشريعات في العصر الحديث .وفي الآيات القرآنية التي تدعو إلى المساواة قوله سبحانه وتعالى: ﴿ إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخوة ﴾. [الحجرات : ١٠]. وقوله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾. [الحجرات :  13].

 

 

<!--مبدأ العدالة

تقوم الإدارة في الإسلام على مبدأ [قاعدة] العدالة بين الجميع دون مراعاة للفروق الاقتصادية أو اللونية أو الجنسية، والتمييز يقوم على أساس التقوى، والعلم، والعمل الصالح، وأداء الواجب الشرعي يقول الله تعالى: [ إن أكرمكم عند الله أتقاكم[ .

ومن الآيات القرآنية التي وردت في الحث على العدالة كثيرة ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ . [النساء: 58]. كما تتمثل العدالة في الإسلام في إسناد الأعمال والمهام المناسبة لقدرات الفرد واستعداداته وعدم تكليفه فوق طاقته، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾. [البقرة : 286].

<!--مبدأ الجدارة والكفاءة

لقد طبقت الإدارة في الإسلام مبدأ الكفاءة والجدارة والأمانة والقدرة على الأداء في العمل وتولية الوظائف العامة قبل أن تأخذ به النظم الإدارية الحديثة، ومعنى ذلك أن الإدارة الإسلامية ربطت بين السلوك التنظيمي وبين الإنتاج في العمل. وقد التزمت الإدارة الإسلامية بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فقد قال سبحانه وتعالى ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾. [القصص 26].

كما حرص المسلمون على مبدأ الجدارة والكفاية في التنظيم الإسلامي، ومن أمثلة ذلك مطالبةُ أحد الصحابة الرسول . ﷺ . في أنْ يستعملَه ويوليه ولاية، فقال: " إنا لا نعمل على عملنا من يريده " وكذلك عندما طلب أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - قائلاً: " يا رسول الله، ألاَ تستعملني؟ فضرب بيده على منكبيه، ثم قال: " يا أبا ذر، إنَّك ضعيف، وإنَّها أمانة، وإنَّها يومَ القيامة خِزْيٌ وندامة، إلاَّ مَن أخَذَها بِحَقِّها، وأَدَّى الذي عليه فيها " [رواه مسلم].

<!--مبدأ الرقابة 

تعني الرقابة في الإدارة الإسلامية الإشراف والمتابعة من سلطة أعلى بقصد معرفة كيفية سير الأعمال والتأكد من أن الموارد المتاحة تستخدم وفقاً للخطة الموضوعة، وكل ذلك وفق مبادئ الشريعة الإسلامية ونجد في كتاب الله وسنة رسوله ما يوجب الرقابة، فالقران الكريم يقول ﴿ ولا تُطِيعُوا أمْرَ المُسْرِفِينَ - الَّذِينَ يُفْسِدُونَ في الأرْضِ ولا يُصْلِحُونَ ﴾ . [الشعراء : 152:151].

 

<!--مبدأ الالتزام بالمسئولية

تعني المسئولية في الإسلام التزام الشخص بأن ينتهض بالأعباء الموكلة إليه وتحمل التزاماته واختياراته أمام الله وقد وضح الإسلام ذلك في قول الرسول . ﷺ . " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ". ثم تأتي مسئولية التنفيذ التي تقوم على مبدأ الالتزام الشخصي، والإعلام والبيان فيقول سبحانه وتعالى ﴿ هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾. [آل عمران : 138]. 

إن الإدارة التربوية الإسلامية تستند على التعاون والمشورة الصادقة المخلصة، وعلى العدل والمساواة، وعمادها الشعور بالمسئولية كل فرد في حدود مسئولياته وميزتها عن غيرها أنها لا تسعى لتحقيق الأهداف الدنيوية فحسب، بل وتسعى لتحقيق الفلاح في الآخرة.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,991,525

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters