بعد التعرف على خصائص الشريعة الإسلامية وانعكاسها الإيجابي والفعال على التنظيم الإداري الإسلامي يمكن استنتاج بعض الخصائص والمميزات التي يمتاز بها التنظيم الإداري في الإسلام على غيره من التنظيمات الإدارية الوضعية ويمكن إيجاز ذلك فيما يلي:

<!--التنظيم الإداري الإسلامي جزء من كل

التنظيم الإداري الإسلامي هو جزء من كل بمعنى أنه جزء من النظام الإسلامي الشامل للحياة فالإسلام كل متكامل لا يمكن تجزئته، فأجزاؤه كلها مرتبطة ببعضها ارتباطا عضويا وأي خلل في أي جزء يؤثر بالضرورة على الأجزاء الأخرى وما يدل على ذلك قول الرسول . ﷺ . في الحديث الذي يرويه لنا النعمان ابن بشير أن المعصوم الصادق الذي لا ينطق عن الهوى قال "مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

فالمسلمون يتعاملون مع الإسلام كنظام متكامل لا يقبل التجزئة حتى لا ينالهم الخزي الدنيوي والعذاب الأخروي لقوله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾. [البقرة : 85]، فهذا الارتباط العضوي الوثيق بين أجزاء النظام الإسلامي يحقق مقاصد النظام الإسلامي الشامل.

ويتميز النظام الإداري الإسلامي بالاهتمام بالعدل والإنصاف، وتشجيع الوسطية وروح الاعتدال في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الإداري. كما يتميز النظام الإداري الإسلامي بالاعتماد على المبادئ الإسلامية في صنع القرارات وإدارة الشؤون، والتي ترتكز على مفهوم الحكم بالشورى والمشاورة وتحقيق المصلحة العامة.

يعتبر النظام الإداري الإسلامي جزءًا من الشريعة الإسلامية التي تتضمن مجموعة من الأحكام والتوجيهات التي تنظم حياة الفرد والمجتمع. ويعتبر هذا النظام جزءًا من الاهتمام الشامل للإسلام بالعدل والإنصاف في جميع المجالات، والذي يحرص على توفير حياة مستقرة ومتوازنة للفرد والمجتمع ككل.

 

<!--التنظيم الإداري الإسلامي إلهي الأصول بشري التطبيق

 يعتمد التنظيم الإداري الإسلامي في أصوله وفروعه على أحكام الشريعة الإسلامية الخالدة ولا يعتبر «تنظيما إداريا إسلاميا» ما يخرج عن الأصول العامة للشريعة ولذلك فالإدارة الإسلامية عموما مرجعها ومصدرها هو الله تعالى سواء كانت في صورة مبادئ وأصول أو في صورة أنظمة وتطبيقات، ولذلك فالتنظيم الإداري الإسلامي جملة مرجعه الأساسي هو ما شرعه الله لعباده وجاء به النبي . ﷺ . تبيينا وتوضيحا لذلك.

أما عملية التطبيق - فهم النصوص وتنزيلها على أرض الواقع - فقد أوكلت هذه المهمة إلى المجتهدين من علماء الإسلام ومفكريه الذين يحاولون المواءمة بين الأصول الإلهية وظروف المجتمع الإسلامي على وجه يحقق مصالح الأمة في ظل الظروف الزمانية والمكانية التي تحيط بها، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن الشريعة الإسلامية باستطاعتها - على مر الأزمنة ومختلف الأمكنة - أن تنشئ من التنظيمات الإدارية ما يراعي تحقيق مصالحها والمحافظة عليها شريطة أن تهيأ الأرضية الإسلامية التي تقوم عليها باعتبارها جزءا من النظام الإسلامي الشامل.

ويتم تطبيق التنظيم الإداري الإسلامي على مختلف المستويات الإدارية، سواء كانت في الدولة أو المؤسسات أو المنظمات الإسلامية، ويشمل ذلك الإدارة العامة والمالية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتعليمية وغيرها. ويعمل التنظيم الإداري الإسلامي على تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الرفاهية للأفراد والمجتمع في إطار من العدل والمساواة والشفافية والمساءلة والتطوير المستمر

<!--التنظيم الإداري تنظيم مرن

 يقوم التنظيم الإداري الإسلامي على مبادئ عامة شأنه في ذلك شأن النظام الإسلامي الذي يتفرع عنه ويدخل فيه، وهو بذلك يكسب منه خاصية المرونة والقابلية لها التي يتمتع بها النظام الإسلامي والذي تعكسه شريعة الله الخالدة، لذلك يمكن القول إن التنظيم الإداري الإسلامي تنظيم مرن يواكب البشرية في سيرها وتطورها من مرحلة إلى أخرى كما يستجيب لحاجاتها من زمن لآخر، ومن ثم فقد استجاب لحاجات الدولة الناشئة في عهد الرسول . ﷺ . ولحاجات الدولة المتوسعة بدءا من الخلافة الراشدة إلى الدولة العباسية وبعدها.

وخاصية المرونة التي تتمتع بها الأنظمة الإدارية الإسلامية تعني حقيقة هامة وهي أن الإسلام لم يفرض على الناس من خلال تشريعاته تنظيما معينا لا يحيدون قيد أنملة عنه.

ولذا فالتنظيم الإداري في الإسلام يعتبر تنظيمًا مرنًا يتكيف مع تطورات الزمن واحتياجات المجتمع والمؤسسات. فالتنظيم الإداري الإسلامي يحتوي على مبادئ وأسس عامة، ولكنه يسمح للأفراد والمؤسسات بتطبيق هذه المبادئ والأسس بطرق مختلفة تناسب احتياجاتهم وظروفهم المحددة.

ومن أمثلة ذلك، فإن التنظيم الإداري الإسلامي يتيح للأفراد والمؤسسات اختيار النظام الإداري المناسب لهم، سواء كان ذلك النظام الديمقراطي أو الأميري أو الشورى أو غيرها، وذلك بشرط أن يتم ذلك بطريقة تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

كما يعتمد التنظيم الإداري الإسلامي على مبدأ التشاور والمشاركة، حيث يتم الاستماع إلى آراء الجميع واحتياجاتهم وتطلعاتهم ويتم تضمين هذه الآراء والاحتياجات في عمليات صنع القرارات وتحديد السياسات الإدارية.

ويسمح التنظيم الإداري الإسلامي أيضًا بالتجديد والتطوير المستمر للنظم والإجراءات الإدارية، وذلك بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التنظيم الإداري الإسلامي يحتوي على نظام مرون للمساءلة والرقابة، حيث يتم الاستماع إلى شكاوى الأفراد والمؤسسات ويتم معالجتها بطريقة سريعة وفعالة، ويتم الحفاظ على مستوى عالٍ من الشفافية والمساءلة في عمليات صنع القرارات.

وإنما قدم لهم مبادئ عامة في الإدارة والتنظيم يمكن أن تواكب وتتماشى مع ظروف كل مجتمع ومتطلبات كل عصر، لما تتسم به هذه المبادئ من المرونة.

<!--مشروعية المجال

هذه الخاصية لا تتعلق بالتنظيم في حد ذاته بقدر ما تتعلق بالمجال الذي يرتاده التنظيم وبالأهداف التي يسعى إلى تحقيقها فالتنظيم في حقيقته هو عبارة عن ووسيلة تستخدم لتحقيق هدف معين وفي مجال معين وهذا ما يجب لفت النظر إليه إذ يجب أن يكون الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه التنظيم هدفا مشروعا من وجهة النظر الإسلامية، ولذلك فليس من الإسلام أن يقوم تنظيم إداري لمزاولة نشاط في مجال غير مشروع أو لتحقيق هدف غير مشروع، لأن ما يفضي إلى الحرام فهو حرام ويقع في نطاق المنهي عنه شرعا، وذلك يمثل جزءا من المسؤولية الاجتماعية في الإسلام.

لعل هذه الخاصية مستفادة من كون التنظيم الإداري الإسلامي مرجعه ومصدره الأساسي هو الله تعالى حيث يستمد أصوله من التشريع الإسلامي والتوجيه الرباني.

واللافت للنظر أن الفكر الإداري المعاصر تفطن أخيرا لأهمية المسؤولية الاجتماعية وما ينجر عنها من تفعيل للأداء سواء ما تعلق بالعاملين داخل التنظيمات الإدارية أو العملاء أو البيئة التي يعمل فيها المشروع.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,000,493

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters