تعتبر السياسات الإدارية أحد العناصر الأساسية في توجيه وتحسين أداء المؤسسات وتحقيق أهدافها. وتهدف السياسات إلى توجيه سلوك الموظفين واتخاذ القرارات بشكل موحد ومنسق، وتوفير إطار يضمن التنظيم والشفافية داخل المؤسسة، وتبدأ عملية تطوير السياسات الإدارية بفهم احتياجات وأهداف المؤسسة، فيجب أن تكون هذه السياسات متناسبة مع الرؤية والرسالة العامة للمؤسسة، وتعكس قيمها وسياستها التوجيهية. بعد ذلك، يتم تحديد المجالات والمواضيع التي تحتاج إلى وجود سياسات محددة، مثل سياسات الموارد البشرية، والجودة، والأمانة، والتسويق، وغيرها.
عند وضع السياسات، يجب تحديد المعايير والمبادئ التوجيهية التي يجب أن يلتزم بها الأفراد في أداء مهامهم واتخاذ قراراتهم. وهذه المعايير تساهم في تحديد الحدود الدقيقة للسلوك المقبول وتحقيق التوازن بين حقوق وواجبات الموظفين والمؤسسة، وبعد وضع السياسات، يجب توزيعها وتوعية الموظفين بها، ويتم ذلك عادةً من خلال ورش عمل أو جلسات تدريبية، حيث يتم شرح مضمون السياسات ومدى أهميتها وتأثيرها على العمليات المؤسسية.
ثم يأتي التنفيذ الفعلي للسياسات، حيث يجب على جميع الموظفين الالتزام بتطبيقها في أداء مهامهم اليومية واتخاذ القرارات. يجب أن يكون هناك آليات لمراقبة تنفيذ السياسات والتأكد من التزام جميع الأفراد بها، ولضمان فعالية السياسات، يتم تقييمها بانتظام للتحقق من مدى تناسبها مع المتطلبات المتغيرة للمؤسسة والبيئة المحيطة بها. فإذا كان هناك تحديثات أو تعديلات مطلوبة، يتم إجراء التعديلات اللازمة وتحسين السياسات لضمان تحقيق الأداء المثلى.
السياسات الإدارية كما قلنا بأنها مجموعة من التوجيهات والقواعد التي تحدد الإطار والمعايير التي يجب أن تتبعها المؤسسة في أنشطتها وقراراتها المختلفة. فإليك شرح كيفية عمل السياسات الإدارية:
<!--تحديد الاحتياجات والأهداف:
تمثل هذه المرحلة البداية لوضع السياسات الإدارية الفعالة. وتتضمن عملية تحديد الاحتياجات والأهداف عدة خطوات مهمة:
<!--تحليل البيئة: يجب أن تبدأ هذه المرحلة بتحليل شامل للبيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة. وهذا التحليل يتضمن فحص العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية، والتنافسية، والسياسية، التي تؤثر على أداء المؤسسة.
<!--تحديد الاحتياجات: استنادًا إلى تحليل البيئة، يمكن تحديد الاحتياجات التي يجب تلبيتها لتحقيق أهداف المؤسسة. وهذه الاحتياجات قد تشمل احتياجات موارد مالية وبشرية وتقنية، وأيضًا احتياجات تطوير منتجات أو خدمات جديدة.
<!--تحديد الأهداف: بناءً على الاحتياجات المحددة، يمكن تحديد الأهداف التي ترغب المؤسسة في تحقيقها. ويجب أن تكون هذه الأهداف ذكية (محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقق، ذات أهمية، زمنية) ومتوافقة مع الرؤية والرسالة المؤسسية.
يبدأ عمل السياسات الإدارية بتحديد احتياجات المؤسسة وأهدافها. ويتم ذلك من خلال تحليل البيئة الداخلية والخارجية وتحديد ما يتطلبه تحقيق هذه الأهداف من توجيهات.
<!--تطوير السياسات:
بعد تحديد الاحتياجات والأهداف، تأتي مرحلة تطوير السياسات الإدارية. هذه المرحلة تتضمن عدة خطوات:
<!--صياغة المبادئ التوجيهية: يتم تحديد المبادئ التوجيهية التي يجب أن تستند إليها السياسات. وتشمل هذه المبادئ القيم، والأخلاقيات، والاتجاهات الاستراتيجية التي تحدد كيفية سير العمل داخل المؤسسة.
<!--تحديد المعايير والإجراءات: تشمل السياسات الإدارية تحديد المعايير والإجراءات التي يجب اتباعها لتحقيق الأهداف. ويجب أن تكون هذه المعايير والإجراءات واضحة ومحددة لتوجيه العمليات بشكل صحيح.
بناءً على احتياجات المؤسسة وأهدافها، يتم تطوير السياسات الإدارية. ويشمل ذلك تحديد المبادئ التوجيهية والمعايير التي يجب أن تتبعها المؤسسة في مختلف جوانب عملها.
<!--توضيح المسؤوليات:
جزء مهم من عمل السياسات الإدارية هو توضيح المسؤوليات للأفراد داخل المؤسسة:
<!--تحديد الأدوار والمسؤوليات: يجب أن توفر السياسات الإدارية توجيهات واضحة بشأن الأدوار والمسؤوليات للأفراد في مختلف المستويات التنظيمية. ويسهم ذلك في تحقيق التنظيم والتوازن في العمليات.
<!--توجيهات الاتصال والتقارير: تحدد السياسات كيفية التواصل داخل المؤسسة وتقديم التقارير الضرورية. ويجب توفير توجيهات حول كيفية تدفق المعلومات والتقارير ومن يجب أن يبلغ إلى من.
<!--التفويض واتخاذ القرارات: توضح السياسات مدى التفويض الذي يمكن منحه للموظفين في اتخاذ القرارات. وذلك يحدد مستوى الاستقلالية والمسؤولية للفرق والأفراد.
يجب تحديد المسؤوليات والصلاحيات المتعلقة بتنفيذ السياسات. ويتم تحديد من هو مسؤول عن تنفيذ كل سياسة وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها.
<!--التوزيع والتوعية:
بعد تطوير السياسات الإدارية، يجب توزيعها بشكل فعال لضمان وصولها لجميع الأفراد ذوي الصلة داخل المؤسسة. وهذه المرحلة تشمل عدة خطوات:
<!--توزيع السياسات: يجب تحديد وسائل توزيع السياسات، سواء كان ذلك من خلال وسائل إلكترونية، ورقية، اجتماعات، وورش عمل، أو غيرها. ويجب أن يتم توزيع السياسات بشكل واضح ومباشر للموظفين المعنيين.
<!--توعية الأفراد: بجانب توزيع السياسات، يجب توعية الأفراد بأهمية هذه السياسات وكيفية تطبيقها. ويمكن تنظيم جلسات توعية أو ورش عمل لشرح السياسات والإجراءات المرتبطة بها.
يجب توزيع السياسات الإدارية على جميع أفراد المؤسسة المعنيين. وذلك يتضمن توعية الموظفين بالسياسات وتفهيمهم للمبادئ والتوجيهات المحددة.
<!--تنفيذ السياسات:
بمجرد توزيع السياسات وتوعية الأفراد، يأتي دور تنفيذها بشكل صحيح وفعال. وذلك المرحلة تشمل:
<!--ترجمة السياسات إلى إجراءات: يجب تحويل مبادئ وتوجيهات السياسات إلى إجراءات عملية وواضحة. وهذه الإجراءات توضح الخطوات التي يجب اتباعها لتنفيذ السياسات بشكل صحيح.
<!--التأكد من التطبيق الصحيح: يجب التأكد من أن السياسات تُطبق على الوجه الصحيح من قبل جميع المعنيين. ويمكن تنفيذ آليات لمراقبة تنفيذ السياسات والتأكد من تطبيقها بالشكل المطلوب.
بناءً على السياسات المحددة، يبدأ تنفيذها في العمل اليومي للمؤسسة. ويجب أن يتم اتباع الإجراءات والممارسات المحددة في السياسات.
<!--الرصد والتقييم:
تأتي هذه المرحلة بعد فترة من تنفيذ السياسات وتهدف إلى قياس أداء السياسات ومدى تحقيقها للأهداف. الخطوات تشمل:
<!--جمع البيانات: يتم جمع البيانات ذات الصلة بأداء السياسات ومدى التزام الموظفين بها. ويمكن أن تكون تلك البيانات من مصادر متنوعة مثل التقارير الأداء، واستطلاعات الرأي، ومقابلات.
<!--تحليل البيانات: يجب تحليل البيانات المجمعة لتقييم أداء السياسات وتحديد ما إذا كانت تحقق الأهداف المرجوة أم لا. ويمكن استخدام مؤشرات أداء محددة لقياس التقدم.
<!--تقييم السياسات: بناءً على تحليل البيانات، يتم تقييم أداء السياسات وتحديد ما إذا كانت بحاجة إلى تحسين أو تعديل. ويمكن أيضًا تقييم مدى التزام الموظفين بتطبيق السياسات.
<!--تحسين السياسات: إذا تبين أن هناك تحديات أو فجوات في أداء السياسات، يمكن تحسينها أو تعديلها وفقًا للاحتياجات والتغييرات في البيئة.
يجب متابعة تنفيذ السياسات ورصد أدائها. فإذا كان هناك أي تحديات أو مشكلات تنشأ، يجب معالجتها وضمان أن السياسات ما زالت فعالة وملائمة للظروف المتغيرة.
<!--تحديث السياسات:
يعتبر تحديث السياسات جزءًا أساسيًا من عمل السياسات الإدارية، حيث تعكف المؤسسات على مراجعة وتحديث سياساتها بشكل دوري لضمان أنها ما زالت تلبي احتياجات المؤسسة وتتماشى مع التغيرات المحيطة بها. ويضمن هذا العمل الدوري استمرارية الفعالية والتحديث في توجيهات المؤسسة وتوجيهاتها لموظفيها. وفيما يلي توضيح مفصل لعملية تحديث السياسات:
<!--تحليل البيئة: تبدأ عملية تحديث السياسات بتحليل البيئة المحيطة بالمؤسسة. ويتضمن هذا التحليل دراسة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والقانونية والسياسية التي قد تؤثر على أداء المؤسسة. ويساعد هذا التحليل في تحديد المجالات التي قد تحتاج إلى تعديلات في السياسات.
<!--تقييم الأداء الحالي: يجب تقييم أداء السياسات الحالية ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة. ويمكن استخدام مؤشرات أداء محددة لتحديد مدى نجاح السياسات الحالية ومدى تلبيتها لاحتياجات المؤسسة. ويتم التركيز على النجاحات والتحديات التي تم مواجهتها في تنفيذ السياسات.
<!--تحديد الاحتياجات والتعديلات: بناءً على نتائج التحليل والتقييم، يتم تحديد الاحتياجات الجديدة للمؤسسة وتحديد التعديلات المطلوبة في السياسات الحالية. وهذا يشمل إضافة سياسات جديدة أو تعديل وتحسين سياسات قائمة.
<!--تطوير السياسات الجديدة: بناءً على الاحتياجات والتعديلات المحددة، يجب تطوير سياسات جديدة أو تحديث السياسات القائمة. ويتضمن ذلك تحديد المبادئ التوجيهية والإجراءات الجديدة التي يجب أن تتبعها المؤسسة.
<!--مراجعة واعتماد: بعد تطوير السياسات الجديدة أو التعديلات، يجب مراجعتها من قبل الجهات المختصة داخل المؤسسة. ويجب التأكد من أنها تتوافق مع رؤية وأهداف المؤسسة وتلبي الاحتياجات المحددة.
<!--توزيع وتوعية: بعد مراجعة واعتماد السياسات الجديدة، يجب توزيعها بشكل فعال لجميع الموظفين المعنيين. ويجب توعية الأفراد بأهمية السياسات الجديدة وكيفية تنفيذها بشكل صحيح.
<!--تنفيذ ومراقبة: بعد توزيع وتوعية السياسات الجديدة، يتم تنفيذها ومراقبة تنفيذها بشكل دقيق. يجب مراقبة مدى التزام الموظفين بتطبيق السياسات الجديدة وتوجيههم في حالة وجود أي استفسارات أو تحديات.
<!--تقييم وتحسين: بعد فترة من تنفيذ السياسات الجديدة، يجب تقييم أدائها ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة. وإذا تبين أن هناك حاجة لتعديلات أو تحسينات إضافية، يتم تنفيذها وفقًا للاحتياجات المحددة.
يتطلب تحديث السياسات الإدارية تحليلًا دقيقًا لاحتياجات وأهداف المؤسسة، تطوير وتعديل السياسات بناءً على هذه الاحتياجات، ثم تنفيذها ومراقبتها وتقييمها بشكل دوري. وهذا العمل المستمر يسهم في ضمان أن السياسات الإدارية تبقى فعالة ومتجددة وتتماشى مع التطورات في البيئة المؤسسية والمحيط الخارجي.