من المعلوم أن العلاقات العامة في أية منشأة تستهدف تعريف الجمهور الخارجي بأنواعه بكل أنشطة هذه المنشأة، وتكوين السمعة الطيبة، والصورة الذهبية الممتازة لدى مختلف فئات المتعاملين معها، على أساس من المعلومات الصادقة والحقائق، كما تستهدف في المقام الأول تنمية العلاقات الطيبة بين جماهير العاملين بعضهم البعض من جهة، وبينهم وبين الإدارة العليا من جهة أخرى، مما يؤدي إلى إيجاد هذه الروح وتنميتها باستمرار، ومحاولة ابتكار الحلول السريعة لمشاكل العاملين، فضلاً عن توافر مقومات رفع الكفاءة الإنتاجية، وهو ما يرتبط ارتباطاً مباشر بنوعية الإنتاج أو الخدمات أو النشاط الاقتصادي أو الاجتماعي الذي تعمل فيه المنشأة .

وعلى هذا الأساس يمكن تركيز وظيفة العلاقات العامة في أنها العمل على إيجاد صلات وعلاقات قوية بين المنشأة وجماهيرها الداخلية والخارجية، بهدف الوصول إلى أقصى درجة من الفهم المتبادل والمعرفة المتكاملة بين الطرفين بما يؤدي في النهاية إلى رفع الكفاءة الإنتاجية كناتج نهائي لنشاط العلاقات العامة داخل المنشأة، وإلى ارتقاء شهرة المنشأة وسمعتها الطيبة ومكانتها المتميزة بين الجمهور الخارجي كناتج نهائي لنشاط العلاقات العامة مع البيئة والمجتمع وجمهور العاملين معها.

ويمكن القول أن العلاقات الحديثة لا تقتصر على كونها نشاط بين مؤسسة وجمهورها، بل تتعداه إلى المفهوم الثاني وهو أنها فلسفة اجتماعية تهدف إلى معالجة مشاكل  الفرد في المجتمع الحديث المتولدة من طبيعة هذا العصر وحاجاته، ومساعدته على التكيف مع تلك التطورات وتعايشه معها، وبالتالي تحقيق التكامل والانسجام الاجتماعي.

فالتعقيد والضخامة والسرعة التي تتميز بها المدينة الحديثة خلقت مشاكل لم يكن لها وجود حين كانت الحياة بسيطة والروابط بين الأفراد واضحة الحدود، فلقد نما المجتمع الإنساني نمواً كبيراُ وكان نتيجة هذا النمو أن تشابكت مصالح البشر وتعقدت صلاتهم واختلفت ميولهم واتجاهاتهم، كما أن تطور البشر إلى جماعات متخصصة ومتباينة من حيث المهن والحضارات والمذاهب والنظم وتنوع ظروفهم تبعاً لذلك جعل من الصعب تعرف الجماعات على بعضها واطلاع كل مجموعة على غيرها بصورة صحيحة تساعد على التفاهم والانسجام، لذلك تحتم إيجاد الوسائل لتحقيق ذلك على أسس علمية منظمة

فالجهود التي تبذلها منظمة أو مجموعة من الأفراد للتعرف على رأي الآخرين عنها، والعمل على كسب رضا هؤلاء عنها، وما يتطلب ذلك من عمليات، وما يحدد ويوجه ذلك من الأصول ومبادئ يؤلف مجال عمل وموضوع دراسة العلاقات العامة.

يقصد بالعلاقات العامة بأبسط معانيها:

إقامة علاقات وصلات طيبة بين المنظمة وبين جمهورها وإدامة هذه الصلات بما يضمن تحقيق الرضا والتفاهم والثقة المتبادلة بينهما.

لذا تسعى منظمات اليوم إلى كسب تأييد الرأي العام وثقته، وبعد ذلك من الواجبات الأساسية للإرادة، ودليلاً على نجاحها.

وهكذا أصبحت وظيفة العلاقات العامة من المصطلحات المألوفة والمتداولة في الأدب الإداري الحديث. ولكي تقوم العلاقات العامة ببناء علاقات إيجابية بين المنظمة وبيئتها لابد أن تسعى إلى تعريف جمهورها والرأي العام بما تقدمه المنظمة إلى بيئتها، وكذلك ما تحتاجه من بيئتها تعريفاً صادقاً يحقق جسور الثقة المتبادلة ويدعم التفاعل المستمر بينها وبين جمهورها على نحو متواصل.

مما سبق يتضح أن وظيفة العلاقات العامة لا بد أن تتركز في ثلاثة مهمات رئيسية هي:

<!--الاستعلام السليم: عن حاجات البيئة وموقفها من المنظمة ، للوصول إلى مؤشرات دقيقة عن رغبات الجمهور ومواقفه من نتاجات المنظمة ( السلع أو الخدمات أو الأفكار).

<!--التنسيق الجيد مع إدارة المنظمة: والمشاركة في رسم سياساتها الإدارية ( خاصة الإنتاجية والتسويقية ) وصولاً إلى الحد الأعلى الممكن من إشباع حاجات البيئة.

<!--الإعلام الصادق: عن سياسات المنظمة ونتاجاتها بما يساعد على تعريف البيئة بإسهاماتها، وتوعية جمهورها بأفضل صيغ الانتفاع الجيد من نتاجاتها.

ويمكن صياغة هذه المحاور في المعادلة التالية:

        العلاقات العامة = الاستعلام السليم + التنسيق الجيد + الإعلام الصادق .

واستلام المعلومات من الجمهور يتم لغرضين هما:

<!--الاستفادة من هذه المعلومات في رسم السياسات وكيفية أداء أعمال المنظمة .

<!--الاستفادة في مخاطبة الجمهور عن طريق البرامج الإعلامية بطريقة تحقق نسبة ممكنة من الإقناع والتعاون .

وتقوم العلاقات العامة بمساعدة المنظمات في الخدمة الفرد بأفضل صورة، فالمساهمة في خدمة الفرد ورفاهيته هي السبيل الوحيد لبقاء أي منظمة مهما كان نوعها وهدفها ، ولا تتمكن المنظمة من تحقيق ذلك إلا إذا علمت ما هي رغبات الفرد وتعرفت على حاجاته ، لذا فالإعلام في العلاقات العامة لا يعني نشر المعلومات إلى الجمهور فقط، بل تبادل المعلومات مع الجمهور، أي إعلام باتجاهين يعني يعطي ويستلم .

كما أن العلاقات العامة ضرورة ليس فقط للمنظمات أو المنشآت الصناعية إنما أيضاً مهمة للمنشآت الخدمية، كما أن هي مهمة للحكومات.

لكن عدم وضوح مفهوم العلاقات العامة لدى إدارة المنظمة يؤدي إلى:

<!--عدم الاهتمام بالعلاقات العامة كنشاط له أصول وأسس علمية يقوم عليها.

<!--عدم وضوح نشاط العلاقات العامة وتداخل الاختصاصات بين الإدارات داخل المنظمة.

<!--تهميش دور العاملين في مجال العلاقات العامة.

<!--صعوبة تحديد ميزانية تقديرية لازمة لتنفيذ برامج العلاقات العامة.

وفي المقابل فإن وضوح مفهوم العلاقات العامة يؤدي إلى:

<!--المساهمة في الحد من تداخل الاختصاصات وتضاربها بين إدارة العلاقات العامة والإدارات الأخرى.

<!--إمكانية تحديد أهداف ومسئوليات إدارة العلاقات العامة بوضوح، وبالتالي وضع تنظيم إداري عملي جيد لها.

<!--إمكانية وضع الخطط والبرامج التي يسير وفقاً لها نشاط إدارة العلاقات العامة وتحديد المخصصات المالية والعناصر البشرية اللازمة.

2- تعريف العلاقات العامة

تتعدد التعريفات التي تقدم حول مفهوم العلاقات العامة، ولا يوجد تعريف واحد جامع للعلاقات العامة، فيرى البعض مفهوم العلاقات العامة في ضوء الفكر الإداري، أو من وجهة نظر علم الاتصال والإعلام أو التسويق أو علم لاجتماع، وعليه نشير هنا إلى بعض هذه التعريفات بغرض توضيح وتقريب مفهوم العلاقات العامة للعاملين في إدارة المنظمات.

<!--التعريف الأول:

استغرق "ريكس هارلو" Rex Harlow وقتاً طويلاً قضاه في تجميع تعريفات العلاقات العامة وتصنيف أفكارها الرئيسية، واستطاع من خلال تحليله للتعريفات أن يتوصل إلى التعريف التالي:

 العلاقات العامة هي وظيفة إدارية مميزة تساعد في إيجاد اتصال وفهم وقبول وتعاون متبادلين بين المنظمة وجمهورها والحفاظ عليهما، متضمنة إدارة الأزمات والمساعدة في إبقاء الإدارة على علم بالتغييرات في الرأي العام والتجاوب معه، وتحديد مسئولية الإدارة في خدمة المصلحة العامة والتأكيد على هذا الدور، وخدمة نظام الإنذار المبكر للمساعدة في توقع تغيير الاتجاهات مستعينة بالبحوث والاتصال كأدوات رئيسية .

<!--التعريف الثاني:

ويعرفها إبراهيم إمام بأنها: (فن الحصول على رضا الجمهور وثقته وتأييده، والوصول إلى ذلك عن طريق الاتصال والتفسير

<!--التعريف الثالث:

ويعرف قاموس "ويستر" الدولي العلاقات العامة بأنها (كل نشاط تقوم به المؤسسات الصناعية أو المهن المختلفة والنقابات والأجهزة الحكومية وغير الحكومية، ويقصد به تكوين علاقات طيبة بالجماهير المختلفة كالمستهلكين والموظفين وحملة الأسهم وغيرهم حتى تكتسب رضا المجتمع الذي تعيش فيه.

<!--التعريف الرابع:

وتعرف جمعية العلاقات العامة الدولية العلاقات العامة بأنها (وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة والتي تسعى بها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة لكسب تفاهم وتعاطف وتأييد الجماهير التي تهمها، والحفاظ على استمرار هذا التفاهم والتعاطف والتأييد، وذلك من خلال: قياس اتجاه الرأي العام لضمان توافقه قدر الإمكان مع سياستها وأنشطتها، وتحقيق المزيد من التعاون الأخلاقي والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل المخطط.

<!--التعريف الخامس:

وخلص سمير حسين إلى التعريف التالي.

العلاقات العامة وظيفة إدارية أساسية، لها جانباها الاستشاري – الذي يتمثل في تقديم النصح والمشورة للإدارة، مما يساهم في ترشيد القرارات الإدارية – والتنفيذي – الذي يتمثل في القيام بالعمليات الاتصالية – وهي أساساً عملية علاقات مع الجماهير الداخلية

وفي رأينا لمفهوم العلاقات العامة نرى أنها هي مجال يركز على إدارة التواصل بين المؤسسات وجماهيرها المستهدفة، مع التركيز على بناء صورة إيجابية للمؤسسة. تشمل العلاقات العامة الجهود الاستراتيجية للتفاعل مع الجمهور ووسائل الإعلام، ولكنها أيضًا تشمل التفاعل مع المجتمع بشكل عام. من خلال التفاعل الفعّال مع الجمهور والمجتمع، تسعى العلاقات العامة إلى بناء علاقات قائمة على الثقة والتفاهم المتبادل، وتعزيز التواصل الإيجابي الذي يعكس رؤية المؤسسة وتكاملها مع احتياجات وتطلعات المجتمع الذي تخدمه.

المصدر: د. احمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 20 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,928,756

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters