تثير أخلاقيات الإعلانات الظاهرة على شاشات التليفزيون الكثير من الاعتراضات والآراء الرافضة، خاصة مع تفشي الفضائيات والقنوات الخاصة التي تبث بدون رقابة. يبدو أحيانًا أن الإعلانات، بمظهرها وصوتها، تشبه أغاني الفيديو كليب الشائعة حاليًا، محملة بصور غير لائقة وموسيقى فاقعة لا تتناسب مع المنتج المعلن عنه. ولاحظنا إستخدام الإعلانات في جميع البرامج التلفزيونية حتى الجادة بطريقة مستفزة، مما دفع العديد من الكتّاب والمتخصصين إلى وصف الإعلانات بأنها تفتقر إلى الأخلاق. وبالتالي، أصبح التليفزيون يتأرجح بين مطرقة المعلنين الذين يسعون لتحقيق أهدافهم التجارية وبين الإستناد إلي الإطار الثقافي والقيمي للمجتمع.

يُعتبر التليفزيون جهازًا إعلانيًا خطيرًا، حيث يمتلك القدرة على الإبهار من خلال الحركة واللون والصوت، يضع هذا القدر الهائل من الإمكانيات الإبداعية تحديات أمام المصمم للاستفادة القصوى منها لصالح المنتج المعلن وأهداف الحملة الإعلانية. يُشدد على أن يكون الهدف من الإعلان هو الترويج للسلعة أو تعزيز المنتج الموجود بالفعل في الأسواق، ويتطلب هذا استجابة فعّالة من قِبَل المصمم والشركة للإطار العام للسوق وجذب المزيد من المعلنين للتفاعل معها.

كذلك خبراء الجرافيك ومصممي الإعلانات، يسعون جاهدين لتحقيق نجاح التصميم من خلال إيجاد علاقة تجذب المشاهدين وتحفزهم على حفظ الإعلان أو تحويله إلى نغمة رنين لهواتفهم المحمولة، النجاح في التسويق للسلعة أو الخدمة يشكل هدفًا أساسيًا للمعلن، بالإضافة إلى تصميم إعلان يتمتع بالقوة والتنافسية ليستمر في جذب والمنافسة في السوق لفترات طويلة، بناءً على التفاعل الإيجابي مع الجمهور.

آراء المصممين المهتمين بالنواحي التجارية قد تكون جذابة للبعض، ولكن قد لا تتناسب مع قيم وأخلاقيات مجتمعنا، خاصة فيما يتعلق بالإثارة والكذب في الترويج للسلع. يرى بعض المتخصصين أن الإعلانات تعتمد بشكل كبير على جذب الانتباه وتكرار العرض، مما يؤثر على سلوك الجمهور، خاصة عندما تستخدم كلمات ومصطلحات غير مناسبة للأطفال يجب حماية الأطفال من التأثير السلبي لغياب أخلاقيات الإعلان.

لذلك، يؤكد المتخصصون على أهمية أن يلتزم المعلن بالقيم والأخلاقيات الإسلامية في المجتمع المسلم، حيث يفتح ذلك الطريق أمام نجاح السلعة أو الخدمة المعلن عنها. من خلال التزام المعلن بهذه القيم والأخلاقيات، يمكن تحقيق رضا العملاء والمجتمع، وكسب احترامهم. ويرى أن كل هذه العوامل لا تتعلق بالسلعة نفسها أو الخدمة المقدمة، ولكنها ترتبط بشكل كبير بكيفية التسويق والتواصل مع الجمهور.

في هذا السياق، يُذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) الواضح حينما استنكر تصرف بائع للطعام في سوق المدينة، وأمره بالإعلان بطريقة واضحة وشافية من غشنا فليس منا. يبقى موضوع أخلاقيات الإعلان محل جدل، وتبقى الآراء متقدمة حول أهمية هذا النشاط وتأثيراته على مستوى الاقتصاد والاجتماع والنفس والإعلام.

معظم دول العالم اتجهت نحو وضع قوانين وتنظيمات تحدد أنشطة الإعلان، مع التركيز على توجيهها لخدمة مصلحة الجمهور، وكانت بريطانيا الرائدة في هذا المجال، حيث أسست في عام 1893 جمعية خاصة لرصد الإعلانات. وفيما بعد، أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية الجمعية الأمريكية لوكالات الإعلان، وفي عام 1924 وضعت قواعد عامة لتحكم في آداب مهنة الإعلان.

هذه القواعد التي وضعتها الجمعية تحكم سلوك الوكالات الإعلانية، ومن بين أبرزها:

<!--عدم استخدام عبارات مضللة أو مبالغ فيها في الإعلانات، وعدم تقديم شهادات شخصية لا تعكس آراء الأفراد.

<!--عدم الإعلان عن تخفيضات غير حقيقية في الأسعار.

<!--عدم تضمين كلمات أو صور أو جمل تخالف العادات والتقاليد السائدة في المجتمع.

مع تطور وانتشار وسائل الإعلان، بدأت الدول تشدد على وضع قوانين وتشريعات لتنظيم هذا النشاط، وهو الأمر الذي اتجهت إليه أيضًا الدول العربية. يُلاحظ أن بعض الدول تسمح بالإعلانات عبر التلفزيون وتمنعها عبر الإذاعة، في حين تمتنع دول أخرى تمامًا عن بثها في هذين الوسيطين. تقوم كل دولة بوضع نظم وقواعد مهنية وأخلاقية وتنظيمية تتناسب مع ظروف مجتمعها وتعبّر عن قيمها وقوانينها وعاداتها.

مثال رائع لشركة “زين” التي ارتبطت دائمًا بالعمل على إعلانات توعوية تعزز الصورة الذهنية للبراند، وتعتبر زين من أوائل الشركات التي تتفاعل مع العديد من المناسبات، مثل رمضان/ العيد/ اليوم الوطني…إلخ.

أصبح الناس ينتظرون بفارغ الصبر الإعلان القادم لشركة زين، والذي عنده إطلاقه يصبح بسرعة فائقة محور حديث الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما تميّزت زين بكلمات أغانيها المختارة بدقة، وبالموسيقى والتيم الخاص بهويتها.

المصدر: د. أحمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 15 إبريل 2024 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,761,433

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters