غالبا ما تركز الأنشطة التي تطور وتنفذ تحت مظلة تسهيل التجارة على إدارات الجمارك، ولكن على الرغم من أن الجمارك تعد عنصرا أساسيا في تسهيل التجارة، فإن التركيز على هذه الوكالات وعملياتها ليس كافيا بمفرده. لذا، يتعين أن يتضمن تسهيل التجارة البيئة التجارية بأسرها، والفاعلين فيها، والعمليات المرتبطة بالمعاملة. ويجب تبني منظور دولي في سلسلة الإمدادات. تتضمن سلسلة الإمداد كل الأنشطة اللازمة لإنتاج السلع وتوزيعها إلى المستهلك في خاتمة المطاف.
وتشمل هذه الأنشطة شراء المواد الخام، والتحضير للنقل، وطلب رخصة التوريد، وإعداد المستندات للتخليص الجمركي، والتخليص، والسداد، وتسليم البضاعة للمستهلك. وتشمل سلسلة الإمداد طرفين، على الأقل، وهما البائع والمشتري. ولكن في الواقع تتضمن سلسلة الإمداد كثيرا من الأطراف المختلفة. وقد تشمل هذه الأطراف تجار القطاع الخاص، والمشتغلين في النقل، ووسطاء الخدمات، والأجهزة الرقابية من القطاع العام. فالأخذ بمنظور سلسلة الإمداد ييسر فهم كل العمليات الممكن حدوثها، والعلاقات المتداخلة بينها.
كما أنه يوفر إطارا للربط المنطقي بين مختلف المشتغلين، والإجراءات، والمتطلبات بحيث تنشأ صورة واحدة للبيئة الخارجية. وبتأكيد الاعتماد المتبادل بين الأطراف والعناصر، تتضح ضرورة إدخال التحسينات على طول السلسلة لأن التغييرات في مجال واحد يمكن إبطالها بالفشل في مجالات أخرى.
هناك أنواع كثيرة من سلاسل الإمداد. ولذا يتطلب العمل من منظور سلسلة الإمداد استخدام نسق نظري يبسط تعقيدها ويمكن استعماله نموذجا مرجعيا. فنموذج الشراء– الشحن– السداد الذي أعده مركز الأمم المتحدة لتسهيل التجارة والأعمال الإلكترونية مثال على مثل هذا النموذج. وهذا النموذج يقدم سلسلة الإمداد كدورات متتابعة يمكن تصنيفها إلى مجالات واسعة هي الشراء/الشحن/السداد.
ويظهر الشكل أدناه استخدام هذه الأسلوب، حيث يشمل كل مجال من المجالات الواسعة الأنشطة الرئيسة مثل: أعمال "تأمين الشحنة" لخطوة "الإعداد للتصدير" الواردة في مجال "الشحن". ويمكن استخدام النموذج بعدة طرق لفهم العمليات والجهات المشتغلة فيها، على سبيل المثال، وذلك بهدف المساعدة في تحديد نطاق مشروع بعينه، والتعرف على الأثر الذي تحدثه مبادرات وأدوات معينة لتسهيل التجارة.
كيفية التنفيذ:
تتم مناقشة تسهيل التجارة على ثلاثة مستويات: المستوى الوطني، والإقليمي، والدولي. فعلى المستوى الوطني، يتمثل تسهيل التجارة في عملية إصلاح تتطلب دعما سياسيا قويا، وتشمل أنواعا مختلفة من التدخلات، والأنشطة يمكن تصنيفها في الفئات التالية:
<!--الإصلاحات التشريعية الهادفة لتحقيق إطار قانوني يتصف بالوضوح والدقة والشفافية.
<!--التطوير المؤسسي، والمشاورات مع القطاع الخاص، والتعاون بين الوكالات.
<!--إنشاء البنيات الأساسية للمعالجة الإلكترونية لمستندات التجارة وتبادل البيانات بما يشمل نظم تكنولوجيا المعلومات وتحديثها.
<!--التغييرات في عمليات الأعمال التجارية وإجراءاتها.
<!--بناء القدرات للمديرين والموظفين المسؤولين عن التنفيذ.
قد يغطي برنامج الإصلاح والتحديث إدارة واحدة فقط، كالجمارك مثلا، أو قد يغطي أكثر من كيان حكومي لا سيما عندما يعالج البرنامج مسألة تنسيق إدارة الحدود بين جميع الكيانات الحكومية وتنفيذ نظام النافذة الواحدة. وفي كافة الأحوال، ينبغي لبرنامج الإصلاح والتحديث إشراك القطاع الخاص منذ البداية، لأن مثل هذه البرامج يجب أن تدعم مجتمع الأعمال وتحسِن من إجمالي قدرة الدولة على التنافس. ومن أجل ضمان توجيه الشركات بشكل صحيح وإعلام القطاع الخاص بشأن التغيير، يحتاج الأمر إلى دورات تدريب واستثمارات في هذا المجال، ويعتبر التشاور والتعاون الرسمي المنتظم أساسيا لا غنى عنه.
لكل دولة من الدول النامية، التي وصلت إلى مراحل مختلفة من التنمية، أولوياتها الوطنية الخاصة وتعمل ضمن بيئات قانونية وإدارية مختلفة. وتملي هذه الأسباب على الدول أن تحدد تدابير تسهيل التجارة التي تنوي تنفيذها، ونطاق كل منها، والترتيب المتبع عند تنفيذها. وتشكل هذه الأجندة وعملية تحديد الأولويات جزءا من العملية السياسية التي تبدأ بتقييم أولي شامل للاحتياجات، يتبعه عملية تحليل لخيارات وحلول التنفيذ، ويؤدي إلى تخطيط ومراقبة وتقييم عملية التنفيذ الفعلي لبرنامج الإصلاح والتحديث. وتساعد مؤشرات تسهيل التجارة في إدارة عملية الإصلاح.
يوفر مرشد تنفيذ تسهيل التجارة (TFIG) بالنسبة للجانب "القانوني" و "التكنولوجي" وجانب "العمليات" ولبعض أجزاء الجانب "التنظيمي"، نطاقا كاملا من المبادئ الإرشادية التي تستند إلى معايير دولية وممارسات مثلى في هذا المجال. أما فيما يتعلق بالجانب "البشري" والجوانب المتعلقة بالتطوير المؤسسي لمثل هذا البرنامج، فقد طورت منظمة الجمارك العالمية مؤخرا “حزمة التطوير المؤسسي" التي توفر الأدوات والصكوك اللازمة للتطوير المؤسسي وتنمية الموارد البشرية، والنزاهة، وأنشطة إشراك أصحاب المصلحة. بجانب، ضرورة وجود دعم سياسي قوي وبرنامج احترافي متين وتنظيم إدارة التغيير من أجل دفع عجلة عمليات الإصلاح واسعة النطاق.