يعد سوق العقارات من الأسواق ذات الطبيعة الحركية التي تحتاج إلى إدراك ووعى شامل بكافة عناصرها ومكوناتها، وفي الوقت ذاته فان هذا السوق يضم العديد من الأطراف ذات العلاقة المباشرة بحركة واتجاهات السوق، والتي لا يمكن بحال من الأحوال تجاهل أي طرف فيها، بل أن على القارئ المدقق تحديد تأثير كل طرف ومقدار تأثره، ومعرفة احتياجات كل طرف منها ورغباته وقدراته، وفي الوقت ذاته معرفة وتحديد قدرة هذا الطرف التأثيرية على حركة السوق، حيث يضم السوق الأطراف التالية:
<!--العميل المستهلك سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا
والذي يرغب في الحصول على وحده سكنيه بالإيجار أو بالتمليك أو بالحيازة أو بالانتفاع وسواء كان الغرض من الحصول عليها هو الإقامة الدائمة أو الإقامة الظرفية الوقتية العارضة، وسواء كان لغرض الإسكان الإداري أو لغرض الإسكان العائلي، ومن ثم يحتاج الأمر إلى دراسة رغبات هذا الطرف، والذي تمثل جانب الطلب على العقار، والذي يتنوع ما بين:
<!--الطلب النمطي العام ذي النماذج النمطية المتعاقد عليها مقدما قبل الإنشاء أو لاحقا بعد إتمام البناء والمعروضة على أفراد المجتمع، والذي يشكل في الغالب الشكل العام الطلب أفراد الطبقة الوسطى والذين يفضلوا التعاقد على نماذج نمطيه تتناسب مع طبيعة أفراد هذه الطبقة، ومن ثم كلما كان هذا الطلب فعالا، أي لديه القدرة المالية على دفع ثمن العقار، كلما كان سوق العقار منتعشا ورائجا، فالطلب النمطي للطبقة الوسطى، طلب يشكل الاتجاه العام للسوق، ويتأثر بعوامل الدخل وأولويات الإنفاق، ويحجم الادخار، وتفضيلات أفراد هذه الطبقة.
<!--الطلب غير النمطي الخاص ذي النموذج الفريد الذى يتم طلبه وفقا للاحتياجات والرغبات مقدما، ويتم تنفيذه بناء على المواصفات المتعاقد عليها بخصائصه الفريدة المتميزة، والتي تكاد تختلف باختلاف الأفراد أو العملاء، وهو ما يتناسب مع احتياجات الطبقة العليا من المجتمع، والتي ترفض أن يكون هناك مجرد تشابه بينها وبين أي فرد آخر من الجيران، وهو ما يرتبط ببناء الفيلات الفاخرة ذات المساحات والتصميم الفريد والذي يتنوع، ويزداد ارتباطا بعوامل التشكيل والتنويع للوصول إلى إرضاء وإشباع الشريحة العليا من الطبقة الوسطى، أو الشريحة الدنيا من الطبقة الثرية العليا.
<!--الطلب المشتق عالي الخصوصية والذي يرتبط بالصفوة النوعية ذات الاحتياجات بالغة التفرد، والتي يتم التعاقد عليها وفقا لهذه المواصفات أي من حيث بناء القصور الفارهة في مناطق معينة بذاتها تكاد يملكها من يرغب في بناء هذا القصر وفق لمواصفاته هو الذاتية، وفي منطقه خاصة به ولا يشاركه فيها أحد ويضع من اعتبارات الفخامة والرفاهية ما يعبر به عن اتجاهاته العقارية متعددة الجوانب والأغراض، وعادة ما يلحق بالقصر ملحقات عقاريه أخرى لخدمته وهذا الطلب بطبيعته يملك قدراته مالية عالية على تنفيذه وتحقيقه.
وهناك طلب أخر، طلب يختلف اختلافا تاما عما هو متعارف عليه من طلب، حيث لا تكون هناك فيه رغبات ومواصفات معينه للعقار، بل تكاد لا تكون هناك مواصفات أو ملامح مطلوبة من جانب العميل، بقدر ما تكون هناك فيه مجرد وجود وحدات سكنيه حتى ولو كانت تفتقر إلى مقومات السكن المناسب، وهو سكن الفقراء المعدمين الذين لا يكون لديهم سكن بقدر ما يكون لديهم وحدات إيواء، ومن ثم فان الطلب لديهم يرتبط بما هو متاح من وحدات معروضة ويطلق على إسكان هذه الطبقة إسكان المناطق العشوائية وعشش الصفيح وسكان المقابر.
ومن هنا فان إشباع طلب الفقراء عادة ما يكون في إطار برامج اجتماعيه ومساعدات دوليه ومنح تقدم لبعض التجمعات السكنية التي توفر نوع من الوحدات السكنية رخيصة التكلفة وتقدم إليهم شبه مجانا أو بأسعار رمزيه، وهو مسئوليه مجتمع أكثر منه مسئوليه شركات أو مستثمرين ومن هنا فان طلب الطبقة العليا في المجتمع يرتبط بإنشاء مناطق متميزة الطابع بعيدة عن المدن الضواحي المتميزة الفاخرة)، بينما طلب الطبقة الفقيرة يرتبط أيضا بضواحي ولكنها ملتصقة بالمدن وعلى أطرافها وفي أحيائها الفقيرة، أما الطبقة المتوسطة فيرتبط بالمدن ذاتها وداخل أحياءها ووفقا للأنماط المعتادة فيها.
<!--الشركات العاملة في مجال العقارات
وهى تضم العديد من الشركات أهمها شركات الاستثمار العقاري بشكل مباشر، وشركات المقاولات والموردين لاحتياجاتهم ومستلزماتها من حديد تسليح، وأسمنت ومواد بناء أخرى والمرتبطة تصاعديا وطرديا بالطلب على العقار ومن ثم بقدرتها على الاستجابة لهذا الطلب من خلال العرض المتوازن والموازي له، وهذه الشركات وان كانت تتأثر بسوق العقارات، إلا أنها في الوقت ذاته تؤثر في هذه السوق، وتعمل على تشكيل اتجاهاتها سواء الانكماشية الحادة التي تصل إلى مرحلة الركود والكساد أو الانتعاشية المتفائلة التي تصل إلى مرحلة الرواج والانتعاش، خاصة وأن السوق العقاري يحصل على كامل احتياجاته من خارجه أي انه يؤثر على كافة الأسواق الجزئية، وبدرجات متفاوتة.
ويؤثر أيضا على السوق الكلى بدرجة متناسبة، وكلما كانت التشابكات صحية ومولده للقيمة المضافة، كلما كان هذا الطرف دافعا لحسن عمل السوق، خاصة مع تصعيد تدفقات التكوين الرأسمالي وتنمية تتابعات التراكم الرأسمالي، وتأثير كل منهما على خصائص التكنولوجيا المستخدمة في صناعة المقاولات وبناء وتسويق العقارات.
<!--البنوك والمصارف الممولة
وهي أهم وأخطر الأطراف الرئيسية التي تقوم بتوفير التمويل اللازم سواء لشركات الاستثمار العقاري أو الأفراد المستفيدين النهائيين الذين تعاقدوا على شراء العقار، وسواء كان هذا التمويل متوسط أو طويل الأجل، وسواء كان مقدما من أجل امتلاك العقار أو من أجل تشطيبه وجعله صالح للسكن فيه، والبنوك في ذلك تعتمد على استخدام سياسات ائتمانية مرنة للتعامل مع الشركات العاملة في سوق العقارات وهي سياسات تتيح العديد من أنواع القروض والتسهيلات الائتمانية التي تحتاج إليها هذه الشركات لحسن مباشرة نشاطها سواء:
<!--تمويل فجوات راس المال العامل لتوفير مستلزمات التشغيل.
<!-- لتمويل متوسط لاستكمال الإنشاءات وإعادة بيع العقارات وكذلك لتمويل المعدات والآلات المطلوبة.
<!--تمويل طويل الأجل لإنشاء مناطق عقارية متكاملة ذات طبيعة متميزة.
ومن هنا فان شركات العقارات تعتمد اعتمادا كاملا على البنوك إذا لم يكن لديها موارد تشغيلية أو سوق سندات نشطه. وفي الوقت ذاته فإنها كبنوك ومصارف تقوم بوضع انماط من القروض متوسطة الأجل لتمكين الأفراد من شراء الوحدات السكنية، وهي بذلك تمكن الشركات من سداد القروض التي سبق أن منحت وقدمت لها.
ومن هنا فان التتابع التمويلي وتدفقاته الموجهة بذكاء، مصرفي والمتحكم فيها من جانب البنوك والمصارف تجعل المال لا يخرج عن مجتمع البنوك، بل يكاد يتدفق داخل هذا المجتمع، ولا يتسرب شيء منه خارجه، ومن ثم يحدث الانتعاش بشكل دائم ومستمر.
ولقد اكتسبت البنوك أهمية خاصة في تمويل سوق العقارات نتيجة ضعف وانخفاض كفاءه أسواق المال في توفير التمويل اللازم، خاصة مع سوق السندات التي تتمثل المجال الرئيسي لتمويل شركات التنمية العقارية بأنواعها المختلفة. وكلما كانت البنوك لديها استعداد لتقديم التمويل وبشروط ميسره، كلما كانت السوق رائجة ومنتعشة والعكس صحيح.
<!--الحكومة (الدولة)
تعد الدولة كيان إداري عالي الفاعلية والقدرة غير المحدودة على الفعل، وهي طرف أصيل في كل شيء، ولصالح كل شيء، وهى تكتسب أهمية خاصة في سوق العقارات، أهميه تتجاوز طبيعة الطرف الداخل في علاقة معينه إلى الطبيعة الحاكمة والمتحكمة في توجيه الأطراف إلى وضع علاقات متطورة، وبذلك فالحكومة طرف ذو طبيعة خاصة، وهو الطرف المنظم للعمل وفي الوقت ذاته صاحب الأيدي الظاهرة والخفية في تنشيط السوق، وهو الطرف الذي يملك أدوات الرقابة والمتابعة والإشراف على السوق، فضلا عن توفير القوانين والتشريعات اللازمة لحماية وحفظ الحقوق وصيانتها وفض المنازعات بين الأطراف، وفي الوقت ذاته هي أكبر مستهلك لمنتجات القطاع سواء من خلال دورها الاقتصادي كدولة، أو من خلال دورها الاجتماعي كراعيه للشعب.
ومن هنا فإن التناغم والانسجام ما بين الدور الاقتصادي الذي يعمل على تحقيق معدلات عالية من النمو والتنمية وما بين الدور الاجتماعي الذي يحافظ على وحدة الأمة وانسجامها يجعل من الدولة طرف أصيل في التعامل مع الأزمات التي يواجهها سوق العقارات ومن ثم فان المسئولية الاقتصادية والمسئولية الاجتماعية الواقعة على عاتق الدولة تجعل منها أكبر منتج، وأكبر مستهلك في سوق العقارات إذا لزم الأمر لمعالجة أزماته.
<!--جمعيات واتحادات حماية المستهلك
وهي جمعيات تضم العديد من الخبراء المتخصصين في مجال البناء والتشييد، والهندسة، والقانون والتمويل وكافة التخصصات التي يضمها النشاط العقاري، وهي أوجدت ذاتها بعد حدوث العديد من الكوارث التي استدعت أن يكون هناك اتحادات أو تنظيمات جماهيرية قادرة على الحد من خطورة هذه الكوارث.
ومن ثم فقد تكونت جمعيات حماية المستهلك وهي من أهم الأطراف حديثة العهد والتأثير في سوق العقارات، والتي من المتوقع أن تمارس دورها المتزايد الأهمية وبشكل متصاعد في المستقبل، خاصة من خلال وضع مواصفات البناء ودراسة عمليات تطويرها لتصبح أكثر أمانا وصلاحية، وأكثر توافقا مع اعتبارات الحياة العصرية، وأكثر اتساقا مع متطلبات البيئة ومن هنا كان من الضروري وجودها.