مقتطفات من كتابي :
الصراع علي المياه في المنطقة العربية
مشروع قناة البحرين: المخاطر الطبيعية والآثار البيئية وما وراءه من أهداف إسرائيلية مشبوهة
عبدالعاطي سالمان
تعتمد مصر علي مياه النيل اعتمادا شبه كامل في اقتصادياتها وخاصة الزراعة"، فنصيب مصر منه يصل الآن 55.5 مليار، والسودان 18.5 مليار متر مكعب سنويا. بديهي أن مصر والسودان يسعيان لزيادة مواردهما من مياه النيل عن طريق مجموعة من المشروعات، لن تؤثر على حصة دول المنبع، لأن المياه قد تركت أراضيها بالفعل من ناحية، ولأن هذه الدول لها مصادر مياه غنية جدا. وتحصل مصر بموجب اتفاقية توزيع مياه النيل التي وقعت عام 1929، على 48 مليار متر مكعب في العام، فيما يحصل السودان على نحو 18.5 مليار متر مكعب، في وقت تطالب فيه 7 دول أفريقية تقع على حوض النيل، بزيادة حصتها الضئيلة من المياه، بينها كينيا، وأوغندا، والكونغو، ورواندا، باعتبار أن اتفاقية مياه النيل، وقعت عندما كانت ترزح تحت حكم الاستعمار الغربي، وليست لديها إرادة وطنية.
فإثيوبيا مثلا التي يأتي منها 85% من مياه النيل المستخدمة في مصر ليست في حاجة لمياه النيل أصلا، لأن مواردها المائية أعلى كثيرا من احتياجاتها، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، حيث تسعى قوى عالمية وإقليمية لحرمان مصر من حصة كبيرة من المياه أو على الأقل من زيادة مواردها. فإسرائيل تسعى لزيادة نفوذها في القرن الأفريقي ومنطقة البحيرات الكبرى، وكذلك أميركا التي نجحت أخيرا في تحقيق أكبر قدر من النفوذ على كل من إثيوبيا وأوغندا والكونغو ورواندا وبورندي.
المخططات المعادية لمصر في هذا الصدد كثيرة وهناك مخطط قديم يقضي بمحاولة تحويل مجرى النيل في إثيوبيا، وقد قام المكتب الأميركي لاستصلاح الأراضي بعمل الدراسات الخاصة به إلا أنه بالطبع لم ينفذ، ولكنه يشكل فكرة في الأدراج يمكن تنفيذها فيما بعد للضغط على مصر. <!--<!--وهناك الآن عدد من الدراسات الجاهزة لإقامة سدود على النيل بإثيوبيا سيمولها البنك الدولي تؤثر على حصة مصر من المياه بنسبة 20% سنويا، أي 7 مليارات متر مكعب من المياه، بل ووصل التفكير إلى حد أن هناك خطة تقضي بتحويل كل مصادر المياه في تلك المنطقة لتصب في منطقة البحيرات العظمى وسط القارة كخزان عملاق للمياه، ثم بيع هذه المياه لمن يريد ويدفع الثمن كالبترول تماما، ويمكن كذلك تعبئتها في براميل تحملها السفن أو عن طريق أنابيب لبيعها لدول خارج القارة.
ومن ضمن المخططات التي تتزعمها إثيوبيا لتخفيض حصة مصر من مياه النيل بإيعاذ من إسرائيل وحلفائها إقامة السدود، ففي 13 ديسمبر 2009 افتتحت إثيوبيا سد "تيكيزي" (شكل 25)، والذي تم إنشاؤه علي نهر تيكيزي أحد فروع نهر النيل وذلك بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي ميلس زيناوري والمسئولين الإثيوبيين. وقد حذر خبراء في مجال المياه من خطورة إنشاء هذا السد علي حصة مصر من مياه النيل، واصفين إنشاءه بالسابقة الخطيرة التي ستدفع دول حوض النيل الأخري إلي أن تحذو حذو إثيوبيا وتقوم بإنشاء السدود دون الرجوع إلي مصر. ونقلت صحيفة "الدستور" المصرية المستقلة عن الدكتور مغاوري شحاتة دياب - أستاذ المياه والرئيس الأسبق لجامعة المنوفية- قوله: "إن إنشاء أي من السدود علي أي مجري مائي يؤثر بالسلب في إيرادات المياه بصفة عامة، وفيما يخص إنشاء إثيوبيا لهذا السد علي نهر النيل فإنه سيؤثر بالسلب في حصة مصر من مياه النيل". وأضاف دياب ان إنشاء هذا السد وتشغيله يعد سابقة خطيرة في مجال العلاقات بين مصر ودول حوض النيل وسوف تتبعها دول حوض النيل الأخري بإنشاء سدود لتخزين المياه بها
ساحة النقاش