دور الثروات الطبيعية في تنمية المجتمعات العربية (حالة دراسية: مشروع العصر لتنمية مصر)
عبد العاطي بدر سالمان هيئة المواد النووية، مصر [email protected]
الخــلاصــة
تغطي الدول العربية مساحات شاسعة في قارتي آسيا وإفريقيا في موقع استراتيجي فريد بين قارات العالم، وتشتمل معظم أراضيها علي صحاري مترامية الأطراف فيها تنوع كبير من الصخور الصلبة والطبقات الرسوبية مكونة جبالا وهضابا ومنخفضات. تشتمل تلك الوحدات والتراكيب الجيولوجية علي العديد من الثروات الطبيعية مثل البترول والخامات التعدينية سواءا فلزية أو غير فلزية أو صخور اقتصادية تستخدم في أغراض مختلفة. إذا أحسن التخطيط لاستخدام تلك الخامات وربطها بمسارات البنية التحتية والتوزيع الجغرافي للسكان لكان لها أبلغ الأثر في تنمية البلدان العربية وفتح مجالات عديدة من الاستثمار التعديني مما يؤدي إلي تنمية مجتمعاتنا العربية ورفاهية أفرادها. من المعروف أن معظم الدول العربية محدودة الأراضي الصالحة للزراعة، والمياه بها قلية أونادرة ويتوقع أن تشح في المستقبل القريب، وتتزايد سكانها بطريقة مفزعة، لذلك ليس هناك مفر من الاتجاه نحو الاستثمار التعديني وتنشيط الصناعات المرتبطة بهذا المجال في بلداننا العربية. تمثل هذه الدراسة نوعية من التخطيط الإقليمي المستقبلي لاستغلال الثروات الطبيعية في جمهورية مصر العربية بما يتمشي مع التوسع العمراني والمشروعات الاستثمارية التنموية في المجال التعديني مع الأخذ في الاعتبار التوزيع الجغرافي والبنية التحتية المتاحة. من المعروف أن أرض مصر تغطيها ثلاثة مناطق رئيسية هي الصحراء الشرقية والصحراء الغربية وشبه جزيرة سيناء. تم مراجعة أنواع المصادر الطبيعية وخاصة التعدينية والصخور الاقتصادية وحقول البترول، حسب البيانات المتاحة في البحوث والتقارير، ومواقع وجودها في تلك المناطق ومحاولة ربطها بمحاور الطرق الرئيسية واقتراح إنشاء مراكز للاستثمار التعديني علي تلك المحاور حسب توافر البنية التحتية بها ونوعية المصادر الطبيعية القريبة من تلك المحاور. تقترح هذه الدراسة إستغلال أربعة محاور رئيسية بالصحراء الشرقية هي: محور الكريمات/بني سويف – الزعفرانة، محور قنا – سفاجا، محور قفط - القصير ومحور إدفو – مرسي علم. أما سيناء. أما سيناء فيمكن إنشاء مراكز تنمية تعدينية علي الطرق الرئيسة في سيناء والتي تمتد من الغرب إلي الشرق، ويمكن تقسيم تلك الطرق إلي أربعة محاور رئيسية لتنمية سيناء وهي: (1) الطريق الشمالي الساحلي، (2) طريق القنطرة شرق - بئر جفجافة - العريش، (3) الشط - نخل – طابا، (4) طريق وادي فيران – نويبع. أما الصحراء الغربية فتقترح هذه الدراسة إقامة محور رئيسي للتنمية يمتد من الشمال إلي الجنوب. يبدا هذا المحور من السلوم مارا بواحة سيوة إلي الواحات البحرية ثم إلي واحة الفرافرة، إلي الداخلة ثم الخارجة فواحة باريس. يستمر هذا المحور إلي الجنوب ممتدا من باريس حتي منطقة التنمية الموجودة في توشكي. وتجدر الإشارة بأن هذا المشروع له العديد من الفوائد ومنها ما يلي: إن إقامة العديد من مـراكز التنمية الصناعية التي ترتبط بنوعيـــة الخامات المعـدنيـة والمصادر البترولية والصخور الاقتصـادية سيجذب المستثمرين لإقامة المشروعات الاستثماريـة المناسبة في تلك المراكــز. كذلك سوف يسهم هذا لمشروع في تعمير جزءا كبيرا من الأراضي الصحراوية المصرية مع أقل تكلفة تصرف علي البنية التحتية وإحداث نشاطا هائلا في محافظات الصعيد والبحر الأحمر والصحراء الغربية وسيناء، كما يساهم في تصحيح الخريطة السكانيـة لمصر وذلك بتخفيف الضغـط علـي المناطق المكتظة بالسكان مثل القاهرة والإسكندرية ومناطق الدلتا وبعض مدن الصعيد. كذلك سيعمل علي استيعاب عدد هائل من العمالة المعطلة وخلق فرص عمل متنوعة وإدخال تقنيات متقدمة، كما أنه سوف يسهم في فتح مجالات استثمارية هائلة للصناعات التي سوف تقام وزيادة مجالات التصدير، مما يدعم الاقتصاد المصري والمساهمة في رفع معدلات النمو الاقتصادي مما يساعد في رفع مستوي معيشة المجتمع المصري. إن هذا المشروع الذي يمثل مخططا إقليميا – إذا ما تم تنفيذه - سوف يساعد علي تخفيض معدلات التـلوث في البيئة المصرية وخاصة في المدن الكبري مثل عواصم المحافظات وزيادة مناطق الجذب السياحي. كما يعتبر هذا المشروع ملاذا ومأوي آمنا لبعض السكان في مناطق الدلتا التي يحتمل أن تتعرض بعض الأماكن المنخفضة بها للإغراق نتيجة ارتفاع مستوي سطح البحر الأبيض المتوسط بسبب ذوبان كميات كبيرة من الجليد في المناطق القطبية من كوكب الأرض نتيجة لزيادة حرارته سنة تلو الأخري. كما يمثل هذا المشروع أيضا أهمية بالغة للأمن القومي المصري، حيث أن تعمير هذا الجزء الشاسع من الصحاري المصرية سيجعلها مأهولة أكثر بالسكان والأنشطة المتنوعة، ولذا سوف تكون عائقا لأي تسلل أو عدوان خارجي علي أرض مصر. ويمكن تطبيق هذه الدراسة التخطيطية للاستفادة من المصادر الطبيعية في الاستثمار التعديني والمصادر الطبيعية الأخري في مختلف البلدان العربية بمفهوم مماثل وحسب طبيعة وجغرافية أرض كل دولة وتوزيعها السكاني والبنية التحتية القريبة من مصادره الطبيعية المناسبة. وبدلا من الاتجاه نحو التمدد العمراني حول المدن الرئيسية والكبري في تلك الدول، يمكن إنشاء مدن جديدة علي المحاور (الطرق الرئيسية) تعتمد علي الاستثمار التعديني والصناعات المرتبطة به. هذا النوع من الاستثمار سوف يساعد علي زيادة الدخل القومي وفتح موارد إضافية تعوض عن صعوبة الاستثمار الزراعي لندرة المياه وشهحا في المستقبل القريب في منطقة الشرق الأوسط.
ساحة النقاش