/ ١١/ المصرى اليوم
منصة استكشاف لمنطقة غرب الدلتا للمياه العميقة |
بعد تجميع حقائق كافية حول التعاقد مع «بى بى» وظروفه وشروطه وآثاره، وجهنا أسئلة مكتوبة إلى الشركة البريطانية، التى أكدت فى ردها على أسئلة «المصرى اليوم» استحالة تنمية منطقة شمال الإسكندرية بتطبيق نموذج الاقتسام، وقالت إن الاتفاقية حمت قطاع البترول المصرى من مخاطر ضخمة.. وإلى نص الأسئلة وإجابات الشركة:
■ فى أى ظروف وتحت أى سند قانونى تم تحويل منطقة امتياز شمال الإسكندرية شبه كاملة إلى منطقة تنمية عام ٢٠٠٣ بما فى ذلك المواقع التى لم يتم بها أى اكتشافات؟
- تم تحويل أجزاء من مساحة منطقه الامتياز إلى منطقة تنمية عقب إعلان عدة اكتشافات للغاز فى المنطقة، وذلك عقب استيفاء جميع الاشتراطات القانونية الواردة بالمادة الثالثة من اتفاقية شمال الإسكندرية، وقد تم توقيع عقدى تنمية فى عام ٢٠٠٣ لهذه الأجزاء من المنطقة، علما بأن الشركة تخلت عن المناطق غير القادرة على الإنتاج، وذلك بعد قيام الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بمراجعة هذه المناطق، وهو ما جعل إجمالى المساحة الحالية لعقدى الالتزام تشتمل فقط على القطاعات المنتجة أو القادرة على الإنتاج تطبيقا لاتفاقية الالتزام.
■ هل كان استحواذ الشركة على كامل الإنتاج فى تعديل ٢٠١٠ شرطا لقبول سعر الغاز المطروح من قبل الوزارة؟
- يجب التأكيد على أن ما يقال حول استحواذ الشركة على كامل الإنتاج هو قول غير دقيق، فالشريك (المقاول) لا يملك حرية التصرف فى الاحتياطيات المكتشفة والتى تقدر بحوالى ٥ تريليون قدم مكعب إلا لهيئة البترول، وفى الوقت ذاته ملتزم بضخها فى الشبكة القومية للغاز وفقا لعقد تسليم الغاز المبرم مع الهيئة، والذى تم توقيعه فى نفس يوم التوقيع على تعديل الاتفاقيات، ويلتزم الشريك بتحمل كل الإنفاق الاستثمارى ونفقات التشغيل ومخاطر زيادة تكلفة المشروع بمفرده فى جميع مراحله، من بحث وتنمية وإنتاج مقابل سعر تعويضى، يحقق للشريك هامشاً من الربح بعد تغطية ما تحمله من تكلفة، وقد أدى هذا التعديل إلى عدم تحمل قطاع البترول المصرى مخاطر رد تلك الاستثمارات الضخمة إذا ما استمر تطبيق نظام اقتسام الإنتاج واسترداد التكاليف والمعرضة دائما إلى الزيادة فى مثل هذه المشروعات وهو ما حدث بالفعل.
■ بافتراض أن الوزارة رفضت التعديل الأخير للاتفاقية والتزمت بجوهر اتفاقية التزام الإنتاج.. ما هو سعر وحدة الغاز الحرارية المقبول لدى الشركة فى ظروف الحقول القائمة فيما يتعلق بحصتها (الاسترداد والربح)؟
- يرتبط التسعير بعوامل عدة، منها طبيعة الحقول وتركيبتها الجيولوجية ونظم حوكمة العمليات (إدارة العمليات ونظم اتخاذ القرار) وحجم المخاطر التى يتحملها المقاول، ونسب التضخم المستقبلية المتعلقة بأسعار الخدمات والعمليات، وبالتالى فإن السعر الذى كان من الممكن قبوله فى ضوء هذه العوامل طبقا للنظام القديم سيكون أعلى بكثير من السعر فى التعديل الحالى وذلك نظرا لزيادة المخاطر المتمثلة فى حجم الاستثمار غير المسبوق فى مصر، الذى لا يتناسب مع منظومة اقتسام الإنتاج واسترداد التكاليف، وقد أشار أحدث تقرير (سبتمبر ٢٠١١) لبيت الخبرة العالمى (Wood Mackenzie) إلى أن السعر الحالى يحقق للمقاول عائداً على الاستثمار يقدر بـ١٠.٢%.
ويعتبر مشروع غرب الدلتا أكبر مشروع يتم تنفيذه فى تاريخ قطاع البترول المصرى منذ إنشائه من حيث حجم الاستثمارات التى تبلغ أكثر من ١٣ مليار دولار، أى ما يقرب من ٨٠ مليار جنيه مصرى، وقد تم بالفعل إنفاق ٢ مليار دولار منها بالإضافة إلى ١١ مليار دولار يتم إنفاقها فى المراحل اللاحقة، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى ١٠٠٠ مليون قدم مكعب فى اليوم الواحد، وهو ما يمثل أكبر إضافة للغاز الجديد فى مصر لتغطية ٢٠% من إجمالى إنتاج الغاز المحلى.
وجدير بالذكر ان سعر الغاز المنصوص عليه فى الاتفاقية والمحدد بسقف سعرى لا يتجاوز٤.١ دولار يؤدى إلى وفر يصل الى حوالى ٥٠ مليار دولار للدولة على مدار عمر المشروع، وذلك بالمقارنة بتكلفة سعر شراء الوقود البديل فى ظل الأسعار الحالية، كما أنه إذا ما ارتفع سعر خام برنت إلى ٢٠٠ دولار قد يصل الوفر للدولة إلى ١٠٠ مليار، وذلك لارتباط سعر الغاز بالسقف السعرى المذكور. وفى حالة تأخر الإنتاج من هذا المشروع العملاق ستتكلف ميزانية الدولة أكثر من ١١ مليون دولار يوميا لتوفير وقود بديل لتغطية الاستهلاك المحلى الحالى.
■ هل كان قرار مجلس الوزراء الصادر خلال عام ٢٠٠٨ بشأن وقف أى عقود تصدير جديدة للغاز هو السبب فى تأخير تنمية عقود شمال الإسكندرية؟
- تنمية عقود شمال الإسكندرية تحكمها بنود الاتفاقية التى لها قوة القانون، وبالتالى لم يؤثر هذا القرار على قيام المقاول بتنفيذ جميع التزاماته فى خلال الفترة المذكورة، خاصة الالتزام بتقييم الاكتشافات، حيث قام المقاول بحفر عدد (٢٠) بئرا استكشافية وتقييمية، وإعداد برامج تنمية الحقول، ويعود السبب الرئيسى فى إعادة التفاوض إلى الارتفاع المفاجئ وغير المسبوق فى تكلفة الخدمات والخامات التى تضاعفت، وتأثيرها على حجم الاستثمارات، وعلى سبيل المثال كان متوسط تكلفة حفر البئر فى المياه العميقة عام ٢٠٠٦ لا يزيد على ٦٧ مليون دولار، فى حين بلغت التكلفة الإجمالية لحفر أحد أحدث الآبار الاستكشافية حوالى ٢٦٠ مليون دولار.
■ ما موقف الشركة إذا فرض الوضع القائم حاليا فى البلد ضرورة تعديل الاتفاقية؟
- من المعلوم أن الاتفاقية تم تعديلها أكثر من مرة كى تتوافق مع المتغيرات الفنية والاقتصادية التى تحكم الصعوبات الفنية المصاحبة لصناعة البترول. بالإضافة إلى أن أى اتفاق يقوم على تحقيق التوازن بين طرفيه فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات، وعندما يحدث خلل فى هذا التوازن يجب تعديل هذا الاتفاق، ولكن لم تطرأ أى متغيرات فنية أو اقتصادية مؤثرة تقتضى التعديل، خاصة بما تشمله الاتفاقية الحالية من آليات جديدة تضمن للجانب المصرى تنفيذ المقاول لالتزاماته ومنها:
- الحق فى مراجعة سعر الغاز بعد ٤ سنوات من بداية الإنتاج، وبعد كل ٥ سنوات بعد ذلك طبقا للتغير فى تكلفة المشروع أو حجم الاحتياطيات.
- تطبق غرامات تأخير على المقاول تصل الى ١.٧ مليار دولار فى حالة عدم بدء الإنتاج، وقد تصل إلى سحب مناطق التنمية منه طبقا لبنود اتفاقيه الالتزام.
- يتعرض المقاول أيضا الى غرامات فى صورة تطبيق خصم على سعر الغاز يصل إلى ٣٠% فى حالة عدم تسليم الكميات السنوية المتفق عليه.
■ ثمة اعتراضات من خبراء على قيام هيئة البترول بسداد ضرائب الشريك والإتاوة فى تلك الاتفاقية نظرا لأنها تختلف كلية عن الاتفاقيات القديمة (نظام الاقتسام) التى كانت تنص على قيام الهيئة بالدفع، فما هو تعليقكم؟
إلزام المقاول بسداد الضرائب والإتاوة يؤدى إلى زيادة التكلفة على المقاول؛ مما يستلزم زيادة السعر لكى يحتفظ بنفس العائد الاقتصادى الذى يحقق الجدوى الاقتصادية لإقامة المشروع بكل مخاطره الفنية.
■ يقول الخبراء الذين استطلعت الصحيفة رأيهم إن المخاطر القائمة فى شمال الإسكندرية تساوى أو تقل عن تلك التى فى حقول شركة بريتش جاز فى رشيد (سواء من حيث وجود الخزانات على أعماق كبيرة والضغط العالى والحرارة المرتفعة وصعوبة التراكيب الجيولوجية) بما يعنى أنه لم يكن هناك مبرر حقيقى لتعديل ٢٠١٠ خاصة بعد أن تمت مضاعفة حصة الربح فى ٢٠٠٨ إلى ٢٤%.. فما هو تعليقكم؟
- توجد اختلافات جذرية بين المشروعين من الناحية الفنية التى تتناول التراكيب الجيولوجية للمناطق وطبيعة خزانات الغاز الموجودة بها ومن ناحية اقتصاديات والتزامات المقاول فى المشروعين.
فمكامن الغاز الطبيعى فى مناطق غرب البحر المتوسط تتواجد فى عدة طبقات من عصور جيولوجية مختلفة وعلى أعماق مختلفة، وتعتبر شركة بى. بى أول شركة تحقق اكتشافات للغاز الطبيعى فى طبقات عصر الميوسين السفلى فى مناطق غرب البحر المتوسط، وكذلك حققت أول اكتشاف للغاز فى طبقات عصر الأوليجوسين (الأقدم) فى مناطق شرق البحر المتوسط وعلى عمق ٦٥٠٠ متر.
إنتاج الشركة المشار إليها من طبقات عصر البليوسين الحديث نسبيا فقط، وتتواجد على أعماق قريبة (حوالى ٢٠٠٠ متر) وفى تجمعات كبيرة نسبيا نظرا لطبيعة الظروف الترسيبية، ولذلك فهى أقل بكثير من حيث التكلفة والمخاطر الفنية، بالإضافة إلى أن الإيرادات تعتمد بشكل كبير على حق التصدير الممنوح للشركة المذكورة؛ مما أدى إلى ارتفاع اقتصاديات المشروع المذكور مقارنة بغيره.. ويمكن مراجعة الجهات المسؤولة أو تقارير بيوت الخبرة العالمية فى ذلك الشأن.
وتختلف حقول غاز شمال الإسكندرية من حيث وجود معظم الغاز فى طبقات عصر الميوسين السفلى القديم والذى يوجد على أعماق أكبر (حوالى ٤٥٠٠ متر)، وتتميز طبيعة الخزانات فى هذه الطبقات بارتفاع الضغط الجوفى ودرجات الحرارة العالية وصعوبة تتبعها والإنتاج منها؛ مما يزيد تكلفة حفر الآبار إلى أكثر من الضعف. بينما الجزء الموجود فى نفس طبقات البليوسين للشركة المذكورة، فإن غاز حقول شمال الإسكندرية يتواجد فى تجمعات صغيرة ومتفرقة فى قنوات رملية صغيرة مما يتطلب حفر عدد أكبر من الآبار بنحو ٥٠% عن غيرها.
ويعلم المتخصصون جيدا مدى صعوبة الإنتاج فى هذه المنطقة، خاصة بعد حفر العديد من الآبار الاستكشافية والتقييمية، والتى أظهرت الاختلافات الكبيرة بين الآبار وبعضها من حيث سمك الطبقات الرملية الحاملة للغاز وقدرتها على الإنتاج، وكل هذا مدعم بنتائج الحفر والدراسات التى تجريها الشركات المتخصصة.
وقد كان من المستحيل تنمية وإنتاج الغاز من هذه الحقول طبقا لنموذج الاتفاقيات السابق، لاستحالة تحقيق الحد الأدنى من العائد الاقتصادى للشريك الأجنبى، وعزوف الشركات الكبرى عن الاستثمار فى مثل هذه المشروعات العملاقة، خاصة بعد الارتفاع الكبير الذى طرأ على تكلفة حفر الآبار وأسعار المواد والخدمات اللازمة لعمليات التنمية، وقد أخذت الشركة على عاتقها حفر العديد من الآبار التقييمية للتأكد من حجم الاحتياطيات وقابليتها للإنتاج ومعدلات الاستخراج من مثل هذه الطبقات، وبلغ ما تم إنفاقه حتى الآن حوالى ٢ مليار دولار، أى ما يقرب من ١٢ مليار جنيه مصرى.