في مرحلة مبكرة من العمر يبني الانسان رؤية واضحة عن القيم و المفاهيم ، تنغرس بداخله قائمة من المعتقدات التي تشكل افكاره و سلوكياته ،
يلتقط بكاميرا حواسه كلها المفاهيم و العادات و الكلمات ، و الأفعال ، و حين يتعلم الاسئلة يبدأ في طرحها على من يبحث لديهم عن اجابات تجعله اكثر راحة و اكتشافا لعالمه ، و تشبع شغف الرغبة في التعلم و هي رغبة لابد ان يتم استثمارها في كل مرحلة ،،
تعلمنا من دراسة الاعلام مهارات طرح الاسئلة ، و اجراء الحوار ، و الاقناع ، و التفاوض ، تتربى داخلنا قدرات متناغمة من التواصل ، كلما أفادتني ازددت رغبة في نقلها لأبنائي و زملائهم و اصدقائهم ، لادعم نفسي بهم ، و احيط نفسي بتجدد مستمر ، طرح الاسئلة مسألة ليست سهلة بل تدريبات و ممارسات حتى نصل لسؤال جيد ، اما حين نتعرض لسؤال جيد نعرف ابعاده ، و كيف نشأ السؤال و لماذا يسألون ، فإن مسئولية عظمى تقع على عاتقنا ،
ابنائي في مراحل دراسية متنوعة من الابتدائي و الإعدادي و الثانوي ،
كغيرهم ، يتعلمون من كل شيء ، و عن كل شيء ،، المعلومات المتاحة و المتدفقة بلا عدالة في مصادرها و انتشارها جعلت المتنافسون على عقولهم لا يهدأون ،
كنا نتحدث عن النجاح و الابداع و القيم ، سألوني بشغف ، و كنت على شفا النسيان ، ، هل يشجع الزوج زوجته في هذا المجتمع على النجاح ، على التميز ، على الحياة ، بل هل يشجع هذا المجتمع كله على ذلك ؟ كيف يتعامل الانسان ؟ الناس الاقل تفكيرا و قيما يجدون اماكنهم ، كيف تتعامل ؟ كيف نغير الافكار السلبية و المعتقدات الموروثة المتراكمة دون تجديد في هذا المجتمع ؟ ثم ختمت ابنتي بسؤال حاسم و هل يثق الرجال في افكار النساء ؟
بينما استجمع افكاري للرد ، ردت ابنتي الكبرى على اختها في حضور و تركيز اخيهم الأصغر ؛ لا نتحدث الان عن الثقة ، مؤكد يثق ، و احيانا يغامر مغامرات تدعم الثقة لا تستطيع المرأة وحدها ان تكون بجرأة المغامرة الا بتحفيز الزوج او الأب ، و شرحت المواقف التي تدعم ما تقول ،
أعجبتني ابنتي ، إجابتها ، و طريقة كلامها ، و تنظيم ردها ، و ادركت انهم يكبرون اكثر من تصوراتي عن أعمارهم المسجلة في الأوراق الرسمية ،
قلت لهم بخصوص التغيير نغير انفسنا ، نجدد افكارنا ، نتناقش برغبة حقيقية مخلصة لنصل لهدف النقاش ، حين نتناقش نعلم ان الهدف هو حل الخلاف بالنقاش و ليس حل العلاقات بالنقاش ، لكل منا أسلوبه ، اذا تسألون عن تجربتي و انتم أساسها ، لي زوج تغنيه افعاله عن وصفه ، ( و قلت لنفسي أحبيه كثيرا ، جدا ، ) نعم طبعا يشجع ، و يحفز ، و يغضب و يثور ، و اغضب منه ، و نمر بما نمر به من احداث و مواقف ، و أشخاص ، و انشغالات ، لكنني اتذكر دائما هذه الفتاة التي كانت انا حين قابلته ، و احتواني ، و قدرني ، و أحبني جدا ،
عام ١٩٩٨ أهداني زوجي جهاز ( موبايل ) ، كنت واحدة من اول ثلاث مذيعات يمتلكن الجهاز السحري الرائع ، كلفتني السيدة نجوى ابو النجا رحمها الله و كانت وقتها رئيسة لشبكة الشباب و الرياضة ، بنقل حفل للاذاعة على الهواء من جهاز التليفون الجوال ، كان حدثا مهما جدا ، و كان الحفل على ظهر مركب ضخم في نيل مصر العظيم ، ، و طلبت بدوري من أختي الاعلامية الجميلة منى النشار ، ان تحضر معي معي الحفل ، اشدد بها ازري و كنت في شهور الحمل الأول الاولى ، كان حفلا رائعا و نقلا متميزا على الهواء مباشرة ، و اختي معي في الفواصل نضحك كثيرا منبهرين بالحدث الجلل ، و بالجهاز العبقري الذي اختصر أعدادا من العاملين ، و الاجهزة و الامكانات ، ليكون كوحدة اذاعة خارجية متنقلة في يدي !!
تعرضت لسرقة هاتفي الاول ، كنزي الثمين ، ووقتها كان كنزا فعلا ، أهداني زوجي هاتفا جديدا ، و هو الشاب المكافح برتبة نقيب في اول سلم مهنته الشاقة ، و معظم وقته يقضيه في مهمات عمل خارجية مجهدة مخلصة ،
اتذكر حين غضب مني و انا انجز رسالتي العلمية للماجستير ، و كنت اطبع الورق في مكتب طباعة مزدحم مليء بالبشر و دخان السجائر ، و غضب جدا حين مر علي ليصطحبني للبيت ، سألتني صديقتي هل ستكملين دراسة ، قلت لها نعم بالتأكيد ، هو رفض الطريقة ، و لم يعترض الهدف
لم اعاتبه ، لم استنكر غضبه وقتها ، و بعد اقل من أسبوع اشترى طابعة الوان ، و أصر ان اشتري طابعة ليزر لسرعة الإنجاز ، اعترضت وقتها لان ليس لدي حجم اوراق تستدعي شراء طابعة ليزر لكنه اصر ، و من خلالها وثقت شهاداتي و دوارتي التدريبية ، و اكملت كتابة اوراقي و طباعتها في بيتي ،
بعدها مباشرة كان قرار شراء جهاز اللاب توب هو القرار القادم لتيسيير كثير العمل من المنزل ، ساعدني سرعة الإنجاز و جودته و التحديث الذي لولاه لتباطئت خطواتي ،
اول مرة اغسل الملابس خرجت ملابسنا جديدة تماما حين لم نعرفها من تضارب الالوان المفاجيء الذي حدث ، و ضحكنا من القلب ، و اكتفينا بما تم انقاذه من ملابس حتى اشعار آخر ،
أكل معي طعاما كنت أعده على البخار عرفت بعدها انه لم يكن من هواته ، فتعلمت لأجله طبخ أكلات لم اكن أتصور اني سأتعلمها بل أتقنها ،
حين قررت ان ابدأ عملا تنمويا تطوعيا لخدمة المجتمع و المشاركة في جهود التنمية ، دعمني و ساعدني ، حتى ان جهاز الايباد الذي اكتب عليه الان كان تحفيزه لعملي التنموي ودعم انتاجي الاعلامي ، في عام ٢٠١٣ ، ،
صبر ، و الصبر كفاح ، و انا اعلم ذلك جدا ،
حين أبادله الصبر استدعي صبره الذي سبق ، و محبته التي قدم ،
اوقاتكم حلال ، و طعامكم حلال ، و بيتكم حلال ، وملابسكم، و افكاركم