1- المصريون خرجوا من الحجر السياسي الذي كان يعيشون فيه ولن يعودوا فيه مرة أخرى. هذه رسالة لكل واحد فاكر إنه سيحكم شعب "أليف."
2- المظاهرات السلمية المنظمة تحتاج كيانات منظمة قادرة على أن تحكم سلوك المنضوين تحتها. ومن يدعو للمظاهرات ولا يعرف كيف يتحكم فيها فعليه مسؤولية أخلاقية إن لم تكن عليه مسؤولية سياسية كذلك. ولا يكفيك أن تقول "لقد تركت الميدان الساعة 7، وما ليش دعوة بعد كدة." ومن المسؤول في النهاية عن من مات، وعن من أصيب في الاشتباكات من أبنائنا؟ حرام علينا ما نفعله بأنفسنا؟ هل نحن قررنا الدخول في حالة انتحار جماعي؟
3- الفوضى تأتي بالفوضى، كما أن الفساد يأتي بالفساد، والضعف الحكومي يرسخ صورة ذهنية بأن الاستبداد وقوة الدولة قرينان. وهذا خطر على الثورة وعلى الدولة.
4- الحلقة المفرغة للوم الآخرين تقول: بعض الشباب يهاجمون مقار الداخلية والمنشآت العامة والخاصة، يخرج علينا من يقول ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)، الشرطة تضبط النفس أحيانا مثل ما حدث نهار الجمعة فتُنتَقد لأنها ضعيفة لم تقمع "البطلجية،" وحين تهاجم من تعتبرهم "البلطجية" مساء الجمعة يخرج عليك من يقول ليس من حقها أن تهاجمهم لأنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم ثوار من طبقة اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم.) تتدخل الشرطة العسكرية لتقبض على من يهاجمون المنشآت العامة والخاصة لأنهم "بلطجية" وتحولهم إلى المحاكمات العسكرية، فيخرج علينا من يقول إنهم ليسوا "بلطجية" وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)... وتستمر الحدوتة وتزداد اتساعا.
5- من قرر ألا يستدعي السفير المصري في إسرائيل للتشاور لعدة أيام وكان معه كل الحق أمام العالم ونفسه وقرر بدلا من ذلك أن يبني جدارا أمام السفارة الإسرائيلية، وضع مصر كلها في مأزق أمام نفسها والعالم بعد أن اقتحم الغاضبون السفارة الإسرائيلية وستظل مصر تتحمل مسؤوليتها كاملة أمام العالم لانتهاكها الأعراف الدبلوماسية، وترسل رسالة قوية بأن مصر ليست آمنة لأي مستثمر أو سائح أو حتى لأهلها.
6- حكومة إسرائيل أكثر قدرة على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على مصر، من قدرة الحكومة المصرية على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على إسرائيل. بل أزعم أن حكومة إسرائيل أكثر احتراما للرأي العام فيها، من احترام الإدارة الحاكمة في مصر للرأي العام فيها.
7- أصبحت على يقين الآن لماذا لم تنجح مصر في إدارة أي أزمة واجهتها لا سابقا ولا حاليا. لأن أفضل العقول المصرية تركت العمل الحكومي بقرار واع منها في مرحلة سابقة، وأصبحنا الآن نواجه مشكلة أن معظم العقول النيرة في القطاع الخاص والعمل المدني بل وخارج مصر تماما.
8- ماذا يريد المجلس العسكري من الحكومة وماذا تريد الحكومة من المجلس العسكري؟ إما أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن ما هي حدود الحكومة، فالأفضل أن تستقيل وأن يدير المجلس العسكري البلاد كاملة لحين الانتخابات القادمة في نوفمبر (وليس بعد ذلك بأي حال من الأحوال). مثلا، لماذا تتقدم الحكومة بمشروع قانون يقضي باعتبار مواقع كافة القيادات الجامعية خالية في أول أغسطس، ويرفض المجلس العسكري التصديق على ذلك بما يثير حنق أساتذة الجامعات وقطاع من الطلاب؟ هل نحن مستعدون لعام جامعي مليء بالمشاحنات والنزاعات والاعتصامات وتتحول الجامعات إلى ثكنات عسكرية؟ إذا لم تنجح الحكومة في الاستفادة من مساحة الحركة المتروكة لها وأن تزيد منها، فعليها الاستقالة، وقد أبدأ بنفسي رغما عن أن غيابي لن يؤثر في شيء؟
9- بعض كتب القانون كانت تقول عن الشعب المصري إنه "شعب سبّاب" لتبرير لماذا لا تواجه المحاكم المصرية عقوبات "السب والقذف" بالشكل اللائق. يؤسفني أن أقول أن هذه هي البداية، ولا بد أن نعرف أن السباب والهمجية والفوضى والعشوائية والفهلوية وتضليل الآخرين والتدخين في الأماكن المغلقة ورفع صوت الكلاكسات والأغاني وتخطي الآخرين في الطوابير لا بد أن تكون لها عقوبات اجتماعية مغلظة ومعها عقوبات تشريعية صارمة وإلا سيطرد أسوأ من فينا أفضلَ من فينا.
10- من قالوا "لا" لرئيس منتخب سريعا، وانسحاب سريع للجيش من الحياة السياسية، وبشرونا بفترة انتقالية أطول وجدل حول الدستور أولا، وضغطوا أو أعطوا للمجلس العسكري الفرصة كي يعدل في صياغة التعديلات الدستورية بما يؤجل انتخاب رئيس الجمهورية، أتفهم موقفهم، إنما ما لا أتفهمه هو استمرار بعضهم في ازدراء موقف الأغلبية التي قالت "نعم" بدعوى أن المجلس العسكري والإسلاميين خدعوهم، مع أن المسار الذي اختارته الأغلبية كان قطعا الأسلم والأسرع في إخراج العسكر من اللعبة السياسية.
هذا ما عنّ لي بعد يوم طويل ومزعج وإحساس رهيب بالعجز أمام أحداث ليس لها ضابط. وهذا بعض ما سأقوله حين تجتمع لجنة إدارة الأزمة بمجلس الوزراء اليوم إن شاء الله
بقلم : دكتور معتز بالله عبد الفتاح
ساحة النقاش