الحب الرومانسى ذو طبيعة خادعة تصورها لنا أسطورة " سايك " و " إيروس" وهى أسطورة قديمة دونت لأول مرة فى القرن الثانى بعد الميلاد . وتحكى هذه الأسطورة أن معبودة الإغريق " أفروديت " كانت تشعر بالغيرة من شابة بشرية فاتنة تدعى " سايك " ، وكانت " أفروديت " تمقت رؤية رجال قريتها ينبهرون بفتنتها الطاغية . وفى ثورة غضبها أمرت " أفروديت " أن تحمل " سايك " إلى قمة الجبل لكى تتزوج من وحش بشع الخلقة . واضطر أهل " سايك " ورجال قريتها - وهم فى غاية الحزن - إلى أخذ تلك العذراء الشابة إلى قمة الجبل حيث قاموا بتقييدها بالسلاسل إلى صخرة كبيرة ، ثم تركوها لمصيرها . ولكن قبل أن يصل الوحش إليها هبت عليها رياح الشمال فدفعتها برفق إلى أسفل الجبل حيث يوجد الوادى الذى يسكنه " إيروس " ابن " أفروديت " والذى هو إله " الحب" عند الإغريق .
وعلى الفور وقع كل من " سايك " و " إيروس " فى حب بعضهما البعض . ولكن " إيروس ط لم يرد أن تعلم " سايك " أنه إله . ولهذا فقد أخفى عنها حقيقته بأن كان يزورها فى الليل فقط . وفى البداية امتثلت " سايك " لهذا الشرط الغريب ، وتمتعت بالحب والقصر المنيف الذى تعيش فيه وبالحدائق الخلابة التى تحف هذا القصر. إلى أن جاء اليوم الذى زارتها فيه أختاها. وبدافع من الحسد أخذتا تسألانها أسئلة فضولية عن " إيروس " . وعندما لم تستطع " سايك " الإجابة عن أسئلتهما زرعا فى نفسيها الشك فى أن حبيبها ربما يكون حية بشعة المنظر تسعى إلى التهامها.
وفى تلك الليلة - وقبل أن يأتيها " إيروس " - كانت " سايك " قد خبأت تحت فراشهما مصباحاً وسكيناً حادة . فإذا اتضح أن حبيبها هذا مخلوق شرير فصلت رأسه عن جسده وانتظرت حتى استغرق " إيروس " فى النوم ثم أوقدت المصباح بكل هدوء ولكن عندما مالت بوجهها ناحيته لكى تلقى عليه نظرة عن قرب ، سقطت من المصباح قطرة من الزيت الملتهب ووقعت على كتف " إيروس " ، فصحا من نومه ورأى المصباح والسكين فى يد " سايك " ففر من النافذة وقد قرر أن يهجر " سايك " عقاباً لها على اكتشافها لحقيقته. وأخذت " سايك " تركض خلفه وهى حزينة باكية تنادى عليه ، ولكنها لم تستطع اللحاق به ، فتعثرت وسقطت على الأرض وفى لمح البصر اختفى ذلك القصر المنيف وتلك الحدائق الغناء ، وعادت كما كانت مسلسلة فوق قمة الجبل .
وتحوى هذه القصة حقيقة معينة وهى أن الحب الرومانسى يقوم على الجهل والتخيلات فطالما كان المحبان يحملان نظرة مثالية على غير الحقيقة فإنهما سوف يشعران كما لو كانا يعيشان فى سعادة أبدية حتى وإن كانت هذه الأسطورة بالطبع تحوى الكثير من الخيال. ف " سايك " عندما أضاءت المصباح ورأت وجه " إيروس " واضحاً لأول مرة اكتشفت أنه إله ذو أجنحة ذهبية . ولكن إذا قمت أنا وأنت بإضاءة المصباح ونظرنا إلى أحبابنا بنظرة موضوعية لأول مرة ، لوجدنا أنهم على عكس ذلك تماماً ، حيث سنراهم يزخرون بالتشوهات والندوب وكل تلك الخصال السلبية التى نرفض رؤيتها .
ساحة النقاش