لقد أفاء الله علينا بثورة عظيمة لم تحبل أرضنا الولود بمثلها على مدار تاريخها الموغل في القدم، وشاء المولى ـ عز وجل ـ أن تهب علينا ريحها الزكية فجأة بغير ترتيب أو استعداد لمقدمها، وتولى سبحانه ترتيب أحداثها وإعداد وسائل نجاحها، ليكون ذلك مدعاة للوحدة فيتكلل جهدنا نهاية الأمر بالنجاح. ويرحل الطاغية ـ كما أراد الشعب وسعى إليه ـ فيسقط النظام، وتبدأ ـ إثر ذلك ـ مرحلة جديدة من مراحل الثورة، يتصدر المشهد فيها مجلس عسكري اعترف بمشروعية مطالب الثورة وتعهد بإنفاذها كما يحب الشعب ويرضى، وإذ به ينهج نهجا لا يتفق وما قطعه من وعد؛ فيسوق الشعب إلى تعديلات دستورية ظاهرها تسليم السلطة في أقرب وقت، وباطنها إسباغ المشروعية على حكمه في الفترة الانتقالية، لتكون تلك التعديلات بذلك هي مصدر شرعيته لا الثورة ـ كما صرح بهذا عدد من أعضاء المجلس ـ وكأن هذه التعديلات كانت لتوجد لولا الثورة!!.
وإذ بالمطالب المعترف بمشروعيتها من قبله لا تأخذ سبيلها إلى التحقق إلا تحت وطأة الضغوط الشديدة من قبل الثوار، ولا محاجة في أن تلبيتها حينئذ تكون بذلك تقديم تنازلات لتفادي انفجار غضب الثوار، لا تنفيذا لمطالب مشروعة اعترف بمشروعيتها المجلس العسكري.
وإذ به يدفع باتهامات خطيرة إلى حركة من الحركات التي ساهمت بنصيب غير منكور في الثورة، اتهامات تخرجها من حظيرة الوطنية وتدفع بها إلى مستنقع العمالة دون دليل أو بينة واحدة.
وكلها مسالك لا تبشر بخير، ورغم جميع ما ذكرنا فنحن لسنا في معرض لوم أو حساب، وإنما جل همنا منصب على أن تصل الثورة إلى بر الأمان، وأن تحقق ما قامت لأجله، ولن يكون ذلك إلا بإقامة نظام ديمقراطي سليم، ونرى أن سبيلنا إليه يكون عبر التفاف جميع القوى الوطنية حول المطالب الآتي ذكرها، والضغط بكل الوسائل المشروعة لتحقيقها، وهى:
ـ تحديد جدول زمنى محدد يشمل موعداً للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وأن يتحمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المسئولية الكاملة عن تأمين العملية الانتخابية.
ـ ضرورة إعادة النظر في القانون المنظم للانتخابات البرلمانية، وذلك في ظل رفض كافة القوى الوطنية والأحزاب السياسية له.
ـ تبني أحد الحلول الجذرية التي طرحتها عدد من القوى السياسية لإعادة الفاعلية الكاملة للمنظومة الأمنية.
ـ تطهير مؤسسات الدولة المختلفة من الفاسدين وأذناب النظام السابق.
ورسالتنا إلى إخواننا من كافة التيارات الإسلامية أن هوية بلادنا لا يمكن أن يتهددها أحد في ظل حكم ديمقراطي سليم، إذ أن الشعب حينذاك ـ حينما تسلم السلطة له ـ سيكون هو الضمانة الحقيقة لها، وأنه إذا أردنا حقا أن نحافظ على هوية بلادنا لزم علينا ـ في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الوطن ـ أن نوحد ونوجه كل جهودنا لهدف أوحد هو استلام السلطة في أقرب وقت من العسكر.
"إسلاميون ثوار"
للكاتب :/ محمد السيد الطناوى
ساحة النقاش