التعليم وصنع التغيير

نشر فى : الإثنين 12 مايو 2014 - 8:40 م | آخر تحديث : الإثنين 12 مايو 2014 - 8:40 م رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة الخبيرة الدولية في قضايا النوع والتنمية

مشكلة التعليم في مصر من أقدم المشكلات التي عانى منها المجتمع على مدار سنوات كثيرة، ولعلنا لم نكف من الحديث عنها ، مستعرضين أسبابها وطرق العلاج وآليات التطوير وكيفية الارتقاء بالمنظومة التعليمية في مختلف المراحل.

فما يعاني منه النظام التعليمي من خلل من حيث الوسائل التى يتم إستخدامها والقواعد التي يقوم عليها، تؤثر في أطفالنا وفي الأجيال الجديدة، إذ تقتل روح الإبداع والابتكار في نفوسهم، وتجعلهم معتمدين بشكل كبير على حفظ المناهج دون أدنى وعي أو تنمية للقدرات الذهنية، فالآلية التي يعتمد عليها أطفالنا ويدركونها جيداً هي أنه " إذا أردت النجاح والتفوق فعليك بحفظ المنهج من أوله إلى آخره"، وكل تلك الممارسات الخاطئة تجتمع كى تقتل الابداع تماماً عند الطالب فى وقت أو مرحلة ربما تكون مرحلة تحديد مصير.

إذاً يجب أن نغير إستراتيجية التعليم من الأساس بأن نجعلها تعتمد اعتماداً كلياً على تنمية قدرات الطالب على التحليل دون التقيد بمناهج محددة سواء في الدراسة أو في الاختبارات وجعل الطالب يعتمد على أسلوب الطرح والمناقشة بدلاً من التلقين الذي نشئ أجيال كثيرة لا يوجد لديهم اي ابعداع أو تطوير أو ابتكار.

فصدمني كثيراً ما كشفه تقرير التنافسية العالمية لعام «2013 -2014»، الذى يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي سنوياً حول أهمية الابتكار وقوة البيئات المؤسسية، أن مصر احتلت المرتبة الأخيرة بين الدول في جودة التعليم الأساسي، ولنكن صريحين أمام أنفسنا فإن ما يتلقاه أبنائنا في مختلف مراحل التعليم لا يجعلهم قادرين أو مؤهلين للإبداع والاختراع والابتكار، فيظلون كهؤلاء الجالسين على مكاتبهم دون أي أهمية مؤديين بعض المهام والوظائف الإدارية، ونحن في مصر في هذه المرحلة الانتقالية لسنا بحاجة إلى مثل هؤلاء، إنما نحن بحاجة إلى أشخاص قادرين على إحداث التغيير، مؤهلين لاتخاذ قرارت هامة ومؤثرة، فالهدف الأساسي من العملية التعليمية هو خلق أجيال شابة تفيد مجتمعاتها على كافة الأصعدة وقادرة على خلق التغيير.

فمن المعروف أنه كي يكون الشخص قادر على صنع التغيير، يجب أن يتوافر به عدد من المواصفات والمؤهلات التي تجعله صانعاً جيداً للتغيير الإيجابي، ومنها على سبيل المثال الثقة بالنفس والوعي والإدراك ،والإلمام بكافة مناحي الحياة، بالإضافة إلى النظرة الثاقبة للأمور والقدرة على التوقع والاستحداث وإدارة الأزمات، فضلاً عن مهارات التواصل والتفاعل مع الجموع ، والتفكير بشكل متطور وخارج الأطر التقليدية.

وليست الإشكالية هنا هي القدرة على إحداث تغيير فحسب، بل في أسلوب إدارة وإستكمال هذا التغيير لآخره، حتى يتحقق ما استهدفناه منه، فالشباب إذاً بحاجة إلى تنمية مهارات القيادة والإدارة الجيدة للأمور، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يؤدي النظام التعليمي الحالي إلى توفير تلك الصفات في الأجيال الصاعدة؟!، الإجابة بالقطع لا، فما تشهده ساحات التعليم في مصر من مدارس وجامعات على مختلف المراحل، لا يؤدي بنا إلى تلك الصفات التي نرجو أن تتوافر في شبابنا، فمثلاً في مراحل التعليم قبل الجامعي لا يتم تهيئة الشباب للقيادة بأسلوب صحيح ودقيق، على الرغم من إجراء انتخابات رئاسة الفصول واتحاد طلاب المدرسة، إلا أن تلك العملية تبقى صورية بشكل كبير ولا يصل مردودها إلى كافة الطلاب، وكثيراً ما تفهم على أنها ترفيه وليست مسؤلية حقيقية.

أما في مرحلة التعليم الجامعي، فحدث ولا حرج، فغياب الأنشطة الهادفة هو سيد الموقف، فلا يتم تهيئة الشباب للمشاركة في العملية السياسية بفاعلية، وتبقى الأنشطة مجرد أنشطة ترفيهية لا أكثر ولا أقل، وأنا هنا لا أدعو إلى إلغاء مثل تلك الأنشطة، بل أدعو إلى اكتمال حلقة النشاط الجامعي لتضم بين طياتها فعاليات سياسية تهدف إلى إكساب الشباب الوعي السياسي المطلوب والذي يؤهلهم إلى المشاركة في الحياة العامة كالانتخابات البرلمانية مثلاً.

ولكن على الرغم من ذلك خرج الشباب والفتيات منذ ثلاث سنوات لتحقيق التغيير وأطاحوا بالفساد، كما خرجوا ثانية واستطاعوا إنهاء حكم الإخوان، ولكن تبقى عملية التغيير غير مكتملة الأركان، فإرادة التغيير موجودة، وخطوات التغيير قد بدأ تنفيذها بالفعل، إلا أن غياب الإدارة الرشيدة هي ما أفقدت شبابنا دفة القيادة، وجعلتهم تابعين فقط.

فواجه الشباب العديد من العوائق والعقبات التي حالتهم دون استكمال دورهم في قيادة التغيير، فلم يتم الاستعانة بهم من قبل الحكومات المتعاقبة في مناصب قيادية ومؤثرة، وبقيت الآلية التقليدية في اختيار الوزراء والمسؤلين كبار السن، ومن هنا لا يكتسب الشباب صفة المشاركة بفاعلية في رسم مستقبل بلدهم.

والسبب في ذلك كله كما ذكرت سلفاً هو فشل النظام التعليمي، ويجب أن نؤمن يقيناً أنه إذا تم إصلاح العملية التعليمية، فأننا نسطتيع أن نكسب الطلاب معلومات جديدة وميولاً واتجاهات وقيماً ومهارات قد لا يحصلون عليها بسبب خلل المنظومة التعليمية.

ويبقى أن أشير إلى أن تلك التغيرات التي تطرح على المناهج الدراسية سواء كانت بالإضافة أو بالحذف ، فإنها تبقى مركزة على القشور، ولا تركز على الأهم وهو آلية تعليم الأطفال تلك المناهج، فيجب تأهيل المعلم أولاً وتنمية قدراته كي يستطيع أن ينمي قدرات أطفالنا.

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 64 مشاهدة
نشرت فى 22 مايو 2014 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,623,900