<!--
<!--<!--<!--<!--
الاستراتيجية العربية للتدريب
والتعليم التقنى والمهنى
|
والتعليم التقنى والمهنى
** تـقـديــــم :
تعد جودة نظم تنمية الموارد البشرية وفاعليتها من المدخلات التي يعتمد عليها النمو الاقتصادي والاجتماعي. وتزداد أهمية هذه النظم مع التحوّل التدريجي والمستمر نحو الاقتصاد المعرفي في كثير من المجتمعات. وغني عن القول أن التدريب والتعليم المهني والتقني الذي يهدف إلى إعداد العاملين في المستويات المهنية الأساسية التي تشمل العمّال المهرة والمهنيين، وفي المستويات المهنية المتوسطة التي تشمل الفنيين (التقنيين) ومساعدي الاختصاصين، هو أحد العناصر والمكوّنات الرئيسة في نظم تنمية الموارد البشرية.
ومن ناحية أخرى، تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه نظم تنمية الموارد البشرية، ومنها برامج التدريب والتعليم المهني والتقني، في المساهمة الفاعلة التي يمكن أن تقدمها في مجال التشغيل والحد من البطالة، وهو المجال الذي لا يقتصر تحقيق التطوّر فيه على النموّ الاقتصادي لوحده. ولضمان هذه المساهمة الفاعلة لا بد من أن تتّسم نواتج ومخرجات نظم تنمية الموارد البشرية بالجودة والمواءمة مع المتطلبات التنموية واحتياجات سوق العمل من النواحي الكمية والنوعية.
وبالإضافة إلى ذلك، تتطلب النظرة الشاملة للتنمية البشرية أن لاتقتصر جهود التنمية الاقتصادية على تحقيق نموّ اقتصادي مناسب، رغم أهمية هذا الهدف، بل تسعى بالإضافة إلى ذلك إلى التعامل مع قضايا التشغيل والمساهمة في الحد من البطالة وتطوير فرص العمل. وينطبق ذلك بشكل خاص على الدول العربية حيث ترتفع نسبة البطالة في معظمها ارتفاعاً ينعكس بسلبياته على الأوضاع الاجتماعية بالإضافة إلى أبعاده الاقتصادية.
وقد اشتملت هذه الوثيقة التي أعدتها منظمة العمل العربية على جزأين، تناول الجزء الأول منهما منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني في الأقطار العربية من حيث واقع هذه المنظومة وجوانب القوة والضعف والفرص والتحديات التي تتّسم بها. أما الجزء الثاني فيتناول عناصر الاستراتيجية ومكوّناتها المختلفة، مع بيان الأهداف المرتبطة بكل عنصر، والسياسات والإجراءات العامة اللازمة لدعمه على المستوى القطري الذي تتولاه الدول العربية نفسها، والمستوى العربي الذي تتولى المبادرة فيه منظمة العمل العربية بالتعاون مع الدول والمؤسسات والمنظمات العربية وغير العربية.
ويأتي وضع هذه الاستراتيجية متزامناً مع اعتماد الفترة (2010-2020) عقداً عربياً للتشغيل كما ورد في إعلان الدوحة الصادر عن المنتدى العربي للتنمية والتشغيل في تشرين ثاني (نوفمبر) 2008. ولايخفى أهمية الارتباط بين توجهات استراتيجية التدريب والتعليم المهني والتقني من جهة وبين متطلبات العقد العربي للتشغيل الذي أكّد أهمية التنمية الاجتماعية إلى جانب التنمية الاقتصادية، وتيسير تنقّل الأيدي العاملة العربية بين البلدان العربية مما يستدعي إيلاء العناية اللازمة لإعدادها وتأهيلها تأهيلاً مناسباً.
واللــه الـمـوفـق
أحمد محمد لقمان
المدير العام لمنظمة العمل العربية
1- منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني في الدول العربية
1-1 واقع المنظومة الحالية للتدريب والتعليم المهني والتقني
أ. التدريب والتعليم المهني والتقني النظامي :
يقدم التعليم والتدريب المهني والتقني النظامي في الدول العربية في المستويات والنماذج الآتية:
· التعليم التقني:
يلتحق في هذا المستوى من التعليم من أنهى بنجاح مرحلة التعليم الثانوي بفروعه ومساراته المختلفة، ومدة الدراسة في الغالب سنتان، ويلتحق الخريج إما في سوق العمل بفئة مستوى الفني (التقني) أو في التعليم الجامعي وفقا لشروط ومعايير محددة.
· التعليم المهني:
يلتحق في هذا النوع من التعليم من أنهى بنجاح مرحلة التعليم الأساسي التي تتراوح مدتها في الغالب بين تسع سنوات وعشر سنوات. وتتراوح مدة الدراسة في العادة بين سنتين وثلاث سنوات تنتهي في معظم الأحيان باختبارات تقييمية على المستوى القطري. ويلتحق الخريج إما في سوق العمل بفئة مستوى العامل الماهر أو في التعليم العالي (الجامعي المتوسط أو الجامعي) وفقاً لشروط ومعايير محددة.
· التدريب المهني (التعليم التطبيقي):
يلتحق في برامج التدريب المهني النظامي، ومنها برامج التلمذة المهنية أو التدريب المشترك أو التدريب التعاوني بين موقع العمل والمؤسسة التعليمية، من أنهى مرحلة التعليم الأساسي، ومدة التدريب سنتان في المتوسط، وينخرط الخريج في سوق العمل في العادة ضمن فئة مستوى العامل الماهر بموجب التصنيف العربي المعياري للمهن.
ب. التدريب والتعليم المهني غير النظامي
إضافة إلى برامج التدريب المهني النظامي هناك برامج تدريب غير نظامية وقصيرة في العادة، تتمتع بدرجة من المرونة، وتهدف إلى إعداد الملتحقين فيها وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل في فئة مستوى العامل محدود المهارات، أو رفع كفاءة العاملين الممارسين، أو الراغبين بتغيير أعمالهم، أو الباحثين عن عمل، وغيرهم. وبالإضافة إلى ذلك، يتوافر في بعض الأحيان منظومة محدودة من حيث الحجم والشمولية للتدريب والتعليم المهني المستمر لبناء قدرات القوى العاملة والارتقاء بمستوياتهم وتطوير أدائهم، بما ينعكس بشكل ايجابي على أوضاعهم المعيشية وعلى انتاجية المؤسسات التي يعملون بها وتنافسيتها.
1-2 نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات في منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني :
أ. نقاط القوة :
· تتوافر في معظم الدول العربية البنية التحتية الأساسية، وتشمل الأبنية والتجهيزات والتمويل، بالاضافة إلى الخبرات اللازمة للتطوير.
· شمولية منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني في كثير من الأقطار من حيث عدد التخصصات، وكذلك من حيث انتشارها الجغرافي.
· تتوافر لمنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني جملة من الإجراءات والهياكل والهيئات المشرفة التي تمكنها من أن تصبح منظومة عصرية.
· هناك توجه عام لإعتبار منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني جزءاً متكاملاً مع المنظومة التعليمية بكاملها.
· تتّسم أسواق العمل العربية بالتكاملية إلى حد ملموس، من حيث توافر عمالة فائضة في بعضها، ووجود حاجة للعمالة الخارجية في بعضها الآخر.
ب. الفرص :
· أدّى التطور الاقتصادي والتغيرات الهيكلية إلى حدوث تغيّر نوعي في فرص العمل التي تستدعي توافر كفايات جديدة أو عالية التقنية، ويتوقع أن تتنامى هذه الحاجة للسنوات القادمة.
· هناك اعتراف من قبل الجهات المزودة للتدريب والجهات المستفيدة من نواتجه أن هناك حاجة لعصرنة المدخلات والعمليات المختلفة لمنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وبذلك تعد الأرض ممهدة للسير قدماً في تطوير المنظومة
· هناك توجّه لدى أصحاب العمل للمشاركة في تطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني والمساهمة في تمويلها، وهذا يوفر فرصاً لتجديد أداء المنظومة، وتحسين نوعية مخرجاتها ومواءمتها.
· يتوافر العديد من الفرص التمويلية عن طريق الدول والصناديق والمنظمات العربية وغير العربية، والتي يمكن استثمارها لتطوير منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني من النواحي الكمية والنوعية.
ﺠ. نقاط الضعف :
· غياب استراتيجيات وطنية ورؤية عربية لمنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني في معظم الأحيان، وكذلك غياب إطار عام للسياسات يوجه نشاطات التطوير وإجراءاته ويعمل على تقييم نواتجه ومخرجاته.
· تعدّد الوزارات والهيئات والجهات التي تتولى مهام وبرامج التدريب والتعليم المهني والتقني، وهذا يجعلها منظومات مجزأة ومبعثرة من حيث الحاكمية والإدارة، وبخاصة في ضوء ضعف التنسيق بينها.
· حاكمية منظومة التدريب والتعليم المهني حكومية مركزية في الغالب، وتعتمد بشكل رئيس على قوى العرض من العمالة.
· ضعف مشاركة القطاع الخاص في حاكمية منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، أو في ادارتها، أو في التعامل الرشيد مع نواتجها ومخرجاتها.
· قصور التشريعات ومحدودية المرونة الإدارية وتفويض الصلاحية على مستوى المؤسسة التعليمية، وافتقار المؤسسة التعليمية لأدوات الإدارة الحديثة، مثل: التخطيط الاستراتيجي، والتخطيط الإجرائي، ومعايير الأداء، وتقنيات المعلومات، وإدارة الموارد البشرية وتنميتها ضمن منظومة متكاملة، مما يحد من قدرتها على أخذ المبادرات لمواكبة التطورات في مجالات عملها ويعيق نشاطاتها في مجال التدريب المستمر والتواصل مع المجتمع.
· ضعف آليات المتابعة والتقويم واعتماد المؤسسات والبرامج والمؤهلات مما ينعكس سلباً على جودة النواتج والمخرجات.
· ضعف العلاقة بين مخرجات منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني واحتياجات سوق العمل ومتطلباته، فهي تعتمد أساساً على حجم العرض والقدرات الاستيعابية للمؤسسات التعليمية والتدريبية ومحصورة بشكل رئيس في مجال التدريب الأولي، ولا يتوافر رؤية شاملة للتعليم والتدريب المستمر مدة الحياة.
· الحاجة لرفع كفاءة المنظومة من حيث المدخلات والعمليات. ويشمل ذلك المناهج والتجهيزات وأساليب التدريب وإعداد المدربين وغير ذلك.
· ضعف آليات التمويل مما ينعكس سلباً على أداء منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وعلى تحديد أولوياتها واقتصادياتها.
· تدنّي مكانة التدريب والتعليم المهني في المجتمع إذ ينظر إليه كتعليم بنهاية مغلقة، ولا يوفر فرصاً كافية لمواصلة التعليم لمستويات أعلى.
· ضعف خدمات التوجيه والإرشاد المهني وأثرها في خيارات الأفراد في ضوء قدراتهم وخصائص سوق العمل وحاجاته.
· غياب نظام شامل لنشاطات التدريب والتعليم المهني المستمر، بهدف تحسين انتاجية وتنافسية المنشآت وتطوير أداء الأفراد.
· قصور معلومات سوق العمل وعدم شموليتها وضعف استثمار ما يتوافر منها، وكذلك ضعف الآليات المستخدمة لتحديد احتياجات سوق العمل، مما ينعكس سلباً على رسم السياسات واتخاذ القرارات.
· التدريب والتعليم المهني والتقني في معظمه تعليم/ تدريب مؤسسي (يتم في مؤسسات تعليمية/ تدريبية) وهناك فرصة محدودة لممارسة المهارة في عالم الشغل الحقيقي، ويعد برنامج التلمذة المهنية استثناء في هذا السياق.
د. التحديات :
· كان من تأثيرات العولمة على الاقتصاد في الدول العربية إحداث نقلة هيكلية تمثلت في مزيد من الليبرالية والخصخصة للقطاع الاقتصادي، وإيجاد مزيد من فرص العمل في قطاعات النشاط الاقتصادي التي تعتمد على المعرفة، رغم محدودية هذه الفرص في كثير من الأحيان. ويستدعي كل ذلك توفير القوى العاملة التي تتمتع بكفايات عالية التقنية لتلبية المتطلبات التنموية واحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، والاهتمام بالتعليم والتدريب المستمر مدى الحياة.
· يعد نقص العمالة الماهرة ذات المستوى الملائم أحد العوامل التي تعيق النمو الاقتصادي والاستثمارات لتوليد مزيد من فرص العمل.
· يستدعي النمو السكاني وازدياد الفئات العمرية في سن العمل توفير المزيد من فرص الالتحاق في منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، ويشكل هذا ضغطاً من حيث القدرة على الاستيعاب وتوفير النوعية المناسبة في المنظومة.
· يؤدي الانتقال نحو اقتصاد السوق إلى تقليص قدرات القطاع العام في تشغيل الشباب حديثي التخرج، مما يعيق فرص تشغيل خريجي منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني، وعلى المنظومة أن توجد آليات للمساهمة في التعامل مع هذا الوضع، كمساعدة الخريجين في إيجاد فرص عمل عن طريق التشغيل الذاتي أو إنشاء المشروعات الصغيرة، بالإضافة إلى تطوير خدمات التشغيل والتوجيه والإرشاد المتاحة لهم.
· يستدعي مراعاة مؤسسات التدريب والتعليم المهني والتقني لعوامل الطلب على القوى العاملة إعطاءها مزيداً من الصلاحيات المالية والإدارية والفنيّة.
· لم تتمكن منظومة التدريب والتعليم المهني من كسب ثقة قطاع العمل والإنتاج وكذلك نسبة كبيرة من الطلاب بسبب تدني نوعية مخرجاتها وضعف ارتباطها باحتياجات سوق العمل. ويمكن تجسير الثقة وبناؤها مع قطاع العمل والإنتاج لتصبح خياراً جاذباً لإدماج الشباب والكبار في سوق العمل عن طريق تجويد نوعية المخرجات وتحسين مواءمتها.
· ركزت منظومة التعليم والتدريب المهني والتقني في السابق على إكساب الملتحقين بمهارات تمكنهم من العمل في القطاع العام، وقد لعبت في تلك الحقبة دوراً مهماً، ولكن الحقبة الحالية تستدعي إحداث تغيير في المنظومة يواكب متطلبات هذه الحقبة من حيث التركيز على حاجات القطاع الخاص ومتطلباته.
· تشكّل العمالة الوافدة الأجنبية نسبة عالية من العمالة غير المحلية في عدد من الدول العربية مما يستدعي جهوداً خاصة في مجال إعداد القوى العاملة العربية وحركيتها وتسهيل تنقلّها بين البلدان العربية.
1-3 تطوير/ عصرنة منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني :
من المعترف به في الدول العربية سواء لدى الجهات المزودة للتدريب والتعليم المهني والتقني أم لدى الجهات المستفيدة من نواتجه أن نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات التي تواجه قطاع التدريب والتعليم المهني والتقني تستدعي إحداث تغييرات جوهرية في المنظومة الحالية من حيث التقاليد والأدوار والممارسات والهيكلية. وتستدعي عملية التغيير توافر رؤية ورسالة وجملة من المبادئ الناظمة التي تحترم وتساير توجه المجتمعات نحو الاقتصاد الرشيد للسوق، وإدماج سوق العمل في عملية التغيير المنشود.
ومن المعترف به كذلك ضرورة نقل التدريب والتعليم المهني والتقني من تعليم يقوم على أساس العرض إلى تعليم يبنى بالإضافة إلى ذلك على أساس الطلب بهدف تلبية احتياجات سوق العمل والمجتمع والأفراد، بحيث يوفر لكل فرد قادر الكفايات اللازمة لممارسة دوره كمواطن وكعضو منتج في المجتمع، مما يقتضي توافر درجة عالية من المرونة في بناء الخطط والبرامج التعليمية والتدريبية.
أ. الرؤية :
يتبوأ التدريب والتعليم المهني والتقني مكانة وموقعاً متقدماً في منظومة تنمية الموارد البشرية، ومعترفاً بدوره كتعليم يتمتع بجودة عالية، ويواكب تطلع المجتمعات نحو الاقتصاد المعرفي.
ب. الرسالة :
يساهم التدريب والتعليم المهني والتقني في تنمية الموارد البشرية وتلبية المتطلبات التنموية واحتياجات سوق العمل بكفاءة وفاعلية، ويؤمن فرص عمل مناسبة للقوى العاملة، وفقاً لمبدأ التعليم والتدريب المستمر مدى الحياة.
ﺠ. الهدف العام :
تزويد سوق العمل في الدول العربية بالكفايات اللازمة لدعم النمو الاقتصادي وتحسين درجة تنافسية المنشآت الإنتاجية وتطوير قدرات الأفراد وتلبية احتياجاتهم.
2- إستراتيجية التدريب والتعليم المهني والتقني :
تتناول هذه الإستراتيجية منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني التي تشمل بخدماتها العمّال المهرة والمهنيين بالإضافة إلى الفنيين (التقنيين) ومساعدي الاختصاصيين بموجب التصنيف العربي المعياري للمهن، وتغطّي القضايا المختلفة ذات العلاقة، والتي تم تصنيفها في ثمانية مجالات هي:
1. التخطيط والحاكمية (الحوكمة).
2. التمويل.
3. الكفاءة والفاعلية.
4. التدريب والتعليم المهني والتقني غير النظامي.
5. المؤهلات العربية والمعايير المهنية.
6. نظم المعلومات.
7. دور القطاع الخاص والقطاع غير الحكومي.
8. البعد الدولي.
وقد استهلت الإستراتيجية كل واحد من هذه المجالات الثمانية عن طريق وصف موجز للقضايا المهمّة ومكامن القوة والضعف ذات الصلة بكل مجال، وتحديد الأهداف الخاصة للتطوير، ومن ثم السياسات والإجراءات العامة اللازمة لتحقيق الأهداف على المستويين القطري والعربي.
وتبرز أهمية هذه الإستراتيجية في ضوء خصائص الاقتصاد العربي الذي يتّسم بجملة من عناصر القوة والضعف، مع إمكانية مجابهة كثير من التحديات في هذا المجال بتوفير قوى عاملة كفؤة عن طريق منظومة تدريب وتعليم مهني وتقني ذات جودة وفاعلية عالية، ضمن الإطار الأوسع للتعليم مدى الحياة والحراك الاقتصادي والاجتماعي بين الأقطار العربية.
ويستدعي تطبيق هذه الإستراتيجية العمل على إعداد خطط إجرائية تنفيذية سواء على المستوى العربي ام على المستوى القطري.
2-1 التخطيط والحاكمية/ الحوكمة :
هناك جهات وهيئات تتولى تنفيذ منظومات وبرامج التدريب والتعليم المهني والتقني في معظم الأقطار العربية. وتشمل مهام هذه الجهات والهيئات أنواعاً ومستويات مختلفة من التدريب والتعليم المهني والتقني، كما تشمل العناصر والمكوّنات المختلفة للروابط والقنوات بين جانبي العرض من القوى العاملة والطلب عليها. ويتّسم الوضع في هذا المجال في كثير من الأحيان بالحاجة لتحسين مستوى التنسيق والتكامل بين الأطراف ذات العلاقة، كما تفتقر الأدوات التشريعية ذات العلاقة إلى المنحى الشمولي، وبخاصة فيما يتعلق بالمفاهيم والمتطلبات.
ويستدعي الوضع الراهن للتدريب والتعليم المهني والتقني في الأقطار العربية العمل على تطوير التشريعات والأبعاد المختلفة لعمليات التخطيط ذات العلاقة كجزء رئيس من التخطيط للموارد البشرية على المستوى الوطني. وتقع مسؤولية المبادرة في ذلك على عاتق الحكومة بالتعاون الوثيق مع الشركاء الاجتماعيين الذين يمثلون أصحاب العمل والعمال، وغيرهم، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الاقتصاد المعرفي واقتصاد السوق الذي يتطلب تطوير هيكلية حاكمية منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني بما يضمن شراكة فعالة بين جميع الجهات المعنيّة في القطاعين العام والخاص في سلطة اتخاذ القرار على المستوى الوطني بما يتعلق بالتخطيط ورسم السياسات والتمويل وضمان الجودة وغير ذلك.
الأهداف :
1. تعزيز الروابط والقنوات وتحسين المواءمة بين عرض القوى العاملة والطلب عليها في مجال التدريب والتعليم المهني والتقني.
2. تطوير الجوانب النوعية لبرامج منظومات التدريب والتعليم المهني والتقني وعملياتها ومخرجاتها، بما يؤدي إلى زيادة إنتاجية القوى العاملة.
3. اعتماد الأطر التشريعية وأطر التخطيط والحاكمية لمنظومات التدريب والتعليم المهني والتقني كجزء متكامل مع الأطر التشريعية وأطر التخطيط لتنمية الموارد البشرية بشكل عام على المستوى الوطني.
4. توفير الأطر والمعايير اللازمة للتنسيق الفاعل بين الجهات والهيئات المختلفة المعنيّة بقضايا التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني في القطاعين العام والخاص، وتعزيز دور الشركاء الاجتماعيين في عمليات التخطيط واتخاذ القرار في هذه القضايا، مع إيلاء الاهتمام والعناية بالقضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي ومساهمة المرأة.
5. تعزيز القنوات والروابط بين نظم ومستويات التعليم العام من ناحية ومنظومات التدريب والتعليم المهني والتقني من ناحية أخرى.
6. تطوير الالتحاق ببرامج التدريب والتعليم المهني والتقني من النواحي الكمية تجاوباً مع المتطلبات التنموية واحتياجات سوق العمل.
السياسات والإجراءات العامة :
أ. على المستوى القطري :
1- تبني إطار شامل يقوم على ركيزتين في التخطيط لمنظومات وبرامج التدريب والتعليم المهني والتقني: الأولى منهما حاجات المجتمع وخصائص سوق العمل واحتياجاته الكمية والنوعية، والثانية حاجات المتعلم والمتدرب كانسان ومواطن في ضوء قدراته واستعداداته ورغباته.
2- تطوير قدرات الجهات والهيئات والمؤسسات المعنية بالتدريب والتعليم المهني والتقني وإمكاناتها وآليات عملها لتمكينها من أداء أدوارها في التخطيط ورسم السياسات والبحث والتطوير والتنفيذ والتقويم.
3- توفير متطلبات التكامل والتنسيق، وتجنب الازدواجية، بين الجهات والهيئات والمؤسسات المعنية بتزويد تسهيلات وخدمات التدريب والتعليم المهني والتقني وتنفيذ برامجه عن طريق إنشاء جهة مرجعية (مجلس وطني مثلاً) للتدريب والتعليم المهني والتقني يتولى رسم السياسات وتنسيق التمويل وضمان الجودة.
4- تعزيز مشاركة المرأة، وتمكينها وتفعيل دورها في التخطيط للتدريب والتعليم المهني والتقني على المستويات المركزية والمؤسسية.
5- تفعيل مشاركة القطاع غير الحكومي، وبخاصة الشركاء الاجتماعيين، في التخطيط لنظم وبرامج وقضايا التدريب والتعليم المهني والتقني على المستويات المركزية والمؤسسية.
6- تفعيل دور الإعلام وبرامجه في مجال التدريب والتعليم المهني والتقني، وبخاصة فيما يتعلق بتعزيز الاتجاهات الايجابية نحو العمل، ومشاركة الفتاة، وغير ذلك.
7- تطوير وتحسين الروابط والقنوات بين بعدي العرض والطلب في التدريب والتعليم المهني والتقني ويشمل ذلك التشريعات ونظم المعلومات والبحث والتطوير وخدمات الإرشاد والتوجيه والتشغيل والمعايير المهنية وغير ذلك.
8- تشجيع إجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالتدريب والتعليم المهني والتقني، وتفعيل أدوار الجامعات والجهات الأخرى المعنية بهذا المجال.
9- التفاعل مع النظم والنماذج الدولية، والاستفادة منها في تطوير الإمكانات والقدرات الوطنية في التخطيط والحاكمية.
10- تطوير التشريعات المتعلقة بالتدريب والتعليم المهني والتقني، وتوفير الأطر التشريعية الملائمة للنظم والقضايا ذات العلاقة.
11- وضع التشريعات والهياكل التنظيمية اللازمة لتعزيز القنوات والروابط الأفقية والرأسية بين مجالات ومستويات التعليم العام من جهة ومنظومات التدريب والتعليم المهني والتقني من جهة أخرى.
12- تصميم برامج التدريب والتعليم المهني والتقني لتشمل نماذج متعددة مثل التدريب والتعليم المؤسسي، والتدريب والتعليم في مواقع العمل، والتدريب والتعليم ألتناوبي (التعاوني) بين المؤسسة التعليمية ومواقع العمل (التلمذة المهنية).
ب. على المستوى العربي :
تتولى منظمة العمل العربية :
1. اعتماد إستراتيجية التدريب والتعليم المهني والتقني على المستوى العربي.
2. تقديم الدعم والمشورة لمساعدة الدول العربية وبناء القدرات فيها في مجال تطبيق الإستراتيجية العربية للتدريب والتعليم المهني والتقني.
3. إجراء التقييم الدوري لمدى تطبيق إستراتيجية التدريب والتعليم المهني والتقني من قبل الدول العربية.
4. إبراز قضايا التخطيط والحاكمية في الدراسات والمطبوعات والمؤتمرات والندوات التي تتولاها المنظمة.
2-2 التمويل :
تتولى الحكومات في معظم الأقطار العربية تمويل منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني دون مشاركة ومساهمة فعّالة من قطاع العمل والإنتاج. وغالباً ما يتم إعداد الموازنات على المستوى الوطني بناء على مدخلات ومعطيات وبيانات مستمدة من نشاطات السنوات السابقة مثل أعداد الطلبة ورواتب الموظفين والنفقات الجارية الأخرى والنفقات الاستثمارية. وبالرغم من تنامي الإنفاق على تنمية الموارد البشرية بعامة، وعلى التعليم النظامي بخاصة، إلا أن منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني تواجه صعوبات وتحديات في مجالات متعددة منها: مدى مواءمة سياسات التمويل الوطنية، ودور كل من أصحاب العمل والمتعلمين ومؤسسات المجتمع المدني في التمويل وتحمّل الكلفة، واقتصاديات أنماط ونماذج التدريب والتعليم المهني والتقني وعملياته، وعدم كفاية المخصصات المالية المرصودة في الموازنات العامة، ونقص تمويل الخدمات المساندة مثل الدراسات والبحوث، والتشغيل، والتوجيه والإرشاد، وغير ذلك.
الأهداف :
1. تنويع وتطوير مصادر التمويل لمنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني وبرامجه وخدماته، النظامي منه، وغير النظامي.
2. تحسين الجوانب المتعلقة بكفاءة وفاعلية تمويل منظومة وبرامج وخدمات التدريب والتعليم المهني والتقني، النظامي منه وغير النظامي.
ساحة النقاش