مريم إبنة عمران
كتبت:سهير عبد الوهاب
منذ أن خلق الله الدنيا وعلي مر العصور والأزمان لم يأت إنسان توحدت حوله القلوب واجتمع علي حبه البشر مسلمين ومسيحيين في كل أنحاء الدنيا مثلما هو الحال بالنسبة للسيدة مريم إبنة عمران عليها السلام.
. أم النبي عيسي المسيح, أفضل نساء العالمين, فهي المرأة الجليلة العفيفة الطاهرة التي صبرت علي أذي قومها, وكانت تقية عارفة بالله تعالي, كرمها الله عز وجل بكرامات ظاهرة, واصطفاها من بين جميع النساء لتكون أما لنبيه عيسي المسيح عليه الصلاة والسلام دون أن يكون لها زوج أو يمسها بشر
والسيدة الجليلة مريم عليها السلام, هي أفضل نساء العالمين بنص القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف, فقد قال الله عز و جل في محكم تنزيله:{ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين, يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين( سورة........الآية.....).
قال النبي عليه الصلاة والسلام: خير النساء مريم بنت عمران, ثم فاطمة بنت محمد, ثم خديجة بنت خويلد, ثم آسيا بنت مزاحم( رواه الحافظ ابن عبد البر).
كانت أمها(( حنة)) وهي امرأة عمران لا تلد, فطلبت من الله عز و جل أن يرزقها ولدا صالحا و نذرت أن تجعله خادما في بيت المقدس, ولكن الله تبارك و تعالي شاء لحنة أن تحمل بأنثي تكون سيدة نساء العالمين, ولما ولدت امرأة عمران مولودتها الجديدة أسمتها مريم, وتولاها الله سبحانه و تعالي برحمته و عنايته و شاء الله عز و جل لنبيه زكريا عليه السلام أن يتكفلها دون غيره من الرجال, فكان زكريا عليه السلام يعلمها تعاليم دين الإسلام والأخلاق الحسنة و ينشئها علي الأخلاق الفاضلة, فنشأت مريم عليها السلام صالحة عفيفة طاهرة من الذنوب والمعاصي فأكرمها الله سبحانه بالكرامات الظاهرة, فقد كان نبي الله زكريا عليه السلام يري عندها في المحراب فاكهة الصيف في الشتاء و فاكهة الشتاء في الصيف, كرامة لها من الله عز وجل.. يقول الله تعالي:{ فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أني لك هـذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغيرحساب)..
ذات يوم تنحت السيدة الجليلة مريم عليها السلام عن الناس واعتزلت من أهلها لتقضي أمرا ما فخرجت إلي شرق المحراب الشريف الذي كانت تعبد الله عز وجل فيه حتي صارت بمكان يلي المشرق فأرسل الله سبحانه وتعالي إليها أمين الوحي جبريل عليه السلام وأخبرها أن الله تعالي أرسله إليها ليهبها ولدا صالحا طاهرا من الذنوب, وهنا قالت له مريم عليها السلام علي سبيل التعجب و الإستعلام: أني يكون لي غلام و لم يقربني زوج و لم أكن فاجرة زانية, فأجابها ملك الوحي جبريل عليه السلام: هكذا قال ربك, إن خلق ولد من غير أب هين عليه و ليجعله علامة للناس و دلالة علي عظيم قدرته سبحانه و تعالي, فحملت بعيسي عليه السلام
و استمر حمل مريم عليها السلام بعدد من الأشهر وعندما جاءها المخاض فألجأها هذا الألم إلي ساق نخلة يابسة فأسندت ظهرها إلي جذع تلك النخلة و قد اشتد همها و كربها و قالت: يا ليتني مت قبل هذا الأمر و قبل هذا اليوم ولم أكن شيئا, وهنا جاءها الفرج, فقد جاءها الملك جبريل عليه السلام أمين الوحي بأمر من الله تعالي فطمأنها وناداها ألا تحزني, و كان الحزن قد انتاب مريم عليها السلام بسبب أنها ولدت من غير زوج وبسبب جدب المكان الذي وضعت فيه مولودها الجديد عيسي المسيح عليه الصلاة و السلام, فطمأنها جبريل عليه السلام و بشرها بأن الله عز وجل قد أجري تحتها نهرا صغيرا عذبا فراتا و أنه يطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني و أن تأكل و تشرب مما رزقها الله عز و جل و أن تقر عينها و تفرح بمولودها الجميل عيسي عليه السلام و أن تقول لمن رءاها و سألها عن ولدها إنها نذرت للرحمن ألا تكلم أحدا؟ و بعد أن ولدت السيدة الجليلة مريم عليها السلام انطلقت به إلي قومها و كان قومها قد انطلقوا يطلبونها و يبحثون عنها فلما رأتهم من بعيد حملت ولدها عيسي عليه السلام وضمته بين ذراعيها ثم أتتهم به و هي تحمله و قلبها كله ثقة و توكل علي الله عز و جل, و حين كلمها قومها في شأن مولودها الجديد أشارت السيدة مريم عليها السلام إلي ولدها عيسي المسيح أن كلموه, فتعجبوا من ذلك و قالوا لها مندهشين: من يكن في المهد صبيا كيف نكلمه فأنطقه الله تبارك و تعالي فقال لهم: إني عبد الله آتاني الكتاب و جعلني نبيا و جعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبارا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا, والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا, أنطقه الله عز و جل ليخفف عن أمه مريم عليها السلام الوطأة, فهذه صورة مشرقة عن قصة السيدة الجليلة مريم عليها السلام مع ابنها عيسي المسيح صلي الله عليه و سلم تلك المرأة الصالحة التقية الصديقة التي انقطعت لعبادة ربها و خالقها عز و جل و كانت خير مثال للمرأة التقية التي تحملت المصائب من قومها بنفس راضية مرضية غير معترضة علي ربها حتي نالت هذه المنزلة عند خالقها فكانت سيدة نساء العالمين, لذلك كرمها الله تعالي بسورة باسمها في قرآنه الحكيم.
ساحة النقاش