إعداد – أ / أروى علي عبدالله أخضر
مشرفة عوق سمعي لمعاهد وبرامج الأمل بالمملكة- الإدارة العامة للإشراف التربوي للتربية الخاصة للبنات – طالبة ماجستير بجامعة الملك سعود – قسم المناهج وطرق التدريس
ورقة عمل – ندوة "التربية الخاصة في المملكة العربية السعودية – جامعة الملك سعود بالرياض – كلية التربية
ملخص الورقة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
هذه الورقة في مسرحة مناهج الصم تتناول ستة محاور تم الحديث عنها بشكل مبسط والمواضيع المطروحة في الورقة
المحور الأول
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
يعتبر المسرح المدرسي جسرا يربط المتعلم بين طرفي التعليم الأكاديمي و الأنشطة ليسهل من خلالها نقل المعلومات والفكرة إليه , ويعد المسرح الموجه للطفل من أهم السبل للوصول إلى عقله ووجدانه , لأنه يوفر للأطفال خبرات تعليمية ممتازة , بالإضافة إلى التسلية والترفيه , ومن جانب آخر فإن فن المسرح يشكل طريقة مؤثرة في التعبير عن الأفكار والموضوعات المختلفة .
أصبحت اليوم مسارح الأطفال متنوعة , متعددة , مما يصعب عملية حصرها , فقد تنوعت بأشكال وصور مختلفة , وللمسارح المدرسية عدة أنماط أجملها (السريع وآخرون , 1993 ؛ عطية وآخرون , 2002):
مسرح الطفل , المسرح البشري , المسرح التلقائي , مسرح العرائس (الدمى) ذات الخيوط (Puppets & Marionettes ) , مسرح خيال الظل (Shadow puooet) , المسارح القفازية , مسرح الأقنعة , المسارح الورقية , المسرح التعليمي : والذي يقوم على أساس مسرحة المناهج .
فإذا كان المسرح من الفنون الهامة فإن مسرحة المناهج منه على درجة أهم من جوانب عديدة لأن هذه الوسيلة هي من أحدث الأساليب في التربية , والتي تستخدم المسرح وسيلة مساعدة في تعليم الطفل وتثقيفه, والتي تحول حجرة الدرس إلى حجرة مسرحية, وتخرج بعملية التدريس من شكلها التقليدي المعتاد إلى صورة مشوقة تكسر حدة الملل, فتستخدم مسرحة المناهج كوسيلة تربوية ناجحة في تدريس الكثير من المواد , أو كطريقة من طرق التدريس, لأنها تقدم فقرات المنهج الدراسي أو الفكرة للمتعلمين بطريقة جذابة ومشوقة ومسلية عن طريق التمثيل الذي يهدف إلى إدخال الفكرة أو المعلومة إلى أذهان المتعلمين أي توصيل وتبسيط المعلومة لهم بطريق غير مباشر في قالب محبب إلى قلوبهم. ومما يؤكد ذلك (سلام , 2004) بقوله " ولئن كانت مسرحية المنهج مسرحية تعليمية من حيث وظيفتها فهذا لا ينفي دورها الاجتماعي بوصفه وسيلة لتحقيق دورها الإقناعي (التعليمي) لأن قيمة التعليم لا يمكن أن تقاس قياسا كليا في حدود الحقائق المستظهرة بل في حدود التأثير الذي تتركه في نمو الفرد – الروحي والخلقي والعقلي والاجتماعي والجسمي " .
يعتقد بعض المربين أن المسرح يمكن أن يستخدم فقط في مجال اللعب والإذاعة والحفلات , وبعضهم الآخر يعتقد استحالة استخدام المسرح مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة والصم بالذات حيث أنهم لا يمتلكون أهم حاستين وهما السمع والكلام , إلا أن الدراسات الحديثة أوضحت أنه يمكن إدخال المسرح في المناهج التربوية وأيضا مع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة , وأن مسرحة مناهجهم من الممكن أن تكون ذات فعالية .
وقد حث مصممي المناهج على مراعاة التنوع في فئات المتعلمين وقدراتهم , وتضمينها موضوعات وأنشطة من شأنها تحقيق النهوض المتكافئ لكافة المتعلمين.
ويمكن تطبيق هذه الطريقة على الصم حيث أنها تتوافق مع خصائصهم وظروفهم, وذلك لأن تعليمهم يعتمد على الخبرات الحسية التي تعوض لديهم الحاسة المفقودة , ولأن الصم يركزون ويعتمدون على الحاسة البصرية أكثر, وهي تشكل نسبة أعلى من الحاسة المفقودة. ويشير (الزير, 1997) أن المعلومات التي يتعلمها الإنسان عن طريق البصر تشكل نسبة (75%) أما المعلومات المكتسبة من خلال حاسة السمع تشكل (13%) فقط. لذلك فإن مسرحة مناهج الصم سوف تكون ذات فعالية , وذلك تحقيقا لمبدأ قابلية الجميع للتعلم ولكن على صعد مختلفة , ومن هذا المنطلق ظهرت فكرة مسرحة المناهج للصم .
لذلك فإن مسرحة المناهج يمكن أن تخدم جميع المواد الدراسية ,فهي تعمل على إحيائها من جمود الرموز المكتوبة وتحويلها إلى صور حية يجسدها أفراد من الطلاب , ويكون الطالب فيها مشاركا (مؤديا) , ومشاهدا (متلقيا) , مرضيا لنفسه , ملبيا لحاجاته ورغباته, و تخدم جميع فئات المتعلمين من العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة .
لم يعد الصم وضعاف السمع بمنأى عن جوانب الفن والمسرح , إذ يمكن توظيف المسرح الناطق والصامت في معاهد وبرامج الأمل للصم وضعاف السمع . حيث أشار ويندى بيركس نقلا عن (سيكس , 2003) إلى أن أهم التغيرات التي طرأت على التربية والتعليم في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة هي استخدام الدراما والمسرح معهم .
وفلسفة هذا الاتجاه هي أن من أهم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة هو حقهم في التعبير عن مكنوناتهم الذاتية عن طريق التخيل والتجاوب مع العاديين والتفاعل معهم , وقد ظلت هذه الحقوق مجهولة ومغفلة لفترة طويلة, وأنه من خلال مسرحة المناهج يمكن التوعية بأهمية حصول هذه الفئات على حقوقهم من خلال البرامج التربوية والوسائل التعليمية التي تلبي حاجاتهم وتحفز قدراتهم التخيلية واستشارة المجهود الجسدي وذلك لزيادة قدرات الأطفال من هذه الفئات.
ولو أردنا أن نفلسف الشرائع والقوانين التي اتخذت في هذه الطرق والوسائل لوجدنا أن جميع الفنون وخاصة مسرحة المناهج هي المصدر الموجه لتعليم هذه الفئات , وعلى الرغم من وفرة الأبحاث المتعلقة باستخدام الفنون في التعليم , إلا أن الأبحاث التي تم نشرها في مركز* (NCAH ) كما أشار (سيكس , 2003) هي من أهم الأبحاث التي تم نشرها في تعليم الفنون للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة, وهذا المركز يتعاون مع مركز جون كنيدي لأداء الفنون , ويهدف مركز NCAH إلى استخدام جميع الفنون لتعليم الأطفال , وقد ساعد هذا المركز في مساندة وتدعيم العديد من الأبحاث من خلال المساعدة التقنية , والأنشطة والبرامج والاحتفالات.وقد استطاع المركز وضع برنامج فني في التعليم يشتمل على التكامل بين جميع الفنون , ويجئ في مقدمة هذه الفنون "الدراما المسرحية" .
ومن أهم النماذج التي صممت في هذا المركز في كيفية استخدام فن الدراما والمسرح لخدمة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هي كالتالي :
o النموذج ا : وهو "المسرح الشامل غير المحدود" Theatre unlimited الذي يعتمد على مسرح الصم من خلال مجموعة الممثلين (الصم والسامعين) الذين يعطون إرشادات عن التدريب المسرحي فيزودون المشاهدين بخبرات حسية جديدة.
o النموذج 2 : هو " المعسكر المفتوح" Camp Sunshine وهذا النموذج موجه لذوي الإعاقة العقلية والجسدية والحسية , وغرضه زيادة قدرة الأطفال على التعبير الحر عن ذواتهم , وإتاحة الفرصة للنمو والتطور الجسدي والشفهي , وفي الاتصال مع المجتمع.
o النموذج 3 : هو " مجموعة قوس قزح" Rainbow Company التي تقدم مسرح الأطفال من خلال الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لكل الأطفال , وقد لاقت هذه المجموعة الاستحسان والمديح والتشجيع والمتعة.
* اختصارا لمركز الفنون القومي للمعوقين National Committee,Arts For the Handicapped
وتعد المناهج الدراسية واحدة من الركائز الأساسية لنجاح برامج التربية الخاصة,و لو أعدت هذه المناهج بطريقة مناسبة ودرست بوسائل وأساليب معينة تتفق مع نوع الصمم وضعف السمع ودرجتها لكل تلميذ لأحرز هؤلاء التلاميذ تقدما تعليميا ملحوظا(المطرودي ,1416)
والملاحظ أن المناهج الدراسية الحالية في معاهد الأمل لجميع المراحل التعليمية في معزل عن الواقع ولم تأخذ في الاعتبار متطلبات المستقبل وتحدياته والتي تتصل بإطلاق خيال التلاميذ وجعل التعلم متعة لهم, فهي تركز على الجوانب المعرفية للطلاب الصم وعلى تحصيل المعلومات من الكتاب المدرسي فقط دون مراعاة للجوانب المهارية أو الوجدانية أو الفروق الفردية بينهم ، وفي ظل هذه المناهج الدراسية ضعيفة الجدوى يجب على المعلم أن يدعم قدراته بإيجاد حلول لمشكلات الطلاب الصم وضعاف السمع الدراسية , فالتلميذ الأصم يحتاج إلى طرق خاصة لتعليمه وتدريسه وتحصيله للمواد الدراسية .
ونظرا لدور الخبرة في بناء شخصية الصم والتي تعتبر الأساس لفهم الدراسة النظرية ووحدة بناء المنهج ( العجمي , 1422 هـ) , فإن إدخال فكرة مسرحة المناهج في تعليمهم والتي تعتمد على إعادة تنظيم الخبرة وتشكيلها والتركيز على الأفكار المهمة التي تخدم الهدف التعليمي, واعتمادهم عليها سيوفر القدرة على جذب انتباه الأصم في المواقف التعليمية والمحافظة على هذا الانتباه لفترة أطول , وأيضا القدرة على استيعاب المعلومة وفهمها من خلال التطبيق الحي لها وكذلك من خلال المحفزات المتوفرة بها بما يمكنهم من التعبير عن مشاعرهم وحاجاتهم والكشف عن انفعالاتهم ودوافعهم , هذا بالإضافة إلى أنها ستكسبهم خبرات جديدة وستعمل على إعادة تنظيم الخبرات السابقة لديهم حتى تصبح ذات معنى وقيمة .
مشكلة البحث :
لقد تزايد في الآونة الأخيرة اهتمام المجتمعات الدولية برعاية الصم وضعاف السمع مما أحدث تطورا كبيرا في أساليب وبرامج رعايتهم , لذا فقد نادى علماء التربية بضرورة قبول المبدأ الدال على أن التعلم عملية نشطة , وأن أهداف تدريس الصم وضعاف السمع يجب ألا تقتصر على كسب المعرفة فقط بل تتضمن توجيه التلميذ الأصم وضعيف السمع لاستعمال إمكانياته , وما يشمله هذا من استخدامه لمهارات التفكير وعمليات التعلم والاستقلالية في العمل (The council for Exceptional children 1999) . تلك الأهداف التي نادى بها أيضا خبراء المناهج وطرق التدريس من أجل رفع مستوى مشاركة التلميذ الأصم وضعيف السمع مما ينعكس على تحسين نوعية التدريس لهذه الفئة (ندوة الطفل المعاق , 1997؛Doblimleier,Field,1995) .
ومن خلال رأي المختصين والتربويين في هذا المجال , ومن خلال ملاحظتي و خبرتي في التدريس , اتضح أن عنصر التشويق كان مفقودا أثناء عرض وشرح المادة التعليمية للصم مما يسبب تضجر المعلمين من ضعف تركيز التلاميذ الصم وضعاف السمع أثناء الشرح , وقد أكدت ملاحظة الباحثة دراسة (Taylor , 1999 ؛ 1996 Gina, ؛ سلام , 1990(,كما أن هناك قصورا واضحا في توصيل المعلومة للتلاميذ الصم وضعاف السمع اللذين يدرسون في المعاهد أو البرامج, ومن الصعوبة إيصال المفاهيم المجردة إليهم,وقد أشارت نتائج الأبحاث التربوية إلى أن المناهج المقررة على التلاميذ الصم وضعاف السمع تتضمن العديد من المفاهيم المجردة (سرايا , 2001 ؛ Egclston - Dodd & Judy , 1997 ) , مما يؤدي إلى تقديم الحقائق والمعلومات في صورة مفككة لا تساعدهم على استيعابها وتعلمها , بالإضافة إلى جمود محتوى مناهج الصم و استخدام بعض المعلمين الوسائل التعليمية التقليدية التي لا تساعد المعلم على مراعاة الفروق الفردية الموجودة بين الصم وضعاف السمع,والتي كشفت عنها دراسات وكتابات (اللقاني , القرشي ,1999 ؛ حسانين , 1999 ؛ بطيخ , 1993؛ فهمي , 1989).
يضاف إلى ما سلف المشكلات المتعلقة بانخفاض التحصيل الدراسي للتلاميذ الصم وضعاف السمع وخاصة في رصيدهم اللغوي المحدود , والمشكلات المرتبطة بصعوبات التعلم الناجمة عن ظروف الإعاقة.
وبناء على ما ذكر فإن مشكلة الدراسة تنبع من وجود حاجة ملحة لتنويع الوسائل التعليمية المستخدمة في مجال التعليم و التعلم كإدخال فكرة مسرحة مناهج الصم كوسيلة تعليمية في التدريس بمدارسهم, و كذلك لا بد من وجود وسيلة تعليمية تلزم الطالب الأصم بطبيعته على المجابهة والتحدي وتجعله يدخل في تعلم نشط وحيوي , بالإضافة إلى تقديم طرق مختلفة له وأساليب عديدة وحديثة تساعده على الفهم والاستيعاب ما أمكن ذلك. .
ومما سبق يمكن صياغة مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي :
o ما أهمية إدخال مسرحة المناهج كوسيلة تعليمية في تدريس الصم وضعاف السمع بمعاهد الأمل وبرامج الدمج ؟
o ويتفرع عن هذا السؤال مايلي :
o لماذا المسرح؟ ولماذا نفكر في مسرحة مناهج الصم بالذات ؟
o ما مفهوم مسرحة مناهج الصم ؟
o ما أهداف مسرحة مناهج الصم ؟
o كيف يمكن أن نمسرح درس من المنهاج المدرسي ؟ وكيف يمكن للطلبة الصم أن يكونوا ضمن مسرحة المناهج ؟
o ما دور المعلم عند مسرحة مناهج الصم؟
o ما مفهوم التمثيل الصامت للصم؟
أهداف البحث :
يهدف البحث إلى :-
o التعرف على أهمية استخدام مسرحة المناهج كوسيلة تعليمية حديثة في تدريس الصم وضعاف السمع بمعاهد الأمل وبرامج الدمج .
o التعرف على مفهوم مسرحة مناهج الصم .
o التعرف على أهداف مسرحة مناهج الصم.
o التعرف على المبادئ الأساسية لمسرحة مناهج الصم.
o التعرف على دور المعلم عند مسرحة مناهج الصم.
o التعرف على دور الصم في مسرحة المناهج .
o التعرف على طريقة مسرحة مناهج الصم .
o التعرف على المقررات الدراسية التي يمكن مسرحتها .
o التعرف على مفهوم التمثيل الصامت للصم.
o تقديم بعض المقترحات والتوصيات والحلول التي من شأنها أن تسهم في تفعيل مسرحة مناهج الصم واستخدامه كوسيلة تعليمية في معاهد الأمل وبرامج الدمج؟
أهمية البحث :
أكدت الدراسات على أهمية استخدام مسرحة المناهج كوسيلة تعليمية أو كطريقة تدريس وأثبتت هذه الدراسات نجاح مسرحة المناهج تعليميا وتربويا وخاصة مع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة ومن هذه الدراسات (كرم الدين , 2002؛ حسين , 2002 ؛ يونس وآخرون, 2000 ؛ حسانين وآخرون , 1998 ؛Clyde , 1996 ؛عبد النبي , 1993 ؛ ,1993 ,Veroniqueالزناري , 1991؛Gerad , 1991 , Lori & Mariam , 1990 ؛Marjorie, 1991, Patrica & Kimberly , 1986 ؛ هايمان, 1983 , شوقي , 1872).
تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية الميدان الذي تنتمي إليه , ونظرا إلى أن التعرف على أهمية إدخال وتطبيق وتفعيل مسرحة المناهج للصم وضعاف السمع بمعاهد الأمل وببرامج الدمج يمكن أن يتبين لنا مدى تقبل المعلمين والمشرفين والمختصين لها وتبنيها في تدريسهم .
وتكمن الأهمية الأخرى لهذه الدراسة في مجال التعلم المدرسي , حيث تفيد في تعريف المعلمين بأفضل أساليب عرض وتقديم المعلومات سواء كانت سمعية أو بصرية للتلاميذ العاديين ونظرائهم من الصم وضعاف السمع .
هذا بالإضافة إلى أهمية مشاركة الطالب الأصم وضعيف السمع في العملية التعليمية وليس كمتلق فقط , مما يساهم في رفع مستواه الدراسي .
أهمية مسرحة مناهج الصم وارتباطها بالأصم واتساع مجال استخدامها كوسيط تعليمي محبب ومشوق إلى الطالب الأصم .
كما وتكتسب هذه الدراسة أهميتها لأنها قد تساهم في إجراء المزيد من الدراسات ذات الصلة في معاهد وبرامج التربية الخاصة الأخرى على المستوى المحلي أو أكثر.
هذا بالإضافة إلى كونها تفيد جهات عديدة منها :
o وزارة التربية والتعليم المسئولة عن فئات التربية الخاصة وخاصة مجال العوق السمعي .
o القائمين على شئون التربية والتعليم من خلال تعريفهم بفاعلية مسرحة مناهج الصم عند التدريس .
o المشرفين التربويين المختصين بمجال الصم وضعاف السمع.
o المعلمين القائمين بتدريس الصم وضعاف السمع .
o أساتذة وأعضاء هيئة التدريس القائمين على تدريس الطلاب بقسم التربية الخاصة تخصص العوق السمعي .
o التعليم العالي الذي يخرج معلمي ومعلمات الصم .
المحور الثاني : مسرحة المناهج
o فكرة مسرحة مناهج الصم
o الفئة المستفيدة منها
o مفهوم المسرحة .
إن هذه الورقة تقدم نفسها إلى القارئ محاولة الإجابة عن تساؤلات عدة.
لماذا المسرح ؟
وقد أجابت (عبد الفتاح , 2004 ) على ذلك بقولها :
o لأن المسرح هو أبو الفنون.
o يجمع بين الأدب والتمثيل والتصوير والموسيقى والغناء .
o ولأنه شكل راق من أشكال اللعب.
o المسرح بطبيعته فن طفولي.
o الطفل بطبيعته فنان مسرحي.
وتضيف (سيكس ,2003) أن اختلاط الجوانب الإنسانية والفنية (دمج الفن والتعليم معا) في تعليم الطفل يعطي قيمة لحياته ويساعد على استقراره .
لماذا نفكر في مسرحة مناهج الصم وضعاف السمع بالذات؟
بسبب محدودية الكتاب ومحدودية التفاعل القائم بين المعلم والأصم وبين الأصم وزميله الأصم الآخر وحتى نوظف الاستراتيجيات الحديثة في التدريس كالتعلم التعاوني وغيره , ونظرا لأهمية الحوار في التمثيل والأداء المسرحي فهو يعتبر وسيلة للتفاهم من خلال التعبيرات البصرية , والتمثيل الصامت.
مفهوم مسرحة المناهج
لمسرحة المناهج الدراسية عدة مصطلحات مترادفة منها الخبرة الدرامية أو الخبرة الممسرحة , أو المسرح التعليمي.ويوضح (شحاتة , 2004) مفهومها بأنها "إعادة تنظيم محتوى المنهج الدراسي وطريقة التدريس في شكل مواقف حوارية طبيعية , ويقوم التلاميذ بتمثيل الأدوار التي يتألف منها الموقف التعليمي الجديد لاستيعاب وتفسير ونقد المادة التعليمية لتحقيق أهداف المنهج الدراسي …وهنا تتحول الخبرات غير المباشرة إلى خبرات مباشرة حية ".
وقد عرفها (نواصرة , 2002 ) بأنها " عملية تحويل المناهج والمقررات الدراسية إلى مسرحية تعبر عن الأفكار والمعلومات والقيم التربوية والجمالية عن طريق الحوار الذي يدور بين الشخصيات بأسلوب جذاب متناسق الشكل والمضمون محتويا على عنصري المتعة والفائدة " .
كما عرفها (السريع وآخرون , 1993 ) بأنها "هي التي تقوم بتبسيط المواد الدراسية وتحليلها وتجسيدها في صورة مسرحية تنطوي على المادة العلمية والأداء ".
ونعني بمسرحة المناهج للصم وضعاف السمع بأنها تلك الوسيلة التربوية البصرية والتي تتخذ من المسرح شكلا ومن المقرر الدراسي مضمونا بحيث تساعد الأصم وضعيف السمع على الفهم بسهولة من خلال إثارة حواسه, وتركز على استخدام المسرحة كوسيلة تعليمية من خلال التطبيق الفعلي لها من قبل الصم أنفسهم, فيتحول التدريس من التلقين والجمود إلى التفاعل والحيوية .
المحور الثالث : أهداف مسرحة مناهج الصم
أهداف مسرحة مناهج الصم وفوائدها :
تأتي الأهداف الوجدانية في مقدمة أهداف هذه المسرحة , وذلك نظرا لتأثيره الفعال في استثارة دافعية الطالب الأصم نحو التعلم , فهو يوفر مثيرات تحث الأصم على الاستجابة برغبة واهتمام بالغين , الأمر الذي يجعله يتفاعل مع الدور الذي يتقمصه بالدرجة نفسها التي يتفاعل معه زملاؤه الصم . إن التفاعل الحقيقي بين الصم (المتعلمين ) هو الأساس الذي يحقق الكثير من القيم التربوية المرغوب فيها مثل التعاون الجماعي …
كما أن هذه المسرحة يمكن أن تستخدم في تحقيق الأهداف المعرفية بجميع جوانبها ومستوياتها . ويجمل (نواصرة , 2002) مجموعة من الأهداف ومنها :
o ترسيخ القيم التربوية والاسلاميه لدى الطالب (المؤدي ، المتلقي) .
o إضفاء جو المتعة في نفوس الطلاب وتجديد نشاطه داخل الفصل .
o تقديم المعلومات بأسلوب مشوق وجذاب .
o تعويد الطلبة على الثقة بالنفس ومواجهة الناس وكسر حاجز الخوف والخجل .
o تعمل على تصحيح المعلومات الخاطئه لديهم .
o توضيح ونقل الخبرات والمفاهيم المختلفة لهم.
o مساعدة الطالب على التفكير واستخدام خياله العلمي .
o تنمية اتجاهات الطلاب الإيجابية السليمة والكشف عن مواهبهم .
o مساعدة الطالب المؤدي على إتقان التمثيل والإلقاء .
ومن أهم الأهداف التي تقدمها مسرحة المناهج للصم وضعاف السمع :
o توسيع ثقافة الطفل الأصم و تعديل سلوكه .
o تعمل على تبسيط وتسهيل استيعاب المواد والمناهج الدراسية وترسيخها في أذهان الطلاب الصم .
o تعمل على علاج بعض جوانب القصور في النطق لدى الطلاب الصم .
o استغلال مقدرة الأصم على الملاحظة والتقليد في التعبير عن شتى مظاهر الحياة المدرسية والخارجية.
o تقوم على التفاعل بين الطالب الأصم أو ضعيف السمع والمادة الدراسية .
o تفعيل أدوار معلم التربية الخاصة ومعلم الصم خاصة في التربية والتعليم.
o تحفز الطلبة الصم على الاهتمام والانتباه .
o تكسب الطلاب الصم مهارات معرفية , دينية , أخلاقية , تربوية , إجتماعية , علمية , مهارات التفكير , مهارات لغوية , مهارات حركية.
كما وتضيف (بايلي , 2004) مجموعة من المهارات وهي مهارات الاستماع , مهارات الاتصال بالعيون , مهارات التعبير باستخدام الجسم , مهارات التعبير اللفظي , مهارات التركيز والانتباه, مهارات المرونة وحل المشكلات .
أما (سليمان وآخرون 1425 هـ) فيضيف أنها :
o القدرة على العمل الجماعي وترك الانطوائية .
o إثراء فاعلية حواس الطالب .
o وسيلة لإثارة اهتمامهم بالعلوم , ووسيلة لإشباع رغبتهم في البحث والمعرفة (غنيم ,د.ت ).
المحور الرابع : مواصفات النص المسرحي
المبادئ الأساسية لمسرحة المناهج :
وقد أشار لها ( يوسف , 1985 ؛ شحاتة , 2004)
o مراعاة الدقة العلمية وسلامة الحقائق والمفاهيم .
o ضرورة توفر الحركة وأساليب الإثارة والتشويق والطرافة .
o العناية برسم الشخصيات التي تقدم المضمون حتى يتعاطف الطلبة الصم وضعاف السمع مع تلك الشخصيات بخيالهم .
o عدم الإسراف في عدد الممثلين أو تقارب صفاتهم وأسمائهم .
o الحرص على الفكرة الأساسية للدرس الذي يجرى مسرحته , دون التطرف في التفاصيل المتشابكة .
o الترابط الواضح بين الدرس وموضوع المسرحية .
o بساطة الأسلوب واللغة المستخدمة مع الصم وضعاف السمع.
o ملائمة المادة العلمية مع مستوى المشاهدين والمؤديين .
ويضيف( اللقاني , وآخرون 1999 ) بعض المبادئ الخاصة بمسرحة مناهج الصم :
o مخاطبة حاسة البصر للتلاميذ الصم , من خلال رؤيته للمواقف التمثيلية المختلفة .
o استغلال مهارة التمثيل الصامت لدى التلاميذ الصم .
o فعالية التلميذ الأصم ومشاركته بشكل إيجابي في عملية التعليم والتعلم.
طريقة مسرحة درس من المنهج الدراسي :
مسرحة المناهج تخدم جميع المواد الدراسية ولكن بنسب مختلفة , فهناك مواد يمكن مسرحتها أكثر من غيرها , كما أن استعمالها يختلف باختلاف المراحل الدراسية, لكن مما لاشك فيه أن هذا يتوقف على المعلم الناجح المبدع الملم بالنواحي التربوية , وأن كثيرا من المقررات الدراسية أمكن عرضها عن طريق المسرحة كمواد التربية الدينية والاجتماعية والعلمية وأخيرا مواد اللغة العربية . ويذكر (عبد الرحمن , 1425 )أنه لا يشترط في الدرس أن يكون ذا طابع مسرحي بأكمله , بل إن المعلم الجيد هو الذي يتقلب في الأساليب من أسلوب لآخر بحسب طبيعة الموقف المعرفي .
وحتى نتمكن من مسرحة درس من المنهاج المدرسي على المعلم أن يخطط جيدا وأن يطلع على كافة وحدات المقرر الدراسي قبل تدريسه , وأن يحدد الأهداف الخاصة بكل درس حتى تتكون لديه صورة واضحة في ذهنه : أي درس يمكن مسرحته بشكل أكبر ؟ وما هي أهم المفاهيم والمهارات التي ينوي تدريسها ؟ كما أن عليه أن يتوقع الصعوبات التي قد يواجهها تلاميذه الصم في استيعاب المفاهيم. حدد (نواصرة , 2002 ) بعض النقاط الهامة ومنها :
o اختيار الدرس المراد مسرحته مع مراعاة إمكانية تحويله لمسرحية, مع مراعاة أن يكون الدرس قد سبق وأن أعطى للطلاب الصم وضعاف السمع من قبل وفهموا محتوياته .
o تحديد الهدف من مسرحة الدرس والرسائل المطلوب توصيلها (تعليمية – سلوكية ).
o تحديد المعلم للأفكار الرئيسية التي يحويها الدرس.
o تحديد المعلومات الأخرى المتعلقة بالدرس والتي لا بد من معالجتها .
o تحديد القيم التربوية والاجتماعية والنفسية المراد معالجتها .
o إعداد القصة المناسبة التي تحوي هذه الأفكار والمعلومات بمشاركة الطلاب أنفسهم في تحديد الشخصيات والإعداد والتجهيز حتى يصبح (ممثلا ومخرجا) , والأهم من ذلك مراعاة المعلم لظروف العوق السمعي وتقسيم الأدوار بما يناسب كل طالب بظروف سمعه وعوقه والحوار المناسب للمرحلتين (الدراسية والعمرية) للطلاب الصم وضعاف السمع.
o مراعاة عناصر التشويق والإبهار والخيال و تيسير الفهم ، وتعميق الأثر ، وسهولة التذكر أثناء كتابة المسرحة .
o مراعاة اللغة المبسطة للطلاب الصم مع استخدام كافة الوسائل المساعدة من لغة إشارة , إيماءات , حركات جسدية , وتعبيرات الوجه …..
o مراعاة استخدام أشكال مسرحية مختلفة عند التنفيذ مثل (الظل ، الأراجوز والدمى المتحركة , الأقنعة ).
o إعطاء فكرة واضحة عن شخصيات المسرحية .
o تدريب الطلاب الصم وضعاف السمع على تقمص الدور وإعطائهم فرصة التمثيل بالتكرار .
ويضيف (عدس , 1998) أنه ينبغي اختيار الموضوع نوعا وكما وبما يتفق واستعدادات الطلبة من حيث مرحلة النضج التي بلغوها ومستوى القدرات التي وصلوا إليها.
الاختلاف
و بالرغم من التشابه الكبير بين المشهد من منهج دراسي والمشهد من قصة في الأهداف والأسس إلا أنهما يختلفان ويكمن هذا الاختلاف من حيث :
o يمكن التوسع في حدود القصة وذلك من خلال إضافة أحداث وشخصيات ومواقف .
o تحريف وتغيير وتحديث ودمج حكايات معروفة أو قصص مكتوبة .
o التوسع في أهداف القصة وتقسميها إلى فصول ومشاهد .
o حذف أدوار لا تسهم في بناء المسرحية .
مواصفات الدرس المراد مسرحته :
إن لمسرحة المناهج الدراسية مستويات فمنها ما يخص المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية وفي كل مرحلة تأتي المستويات الفكرية والجمالية طبقا لاختلاف المستويات العمرية واحتياجات كل مرحلة (صقر , 2004).
وقد قسم (نواصرة , 2002) الدرس المراد مسرحته إلى مواصفات بحسب المرحلة العمرية للطالب :
أولاً – مواصفات الدرس المراد مسرحته ( 6-12 سنه) وهو يشمل المرحلة الابتدائية.
o اختيار درس يراعي قدرات الطفل اللغوية والسمعية والعقلية والعمرية وحاجاته ورغباته .
o أن يحتوي النص على خبرات سابقة لدى الأصم .
o أن يحتوي النص على العروض الحركية والاستعراضية .
o أن يحتوي النص على الخيال والإيهام .
o أن يكون النص مشوقا وجذابا.
o أن يحتوي النص على نماذج من البطولة التي تجذب الانتباه.
o أن يحتوي النص على شخصيات حيوانيه محببة إلى النفس.
o أن يحتوي النص على الحوار البسيط والفكرة الهادفة
o أن يكون النص متناسباً مع تفكير الطفل وعواطفه ومخزونه الثقافي واللغوي .
o أن يكون النص تربوياً هادفاً مراعياً للدين الإسلامي .
o أن يحث على الأخلاق الحميدة .
o أن يكون زمن العرض قصيراً خشية الملل .
o أن يكون الديكور جذاباً والملابس ملونة والإضاءة المبهرة .
o الاعتماد على المحسوسات والحركة والتمثيل الصامت أكثر من الكلام.
o تجنب النهايات الحزينة.
ثانياً - مواصفات الدرس المراد مسرحته ( 13-18 سنه) للمرحلة المتوسطة والثانوية
لا يختلف كثيرا عن مواصفات المرحلة الإبتدائية إلا أن لهذه المرحلة خصائصها المميزة فقد تطوروا جسميا وعقليا وعاطفيا من مرحلة الطفولة , ونمت مواهبهم وقدراتهم , وزادت خبراتهم .
o أن يكون النص مراعياً للتعاليم الإسلامية والقيم التربوية المثلى .
o أن يحتوي على مواقف البطولة والفداء .
o أن ينمي عاطفة حب الوطن والمجتمع .
o أن يناقش النص بعض القضايا الهامة لهذه المرحلة والتي تساعد على اكتمال شخصيته ونموها وتكيفها مع المجتمع .
o التركيز على الأحداث الواقعية والبعد عن المغالاة في الخيال.
o التركيز أكبر قدر ممكن على المنهج الدراسي .
o أن يكون زمن العرض متناسباً مع قدرات الطلاب .
المحور الخامس : طريقة المسرحة
o كيفية بناء المشهد من منهج دراسي
o الفرق بينه وبين بناء المشهد من قصة
o تحديد دور كل من المعلم والطالب في مسرحة مناهج الصم.
دور المعلم في مسرحة مناهج الصم :
لم يعد التدريس مهمة تقتصر فقط على مجرد إيصال حقائق جافة للطلاب فحسب أو لإيصال أكبر كمية منها إلى عقولهم وإنما الأهم من هذا كله كما أشار (عدس , 1998) هو النوع أو الكيفية التي نقدمها لهم , كما لم يعد التدريس مهنة روتينية يومية يتخذها البعض لسد حاجات مادية معينة , بل أصبح فنا وعلما في آن واحد , فالتدريس فنا يظهر من خلاله المعلم قدراته الابتكارية والجمالية في التفكير واللغة والحركة التعبيرية والتعامل الإنساني فهو بهذا فنان مفكر بما يقوم به من أسلوب جديد يستميل فيه الطلبة , أما التدريس كعلم فهو علم يدرس للطلاب لتحقيق التغير المحدد في شخصياتهم فكريا أو عاطفيا أو سلوكيا حركيا أو اجتماعيا (حمدان , 1988 ) , كما أن التدريس علم تطبيقي يمكن تطبيقه من خلال مسرحة المناهج .
ومع تطور بحوث علم النفس التربوي والمناهج وطرق التدريس , وكذا ظهور النظريات التربوية الجديدة تغيرت النظرة إلى الأدوار التي يجب أن يمارسها المعلم في التدريس , وبالتالي لا يكون دوره مقيدا أو محدودا فقط في نقل المعرفة من الكتب إلى عقول الطلاب دون أن تترك هذه المعرفة بصماتها على عقولهم أو وجدانهم , وإنما أصبح هذا الدور هو أحد الأدوار وربما أقلها قيمة (اللقاني , وآخرون , 2001) وإنما أصبح دوره الرئيسي هو كوسيط تعليمي (Mediator of learning) وهذا الدور يركز عليه كثير من الباحثين في مجال التربية , حيث أن المعلم هو الذي يقوم بعملية التقريب بين المفاهيم الواردة في المقررات الدراسية كما وضعها مؤلفوها , وبين عقول ومفاهيم الطلاب الذين يتولى مسئولية تعليمهم وتربيتهم . أي أنه يقوم بعملية مزدوجة , يستوعب ما طلب منه أن يدرسه , ثم بعد ذلك يضع هذه المعارف ويصيغها بأسلوب أو صورة تتمشى مع عقول الطلاب الذين يتعامل معهم , مراعيا الفروق الفردية بينهم (مرسي , 1995 ) .وفي مسرحة المناهج يتجلى دور المعلم ليكون مرب وقائدا ومبدعا وقادرا على تقديم كل ما هو جديد يساعد في إثراء المواقف التدريسية , بالإضافة إلى أن دوره سيكون مساعدا وميسرا لعملية تعلم الطلاب , وإذا قام المعلم بذلك واستخدم في تدريسه روح المرح والدعابة من خلال المسرحة بشكل ناجح وفي مستوى عال كانت عملية التدريس بالنسبة له أكثر سهولة وشرحه لمادته أكثر وضوحا وأكثر جلاء (عدس , 1998).
إن أصعب مهمة للمعلم وأكثرها مشقة هو التعامل مع الطلبة الذين لديهم احتياجات خاصة وخاصة فئة الصم منهم والذين يلجأون إلى الصمت وتتصارع في أذهانهم العديد من الأفكار , لذا فإن على معلم الصم أن يكون فكرة عن طلبته وعن كل واحد منهم حتى يستطيع التعامل معهم على أساسها وبما يصلح لكل منهم ليكون في ذلك فائدة له ملموسة وأن تقوم هذه الفكرة نتيجة الخبرة والتجربة … ويؤكد (عدس , 1998 ) أن لا تأخذ هذه الفكرة طابعا ثابتا لا يتغير ولا يتبدل.
وبمسرحة مناهج الصم سيتمكن المعلم من توفير مناخا مبدعا وممارسات مبدعة من جانبهما والتي تنعكس بشكل مباشر وتؤثر تأثيرا إيجابيا على الصم وتبوح بمكنوناتهم , والمعلم لا يستطيع أن يبدع في التدريس إلا إذا أتيحت له الفرص الكافية ليكون منطلقا بفكره هنا وهناك (اللقاني , وآخرون , 2001) . وأن نجاح الدرس الممسرح كما أشار (شحاتة , 2004) يعتمد على التعاون بين جميع الأطراف المشتركة في الدراما التعليمية وعلى المعلم عند إنهاء الدور الممسرح أن يناقش ذلك مع طلابه.
المحور السادس : التمثيل الصامت مع الصم
أدوار الصم في مسرحة المناهج
وفي مسرحة المناهج يكون الطالب الأصم أو ضعيف السمع فيها :مشاركا : مؤديا, ومشاهدا : متلقيا, مرضيا لنفسه , ملبيا لحاجاته ورغباته. وقد حدد (سيكس , 2003) أهم المفاهيم التي تتصل بدور المؤدي ومنها : استخدام الحواس , حركة الجسم , التخيل, التقمص والتمثيل للأدوار, التركيز والاسترخاء الجسدي , اللغة والصوت والحديث.
يقوم الطلاب الصم وضعاف السمع بتمثيل عدة أدوار ومن بينها ما يطلق عليه:
o لعب الأدوار ( ( Role Playing
ويشير (شحاتة , 2004 ) أن لعب الأدوار هو صورة أخرى للدراما التعليمية وفيه يتقمص المتعلم الدور الحقيقي الذي يقوم به آخرون في الحياة ( تقمص لشخصيات مألوفة) ويتبنى سلوكهم وأحاسيسهم ويعبر عنها بالحركات والألفاظ , …….., وهو يرمز للتمثيل التلقائي للمواقف ويقلل من الاعتماد على التدريس إلا أنه يبرز الصورة الحقيقية للسلوك بعيدا عن الكلمة المكتوبة. وأن لعب الدور كما يذكر (جابر, 1998) أحد النماذج الاجتماعية في التدريس ويستكشف التلاميذ في لعب الدور مشكلات العلاقات الإنسانية لأنهم يحسمون مواقف مشكلة لم يناقشون سن قواعدها.
وللعب الأدوار عدة أنواع : التمثيل التلقائي , التمثيل المحكم البناء , التمثيل الدرامي الإبداعي, التمثيل الإيمائي الصامت (الشامل في تدريب المعلمين , 2003) .
ومن أهم الأدوار التي يقوم بها الصم في مسرحة المناهج هو:
o التمثيل الصامت مع الصم (Pantomime) :
تطور هذا الفن عبر القرون الماضية فقد بدأ به الإنسان البدائي,ومارسها في حدود المنفعة وضرورات الاستخدام وفي حدود الحاجة اليومية, ثم ورث هذا الفن إلى الأجيال اللاحقة . وترجع جذور هذا الفن إلى اليونان والرومان ,ومن أشهر الشخصيات التي قامت بالتمثيل الصامت في الدول الغربية شارلي شابلن , ولوريل وهاردي, ومستر بن…ومن الدول العربية وبالتحديد دولة مصر الشقيقة الممثلة القديرة أمينة رزق في فيلمها الصامت (سعاد الغجرية) عام 1928م.
معظم البشر يستخدم لغة الإيماء للتعبير عن أشياء دون النطق بها , كرد تحية أو سلام , التعبيس بالوجه من موقف خاطئ , دون التصريح باستياؤه لهذا الفعل بالكلام, أو الإيماء بالرأس للإجابة بنعم, أو رفع الحاجبين كأنه يقول أنا مندهش, …..ومن أكثر الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة استخداما لها هم فئة الصم وهي الفئة التي حرمت من النطق والكلام وهم غالبا ما يستخدمون لغة الإشارة (Sign Language ) في حياتهم وفي التعبير عن حاجاتهم وأفكارهم ومشاعرهم , بالإضافة إلى اللغات الأخرى التي يتميزون بها كلغة الرموز (Symbols Language ) أو لغة الحركة والأفعال (Action Language ) أو لغة الجسد (Body Language ) وتعبيرات الوجه (Facial Language ) أو التواصل بالعينين (Eys Contact) …(السواعي وآخرون, 2005) .
يطلق على التمثيل الصامت كما أشار (نواصرة , 2002) بالتمثيل الإيمائي : "البانتوميم" وهو مشتق من الكلمة اليونانية (PANTOMIME ) , أو ما يعرف (بلغة الحركة ) وهو الفعل دون كلام وبمعنى آخر هو الفعل المعبر عن تعبيرات الوجه والحركات الجسمية التي تستخدم لقول شئ ما فيما يتعلق بعناصر الشخصية والموقف والمكان وجو المسرحية دون استخدام الحوار المنطوق .
ويعتبر التمثيل الصامت كما أشار (كاسانيللي , 1991 ) أنه أحد الفنون الرمزية التي يتلخص دورها في تفتيت مكونات الواقع وإعادة تركيبها عن طريق نظام متفق عليه :
حركات الحياة اليومية , إيماءات , تعبيرات بالوجه ,حركات اليدين (لغة الإشارة وأبجدية الأصابع ) والساقين والقدمين والبطن , حركات رمزية تعبر بأشياء غير مرئية..
وبذا نجد أن الصم هم أقدر الأشخاص على القيام بهذا الدور وبهذه المهمة لأنهم جزء منها ولأنها جزء منهم , حيث أنهم يستخدمون الإشارات كلغة للتواصل فيما بينهم وبين بعضهم البعض وفيما بينهم وبين عالم السامعين , وحيث أن " الإشارات" كما أشار (يوسف , 2001) مصطلح متفق عليه اجتماعيا , عندما يحسن توظيفها فإنها ستحمل إضافة إلى معناها التوصيلي التخاطبي السائد معنى استثنائيا , وربما تنعزل عن محدوديتها الفئوية أو الإجتماعية الضيقة لتتسع إلى خطاب شمولي يخاطب الإنسان في أي زمان ومكان . وكما أشار (فرومكن, وآخرون,1999) أن الشعر تم نظمه باستخدام لغة الإشارة في الولايات المتحدة الأمريكية, كما تمت ترجمة مسرحيات مثل (الناقد The Critic) للمؤلف (شيريدن Sheridan) إلى لغة الإشارة وقامت فرقة المسرح الوطني للصم NTD) ) بتمثيلها على خشبة المسرح .
يتسم التمثيل الصامت بحركات دقيقة ومحددة , وتعتمد على براعة مؤدي الدور (الممثل) وخيال المتفرجين لذا يجب أن تكون التعليمات محددة وبسيطة ولا تحتمل أكثر من تفسير. ويضيف (شحاتة , 2004) أن التأثير في التمثيل الصامت يعتمد على ملامح الوجه, ويمكن استخدامه في حجرة الدراسة في مواقف تعليمية متعددة.
وأشار (اللقاني , وآخرون , 1999 ) أن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت مهارة التمثيل لدى الصم , بأن قاموا بإنشاء مسرح خاص لهم في مدينة "نيويورك" ويسمى بمسرح (يوجين أونيل ) Eugene Oneil حيث يقوم الصم بتمثيل الأعمال الدرامية المختلفة عليه .
يمكن للتمثيل الصامت كما ذكر (الضاحي , 2005) أن يلغي حواجز اللغة كوسيلة للتفاهم بين الأمم والشعوب واستبدالها بلغة إنسانية مشتركة سهلة ومعبرة ومقنعة هي لغة الإيماءة , الإشارية للتفاهم وعلى المؤدي (الممثل ) الصامت من خلال أدواته أن يدخل المتفرج بدائرة خياليه مغلقة محولا هذا التخيل إلى صورة واقعية في ذهنه معتمدا على ما تخزنه ذاكرة المشاهد التي التحمت بفعل الممثل المؤدي للفعل , فالممثل يرتكز على الأفعال المحفزة للجسد المنتج للحركة الصامتة التي تشكل المعنى .
اعتبارات هامة للتمثبل الصامت أوردها (كاسانيللي .1991 ) :
o استحالة القيام بترجمة حرفية للجمل اللغوية إلى جمل حركية.
o لا يوجد تبادل مباشر بين الكلمة والحركة , فيلزم لذلك جملة حركية معينة ( مركبة من الحركة بالتمثيل الصامت والإشارة) للتعبير عن مفهوم محدد .
o أهمية استخدام حركات قليلة ولكنها ذات معنى.
وبذا نجد أن معظم المتخصصين في مجال التربية الخاصة يتفقون على أن مواقف اللعب والنشاط والفنون بشكل عام من أفضل وأنسب المواقف التي يمكن أن تساعد وتساهم في دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع العاديين وبخاصة الصم منهم.
ولتفعيل دور مسرحة مناهج الصم هناك مجموعة من التوصيات :
o الاهتمام بمسرح الطفل عموما ومسرحة المناهج خصوصا لذوي الاحتياجات الخاصة , وإنضاج العمل به , والاستفادة ما أمكن من تجارب مسرحة المناهج في الدول الأخرى.
o خدمة المناهج الدراسية لفئات التربية الخاصة والصم بالذات من خلال الاهتمام بتنشيط مسرحة مناهج الصم داخل جدران معاهد الأمل وبرامج الدمج له من تنمية مهارات الطلاب الصم وضعاف السمع .
o يجب أن تنبع فلسفة العمل من منطلق المسرح البسيط في امكانياته المادية والغني في محتواه الفني .
o ضرورة توفير المسرح المدرسي , فإن لم يتح ذلك فيمكن استخدام مسرحة المناهج داخل الحجرات الدراسية.
o عقد دورات تدريبية لمعلمي التربية الخاصة ومعلمي الصم خاصة لتطوير العملية الفنية , ولتدريبهم على كيفية مسرحة المحتوى في التدريس.
o قيام الأدباء والكتاب المسرحيين , وممن تتوسم فيهم الكتابة الجادة للكتابة لمسرحة مناهج ذوي الاحتياجات الخاصة والصم منهم بالذات مع مراعاة تبسيط اللغة المستخدمة لهم.
o توفير الكتيبات المصاحبة للمنهج المدرسي والتي تتضمن مسرحيات مدرسية تخدم المقررات الدراسية.
o ضرورة تشجيع فكرة مسرحة مناهج الصم وذلك من خلال تشجيع المعلم على ممارسة وتطبيق النشاط التمثيلي ومن خلال تقديم المسابقات والمسارح وتحفيزهم على ذلك .
o تطبيق بعض الدراسات والبحوث في مجال مسرحة مناهج ذوي الاحتياجات الخاصة والصم بالذات .
o أهمية مسرحة المناهج وارتباطها بالأصم , واتساع مجال استخدامه كوسيط تعليمي محبب إلى الطالب الأصم.
o التأكيد على المعلمين لاستخدام وتطبيق فكرة مسرحة المناهج في تربية وتعليم الصم بمعاهد وبرامج الأمل.
o مناشدة المختصين في تربية وتعليم الصم و المسئولين في المناهج وطرق التدريس بتصميم الدروس المسرحية لمناهجهم والتأكيد عليها.
o أهمية مشاركة الأصم في العملية التعليمية – ليس كمتلقي فقط – بل مشاركا في تقديم الدروس وعرضها يساعد على تحقيق الأهداف المرجوة من تنمية العادات والقيم الايجابية, مع تبسيط وتقريب المعلومات إلى ذهنه .
o التأكيد على أن تتناسب أسلوب عرضها مع خصائص الصم وضعاف السمع (الفئة المستهدفة) .
o التأكيد على أن لا تأخذ فكرة مسرحة المناهج طابعا ثابتا لا يتغير ولا يتبدل.
o التأكيد على أن لا يكون دور المعلم في مسرحة المناهج هو دور الملقن المسرحي.
o التأكيد على أن لا تكون مدة العرض طويلة .
ساحة النقاش