مدى تمكن طلبة المرحلة الثانوية من المفاهيم البلاغية بتذوق النصوص الأدبية |
|
|
الملخص :
رغم أهمية البلاغة وما تؤديه من وظائف في حياة الفرد والمجتمع فإن الاهتمام بتدريسها يكاد يقتصر على المرحلة الثانوية ,حيث يكون الطالب أكثر قدرة على الاستجابة لهذا الفرع اللغوي الهام ,ورغم ذلك فإن الخطة الدراسية لمقرر البلاغة تكاد تكون قاصرة في هذا الجانب ,حيث تدرس بمعدل حصة واحدة من كل أسبوع في صفوف المرحلة الثانوية ,والمتأمل لتحصيل طلبة المرحلة الثانوية لموضوعات البلاغة يلاحظ ضعف هذا التحصيل ,وهذا ما أثبتته كثير من الدراسات الميدانية التي أجريت في هذا الموضوع والتي خلصت إلى أن الشكوى تزايدت من قبل موجهي اللغة العربية ومعلميها من ضعف الطلبة في مقرر البلاغة والنقد، وأن مقرر البلاغة لا يحقق الأهداف المرجوة منه.وعليه وفي ضوء ما تقدم فقد هدف البحث الحالي إلى دراسة مدى تمكن طلبة المرحلة الثانوية من المفاهيم البلاغية وعلاقة ذلك بتذوق النصوص الأدبية.
- أسئلة البحث:
وانطلاقاً من هذه المشكلة هدف البحث إلى التحقق من صحة الأسئلة الآتية
1- ما مدى تمكن طلبة الصف الثاني الثانوي من المفاهيم البلاغية المقررة عليهم ؟
2- ما مستوى تذوق طلبة الصف الثاني الثانوي للنصوص الأدبية ؟
3- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في مدى تمكن طلبة الصف الثاني الثانوي من تلك المفاهيم البلاغية وتذوق النصوص الأدبية تعزى إلى متغير الجنس( ذكور– إناث) ؟
4- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في مدى تمكن طلبة الصف الثاني الثانوي من تلك المفاهيم البلاغية وتذوق النصوص الأدبية تعزى إلى متغير التخصص (علمي– أدبي) ؟
5- هل توجد علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تمكن طلبة الصف الثاني الثانوي من المفاهيم البلاغية وبين تذوقهم للنصوص الأدبية ؟
وقد اقتصر هذا البحث على ما يأتي:
1- مجموعة من طلبة الصف الثاني الثانوي بأمانة العاصمة صنعاء، بحيث شملت عينة البحث طلبة من الجنسين (ذكورـ إناث).
2- طلبة الصف الثاني الثانوي العلمي والأدبي وذلك لأن التشعيب (علمي/ أدبي) يبدأ من هذا الصف ويمكن بحث تأثير التخصص على مستوى التمكن من المفاهيم البلاغية وعلاقته بالتذوق الأدبي، أما بالنسبة لطلبة الصف الثالث الثانوي فالمدارس لا تسمح بالتجريب في هذا الصف باعتباره صفاً نهائياً لـه وضعه الخاص.
3- عينة من المدارس الثانوية الحكومية في أمانة العاصمة – صنعاء.
4- المفاهيم البلاغية المقررة على طلبة الصف الأول الثانوي والثاني الثانوي، وكذلك بعض مهارات التذوق الأدبي.
واعتمد هذا البحث على المنهج الوصفي التحليلي: حيث قام الباحث بجمع المعلومات والبيانات عن مشكلة البلاغة والتذوق الأدبي لدى طلبة المرحلة الثانوية من الكتابات والدراسات السابقة، كما استخدم هذا المنهج في تفسير البيانات عن المشكلات المتعلقة بمتغيرات البحث (الجنس ـ التخصص).
و قد تمت الإجابة عن أسئلة البحث، من خلال الإسهامات التي قدمها كل فصل من فصوله ممثلة بالآتي:
1- تناول الفصل الأول مقدمة وضح من خلالها تحديد مشكلة البحث وأهدافه وأهميته وحدوده ومحدداته ومصطلحا ته, والمنهج المتبع في البحث،ومتغيراته ومجتمعه وعينته وأدواته ,وأخيراً الخطوات التي سار عليها البحث .
2- تناول الفصل الثاني عرضاً لبعض الدراسات السابقة في مجالي: البلاغة والتذوق الأدبي، وقد تم تصنيف هذه الدراسات في محورين هما: دراسات وبحوث تناولت تعليم البلاغة وتطويره، ودراسات وبحوث اهتمت بتنمية مهارات التذوق الأدبي وقياسها، كما تم التعقيب على هذه الدراسات بما يوضح جوانب الإفادة منها في البحث الحالي، وجوانب الاختلاف بين هذه الدراسات والبحث الحالي، وقد انتهى هذا الفصل بمجموعة من المعطيات أهمها أن هنالك إقبال كبير واهتمام متزايد من قبل الباحثين على الاهتمام بالبلاغة والدعوة إلى التجديد فيها وبأساليب مختلفة وإخراجها من حالة الجمود والركود التي هي عليه إلى مرحلة جديدة ومتطورة تواكب روح العصر التي تدعو إليه التربية الحديثة ,بحيث تكون مليئة بالإبداع والإجادة وفق قوانين مرنة وطرائق سهلة ومشوقة تمثل بمساراتها المختلفة عودة بالبلاغة إلى أحضان الأدب ذوقاً وجمالاً .
ـ وقد لوحظ أن معظم الدراسات التي تم عرضها لم تتناول علاقة البلاغة بالتذوق الأدبي مما يجعل هذا البحث متميزاً في هذا الجانب.
ـ وقد أفاد البحث الحالي من الدراسات العربية في الكيفية والطريقة التي استطاع الباحث من خلالها التوصل إلى قائمة بمهارات التذوق الأدبي اللازمة لطلبة المرحلة الثانوية، وفي بناء اختبارين: الأول في المفاهيم البلاغية والثاني في مهارات التذوق الأدبي.
1) تناول الفصل الثالث عرضاً نظرياً لأدبيات البحث شمل مفهوم البلاغة وأهميتها الأدبية في التذوق الأدبي، وأهداف تدريسها في المرحلة الثانوية، وطرائق تدريسها، وعلاقتها بالأدب والنقد, والمشاكل التي تواجه تعليمها وأنجع الحلول المناسبة لمواجهة تلك المشاكل , ثم تناول بعد ذلك مفهوم التذوق الأدبي وطبيعته وأهميته في العمل الأدبي،ووسائل تنميته وعلاقته بالبلاغة، والمقومات التي ينبغي أن تتوافر في المتذوق الجيد، مستعرضاً بعد ذلك واقع التذوق الأدبي في منهاج اللغة العربية في اليمن.
2) وقد تناول الفصل الرابع إجراءات التجربة الميدانية، فتحدث عن خطوات إعداد أدوات الدراسة بادئاً بخطوات بناء اختبار المفاهيم البلاغية ,ثم إعداد مهارات التذوق الأدبي المناسبة لطلبة الصف الثاني الثانوي،ثم يعرض بعد ذلك خطوات بناء اختبار مهارات التذوق الأدبي , وقد تم الحديث عن كل أداة من هذه الأدوات من حيث الهدف منها، وكيفية إعدادها، ومصادر بناءها، وتعديلها وحساب صدقها وثباتها قبل استخدامها، وقدم وصفاً لمجتمع البحث وعينته التي تم اختيارها من طلبة الصف الثاني الثانوي بلغ حجم هذه العينة (513) طالباً وطالبة موزعين على القسمين العلمي والأدبي في المدارس الثانوية الحكومية في أمانة العاصمة صنعاء,ثم تطبيق الاختبارين فالمعالجة الإحصائية.
3) تناول الفصل الخامس عرضاً وتفسيراً لنتائج البحث.
4) تناول الفصل السادس ملخص البحث ونتائجه
- ثانياً: أهم نتائج البحث: تم التوصل إلى عدد من النتائج أهمها:
-
النتيجة الأولى: إن طلبة الصف الثاني الثانوي العام لم يصلوا إلى درجة التمكن من المفاهيم البلاغية ,ومهارات التذوق الأدبي، فقد بلغ مستوى تمكنهم من المفاهيم البلاغية 46.40% ,ومهارات التذوق الأدبي بلغت 48% وهي نسبة أقل من الحد الأدنى لمستوى التمكن المعتمد في البحث الحالي وهو 80%.
-
النتيجة الثانية: توجد علاقة ارتباط طردية موجبة دالة إحصائياً عند مستوى (0.01) بين المفاهيم البلاغية ومهارات التذوق الأدبي , ويؤكد ذلك أن الطلبة الحاصلين على متوسط مرتفع في المفاهيم البلاغية حصلوا على متوسط مرتفع في التذوق الأدبي أيضاً وكان لصالح طلبة القسم العلمي.
-
النتيجة الثالثة: وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين طلبة القسمين العلمي والأدبي في التمكن من المفاهيم البلاغية, ومهارات التذوق الأدبي، لصالح طلبة القسم العلمي.
-
النتيجة الرابعة: وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في التمكن من المفاهيم البلاغية ,ومهارات التذوق الأدبي لصالح الإناث.
- ثالثاً: توصيات البحث: يوصي البحث الحالي بما يأتي:
-
ضرورة تدريس بعض المفاهيم البلاغية المبسطة (كالطباق والسجع والجناس...)في مرحلة متقدمة من المرحلة الأساسية؛حتى ينمو لدى المتعلمين نضوج الذوق البلاغي والأدبي وممارسته في النصوص الأدبية المقررة عليهم .
-
الاهتمام بمحتوى البلاغة من حيث طريقة عرضه وربطه بالفنون اللغوية الأخرى مثل النصوص الأدبية والنقد؛حتى لا تظهر البلاغة في صورة قواعد جافة منفرة للطلبة وليست مساعدة لهم في تنمية الحس الجمالي والأدبي للغة.
-
إعداد قوائم بمهارات التذوق الأدبي اللازمة للطلبة في المرحلة الثانوية وتقديمها للمعلمين عبر دليل المعلم للاستفادة منها عند تدريس النصوص الأدبية.
-
ربط تدريس البلاغة بالتذوق الأدبي عن طريق كثرة التدريبات وإتاحة الفرصة للطلبة لممارسة ذلك داخل حجرات الدراسة وخارجها.
-
تطوير أساليب تقويم البلاغة والاهتمام بالمستويات العليا للتفكير في الجوانب التطبيقية لها.
-
ضرورة عقد دورات تدريبية لمعلمي وموجهي اللغة العربية على استخدام المفاهيم البلاغية في النصوص الأدبية و صياغة الأسئلة بالطرائق المختلفة والتي تقيس القدرات العقلية في المفاهيم البلاغية و مهارات التذوق الأدب .
-
تضمين برامج الإعداد التربوي للمعلمين والمعلمات في مؤسسات الإعداد وكليات التربية مادة تخولهم تعليم استخدام طرائق التدريس الحديثة كالعصف الذهني والاكتشاف، والاستقصاء، والتعلم التعاوني، ودائرة التعلم، وحل المشكلات في تدريس المفاهيم البلاغية وتوظيفه في مهارات التذوق الأدبي.
-
تعتبر النصوص الأدبية محتوىً معرفياً هاماً لتنمية مهارات التذوق الأدبي، ومن ثم فإن الأدب مجال خصب لتغذية هذا الجانب ,لهذا فإنه يجب إعادة النظر في حسن اختيارها و انتقائها.
-
أن تتجه مناهج تعليم اللغة العربية في المرحلة الثانوية إلى تحقيق أهداف سلوكية تتعلق بمحتوى البلاغة ,والتذوق الأدبي حيث أن الأهداف الحالية تتصف بالعمومية وعدم التحديد الدقيق، كما يجب أن يخصص لكل درس من دروس المفاهيم البلاغية بعض من مهارات التذوق الأدبي كسلوك متوقع يعمل المعلم على إكسابه للمتعلمين.
-
أن تحتوي موضوعات البلاغة والنصوص الأدبية في المرحلة الثانوية على روائع مثيرة ومؤثرة من الأعمال الأدبية المتميزة والمرتبطة بقضايا هامة تغير في السلوك الإنساني إلى الأفضل وتخدم جوهره وأحاسيسه ووجدانه، مما يسهم في إثارة دافعية التعلم لدى الطلبة وإقبالهم على مناقشتها وإبداء الرأي فيها، مما يساعد على تنمية الذوق البلاغي لديهم، كما يجب أن تتجه الأسئلة التي تلي هذه الموضوعات إلى قياس مهارات التذوق الأدبي، وأن يراعى في هذه الأسئلة التنويع والتوازن من حيث الموضوعية والمقالية.
-
ضرورة تدريب الطلبة على استكشاف المرامي البلاغية أثناء شرح وتحليل الأعمال الأدبية(شعراً ونثراً) داخل الفصول الدراسية ,وأن يترك لهم المجال بحرية تامة في إبداء آرائهم ومقترحاتهم ,وتعديلها بأسلوب تربوي خلاَّق بعيداً عن السخرية والاستهزاء , وذلك من خلال إثارة الأسئلة وتعويد الطلبة على أن يكون الاتجاه المتسائل دائماً مصاحباً لهم في الوقت المخصص والتدرج معهم فيه، وتكرراه في مواقف حيوية، وإرشادهم إلى أن تكون أحكامهم في ضوء معايير موضوعية، وفي ضوء المفاهيم البلاغية.
-
على معلمي اللغة العربية استثمار كل جديد ومثير في ميدان البلاغة والتذوق الأدبي ,والتربية الحديثة من خلال الصحافة والمطبوعات ووسائل الإعلام والإنترنت ,وتوظيفه بصورة فاعلة نحو التعلم النوعي ,وإحداث نقلة نوعية مميزة وعصرية في هذا الميدان.
-
ينبغي أن يتضمن اختبار اللغة العربية اختبارا في البلاغة، بحيث يكون لها نصيب من الدرجات الكبرى المخصصة لمادة اللغة العربية، في الاختبارات الشهرية والفصلية، حتى يلتفت إليها المعلم والطالب في دروس البلاغة.
-
إعداد دليل لمعلم اللغة العربية عصري ومتطور وهادف يشرف على إعداده نخبة من المتخصصين المشهود لهم بالكفاءة والتميز ,بحيث يتضمن الطرائق والأساليب الحديثة والمتطورة في ميدان اللغة العربية بصفة عامة والبلاغة والتذوق الأدبي بصفة خاصة ,وتحدد فيه مهارات التذوق المناسبة لكل صف دراسي في المرحلة الثانوية، وكيفية تنميتها وتقويمها.
-
ضرورة عقد دورات تدريبية لموجهي اللغة العربية ومعلميها على صياغة الأسئلة بالطرائق المختلفة و التي تقيس القدرات العقلية في المفاهيم البلاغية و مهارات التذوق الأدبي.
-
أن يدخل التعديل والتطوير بصورة مستمرة على كتب الأدب والنصوص والبلاغة لتواكب روح الحداثة والتغيير التي تدعو إليه التربية الحديثة.
-
توفير المكتبات المدرسية في المدارس، وتضمينها الكتب العلمية والأدبية, والمجلات التي يمكن من خلالها القيام بالأنشطة المقترح تنفيذها أثناء تدريس محتوى البلاغة، والنصوص الأدبية وذلك وفق خطة مدروسة ورؤية واضحة.
-
تفعيل وسائل الإعلام المختلفة في الجانب البلاغي , والذوق الأدبي ,بحيث تُوجَّه برامج هادفة ومثيرة تتناسب مع مختلف الأعمار ,و تتواكب مع متغيرات العصر ,مع إيجاد الخبراء الإعلاميين المبدعين والمتميزين في هذا المجال.
ساحة النقاش