القضاء بين الشريعة والقانون
إعداد : فتحي الصراوي

غسيل الأموال جريمة مستحدثة علي الفقه الإسلامي
المال الملوث لا تغسله الأعمال الخيرية والحل التخلص منه
المحتالون لا يعدمون وسيلة للإفلات بجرائمهم ضمن هذه الوسائل ما يسمي بوقائع غسيل الأموال وهي جريمة يفسرها الوصف الذي اشتهرت به ولعل أشهرها هذه الأيام هو ما حدث مؤخراً في جريمة غسيل الأموال المتهم بها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي والذي صدر ضده حكم في القضية بالسجن المشدد 7 سنوات.
ما معني غسيل الأموال وما عقوبتها في الشريعة والقانون وما مصير الأموال المكتسبة من هذا الغسيل؟
المستشار الدكتور فتحي عزت رئيس محكمة جنايات الإسماعيلية يسرد الوصف التفصيلي لهذه الجريمة ويصفها بأنها مال ملوث يقوم صاحبه بغسله عن طريق الدفع به في نشاطات مشروعة لإضفاء الشرعية عليه وادخاله في ذمته المالية دون إثارة أي شكوك حوله في الأجهزة الرقابية. ويضرب مثلا بمن يتكسب أموالاً من تجارة المخدرات أو تهريب الذهب أو ارتكاب جرائم الآداب.. وأصبح دخله بالملايين ويريد إظهار هذه الأموال إلي النور دون أن يشك فيه أحد لأن هذه الملايين لا تتناسب مع دخله الحقيقي فيقوم بإدخال هذه الأموال في مصنع لانتاج منتجات غذائية أو ملابس أو غيرها من النشاطات المشروعة وفي سنوات معدودة تتقلب هذه الأموال في الأسواق لتصبح أموالاً عادية جداً من مصادر مشروعة يمكن أن يضعها في أي بنك أو يستثمرها في أي مصرف دون أن يعترضه أحد أو يشك فيه.
أضاف ولأن ضبط هذه الجريمة صعب فقد تم إنشاء مكتب لمكافحة جرائم غسيل الأموال يتم إبلاغه من قبل جميع البنوك والمؤسسات المصرفية عن أي نشاط غير عادي يظهر من أي مودع بمبالغ كبيرة سواء سحباً أو إيداعاً وذلك في محاولة لكشف هذه الجرائم.
ولكن ما هو موقف الشريعة الإسلامية من هذه الجرائم خاصة وأنها من الجرائم المستحدثة.. وهل لها توصيف في الفقه الإسلامي وكيف عالج الإسلام هذا المسلك الآثم؟!
الدكتور عبدالرحمن العدوي أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الأزهر.. هذه المسألة وإن كان الفقه الإسلامي لم يتناولها لأنها لم تكن جرائم معروفة علي عهد الصحابة أو التابعين إلا أن الفكر الإسلامي بصفة عامة يجرمها ويحرمها.. لأن اكتساب المال من حرام لا تتغير طبيعته المحرمة مهما أدخلته في مشاريع أخري أو أودعته في البنوك أو استثمرته في أي مصرف وإن كان إسلامياً لأن هذا كله لا يحل المال الحرام وغسله لا يجعله حلالاً بأي حال من الأحوال.
الأكثر من هذا أنه لو قام باستثمار هذه الأموال في مشاريع خيرية اجتماعية كالزكاة مثلاً أو أنفقه علي صروح يحتاجها المسلمون كبناء المستشفيات والمساجد فإنه عمل غير مقبول شرعاً.. وكل هذه الأعمال لا تجعل الحرام حلالاً.. والمال الخبيث لا تغسله الأعمال الخيرية ويجب مساءلة صاحبه قانونياً عن مصدره وإذا اتضح أنه من كسب غير مشروع يجب عقابه ولو بني به مساجد مصر كلها.
ذكر أن الإسلام بذلك عالج المسألة من جذورها.. وطالب الجميع بالسعي لاكتساب الرزق الحلال بعيداً عن الأعمال المشبوهة والخبيثة التي تضر المجتمع الإسلامي وتؤذي المسلمين في غذائهم ومعاشهم وتحرض الشباب علي سلوك أبواب محرمة.. بل إن الإسلام جعل من يتسبب في انحراف الغير يصيبه جزء من هذا الضرر وعليه وزر كبير بأي تصرف يفعله كل من تأثر بهذا المال الحرام سواء أكان في تناول المخدرات أو تهريب السموم علي أنها أغذية أو غيرها من الأعمال التي يحصد مرتكبوها الأموال الهائلة مقابل تعاسة الناس وانتشار الأمراض الخبيثة بينهم.
ذكر أن النصيحة التي نقدمها لهؤلاء للنجاة من هذا الإثم عدم العناد والإصرار علي الاتجار بهذا المال الحرام.. بل لابد من التخلص منه ومن آثاره بتوزيعه علي الفقراء مثلاً ليس لكسب الثواب بل للنجاة من العقاب في الدنيا والآخرة.
إضافة إلي ذلك فإنه لو حصل علي بعضه عن طريق استغلال أحد من الناس فإنه لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء.. والأخيرة تعني أن يسامحه صاحب المال الحقيقي في كل ما استولي عليه منه دون وجه حق.. والفقه الإسلامي في هذه الناحية أشار إلي نقطة مهمة وهي أنه لو سرق إنسان مال آخر وأقيم عليه الحد فإن إقامة الحد ليست جبراً للمال ولكنها زجر فقط ومازالت الأموال المسروقة متعلقة برقبة السارق إلي أن يؤديها لصاحبها.. أو يسامحه ولكن ما هي عقوبة جريمة غسيل الأموال في الفقه الإسلامي.. يجيب الدكتور عبدالستار الجبالي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر بأن الشريعة بها متسع لكل مجالات الحياة وفيه حل تشريعي لجميع الجرائم بالإضافة إلي الجانب المعنوي المتعلق بإيمان الفرد المسلم وخوفه من ربه لزجره عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.
أضاف أن العقوبة هنا تعزيرية يحددها القاضي ولا مانع فيها أيضا من مصادرة الأموال الناتجة عن هذه الوقائع.. ومن هنا فإن العقوبة التي قدرها القانون تتفق إلي حد ما مع الشريعة الإسلامية.. مادامت قادرة علي مكافحة هذه الجريمة النكراء.
azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 228 مشاهدة
نشرت فى 19 أغسطس 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,686,244